الباحث القرآني
ثم قال: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ ﴿رُسُلًا﴾ جمع رسول بمعنى المرسل، والظاهر أنها حال من قوله: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ حال كونهم رسلًا مبشرين ومنذرين، وكانت حالًا لأنها بمعنى المشتق؛ إذ إن ﴿رُسُلًا﴾ بمعنى مرسلين، ﴿مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ البشارة: الإخبار بما يَسُرُّ، والإنذار: التخويف بما يُخاف منه؛ وذلك أن الشرائع التي جاءت بها الرسل أوامر ونواهٍ، فما الذي يناسب الأوامر؟ البشارة، يبشر العامل لهذا العمل بالثواب، والذي يناسب الإنذار هو النواهي، فينذر الإنسان من الوقوع فيها، ولهذا كانت أنواع التكليف اثنين: أمر، والثاني: نهي، فالذي يليق بالأمر البشارة، والذي يليق بالنهي الإنذار، هذا هو ما جاءت به الرسل: البشارة والإنذار، حتى محمد عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الأحزاب ٤٥].
﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ اللام هنا في قوله: ﴿لِئَلَّا﴾ اللام للتعليل، أي لأجل ألا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، الحجة ما يحتج به الغير على آخر لدفع الملامة عنه ورفع العقوبة عنه، هذه هي الحجة، يعني الدليل أو البينة أو ما أشبه ذلك.
وقوله: ﴿بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ أي بعد إرسال الرسل؛ لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام يبينون للناس بيانًا تامًّا لا يحتاج معه إلى إيضاح، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ لأيش؟ ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ وبعد البيان ﴿فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [إبراهيم ٤]، فلا بد من البيان على كل رسول ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾، فلعزته أرسل الرسل، وجعل النصر لهم في الدنيا وفي الآخرة، ولحكمته شرع الشرائع وأحكمها وأتقنها.
* في هذه الآية الكريمة: بيان حال الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنها لا تخلو من أيش؟ بشارة ونذارة، حسب الأوامر والنواهي.
* ومن فوائدها: أنه ينبغي للإنسان الداعي إلى الله أن يعامل الناس بما تعامل به الرسل أقوامها، فتارة يبشر وتارة ينذر؛ لأنه إن سلك سبيل البشارة دائمًا أدخل الناس في الإرجاء، وإن سلك سبيل الإنذار دائمًا أدخل الناس في القنوط واليأس، فلذلك يجب أن يكون الإنسان حكيمًا يراعي أحوال الناس، فمثلًا إذا رأى الناس قد انهمكوا في أمر محرم فهل هنا الأولى أن يسلك سبيل البشارة فيوقع الناس في الأمن من مكر الله أو الإنذار؟ الإنذار، ويشدد، فإن لم ينفع بهم الواعظ الديني فالرادع السلطان.
ولهذا كان من سياسة عمر رضي الله عنه أنه يستعمل الردع السلطاني إذا لم يصلح الناس إلا بدونه. ولهذا لما ورد الأمر بقتل شارب الخمر في الرابعة إذا لم يرتدع قال شيخ الإسلام: إن هذا الحكم ثابت إذا لم ينته الناس بدونه.
* ومن فوائد هذه الآية: إثبات التعليل في أفعال الله كما هو كذلك في أحكامه الشرعية، يعني إثبات التعليل لأحكام الله القدرية كما هو ثابت في الأحكام الشرعية. من أين يؤخذ؟ من لام التعليل، وهذا ثابت بأدلة كثيرة أوصلها بعضهم إلى ألف دليل، على أن أفعال الله وأحكامه معللة، ولو لم يكن من ذلك إلا اسم الله الحكيم لكان هذا كافيًا، فكل ما فعله فلحكمة، وكل ما شرعه فلحكمة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله تعالى يحب الإعذار من الناس؛ لأنه أرسل الرسل لئلا يكون للناس على الله حجة.
* ومن فوائدها، الفائدة العظيمة الكبرى، وهي: العذر بالجهل، حتى في أصول الدين؛ لأن الرسل يأتون بأصول وفروع، فإذا كان الإنسان جاهلًا لم يأته رسول فله الحجة على الله، ولا يمكن أن تثبت له الحجة على الله إلا إذا أيش؟ إلا إذا كان معذورًا؛ لأنه لو لم يكن معذورًا فلا حجة له، وهذا الأصل هو الذي دل عليه الكتاب والسنة، ولكن قد يكون الإنسان مفرطًا فلا يعذَر بجهله، كما لو ألقي إليه أن هناك دينًا إسلاميًّا إلهيًّا ولكنه لم يبحث عن هذا الدين، وأعرض واستكبر، فهنا نقول: إنه لا يعذر، لماذا؟ لتفريطه وعدم بحثه، والإنسان لو كان يريد أن يذهب إلى قرية من القرى وسلك سبيلًا ثم قيل له: هذا لا يوصلك إلى هذه القرية فسوف يمتنع، ويسأل: أين الطريق إلى هذه القرية.
فلهذا نقول: العذر بالجهل ليس على إطلاقه من كل وجه، لكن بشرط أيش؟ ألا يكون مفرطًا في التعلم، فإن كان مفرطًا فلا عذر له، كيف التفريط؟ أن يذكَر له أن الدين خلاف ما هو عليه، ولكنه يقول: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف ٢٢] ولن أبحث، وكما يقول بعض الهوام أو العوام؟
* طلبة: العوام.
* الشيخ: العوام هوام، كما يقول بعض الهوام: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة ١٠١] اعمل ما تريد ولا تسأل، إن سألت قالوا: حرام، مشكلة، وإن سألت قالوا: هذا واجب، مشكلة، وهذا غلط كبير.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان رحمة الله تعالى بعباده، حيث أرسل إليهم الرسل يعلمونهم ويرشدونهم ويهدونهم إلى دين الله، ولولا الرحمة ما أرسل إليهم، لوكلهم إلى العهد السابق الذي أخذه عليهم في فقارهم وعذَّبهم بناء عليه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسمين من أسماء الله، وهما: العزيز والحكيم، وقد مر شرحهما وما يترتب عليهما، فلا حاجة إلى الإعادة لأجل أن نمشي بإذن الله عز وجل.
{"ayah":"رُّسُلࣰا مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق