الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ﴾ [فاطر ٩] وفي قراءة: ﴿﴿الرِّيحَ﴾ ﴾، ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ﴾ الله وحده هو الذي يرسل هذه الرياح دون غيره فلن يستطيع أحد أن يرسل شيئًا من هذه الرياح، حتى الخلق كلهم لو اجتمعوا على أن يرسلوا الريح ما استطاعوا، لو اجتمعوا على أن يهونوا عصفها ما استطاعوا، ولكن ذلك بيد الله عز وجل، فالله وحده الذي يرسل الرياح.
وتأمل قوله: ﴿أَرْسَلَ﴾، حيث جعلها رسولًا، كأنها تبلغ أو كأنها تفعل ما أُمرت به، كما أن الرسول يبلغ ما أرسل به فهي مرسلة، ولهذا ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام النهي عن سب الريح؛ لأن سب الريح حقيقةً يعود إلى الله عز وجل، فإنه هو الذي أرسلها فهي مدبرة مسخرة.
وقوله: ﴿الرِّيَاحَ﴾ وفي قراءة: ﴿﴿الرِّيحَ﴾ ﴾، والقراءة هنا سبعية، والفرق بينهما أن الرياح جمع، والريح مفرد، لكن هذا المفرد في معنى الجمع؛ لأنه محلى بـ(أل)، وهي للاستغراق، فيشمل كل الرياح، سواء أتت من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، والله تعالى هو الذي أرسلها، واعلم أن الغالب أن الرياح مجموعةً تكون في الخير، والريح مفردة تكون في ضده، هذا الغالب.
ولهذا يُروى عن النبي عليه الصلاة والسلام في دعاء الريح: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا»[[أخرجه الشافعي كما في مسنده (٥٣٧)، وأبو يعلى (٢٤٥٦).]]، ولكن مع ذلك تأتي هذه محل هذه، ويكون هناك قرينة، ففي قوله تعالى: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ [الذاريات ٤١] هذه في الشر، ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس ٢٢] هذه للخير؛ لأنها وُصفت، ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ [الأعراف ٥٧] هذه في الخير، وهنا تكون في الخير أيضًا ﴿يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ [الروم ٤٨] (تثير) عطف المضارع على الماضي، وكان مقتضى النسق أن يعطف على الماضي ماضيًا مثله فيقول: والله الذي أرسل الرياح فأثارت، لكن لماذا عدل عن الماضي للمضارع؟
بينه المؤلف، قال رحمه الله: (المضارع لحكاية الحال الماضية) يعني عبر بالمضارع عن الماضي حكايةً للحال حين إرسالها؛ لأنه أبلغ في التصور كأنها الآن أمامك تثير هذه السحاب، وهذا أبلغ في تصور الإنسان؛ لأنه يستحضر الحال الماضية كأنها الآن، إذ أن المضارع -كما نعرف جميعًا- يصلح للحال وللاستقبال، ولكنه قد يقترن به ما يعينه للحال، ويقترن به ما يعينه للاستقبال، ويقترن به ما يعينه للماضي، إنما الأصل فيه أنه للحاضر والمستقبل، ولا يكون الماضي إلا بقرينة، فعليه نقول: عدل عن التعبير بالماضي هنا؛ لحكاية الحال الماضية، حتى كأنك تشاهدها الآن وهي تثير هذا السحاب.
وقال المؤلف في معنى (تثير): أي تزعج، وهذا معنًى قد يناقش فيه؛ لأن الإزعاج أخص من الإثارة، وإنما الإثارة بمعنى الإنهاض؛ إنهاض الشيء، كما يُقال: أثرت البعير؛ أي أنهضته حتى صار قائمًا بعد أن كان باركًا.
وقوله: ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ كأن هذا السحاب -في الأصل- في الأرض، ثم أثارته هذه الرياح، ومعلوم أن السحاب يكون من بخار البحر، ويكون أحيانًا من الجو المتلبد بالرطوبة حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل، وهذا أمر يرجع إلى معرفة العلوم الطبيعية.
وقوله: ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ السحاب هو هذا الغيم المعروف (...) ينسحب في الجو كما تشاهدونه، فلذلك سُمي سحابًا؛ لانسحابه في الجو، ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾.
(﴿فَسُقْنَاهُ﴾ فيه التفات عن الغيبة) إلى التكلم، وفيه أيضًا التفات من المضارع إلى الماضي، انتبه، ﴿أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ﴾ [فاطر ٩] عدل عن المضارع إلى الماضي؛ لاختلاف الفاعل في الفعلين؛ لأن (تثير) الفاعل فيها (الرياح)، و(سقناه) الفاعل فيها (الله)، إذن يحسن أن تكون بلفظ الماضي عطفًا على قوله: ﴿أَرْسَلَ﴾؛ لأن المرسل هو الله، فلما اتحد الفاعل في الفعلين ﴿أَرْسَلَ﴾ و(سقنا) كان الأفصح أن يكونا جميعًا بلفظ الماضي، لكن فيه عدول عن الغيبة في قوله: ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ﴾ [فاطر ٩] إلى التكلم في قوله: ﴿فَسُقْنَاهُ﴾ لماذا؟ مر علينا أن الالتفات له فائدة دائمة وهي؟
* طالب: التنبيه.
* الشيخ: التنبيه؟ كيف التنبيه؟ لأن سياق الكلام على نسق واحد يقتضي أن الذهن ينساب معه ولا يتوقف، لكن إذا اختلف السياق كأنه يقف الذهن لينظر ما الذي حدث وحينئذ يكون في تغييره تنبيه للمخاطب، نعم، فهذا واحد.
لكن هنا أيضًا فيه فائدة ثانية، وهي بيان قدرة الله عز وجل ﴿فَسُقْنَاهُ﴾ أي: نحن، فأضافه إلى نفسه؛ لأنه أدل على القدرة، فإذا اجتمع ﴿اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ﴾ ثم هو سبحانه وتعالى ساقه هذا السحاب الذي أثارته الريح فهو أدل على القدرة مما لو جاء على نسق واحد ﴿فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ﴾ [فاطر ٩] بالتشديد والتخفيف.
الفائدة الثانية بيان تمام القدرة؛ لأنه إذا كان بالأول للغائب ثم جاء للمتكلم صار هذا أدل على القدرة وأعظم.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، هذا من حيث الالتفات، من الأصل.
يقول: ﴿إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ﴾ فيها قراءتان: ﴿مَيِّتٍ﴾ و﴿﴿مَيْتٍ﴾ ﴾، وقد قيل: إن الْمَيْتَ لمن مات بالفعل، والْمَيِّت لمن سيموت، وجعلوا على ذلك شاهدًا في قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر ٣٠] أي: ستموت، وقوله: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ [الأنعام ١٢٢] فـ﴿مَيْتًا﴾ هنا لمن قد مات، هكذا فَرَّق بعضهم، والظاهر أن اللغة العربية تأتي بالوجهين على المعنيين، ومنها هذه الآية ﴿مَيْتًا﴾ سيموت، ولا قد مات بالفعل؟
* طلبة: (...).
* الشيخ: ﴿إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ﴾؟
* الطلبة: قد مات.
* الشيخ: قد مات، ومع هذا جاءت بالتشديد.
(﴿إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ﴾ بالتشديد والتخفيف لا نبات بها) هذا هو موت البلد، والمراد بالبلد هنا ليس المسكون من الأرض، بل ما هو أعم، فيشمل المسكون وغير المسكون، وتخصيص البلد بالمسكون تخصيص عرفي، وإلا فإن كل الأرض بلد؛ لانبلادها وتسطحها، ولهذا يقول: ﴿إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ﴾ [فاطر ٩]، ﴿فَأَحْيَيْنَا بِهِ﴾ سقناه ﴿فَأَحْيَيْنَا﴾ هنا الأفعال والضمائر على نسق واحد، وقوله: ﴿فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ﴾، يقول: (من البلد)، ويش معنى (من البلد)؟ يعني أرض البلد هذه التي كانت ميتة أحياها الله عز وجل بماذا أحياها؟ أحياها بالنبات.
ولهذا قال المؤلف: (﴿بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يبسها، أي: أنبتنا به الزرع والكلأ)، وهذا أمر مُشاهد تأتي الأرض يابسة هامدة، عيدان تتكسر، فينزل الله المطر عليها، ثم تهتز خضراء فيها من كل زوج بهيج، من الذي أحياها؟ الله عز وجل، لا يستطيع الخلق أن يحيوها أبدًا مهما كان، حتى الكلأ الذي ينبت بالمطر لا ينبته الماء الجاري كما هو مشاهد، يعني لو تسقي هذه الأرض مهما سقيتها بالماء الجاري فإن الكلأ الذي ينبت من المطر لا ينبت بهذا الماء، إذن فالله عز وجل هو الذي أحيا هذه الأرض بعد موتها؛ أي: بعد أن كانت يابسة هامدة ليس فيها نبات، أحياها الله سبحانه وتعالى بقدرته.
قال: (﴿كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾ أي: البعث والإحياء) ﴿كَذَلِكَ﴾ (الكاف) هنا اسم بمعنى مثل، وهي خبر مقدم، و﴿النُّشُورُ﴾ مبتدأ مؤخر؛ أي: النشور مثل ذلك، ويجوز أن تقول: ﴿كَذَلِكَ﴾ (الكاف) حرف جر، ليست بمعنى مثل؛ يعني ليست على (...)، وتجعلها جارًّا ومجرورًا خبرًا مقدمًا، والنشور مبتدأ مؤخر، والتقدير: النشور كائن كذلك، والنشور هو نشر الأموات على وجه الأرض وإحيائهم بعد أن كانوا أمواتًا.
والتشبيه هنا هل هو تشبيه للسبب والنتيجة أو للنتيجة فقط؟ أي: هل المعنى أن النشور الذي يكون للأموات يكون بواسطة ماء ينزله الله عز وجل فتنبت هذه الأجسام ثم تحيا، أو أن التشبيه للنتيجة فقط؛ أي: إن إحياء الموتى كإحياء الأرض بقطع النظر عن السبب الأول؛ لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام «أن الله تعالى يرسل على الأرض مطرًا من تحت العرش مطرًا غليظًا حتى يصل إلى الأجسام فتنبت في القبور كما تنبت الحبة في الأرض، فإذا تكاملت الأجسام نفخ في الصور فخرجت الأرواح إلى أجسامها»، وعلى هذا فيكون التشبيه هنا عائدًا إلى السبب والنتيجة أيضًا، هذا هو المشهور عند أهل العلم، يقول: ﴿كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾.
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ﴾ [فاطر ١٠] ﴿مَنْ﴾ اسم استفهام أو شرطية؟
* طالب: (...).
* الشيخ: الدليل؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ما هو بعد (...)، يأتي بعد ﴿مَنْ﴾ استفهام، لكن الجواب والشرط فيها ظاهر؛ يعني نقول: أي إنسان يريد العزة فلله العزة جميعًا ﴿مَنْ كَانَ﴾ لكنها عامة؛ لأن أسماء الاستفهام وأسماء الشرط والأسماء الموصولة كلها تفيد العموم؛ يعني: أي أحد يريد العزة أو يطلبها ويحرص عليها، والعزة هي الغلبة والمنعة وقهر الأعداء ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر ١٠] أي: فليطلبها منه ما دامت العزة له ملكًا وتصرفًا، فإنها لا تُطلب إلا منه، كما لو قلت: من كان يريد المال فالمال عند زيد. المعنى: فليأتِ بالمال من زيد، هنا ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ﴾ فليطلب العزة من الله لا من غيره، وهذا يُراد به الرد (...)، يعبدون الأصنام لأجل أن يتخذوا منها العزة، ففي هذه الآية إشارة إلى أنه لا عزة لهذه الأصنام ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ [مريم٨١ ].
الجواب: ﴿كلا﴾ لن يكونوا لهم عزًا، بل بالعكس سيذلونهم في موقع هم أحوج ما يكون إلى العزة ﴿سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم ٨٢]، فأين العزة في هذه الأصنام أو في هذه الآلهة التي اتخذوها من دون الله؟!
ورد في العزة -في آيات كثيرة من القرآن وردت- في آية أخرى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون ٨]، ولا منافاة بينها وبين هذه الآية، فإن العزة لله أصلًا، ولرسوله من الله، وللمؤمنين من الله، فحينئذ فالعزة كلها لله كما قال الله تعالى في سورة آل عمران: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران ٢٦]، فكل من عنده عزة فإنها ليست عزةً ذاتيةً له من باب نفسه، ولكنها من الله عز وجل، وبماذا تكون العزة التي يكتسبها الإنسان وهي من الله؟ تكون بما علق الله العزة عليه وهي الإيمان ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾، فمتى أراد الإنسان العزة فليكن مؤمنًا، وكلما كان أكثر إيمانًا بالله وأقوى إيمانًا بالله كان أكثر عزةً وأقوى عزة، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: «إننا قوم أعزنا الله بالإسلام، فمَتى أردْنَا العزة بسِوَاه أذلنا الله»[[أخرجه الحاكم (٢٠٨).]].
وصدق رضي الله عنه، العرب لما كانوا عربًا ليس عندهم إسلام ماذا كانوا؟ كانوا أذلة فقراء، يذهبون إلى اليمن في الشتاء ليأتوا بالسلع منه، ويذهبون إلى الشام في الصيف ليأتوا بالسلع منه، فهم فقراء يأكلون من غيرهم، ولكن لما آمنوا صاروا هم الأغنياء، وصارت كنوز كسرى وقيصر تأتي إلى المدينة لتنفق عليهم من المدينة.
إذن نحن مهما أردنا العزة لن نستعز إلا بالإسلام، لن يكون أعداء الله سببًا لعزنا أبدًا، بل إن تولينا إياهم وموالاتنا لهم سبب للذل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران ١١٨].
وإذا تتبعت الواقع وجدته شاهدًا لقول الله تعالى هذا، وأن أعداء المسلمين لا يمكن أبدًا أن يسعوا في إعزاز المسلمين، بل يسعون بكل جهدهم إلى إذلال المؤمنين وخذلان المؤمنين، لكنهم يمكرون ويخادعون ويسخرون ويستهزئون لينالوا مآربهم ويضربوا الناس بعضهم ببعض، فالحاصل أنه إذا كانت العزة لله فمن أين نطلبها؟ من الله لا من غيره ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر ١٠]، ﴿جَمِيعًا﴾ هذه حال من العزة التي هي المبتدأ المؤخر، وفي قوله: ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ﴾ فيها حصر العزة لله عز وجل وجهه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، إن قلت: تقديم الجار والمجرور غلط، تقديم المعمول غلط، تقديم اللام غلط، تقديم الخبر صح.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، قد يكون الجار والمجرور غير خبر، ما هذا المقصود، ما مقصود، أنا ما أعرف إلا لفظكم إنما أقضي بنحو ما أسمع، لو قلت: تقديم الخبر انتهى الإشكال، سواء كان جارًا ومجرورًا أو غير جار ومجرور، إذن تقديم الخبر يفيد الحصر؛ لأن لدينا قاعدة مرت علينا وهي: تقديم ما حقه التأخير، وقوله: ﴿جَمِيعًا﴾ يُراد به الأنواع؛ يعني: عموم الأنواع، وعموم الأزمان، وعموم الأمكنة.
عموم الأنواع: التي هي عزة القدر والقهر والامتناع، الأزمان: الدنيا والآخرة، المكان: في مشارق الأرض ومغاربها ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾.
قال المؤلف: (أي في الدنيا والآخرة) قال: (فلا تُنال منه) أي: فلا تُنال العزة من الله (إلا بطاعته، فليطعه) فيه عندكم (فليطعه) ولّا (فلنطعه) بالنون؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، فليطعه؛ أي: من كان يريد العزة؛ لأنه قال: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ﴾ [فاطر ١٠]، أفادنا المؤلف أن جواب الشرط محذوف، وهو قوله: (فليطعه)، ولكن الصواب أن التقدير: فليطلبها من الله ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر ١٠] فليطلبها منه، ويشمل الطلب بلسان الحال وبلسان المقال.
أما على رأي المؤلف..
أما على رأي المؤلف فإنَّه يختصُّ الطلب بلسان الحال فقط، فالصوابُ إذن أنَّ جوابَ الشَّرط محذوفٌ تقديره: فليطلبها منه؛ ليشمل ذلك طلب الحال وطلب المقال؛ فطلبُ المقال أن تقول: اللهم أعِزَّني، اللهم اجعلْ لي العزَّة على كذا مثلًا، على عدُوِّي، وطلب الحال أن تقومَ بطاعة الله، بل بطاعةِ الله مع تحقيق الإيمان؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون ٨].
طيب، ذُكرت العزَّة قلت في مواضع كثيرة من القرآن تحفظون مواضع غير ما ذكرنا؟ ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون ٨].
* طالب: (...).
* الشيخ: في آخر الآية، ذكرناها.
* الطالب: (...).
* الشيخ: هذه ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة ٥٤] طيب، والله أعلم.
﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر ١٠] ﴿إِلَيْهِ﴾ جارٌّ ومجرور مقدَّم على عامله وهو: ﴿يَصْعَدُ﴾، والضمير في ﴿إِلَيْهِ﴾ يعود إلى الله عز وجل. لما ذكر أن العزة لله جميعًا بين سبحانه وتعالى ما يكون من أسباب العزة فقال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ قوله: ﴿يَصْعَدُ﴾ أي: يرتفع ويعرج، ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ يقول المؤلف: (يعلمه) ففسَّر صعود الكلم الطيب بعلم الله إياه، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه، بل المراد بالآية ما هو ظاهرها أن الكلم الطيب يصعد إلى الله يعني يعرج إلى الله عز وجل، لكن المؤلف -غفر الله لنا وله- أراد أن يبعد عن إثبات العلو الذاتي فقال: (يعلمه)، ولو كان المراد العلم ما قال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ﴾؛ لأن العلم لا يلزم منه الصعود، بل قد يكون العالم بالشيء أنزل من الشيء، أليس كذلك؟ كما لو كنت في أسفل البئر وأنت تعلم ما فوق، على كل حال، هذه هفوة من المؤلف، نسأل الله أن يعفو عنه.
ونقول: إلى الله يصعد، أي: يرتَفِعُ الكلم الطيب؛ لأن الله عز وجل في العلو، وأدلة العلو قد بُيِّنت في العقائد، وأنها خمسة أنواع: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة، كلها مُتَّفِقَة على علو الله سبحانه وتعالى بذاته؛ وقد مر علينا في كتاب الإقناع أن شيخ الإسلام رحمه الله يقول: من زعم أن الله معنا ذاته في المكان فهو كافر.
يقول هنا: ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ كلم اسم جمع كلمة، فهو دالٌ على الجمع، وما المراد بالكلم الطيب؟ الكلم الطيب هو كل كَلِمٍ يُقرِّب إلى الله عز وجل، كل كلم يقرب إلى الله فهو كلم طيب، فـ(لا إله إلا الله) من الكلم الطيب، و(سبحان الله)، و(الحمد لله)، و(الله أكبر) كلُّها من الكلم الطيب، والقرآن من الكلم الطيب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكلم الطيب، وقراءة العلم من الكلم الطيب، وكل قول يُقرِّب إلى الله فهو من الكلم الطيب.
والكلم الطيب يقابله نوعان من الكلام: كَلِمٌ رديء خبيث، وكلم لا هذا ولا هذا، لا يوصف بأنه طيب، ولا يوصف بأنه خبيث.
أما الكلم الخبيث فككلمة الكفر والسبِّ والشتم واللعن لمن لا يحل سبه ولا شتمه ولا لعنه.
وأما الكلم الذي لا هذا ولا هذا، فهو أكثر كلام الناس، والصنفان جميعًا لا يُرفَعان إلى الله؛ أما الأول: فلأنه خبيث، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وأما الثاني: فلأنه لم يُقصَد به الله عز وجل حتى يُرْفع إلى الله، وهذا الثاني -أعني الذي ليس هذا ولا هذا- قد يكون طيبًا لا لذاته، ولكن لغيره لما يوصل إليه من المقاصد الحسنة؛ فإن الإنسان قد يتحدث إلى شخص كلامًا ليس هو خيرًا في نفسه، لكن يقصد به التأليف لهذا الرجل، وإدخال الأنس عليه والسرور، فيكون هذا الكلامُ الذي هو لغو في نفسه يكون محمودًا لما قُصِدَ به، كما أنَّ هذا الكلام الذي هو لَغْوٌ في نفسِه إذا قُصد به الإساءة إلى مَن لا تحل الإساءة إليه صار كلاماً خبيثًا لغَيْرِه ولَّا لذاته؟ لغيره؛ أي: لما قُصِد به.
وعلى كلٍّ: فالكَلِمُ الطَّيِّبُ لذاته أو لغيرِه يصعَدُ إلى الله عز وجل، فإن قلتَ: كيف يصعد الكلم الطيب، والكلم ليس جِرمًا؟ الكلم ليس جرمًا، بل أصوات تُسمَعُ بحركات معينة في الفم واللسان والشفة؟
فالجواب: أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل المعقول شيئًا محسوسًا كما ثبت في الحديث الصحيح «أنَّ الموتَ يُؤْتَى بِه عَلَى صُورَةِ كَبْشٍ أَبْيَضَ فيُذْبَحُ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ويُقالُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: خُلُودٌ وَلَا مَوْتٌ، ولِأهْلِ النَّارِ خُلُودٌ وَلَا مَوْتٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٧٣٠)، ومسلم (٢٨٤٩ / ٤٠) من حديث أبي سعيد الخدري.]].
قال: وقوله: ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ إنما جَمَعَه؛ لكثرةِ أنواعِه، وكثرةُ الأنواعِ تدل على كثرة الأفراد من باب أولى، الأنواع كثيرة، والأفراد في كل نوع كذلك كثيرة؛ فلهذا جمع.
(﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر ١٠] يقبله) أفادنا المؤلف بقوله: (يقبله) أن الفاعل في ﴿يَرْفَعُهُ﴾ يعود إلى الله، ﴿يَرْفَعُهُ﴾ يعني الله، وأن الهاء في ﴿يَرْفَعُهُ﴾ تعود إلى العمل الصالح، يعني: والعمل الصالح يقبلُه الله، فكون الضمير يعود على الله ضمير الفاعل، وضمير المفعول يعود إلى العمل هذا لا نناقش المؤلف فيه؛ لأنه محتمل، لكننا نناقشه في تفسيره الرفعَ في القَبول، وكل هذا فرارًا من إثبات العلو الذاتي، غفر الله له.
بل نقول: معنى ﴿يَرْفَعُهُ﴾ أي: يرفع هذه العمل، من الرفع الذي هو ضد النزول، يرفعه إليه سبحانه وتعالى؛ لأنه فوق، وهذا التفسير في مَرْجِع الضمائر الذي ذكره المؤلف هو أحد التفاسير المذكورة في هذه الآية.
التفسير الثاني: والعمل الصالح يرفعُه الكَلِمُ الطيب، فجعل ضمير الفاعل يعود على ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾، وجعل الهاء تعود على العمل الصالح، فيكون العمل الصالح مرفوعًا بالكلم الطيب، واحتج هؤلاء بأن العمل الصالح لا يُقبَلُ إلا بالإسلام، وهو الكلم الطيب الذي هو (لا إله إلا الله)؛ فإن الإنسان لو عمل من العمل الصالح الشيء الكثير، ولكنه غير مسلم لا يرتفع هذا العمل، فلا يرفع العمل الصالح إلا الكَلِمُ الطيبُ.
والقول الثالث بالعكس يقول: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فيكون الفاعل في (يرفع): العمل الصالح، والمفعول: (الكلم الطيب) عكسُ الذي قبله؛ ما وجه ذلك؟
يقول: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب؛ لأن الكلم الطيب بدون عمل لا ينفع صاحبه، فلا بُدَّ في الكَلِم الطيِّب من عملٍ صالح يرفَعُ ذلك القول الطيب.
والأقربُ -والله أعلم- أن ما ذهب إليه المؤلف هو الصواب؛ أي: أن الله يرفعُ العملَ الصالح، كما أنَّ الكلم الطيِّبَ يصعد إلى الله، فإذا صَعِدَ الكَلِمُ الطَّيِّب إلى الله امتنَّ اللهُ على هذا المتكلِّم بأنْ رَفَعَ العمل الصالح الذي يعمله، إلا أننا لا نوافق المؤلف في تفسير الرفع بالقبول، نوافقه على مَرْجِع الضمائر، لكن لا نوافقه على تفسير الرفع بالقبول، وحينئذ نقول: والعمل الصالح يرفعه مَنْ؟ يرفعه الله عز وجل، العملُ الصالح يرفعه الله، فيكونُ الله عز وجل في هذه الآية ذكر القول والعمل، فذكر أن القول يصعد وأن العمل يُرْفَع؛ لأنه أَيْ رفع العمل كالجزاء على الكلم الطيب، فإذا تكلَّم الإنسان بالكلمة الطيبة وصعدت إلى الله عز وجل قبلها، ثم رفع العمل الصالح؛ ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
ويقول: (﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ﴾ المَكَرَاتِ ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ بالنَّبِيِّ) إلى آخره، الواو للاستئناف ﴿وَالَّذِينَ﴾ مبتدأ، وجملة ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ خبر المبتدأ، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ فيه نوع من الإشكال؛ لأن السيئاتِ لا تُمْكَر، وإنما يُمْكَر بها، يعني: يمكر بسبب السيئات، فلماذا تعدَّى الفعل إليها؟ أفادنا المؤلف أن ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ صفة لمصدر محذوف، التقدير: المَكَراتِ السيئات، فيكون الوصف هنا للفعل لا لما حصل به المكر؛ لأن فعلهم نفسه مكر سيِّئ؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر ٤٣]، تكون هنا ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ صفة لمصدر محذوف تقديره: المكرات، وسمَّى الله عز وجل السيئاتِ مكرًا؛ لأن الإنسان في الواقع يخدَع نفسَه بها، ويخدع غيره بها، فيُمَنِّي نفسَه التوبةَ، وأنه سيتوب أو يُمَنِّي نفسه سعة حلم الله ومغفرته، وأن الله واسع الحلم والمغفرة والرحمة فلن يؤاخذه بهذه العقوبة، فتمني الإنسان في هذا الباب من وجهين:
الوجه الأول: أنه يُمَنِّي نفسَه التوبة، وما يدريه فلعله لا يتمكن منها، لعلَّ سيئاته تحيط به، ثم لا يتمكن من التوبة، أو لعله يفجَؤُه الموت، ثم لا يتمكَّن من التوبة.
والنوع الثاني من المكر بالنفس في فعل السيئات: أنه يتمنَّى على الله الأماني؛ فيقول: إن الله غفور رحيم، والله واسع الرحمة وسوف يعفو عني، كما يوجد من كثير من الناس عندما تنهاه عن معصية، ويش يقول لك؟ يقول: الله غفور رحيم؛ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء ٤٨] بعضهم يحتجُّ بالآية ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾، ويقول: أنا لم أشركْ، وما دون الشرك فإن الله تعالى يغفِرُه، وجوابُنا على هذا يسير جدًّا؛ وهو أن نقول له: أثبتْ أنَّك ممن شاء الله أن يغفر له؛ لأن الله عز وجل ما قال: ويغفر ما دون ذلك وسكت، بل قيَّده ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ فأنت أثبت أنك ممن شاء الله أن يغفر له، وحينئذ يكون لك حجة، أما أن تفعلَ المعصيةَ التي هي سببُ العقوبةِ، ثم تتمنى على الله أمرًا لم يعدك الله به، بل قال: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ فهذا لا شك أنه ضلالٌ منك.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ هي ما يسوء الإنسانَ فعلُه، هذه السيئات؛ مثل أيش؟ شرب الخمر، السرقة، الزنا، الربا، وما أشبه ذلك، فإن قلتَ: هذا لا يسوءُ الإنسانَ فعلُه.
فجوابنا على هذا أن نقول: إن أردْتَ أنَّه لا يسوء الإنسانَ فعلُه أبدًا، فهذا ليس بصحيح؛ لأنه يوم القيامة سوف يندم، وسوف يسوء الإنسان فعلُه في ذلك اليوم، أما في الدنيا فإنَّه يسوء الإنسانَ فعلُه، كيف ذلك؟ لأن للذنوبِ آثارًا على القلوب؛ فإن المعاصي تكون نُكْتَةً سوداء في القلب، فإن تاب الإنسان انصقل قلبُه وعاد إلى بياضِه، وإلَّا توسَّعت هذه النكتة السوداءُ فأصبح القلبُ مُظلِمًا، والعياذ بالله، بل يُخْتَمُ عليه حتى لا يَصِلَ إليه الخيرُ؛ كما قال الله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين ١٤]، بل للذنوب آثارٌ عظيمة على القلب توجب أن يكون منقبِضًا، وإذا تلذَّذ بعض الشيء في هذه المعصية فإنه يعقب ذلك حَسْرَةٌ عظيمة في القلب وضيق، واقرأ إن شئت قول الله تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر ٢٢] يتبينْ لك أن المعصية تسوء فاعلَها، وإن كان قد لا يشعُر بها؛ لأنه قد ران على قلبه ما كان يعمل.
إذن ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ سيئات بكل حال، تسوء صاحبها في الدنيا، ولكن قد لا يظهر، وقد لا يتبين له، وفي الآخرة يظهر له ويتبين، ويتمنى أن يعود إلى الدنيا ليعملَ صالحًا.
قال المؤلف رحمه الله: (﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ﴾ المكرات ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ بالنبي في دار الندوة من تَقْيِيدِه، أو قَتْلِه، أو إخراجِه كما ذُكِرَ في الأنفالِ) هذا في الحقيقة إن أراد المؤلف أنَّه المراد بالآية دون غيرِه فقصورٌ، وإن أراد بذلك التمثيلَ فصحيحٌ، فإنه لا شكَّ أن هؤلاء مَكَروا بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال ٣٠]، معنى ﴿لِيُثْبِتُوكَ﴾ أي: يُقَيِّدوكَ، ويحبِسوك، ﴿أَوْ يَقْتُلُوكَ﴾ واضح، ﴿أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ من مكة، ولكن الله عز وجل قال: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ فهم -والحمد لله- ما أثْبَتوه، ولا قتلوه، ولا أخرجوه، كل هذه انتفت، مع حرصهم الشديد على تنفيذها ما حصل منها شيءٌ.
قال: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ الجملة هذه جملة خبرية، وهي في محل رفع خبر أيش؟
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) الأول؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: خبر ﴿الَّذِينَ يَمْكُرُونَ﴾.
﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ العذاب بمعنى العقوبة، والشديد أي: القوي؛ قوِيٌّ في إيلامه وإيجاعه، وفي أنواعه المتنوعة من حَرورٍ، وبرد، وعطش، وجوع، وغير ذلك من شِدَّتِه، لهم والعياذ بالله سرابيل من قطران، كلما نضجت جلودهم قال الله تعالى: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء ٥٦]، ﴿كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾ [الإسراء ٩٧]، وانظر إلى ﴿كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ﴾ يتبينْ لك أنَّ الزيادة تأتي فورًا، والله عز وجل قادرٌ على أن تبقى بزيادتها، لكنها تخبو ليكون في قلوبهم شيء من الطمع في خِفَّةِ العذاب أو الخروج، ثم يعود، فيكون هذا أشد؛ لأن ضرب الإنسان بعقوبة بعد الطمع في زوالها يكون أشدَّ عليه مما لو كان الأمر مستمرًّا.
وقوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ هذا مُفَصَّل في الكتاب والسنة، فمن تتبَّعه من القرآن يكون جيدًا.
قال: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ ﴿مَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ ﴿مَكْرُ﴾ مبتدأ، أين خبره؟ جملة ﴿هُوَ يَبُورُ﴾، و﴿هُوَ﴾ لا تصح هنا أن تكون ضمير فصل؛ لأن القاعدة أن ضمير الفصل يكون بين اسمين، لا بين اسم وفعل، لكنها مبتدأ خبرها جملة ﴿يَبُورُ﴾، والجملة من المبتدأ والخبر خبر ﴿مَكْرُ﴾، وأتى بهذا التركيب من باب تعظيم هذا الشيء وتهويله، وقوله: ﴿مَكْرُ أُولَئِكَ﴾ ولم يقل: مكر هؤلاء؛ إما استبعادًا لهم؛ لأنهم ليسوا أهلًا لأنْ يُقَرَّبوا، أو لأنهم هم جعلوا أنفسهم في محل العالين الذين يُشار إليهم من بُعدٍ، فبيَّن أن هؤلاء الذي تعالَوْا بمكرِهم وإن كانوا في القمة على حسب زعمهم فإن هذا المكر يبورُ، والبَوار بمعنى الهلاك؛ كما قال الله تعالى ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا﴾ [إبراهيم ٢٨، ٢٩] فهؤلاء مكرُهم يبور، أي: يتلاشى ويضمحل، ولا يفيدهم شيئًا.
* في هذه الآية مِن الفوائد: بيان قدرة الله عز وجل بإرسال هذه الرياح اللطيفة التي تحمل أو تثير هذا السحاب الثقيل؛ قال الله تعالى: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد ١٢].
* ومن فوائدِها أيضًا: إثبات الأسباب، وأن المسبَّبات مربوطة بأسبابها؛ لقوله: ﴿أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ﴾، فإن الفاء هنا للسببية.
* ومنها: مِن فوائدها: أنه ينبغي في الأمور الهامة أن يُصاغَ الماضي بصيغةِ الحاضر استحضارًا له في الذهن؛ لقوله: ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ [فاطر ٩]؛ فإن تصويغ الماضي بصيغة الحاضر لا شك أنه يَشُدُّ الإنسان إلى تصوره أكثر من الشيء الماضي.
* ومِن فوائدِها: أن هذا السحاب يجري بأمر الله؛ لقوله: ﴿فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ﴾.
* ومنها: (...) أن هذا السحاب له شعور، يعني: معناه يعرف ويدري، يمكن أن تُؤخذ من قوله؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، (...)، من قوله: ﴿فَسُقْنَاهُ﴾ كما تساق البعير، وعلى هذا جاء الحديث الصحيح في قصة الرجل الذي سمع مناديًا من السحاب يقول: أسقِ حديقةَ فلان[[أخرجه مسلم (٢٩٨٤ / ٤٥) من حديث أبي هريرة.]]، فإن توجيه الأمر إليه يدل على أنه ذو شعور، ولا شك أن جميع الكائنات بالنسبة لأمر الله عز وجل أنها ذات شعور؛ قال الله تعالى في الأرض والسماء: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت ١١].
* ومن فوائدها: بيانُ قدرةِ الله سبحانه وتعالى لإحياء الأرض بعد موتها؛ لقوله: ﴿فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾.
* ومنها: صحة وصف الأرض بالحياة والموت مع أنها ليست من الحيوان؛ لقوله: ﴿بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ﴾.
* ومنها: الرد على أهل الكلام الذين يقولون: إنه لا يُوصَف بالحياة والموت شيءٌ من الجمادات؛ لأنه هنا أثبت الحياة والموت للأرض، وهما جمادات، وقال تعالى في الأصنام: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النحل ٢١].
* ومِن فوائدها: بيانُ قدرةِ الله سبحانه وتعالى في إحياء الأرض بعد موتها؛ فإن هذه الأرضَ التي كانت يابسةً هامدةً تعود فتهتزُّ خضرة وازدهارًا؛ لقوله: ﴿فَأَحْيَيْنَا بِهِ﴾ فأضاف الإحياء إلى نفسه.
* ومنها أيضًا: إثبات الأسباب؛ لقوله: ﴿فَأَحْيَيْنَا بِهِ﴾ فإن الباء هنا للسببية.
* ومنها: جواز إضافة الشيء إلى سببه المعلوم؛ لقوله: ﴿فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ﴾، وإضافة الشيء إلى سببه المعلوم أمر واقع في القرآن، وفي السنة، بمعنى: أنه لا يُشْتَرط أنْ تَقْرِن معه الله عز وجل، فإذا أضفت الشيء إلى سببه المعلوم وإن لم تقرن الله به فلا بأس، لكن المُحَرَّم أن يضاف إلى سببٍ غير معلوم لا شرعًا ولا حسًّا، أو أن يضاف إلى سبب معلوم مقرونًا مع الله بحرف يقتضي التسوية؛ فمثلًا إضافة الشفاء إلى التمائم، والحِلَق، والخيوط، وما أشبهها، هذا لا يجوزُ؛ لأنَّ هذا السبب غير معلومٍ فلا يصح، وإضافة تليين البطن إلى العقار الذي تناولته حتى ليَّن بطنك صحيح، ولَّا لا؟ صحيح؛ لأنه سبب معلوم بالحِسِّ، وإضافة الشفاء إلى قراءة الفاتحة جائز؟
* طالب: جائز.
* الشيخ: لأنه سبب معلوم بالحِسِّ وبالشرع «وَمَا يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٢٧٦)، ومسلم (٢٢٠١ / ٦٥) من حديث أبي سعيد الخدري.]]، فالمحذور إذن أن يُضاف الشيءُ إلى غيرِ سبب شرعيٍّ أو حسِّيٍّ، أو أن يضاف إلى سبب شرعي أو حسي مقرونًا مع الله بحرف يقتضي التسوية؛ مثل: لولا الله وكذا. فإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا من الشرك حيث قرن الله مع غيره بالواو التي تقتضي أيش؟ التسوية، ولكن قل: لولا الله، ثم كذا.
* ومِن فوائدِ الآية الكريمة: إثبات صحة القياس؛ لقوله: ﴿كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾، وإثباتُ القياس كثيرٌ في القرآن؛ فكلُّ مَثَلٍ ضربه الله فهو دليل على القياس، كل مثل سواء للدنيا، ولا للإنسان، ولا للأوثان، ولا لأي شيء، فإنه دليل على ثبوت القياس وصحته، نعم لأن المقصود بالمثل قياس المضروب بالمضروب فيه، وهذا هو القياس.
* ومن فوائدها: الإشارة إلى أنَّ إحياءَ الموتى كإحياء الأرض بعد موتها، أي: أنه ينزل مطر، كما جاء في الآثار ينزل مطر على الأرض كمني الرجال يبقى أربعين يومًا تنبُت منه الأجسام، ثم بعد ذلك ينفخ في الصور، فتعود الأرواح إلى أجسامها.
ثم قال عز وجل: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ إلى آخره.
* في هذا: الحث على طلب العزة من الله عز وجل؛ لأنه ليس المعنى أنَّ مَنْ أراد العِزَّة فليطلب من الله، يعني (...) فقط، تجد كل أحد يُريد العزَّة، لكن إذا أردت العزة، فممن تطلبها؟ من الله؛ ففيه إثبات أن العزة تُطلَب من الله عز وجل.
* ومن فوائدِها: أنه لا عزة بدون الله، وذلك بالقيام بطاعة الله، والاستعانة به، والاعتماد عليه، فإذا اعتزَّ الإنسان بكَثْرَتِه، فإنه يُهْزَم؛ كما قال الله تعالى: ﴿إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾ [التوبة ٢٥]، ولو اعتز الإنسان بقوته المادية كقوة السلاح مثلًا فإنَّه يُهزَم، وإذا استعان بالله فإنه لا يُهْزَم، اللهم إلا لحكمةٍ تكون مقترنةً بتلك القضية المعينة فقد يكون.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثباتُ العِزَّة لله سبحانه وتعالى؛ لقولِه: ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾.
* ومن فوائدها: أنَّ العزَّةَ لها كلٌّ وبعض، من أين تُؤخَذ؟
* طالب: ﴿جَمِيعًا﴾.
* الشيخ: ﴿جَمِيعًا﴾ يعني: يدل على أن هناك كُلًّا وبعضًا؛ وذلك أن العلماء قسَّموا العزة التي اتَّصَفَ الله بها إلى ثلاثة أقسام: عزة الامتناع، وعزة القَدْر، وعزة القهر.
* ومِن فوائِد الآية الكريمة: إثباتُ عُلُوِّ الله، مِن أين يؤخذ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا.
* الطالب: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ﴾.
* الشيخ: من قوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ﴾؛ لأن الصعود هو العلو.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكَلِمَ غيرَ الطيب لا يصعد إلى الله؛ لقوله: ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾، ويؤيد هذا قولُ النبي ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»[[أخرجه مسلم (١٠١٥ / ٦٥) من حديث أبي هريرة.]].
* ومِن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى انقسام الكلام؛ لقوله: ﴿الطَّيِّبُ﴾ فإنَّ هذا الوصف إفراد لما سواه، وقد ذكرنا أن الذي يقابل الكَلِمَ الطيب نوعان من الكلام: الخبيث، وما ليس بطيب ولا خبيث؛ أما الخبيثُ فمردود بكل حال؛ لأنه خبيث لذاته، وأما ما ليس بطيب ولا خبيث، فقلنا: إنَّ هذا القِسْمَ من الكلام قد يكون طيِّبًا لغيره، وخبيثًا لغيره، وسالمًا من الوصفين.
إذا كان طيبًا لغيرِه يصعد إلى الله ولَّا ما يصعد؟ يصعد؛ لعموم قولِه: ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾.
* ومِن فوائد الآية الكريمة: أن الله عز وجل لا يَرْفَعُ من الأعمال إلَّا ما كان صالحًا؛ لقوله: ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾، والعملُ الصالح ما اشتمل على وَصفَينِ، وهما؟
* طالب: الإخلاص والمتابعة.
* الشيخ: الإخلاص لمن؟
* الطالب: لله سبحانه وتعالى، والمتابعة لشَرْعِه.
* الشيخ: والمتابعة لشرعه؛ الإخلاص لله، والمتابعة لشرعه، فإن فُقِدَ الإخلاص فليس بعملٍ صالح؛ لأنه شرك، وإن فُقِدَت المتابعة فليس بعملٍ صالح؛ لأنَّه بدعة.
﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ إلى آخره [فاطر: ١٠].
* فيها فوائد:
* أوَّلًا: أن الأعمال السيئة مَكْرٌ؛ لقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ هذا إذا أخذناها على سبيل العموم، أما إذا قلنا: إن السيئات عامٌّ أُريدَ به الخاص كالمكر الذي حصل من قريشٍ للرَّسول عليه الصلاة والسلام فإنه يكون خاصًّا، لكن الأصل في الكلام العامِّ أن يكون مرادًا به العموم، وأن يكون باقيًا على عمومه حتى يَرِدَ دليلٌ على أنه أُريدَ به الخصوص، أو على أنه مخصص.
* مِن فوائد الآية الكريمة: الوعيد الشديد على أولئك الذي يمكرون السيئات؛ لقوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [فاطر ١٠].
* ومِن فوائدها أيضًا: أن مَكَر هؤلاء هالِكٌ زائل، لا فائدة فيه؛ لقوله: ﴿وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ [فاطر ١٠]، حتى أعمالهم لا تنفعُهم؛ قال الله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان ٢٣].
هذه هي الفوائد الظاهرة من هذه الآيات الكريمة، وربما عند التأمل يجد الإنسان أكثر؛ لأن كلام الله سبحانه وتعالى لا يحاط به، ولكن الناس يختلفون في الفهم.
{"ayahs_start":9,"ayahs":["وَٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ فَتُثِیرُ سَحَابࣰا فَسُقۡنَـٰهُ إِلَىٰ بَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَحۡیَیۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ كَذَ ٰلِكَ ٱلنُّشُورُ","مَن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِیعًاۚ إِلَیۡهِ یَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّیِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ یَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِینَ یَمۡكُرُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱۖ وَمَكۡرُ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُوَ یَبُورُ"],"ayah":"وَٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ فَتُثِیرُ سَحَابࣰا فَسُقۡنَـٰهُ إِلَىٰ بَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَحۡیَیۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ كَذَ ٰلِكَ ٱلنُّشُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق