الباحث القرآني
﴿أفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾: رأى الباطل حقًّا، ﴿فَإنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ﴾: لا تهلكها ﴿عَلَيْهِمْ﴾، متعلق بـ لا تذهب، ﴿حَسَراتٍ﴾، مفعول له وجواب ”أفمن زين“ محذوف تقديره كمن وفق فرأى الحق حقًّا والباطل باطلًا، ويدل عليه قوله: ”فإن الله يضل“ إلى آخره، أو تقديره ذهبت نفسك عليهم للحسرة، فيدل عليه قوله: فلا تذهب إلخ، ﴿إنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ﴾: ليس بغافل عن صنيعهم، وهو الذي أراده فاصبر على مراد الله تعالى، ﴿واللهُ الَّذِي أرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ﴾، صيغة المضارع حكاية للحال الماضية استحضارًا لتلك الصورة البديعة، ونعم ما قيل اختلاف الأفعال للدلالة على استمرار الفعل، ﴿سَحابًا فَسُقْناهُ إلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأحْيَيْنا﴾، التفت إلى ما هو أدخل في الاختصاص لما فيهما من مزيد الصنع، ﴿به﴾: بالمطر، وهو مفهوم من الكلام أو بالسحاب، فإنه السبب أيضًا، ﴿الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾، في الحديث ”ينزل من تحت العرش مطر فيعم الأرض جميعًا، وينبت الأجساد من قبورها كما ينبت الحب في الأرض“، ﴿مَن كانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلله العِزَّةُ جَمِيعًا﴾: فيطلبها منه بطاعته، فإن كلها له قال تعالى ”واتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهم عِزًّا كَلّا“ [مريم: ٨١]، ﴿إلَيْهِ﴾: إلى الله، ﴿يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾: الذكر والدعاء والتلاوة، ﴿والعَمَلُ الصّالِحُ﴾: أداء الفرائض، ﴿يَرْفَعُهُ﴾ أي: يرفع العمل الصالح الكلم الطيب، ويجعله في محل القبول ولولاه لم يقبل، أو يرفع الكلم الطيب العمل الصالح لا يقبل عمل بدون كلم التوحيد، أو العمل الصالح أي: الخالص الله يرفعه، ﴿والذِينَ يَمْكُرُون﴾ هم المراءون والمنافقون يوهمون أنّهم في طاعة الله، وعن بعض نزل فيمن تشاور ومكر في حبس رسول الله، وإخراجه، وقتله، ﴿السَّيِّئاتِ﴾ أى: المكرات والسيئات، أو مفعول به لتضمين يمكرون معنى يعملون، ﴿لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ ومَكْرُ أُولَئِكَ هو يَبُورُ﴾: يبطل، ويفسد ويظهر من يخسر عن قريب، ﴿واللهُ خَلَقَكم مِن تُرابٍ﴾: بخلق آدم منه، ﴿ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ﴾: بخلق ذريته منها، ﴿ثُمَّ جَعَلَكم أزْواجًا﴾: ذكرانًا وإناثًا، ﴿وما تَحْمِلُ مِن أُنْثى ولا تَضَعُ إلّا بِعِلْمِهِ﴾: إلا معلومة لله حال من أنثى فاعل تحمل، ﴿وما يُعَمَّرُ مِن مُعَمَّرٍ﴾: ما يمد في عمره من مصيره إلى الكبر، ﴿ولا يُنْقَصُ مِن عُمُرِهِ﴾: لغيره بأن يعطى لأحد عمر ناقص من عمر معمر، أو الضمير للمنقوص وإن لم يذكر لدلالة مقابله عليه أو الضمير للمعمر على التسامح المشهور اعتمادًا على فهم السامع نحو: لك عندي درهم، ونصفه قيل: معناه لا يطول ولا يقصر عمر إنسان إلا في كتاب، فإنه مكتوب في اللوح: إن فلانًا إذا حج -مثلًا- فعمره ستون -مثلًا- وإلا فأربعون، وإذا حج فقد عمر، وإلا فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو ستون، ﴿إلّا في كِتابٍ﴾: صحيفة كتب في بطن أمه أو اللوح المحفوظ، ﴿إنَّ ذَلِكَ﴾: الحفظ، أو الزيادة والنقصان ﴿عَلى اللهِ يَسِيرٌ وما يَسْتَوِي البَحْرانِ﴾، هذا بيان قدرة أخرى عظيمة، ﴿هَذا عَذْبٌ فُراتٌ﴾: يكسر العطش، ﴿سائِغٌ﴾: مريء، ﴿شَرابُهُ وهَذا مِلْحٌ أُجاجٌ﴾: يحرق بملوحته، ﴿ومِن كُلٍّ﴾: من البحرين، ﴿تَأكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾: السمك، ﴿وتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً﴾: اللآلئ، ﴿تَلْبَسُونها﴾: الحلية من الأجاج لا من العذب، ولا يلزم من عطف تستخرجون على تأكلون أن يكون الاستخراج من كلٍّ قيل: البحران مثلان للمؤمن، والكافر، ثم إن قوله ”ومِن كُلٍّ“ إلخ إما استطراد أو تتميم لتفضيل المشبه به على المشبه، ونظيره قوله: ”وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار“ [البقرة: ٧٤]، ﴿وتَرى الفُلْك فيهِ﴾: في كلِّ، ﴿مَواخرَ﴾: شواق للماء بجريها، ﴿لِتَبْتَغُوا﴾، متعلق بمواخر، ﴿مِن فَضْلِهِ﴾: من فضل الله بالتجارة، ﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾: نعمه، ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ﴾: يزيد من هذا في ذاك ومن ذاك في هذا، ﴿وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأجَلٍ مُسَمًّى﴾: إلى يوم القيامة، ﴿ذَلِكُمُ اللهُ ربُّكُمْ﴾ أى: ذلك الموصوف بتلك الصفات المذكورة الله، ﴿لَهُ المُلْكُ﴾: وحده، ﴿والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ﴾: من ملك أو صنم، ﴿ما يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾: القشرة الرقيقة الملتفة على النواة، ﴿إنْ تَدْعُوهم لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ﴾: فإنهم جماد، ﴿ولَوْ سَمِعُوا﴾: على الفرض، ﴿ما اسْتَجابُوا لَكُمْ﴾: لعجزهم عن الإنفاع، ﴿ويَوْمَ القِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾: يتبرءون منكم قائلين: ما كنتم إيانا تعبدون، ﴿ولا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾: لا يخبرك بالأمر مخبر مثل خبير عالم به، ولا عالم أعلم من الله وهو الذي أخبركم.
{"ayahs_start":8,"ayahs":["أَفَمَن زُیِّنَ لَهُۥ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنࣰاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَیۡهِمۡ حَسَرَ ٰتٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِمَا یَصۡنَعُونَ","وَٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ فَتُثِیرُ سَحَابࣰا فَسُقۡنَـٰهُ إِلَىٰ بَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَحۡیَیۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ كَذَ ٰلِكَ ٱلنُّشُورُ","مَن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِیعًاۚ إِلَیۡهِ یَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّیِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ یَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِینَ یَمۡكُرُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱۖ وَمَكۡرُ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُوَ یَبُورُ","وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابࣲ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةࣲ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَ ٰجࣰاۚ وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَمَا یُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرࣲ وَلَا یُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦۤ إِلَّا فِی كِتَـٰبٍۚ إِنَّ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرࣱ","وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡبَحۡرَانِ هَـٰذَا عَذۡبࣱ فُرَاتࣱ سَاۤىِٕغࣱ شَرَابُهُۥ وَهَـٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجࣱۖ وَمِن كُلࣲّ تَأۡكُلُونَ لَحۡمࣰا طَرِیࣰّا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡیَةࣰ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِیهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ","یُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَیُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ یَجۡرِی لِأَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۚ ذَ ٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِینَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا یَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِیرٍ","إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا یَسۡمَعُوا۟ دُعَاۤءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُوا۟ مَا ٱسۡتَجَابُوا۟ لَكُمۡۖ وَیَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا یُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِیرࣲ"],"ayah":"وَٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ فَتُثِیرُ سَحَابࣰا فَسُقۡنَـٰهُ إِلَىٰ بَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَحۡیَیۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ كَذَ ٰلِكَ ٱلنُّشُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق