الباحث القرآني
﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى﴾ بعدما قالوا له: ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ [الأعراف ١١٥] قال لهم: ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ فالأمر فيه للإذن بتقديم إلقائهم توصلًا به إلى إظهار الحق.
قوله: ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ مثلما قال المؤلف بعد أن قالوا: ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قَالَ أَلْقُوا﴾ [الأعراف ١١٥، ١١٦] هذا الأمر يقول المؤلف: إنه للإذن ويحتمل أن يكون للتحدي؛ ولهذا قال: ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ (ما) بصيغة العموم؛ يعني: ألقوا ما تريدون مما تلقونه فأنا لا أكترث به ولا أهتم به.
ويدل على ذلك أنه طلب أن يكونوا هم الملقين لأجل أن يكون هو الغالب بعدهم؛ لأنه لو ألقى عصاه ماذا تصنع وليس أمامها شيء؟ صارت ثعبانًا مبينًا، ولكن ليس أمامها شيء، فأمرهم أن يلقوا هم أولًا لأنه عليه الصلاة والسلام واثق بوعد الله فهو ينطق من منطق القوة يقول: أنا لا أكترث بكم، ألقوا ما تريدون ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ فالإبهام هنا للمبالغة يعني: ألقوا الذي تريدون مما تلقونه.
وفي قوله: ﴿مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ بالجملة الاسمية دليل على أنه مهما كانوا متصفين به من الإلقاء فإنه لا يهتم به.
يقول: ﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ﴾ -أعوذ بالله- ﴿إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ [الشعراء ٤٤].
﴿حِبَالَهُمْ﴾ يعني التي يسحرون الناس بها. ﴿وَعِصِيَّهُمْ﴾ التي يسحرون الناس بها وهم يلقون هذه الحبال وهذه العصي فتكون في أعين الناس ثعابين وحيات.
وأيضًا تظهر بمظهر الكثرة تملأ الوادي حقيقة هي ثعابين وحيات ولَّا لا؟ لا، إذن السحر هو خيال ولَّا حقيقة؟
* طلبة: خيال.
* الشيخ: لا.
* طالب: حقيقة.
* الشيخ: السحر حقيقة لكن باعتبار ما سُحر به خيال؛ حقيقة لأنه أَثَّر في الرؤية أثر بدل أن يرى الإنسان هذه الحبال حبالًا وعصيًا صار يراها ثعابين وحيات.
* طالب: كيف يخلونه (...)؟
* الشيخ: إذن هذه حقيقة، لكن بالنسبة لما يراه ليس متغيرًا عن حقيقته؛ فالحبال حبال والعصي عصي، لو رآها من لم يصل إليه السحر لرآها حقيقة حبالًا وعصيًّا.
ويذكر أنه فيه واحد ساحر جلس إلى قوم وهم يبشرون النخل، تعرفون البشارة عندنا؟ البشارة أنه يؤخذ رطب بعد ما يذبل قليلًا ويوضع.
المهم: جاء أحد السحرة إلى هؤلاء القوم وهم مجتمعون حول القِدْر وفيها الرطب، فقال لهم: أنا بأمشي على هذا الرطب ولا يتأثر، بأمشي في وسط القدر ولا يتأثر قالوا: ما يمكن. قال: يمكن، فألقى السحر فجعل يمشي في وسط القدر في رؤيتهم وهو يمشي خارجه يدور عليه، فتعجبوا، فقال الذي في النخلة: تراه يكذب عليكم، تراه ساحركم، فألقى السحر إليه قال: لا، صحيح الآن، طب بوسطه.
هذه صحيح يعني: إن كانت منسوجة فهي منسوجة لكنها قريبة من الواقع.
فالسحر يؤثر بالنسبة للحواس وإدراك الإنسان، أما بالنسبة لواقع الأمر فإنه لا يؤثر أبدًا
* طالب: على رغبة الساحر مثلًا يعني تأثيره؟
* الشيخ: هو الظاهر، إي حسب السحر اللي معه، مثل العين تمامًا العين أيضًا على رغبة العائن يسوي بالمعيون كما يريد؛ ولهذا ذهب رجل من الناس -وهي قصة محققة- إلى شخص عائن وكان هذا الذاهب أشد تعيينًا منه، والعائن هذا قد جنى على صاحب له -والقصة إذا أحببتموها وإن كانت طويلة بعض الشيء- فيه رجل عائن تزاود ويا إنسان ببعير فغلبه هذا الإنسان، واشترى البعير وكانت (...) اللي اشتراها، وله إبل في البر يعني: رعية، فأخرج البعير اللي هو شرى إلى الرعية، قدَّر الله سبحانه وتعالى أنه في آخر النهار هبت ريح شديدة وضاعت الإبل وضاعت البعير اللي هو أرسل، وابنه أيضًا ذهب في طلب الإبل ولا عنه خبر، ابن هذا الذي اشترى البعير وهو من ليلته أوجعته عيونه فصار لا ينام بالليل ولا بالنهار -والعياذ بالله- بقي مدة طوية حوالي خمسة عشر يوم فجاءه صاحبه العائن وقال له: يا فلان أنت ما (...)؟ قال: الله يهديك، أنت ما فيك خير (...)؟ ليش تيجي؟ ويش اللي حاصل؟ قال: اللي حاصل: فلان تزوادت أنا وياه بالبعير واشتريته، ومين اشتريته وهو حاصل هذا وليدي وبعيريَّ ضاعوا، وبعيري اللي اشتريته ضاعت وعيوني، (...) أنام بالليل ولا بالنهار، قال: (...) خرج منه وراح للرجل الذي عانه ودقَّ عليه الباب، سلم عليه كيف حالك؟ فلان وتلببله، قاله: ويش (...) بفلان حابسه في بيته خمسة عشر يومًا، الآن ما ينام بالليل ولا بالنهار، وبعيره ضاعت، وليده ضاع، ولكن اختر ثلاث حالات: إما نصلي عليك العصر، وإلَّا أحبسك في بيتك ما تطلع منه (...)، وإلا تقسم لي قسمًا أنه من الحد الفلاني من الأسواق ما عمرك تنالهم بسوء. قال: هذه أهون. فأقسم له أنه ما ينالهم بسوء، قال: عطيني الطاقية، وعطاه طاقيته وراح للرجل وبلها بالماء وشرب منه ورش على وجهه، وعيونه -سبحان الله العظيم- كأنما نشط من عقال، ويجي الخبر بعد الظهر إن الولد والبعيرين جاءا، والبعير اللي ضاعت جائته هذا شيء محقق.
لكن الشاهد أن العائن الآن يحاكمه؛ قال له: اختر ثلاثًا وجابن هذا اللي سحره مثله أيضًا يسحرون كما يشاؤون.
* طالب: يقتل العائن يا شيخ؟
* الشيخ: لا، الصحيح أنه ما يقتل إلا إذا تَعَمَّد القتل.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إذا قال: أنا أقتل فلانًا، اقتله.
* الطالب: ولو أفسد بغير قتل.
* الشيخ: لا، إذا أفسد يحبس، هو يقول: يجب حبسه على كل حال، العائن يجب حبسه بكل حال كما قال أهل العلم، ولكن الغريب إن المعيان هذا مشهور في الزمن السابق بين الناس، والولاة أقوياء يعني، الأمراء أقوى مركزًا من اليوم، حتى أمراء البلدان، والقضاة موجودون، وكلام الفقهاء -أيضًا- الحنابلة ما فيه بعد شيء نقول: هذا قول مرجوح في المذهب؛ أنه يجب أن هؤلاء يحبسون، ولكن مع ذلك (...) ولَّا لو حبسوا لقلَّ الشر.
* طالب: (...).
* الشيخ: ويش لونه؟ إي نعم؛ لأنه ما قتله.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي إذا قتله؛ إذا تعمد أيضًا، قال: بأقتله؛ بأقتل فلانًا، وأما إذا كان ما قصد القتل ولكن مات فهذا خطأ يضمنه بالدية.
على أن بعض العلماء يقول: ما يقتل حتى وإن كان تعمَّد قتله؛ لأن هذا السلاح سلاح خفي باطن، وبعضهم قال: يُقتل بمثله يجاب واحد (...).
* طالب: هذه أولى، لا يفل الحديد إلا الحديد.
* الشيخ: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [النحل ١٢٦] لكن يخاف يشجع اللي ينحتون.
* طالب: علاج العين؛ الإنسان يصاب بعين؟
* الشيخ: تعالج -بارك الله فيك- بالقراءة وتعالج بالحس معالجة حسية؛ إنه يجاب العائن ويتوضأ ويغسل مغابنه ويؤخذ ما يتناثر منه ويُسْقَى على هذا ويرش به رأسه من فوق على ظهره، وبإذن الله يبرأ.
عند الناس الآن شيء ما هو بمعروف في السنة، لكنه مجرب؛ أنه يأخذ من ثيابه اللي (...) سواء طاقية ولَّا غطرة ولَّا فانلة ولَّا سروالًا، ويُغْسَل ويأخذ أغساله ويشربه المصاب وينتفع به بإذن الله.
* طالب: (...) يمكن (...).
* الشيخ: إي.
* الطالب: يخيلهم (...).
* الشيخ: لا ما يقدر، الغريب أنه إذا تُحِدِّي ما يقدر (...).
* الطالب: (...).
* الشيخ: إذا تحداه سواء بعداوة ولا ما هو بعداوة؛ لأن العين ما تأتي إلا على غفلة، وأكثر ما تأتي أيضًا من يخاف منها، أما إذا ما تحداه ما يقدر، يقولون: الناس..
* طالب: (...) للحرب.
* طالب آخر: أو يقول: (...).
* الشيخ: هي تُؤثِّر، ما فيه شك، حتى (...) السيارات مشهورة عندنا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، هذه حصل لها نظير عندنا؛ ناس في الوادي القصر اللي بين عنيزة وبريدة وكانوا يشتغلون، ولما طلعوا وقت الظهر بطلوا وبدأوا يتهجرون، هذا من مدة ثلاثين سنة، فيه سيارة جاية من بريدة تروح لعنيزة، فقال بعضهم لبعض: والله غادينا نروح (...) يلَّا امشوا قال: لا (...)، تهجروا، ما هي (...)، ودهم يقومون يتحفزون، ويقول لهم: اقعدوا ما تروحوا أبدًا (...)، و(...) في القصر، وهم يتهجرون (...) على طمأنينة، ولكن (...) البودي، ياما شاف (...)، عيت (...) مرة، لما انتهوا وجوا وصلوا، وقال: والله يا جماعة (...) قال له: طيب تبغي (...) قال: بس نزل (...) قال لهم: اللي يسمون هذا اللي معنا عائن، قال (...).
* طالب: شيخ، ويش هو العلاج من السنة؟
* الشيخ: هو اللي ذكرنا؛ أولًا: أنه يتوضأ ويغسل مغابنه، ويرش على هذا..
* طالب: مغابنه اللي هي زي الآباط.
* الشيخ: إي نعم، زي الآباط.
* الطالب: يعني: زيادة على الوضوء الأعضاء.
* الشيخ: إي نعم، لكن عاد اللي مجرب عند الناس مشهور عندهم الشيء اللي مباشر لبدنه، يزعمون أن الإنسان إذا صلي عليه صلاة الجنازة –العائن- أنه يبطل، ولكن ليس بصحيح.
* طالب: يقولون: قصص واقعية.
* الشيخ: يقولون: وفي بعض الروايات أنه يغسل مغابنه.
* طالب: ما بحث الموضوع؟
* الشيخ: إلا في زاد المعاد.
* الطالب: في ذيل زاد المعاد.
* الشيخ: ما أدري.
* طالب: القراءة (...) ابن تيمية.
* الشيخ: شيخ الإسلام (...).
* الطالب: (...).
* الشيخ: ربما يوجد في كلام الشيخ.
* طالب: (...) أرواح شريرة (...) تخرج من العين.
* الشيخ: صحيح، منشأها الحسد؛ ولهذا قيل في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ [الفلق ٥] إنه العائن إذا عان، وإلَّا ما فيه شك أنها تطلع من شح وشفقة على الشيء وحسد لغيره.
* طالب: بس ما هو بأي حاسد؟ العائن؟
* الشيخ: لا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: البارحة (...) شيخنا كان يدرس لنا بالليل بين العشاءين، ومرت طيور هذه التي (...) أظنها يسمونها البط، ورفعت رأسي وقال: هون صيد العلم أفضل أو خيرٌ من صيد الطيور، وهو صحيح ما فيه شك أنا أجزم جزمًا أن الإنسان اللي يلتفت يقينًا بيروح فكره وهو ما يلتفت إلا مُؤتمرًا بأمر مَن؟ بأمر قلبه ما يمكن يلتفت إلا بهذا.
* * *
أقول: لما جُمِعَ الناس بميعاد من موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ [الشعراء ٤٣] بعد أن قالوا: ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ [الأعراف ١١٥].
وذكرنا أن في الإبهام؛ ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾: في هذا الإبهام من التحدي ما هو ظاهر، يعني: أي شيء تلقونه فإني لا أهتم به.
﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ﴾ [الشعراء ٤٤].
* طالب: شيخ، قولهم: إن كانوا غالبين، ما يُفهَم منه أنهم شاكُّون في انتصار السحرة على موسى؟
* الشيخ: يمكن هذا أنهم شاكُّون هذا من باب التحرز، إنما ما قالوا: لعلنا نتبع الغالب أو الحق؛ ﴿السَّحَرَةَ﴾، ثم إنه يحتمل أن قولهم: ﴿إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ أن هذا من باب الشرط المبين للواقع؛ يعني: سيغلبون على كل حال..
* طالب: السحرة ينفي أن نجزم بهذا ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ ذكرهم للسحرة يعني: ﴿لَعَلَّنَا﴾ ما نجزم بكونهم شاكِّين؟
* الشيخ: إي نعم، لما قالوا: ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ﴾ كان المفروض أن يقولوا؟
* الطالب: الغالب.
* الشيخ: إي، الغالب، فلما قالوا: ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ﴾ خافوا أيضًا من أن يكون الأمر على خلاف ما يتوقعون، وقالوا: ﴿إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ﴾ الحبال جمع حبل، والعصي جمع عصى.
وتلك الحبال والعصي يلقونها ليوهموا الناس بسحرهم أنها حيات وثعابين حتى موسى عليه الصلاة والسلام خاف وأوجس من هذا خيفة لما رأى هذه الحيات والثعابين تُقبِل إليه خاف، ولكن الله قال له في تلك الساعة: ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ﴾ [طه ٦٨، ٦٩].
وقالوا لما ألقوها: ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ [الشعراء ٤٤] الباء للسببية.
و﴿عِزَّةِ فِرْعَوْنَ﴾: غلبته وقهره، وفي تقديمهم هنا للعزة دليل على أنهم لا يعتزون بغيره، وأنهم لا يرون أن ينتصروا بسوى عزته.
وقولهم: ﴿إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ أكدوها بـ (إن) واللام؛ لأنهم يعتقدون تلك الساعة أنه لا أحد أقوى من فرعون، وأنهم بعزته سيغلبون لا محالة؛ ولهذا أكدوها بقول: ﴿إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾.
ثم أتوا بالجملة الاسمية: ﴿إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ إشارة إلى أن هذه الغلبة ستدوم وتستمر؛ لأن الجملة الاسمية تدل على الثبوت والاستقرار والدوام.
وفي قوله: ﴿إِنَّا لَنَحْنُ﴾ إذا أعربنا (نحن) ضمير فصل، فيه ما يستفاد من ضمير الفصل؛ وهو التأكيد والحصر والفصل؛ يعني: إنا لنحن الغالبون دون غيرنا بهذه العزة العظيمة التي كانوا يعتقدونها حين ذاك، ويش تقول؟
* طالب: سؤالي يا شيخ: (لعل) (...) للتعليل، ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ﴾.
* الشيخ: يمكن، لكن للترجي أبين.
* الطالب: أبين من التعليل.
* الشيخ: قال الله تعالى: ﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ﴾ بوحي خاص من الله كما في سورة طه: ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا﴾ [طه ٦٨، ٦٩] ألقى موسى عصاه.
﴿﴿فَإِذَا هِيَ تَلَقَّفُ﴾ ﴾ بحذف إحدى التاءين من الأصل: تبتلع ﴿مَا يَأْفِكُونَ﴾.
﴿﴿تَلَقَّفُ﴾ ﴾ ولم يُشِر المؤلف إلى القراءة الثانية وهي ﴿تَلْقَفُ﴾.
أما قراءة: ﴿تَلْقَفُ﴾ فليس فيها حذف إحدى التاءين، وأما ﴿﴿تَلَقَّفُ﴾ ﴾ ففيها حذف إحدى التاءين وأصله فتتلقف ومعناهما واحد يعني: تبتلع، لكن ﴿﴿تَلَقَّفُ﴾ ﴾ تفيد معنًى زائدًا على ﴿تَلْقَفُ﴾ وهي تفيد التتبع؛ يعني: كأنها جعلت تتبع حتى أفنتها كلها؛ لأنها إذا كانت كثيرة أمامها ما تتبعها، والسبب أنها ما تتبعها؛ لأنها كثيرة، أي جهة تأخذ تلقف؟ لكن لما فنيت وقلَّت صارت حبلًا هنا وحبلًا هنا وحبلًا هنا، فهي تَتَلقَّفه؛ تتبعه.
وقوله: ﴿مَا يَأْفِكُونَ﴾ يقلبونه بتمويههم، فيخيلون حبالهم وعصيهم أنها حيات تسعى.
﴿مَا يَأْفِكُونَ﴾ الإفك: الكذب، وهذا كذب بالفعل ولَّا بالقول؟
* طلبة: بالفعل.
* الشيخ: كذب فعلي؛ لأن الكذب القولي يكون باللسان وهو إخبار الإنسان بما لا يوافق الواقع، والكذب الفعلي يكون بالفعل وهو إظهار الإنسان الفعل بخلاف الحقيقة. فهؤلاء أظهروا أن هذه الحبال والعصي حيات، لكنها ليست كذلك ليست حيات.
يقول: هذا كذب بالفعل؛ لأنهم أظهروها حيات وليست كذلك، وإنما هي حبال وعصي.
وقد زعم بعض العلماء: أن السحر لا حقيقة له، واستدلوا بقوله: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه ٦٦].
والصواب أن له حقيقة؛ حقيقته: هذا التخييل.
طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، يؤثر في التصور، وفي الإحساس، وما أشبه ذلك، أما أن يؤثر في قلب الحقائق فلا؛ لأن هذا من صفات الخالق.
لما رأى السحرة وهم أعلم الناس بالسحر وآثاره وتأثيره، لما رأوا ما تفعله هذه العصا التي وضعها من يده وهم يشاهدون؛ عرفوا أن الأمر ليس بسحر؛ لأن سحرهم أقوى ما يكون من السحر وأكثره، كل السحرة الذين في مصر، وكان السحر في ذلك الوقت أيضًا شائعًا؛ ولهذا جاء في آية موسى بشيء يشبهه بنوع منه، ولكن هم عرفوا أن هذا ليس بسحر، وأنه فوق طاقة السحرة، فماذا حصل؟ ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (٤٦) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الشعراء ٤٦ - ٤٨].
﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ﴾ ولم يقل: (فسجد السحرة) كأن هذا السجود أمر اضطراري؛ لقوة ما دفعهم إليه؛ يعني لا كأنه أمر اختياري لكن لقوة الدافع صار كأنهم أُلقوا إلقاءً بدون اختيارهم.
﴿أُلْقِيَ السَّحَرَةُ﴾ و﴿السَّحَرَةُ﴾ (أل) للعموم؛ يعني جميع السحرة مع مهارتهم ومعرفتهم أُلقوا ساجدين، ساجدين لمن؟ لله؛ بدليل قولهم: ﴿قَالُوا آمَنَّا﴾، وليسوا ساجدين تعظيمًا لعصا موسى، لا؛ لأن تصريحهم بالإيمان دليل على أنهم ساجدون لله سبحانه وتعالى.
﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ هذا البدل من أحسن ما يكون بعد العموم. ﴿بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لأن موسى كان يقول: إنه رسول رب العالمين، فقالوا: آمنا برب العالمين، وكان فرعون أيضًا يقول: إنه رب العالمين، فأخرجوا ربوبية فرعون بقولهم: ﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾؛ لأن فرعون، وإن كان يدعي أنه رب العالمين لكنه ليس رب موسى وهارون؛ لأن موسى وهارون منكرانِ ربوبيته؛ فلذلك كان هذا البدل من أحسن ما يكون في بيان المراد برب العالمين.
وإتيانهم ﴿بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ دون أن يأتوا مباشرة برب موسى وهارون؛ إشارة إلى أنهم آمنوا برسالة موسى؛ لأن موسى قال: أنا رسول رب العالمين، ما قال: أنا رسول ربي. قال: رب العالمين. هذا هو فائدة البدل في قوله: ﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾.
والترتيب هنا بين موسى وهارون ترتيب يُطابِق الواقع، فإن مرتبة موسى أعلى من مرتبة هارون؛ لأن موسى من أُولي العزم ولكن الترتيب اختلف في سورة طه: ﴿رَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى﴾ [طه ٧٠] من أجل مراعاة الفواصل، وفي هذا دليل على أن القرآن الكريم، وكل كلام فصيح قد تُراعى فيه الفواصل والنغمات لكن في الأمر المعلوم، فهنا من المعلوم أن موسى أفضل، وترتيبه في الذِّكر لا أحد يتوهم أن هارون أعلى منه مرتبة.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، لكن التقديم له مزيته، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ»[[أخرجه مسلم (١٢١٨ / ١٤٧) من حديث جابر.]].
(﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ لعلمهم بأن ما شاهدوه من العصا لا يتأتى بالسحر) فلما آمنوا هذا الإيمان، وأعلنوه إعلانًا غير مبالين بما ينتج وراء ذلك؛ لأن الإيمان الصادق يقضي على كل عاطفة، فعاطفة حب النفس أمر جبلي فطري، لكن الإيمان يقضي عليها؛ ولهذا الإنسان يعرض نفسه للهلاك حينما يخرج مجاهدًا في سبيل الله، وهو يعرف أن سيوف القوم قد تبتر رقبته، لكنه لا يُبالي كذلك أيضًا الإنسان ينسى العاطفة بينه وبين أقاربه حتى إن الرجل ليقتل أباه إذا كان من الكفار.
فهنا قالوا مُعلنين هذا الإعلان غير مُبالين بما ينتج، وفي ظني أنهم سيعلمون أنه سينتج عن ذلك أمر عظيم؛ لأن فرعون جاء بهم سلاحًا له، فإذا خانوه في هذا المجتمع العظيم وهو يوم الزينة فالعقوبة أكبر إلا أنهم غير مبالين بهذا لما أشرنا إليه قبل.
قال: ﴿قَالَ آمَنْتُمْ﴾ [الشعراء ٤٩] هذا قول فرعون: ﴿﴿قَالَ أَأَمَنْتُمْ﴾ ﴾ وكلمة ﴿قَالَ﴾ أتت بالفصل ولَّا بالوصل؟ موصولة ولَّا مفصولة مع الأولى؟
هي مفصولة؛ لأن الوصل هو العطف بالواو وما عدا ذلك فهو فصل، فهي مفصولة لكن تدل على وقوع هذا الشيء مباشرة كأنه جواب على فعلهم؛ يعني فماذا كان الأمر؟
(﴿﴿قَالَ أَأَمَنْتُمْ﴾ ﴾ بتحقيق الهمزتين -﴿﴿أَأَمَنْتُمْ﴾ ﴾- وإبدال الثانية ألفًا -﴿آمَنْتُمْ﴾ - ﴿﴿لَهُ﴾ ﴾) .
(﴿﴿قَالَ أَأَمَنْتُمْ لَهُ﴾ ﴾ لموسى ﴿قَبْلَ أَنْ آذَنَ﴾ أنا ﴿لَكُمْ﴾ ) هذا أمر لا يكون عادة من هؤلاء ولا من غيرهم؛ أن يؤمن أحد لعدو فرعون بدون إذنه.
وفي قوله: ﴿قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ﴾ إشارة إلى أن الرجل قد سيطر عليهم سيطرة كاملة، وأنهم لا يتصرفون بشيء إلا بإذنه.
﴿إِنَّهُ﴾ والاستفهام في قوله: ﴿آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ﴾ للإنكار والتوبيخ.
﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْر﴾ شوف التمويه قال: غريب يعني، وهذا في الحقيقة مظهر ضعف منه، كيف يكون كبيرهم الذي علمهم السحر وهم قد حُشِروا من المدائن؟ حتى وليسوا مع موسى في مدينته؟ فيقال: إنه علمهم، بل هم في مدائن متباعدة.
وكيف يمكن أن يقال: إنه كبيرهم الذي علمهم السحر وهم قد وضعوا حبالهم وعصيهم ليقضوا عليه؟ لأن من علمهم السحر فإنهم لا بد أن يخافوا منه.
وكيف يقال: إنه علمهم السحر وهم قد تعزوا بعزة فرعون ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ [الشعراء ٤٤]، وهم يعلمون أن فرعون خصم لموسى؟ لكن هذا من باب التمويه على قومه، وقومه كما قال الله فيهم: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ [الزخرف ٥٤] يعني عقولهم بالنسبة لفرعون لا شيء، خفيفو العقول والتفكير ما يعرفون شيئًا سوى فرعون أنه إلههم.
﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ [الشعراء ٤٩] وقلنا: إن هذا باطل من الأوجه الثلاثة أو الأربعة التي ذكرناها، وأنه لا يمكن، لكن هذا مظهر ضعف من فرعون بلا شك؛ يعني كأنه يقول الآن: أنتم اجتمعتم عليَّ، وتحاشمتم علي، أنتم ومعلمكم، ثم لجأ إلى التهديد كعادته فقال: (﴿فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ما ينالكم مني) ﴿لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الشعراء ٤٩].
قوله: ﴿فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾. هذا تهديد بأمر مبهم ﴿فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ وقد ذكرنا أن الإجمال، ثم التفصيل من فوائده: تشوق المخاطب إلى تبيين هذا المجمل، وإذا كان وعيدًا فإنه يتشوق ذلك لكنه يكون خائفًا جدًّا؛ لأنه لا يدري ما هذا المبهم الذي وعد به. بيَّنه بقوله: ﴿لَأُقَطِّعَنَّ﴾ واللام واقعة في جواب القسم بدليل أنه مؤكد ﴿لَأُقَطِّعَنَّ﴾.
وقوله: ﴿أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾ جمع (يد) و(رجل). و﴿مِنْ خِلَافٍ﴾ يعني متخالفة، إذا قطع اليد اليمنى قطع الرجل اليسرى، وإذا قطع اليد اليسرى قطع الرجل اليمنى، وليس معنى ﴿مِنْ خِلَافٍ﴾ إني أخالف بينكم، فمنكم من أقطع يديه ومنكم من أقطع رجليه، بل هذا واقع على محل واحد، الخلاف في محل واحد يعني كل واحد منكم أقطع يده ورجله متخالفتين، وهذا في شريعتنا حد قُطَّاع الطريق؛ يعني أحد ما يحد به قطاع الطريق هو هذه أن تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.
﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ يعني بعد أن أفعل هذا أصلبنكم أجمعين، يعني كما قال في آية أخرى: ﴿فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه ٧١]، وهو يشير إلى أن في مصر نخلًا، هو وَعَدَهُم بذلك.
والصلب الربط، وهل يُشترط أن يكون المصلوب ممدود اليد أو لا؟ ليس بشرط. المهم أن يُربط ربطًا محكمًا على خشبة الصليب.
* طالب: بعد الموت أو قبله؟
* الشيخ: لا، قبل الموت؛ لأنه قال: أُقَطِّع ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ﴾ [الشعراء ٤٩] فهم..
* طالب: الصلب في آية قُطَّاع الطريق.
* الشيخ: الصلب في آية قُطَّاع الطريق اختلف فيه العلماء: هل يكون قبل الموت أو بعده؟
فالمشهور من مذهبنا: أنه بعد الموت، ولكن الصحيح أنه قبل، أنهم يصلبون قبل؛ لأنهم إذا صُلِّبوا قبل نالوا الألمين؛ الحسي والنفسي أو القلبي، لكن إذا صُلبوا بعد الموت هم ما ينالون شيئًا أبدًا، ثم إن في تصليبهم بعد الموت مثل ما يقولون العوام: (...) لا فائدة منه؛ ولهذا لما قيل لأسماء بنت أبي بكر رضى الله عنه وعنها: إن الحجاج فعل كذا وكذا بعبد الله بن الزبير بعد موته، فقالت رضي الله عنها: وما يضر الشاة سلخ جلدها بعد موتها؟ لأن هذا الشيء ما يؤثر.
كان جوابهم: ﴿قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء ٥٠].
(﴿لَا ضَيْرَ﴾ لا ضرر علينا في ذلك) ما شاء الله يعني لقوة إيمانهم قالوا: هذا ما يضرنا ولا يؤثر. وفي هذا من التحدي وإظهار القوة والشجاعة ما هو ظاهر؛ لأنهم يُخاطبون أعتى أهل الأرض وهو فرعون يقول: لا ضير، افعل ما تريد، ما يهمنا، وصدقوا أنهم لا ضير عليهم في ذلك ما دام تعذبيهم هذا في ذات الله، فهم هنا إنما يُعذَّبون في ذات الله فقط، هذا لا يضرهم أبدًا، بل يزيدهم رِفْعَة؛ ولذلك كان ذكرهم إلى يوم القيامة، أشاد الله تعالى بذكرهم في القرآن، وسيبقى إلى يوم القيامة، وهذا فيه أكبر منفعة.
(﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا﴾ بعد موتنا بأي وجه كان ﴿مُنْقَلِبُونَ﴾ راجعون في الآخرة). يقول يعني مهما كان حتى لو بلغنا إلى الموت فإن النهاية أننا سنرجع إلى ربنا، ورجعونا إلى ربنا خير من الدنيا؛ لأنهم يرجعون إلى نعيم أبدِيٍّ، لا يماثله شيء من نعيم الدنيا. وفي سورة طه: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [طه ٧٢] يعني اقضِ ما تريد غاية ما يكون أن يكون تعذيبك موصلًا إلى الموت، وإذا أوصل إلى الموت فالنتيجة إنما تقضي هذه الحياة الدنيا؛ مما يدل على أنهم صادقون في الإيمان، وأن إيمانهم راسخ جدًّا، وفي هذا من آيات الله سبحانه وتعالى وبيان قدرته ما هو ظاهر.
كيف يعني في لحظة واحدة انقلب الكفر العظيم إلى إيمان عميق؟ بلحظة يعني بمجرد أن رأوا ما تفعله عصا موسى انقلبوا بعد الكفر مؤمنين؛ ولهذا قال بعض العلماء: أصبحوا كفارًا سحرة، وأمسوا شهداء بررة، وهذا صحيح أنهم كانوا بررة وأتقياء وكانوا من أقوى الناس إيمانًا وجهادًا في سبيل الله.
﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء ٥٠]. وفي هذا أيضًا دليل على إيمانهم بالبعث؛ لقولهم: ﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ فهم يؤمنون بلقاء الله سبحانه تعالى وهو من أصول الإيمان.
(﴿إِنَّا نَطْمَعُ﴾ نرجو ﴿أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾ أي بـ﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ في زماننا) ﴿نَطْمَعُ﴾ [الشعراء ٥١] يعني نرجو ونُؤمِّل، وهذا الطمع مما يُمدح عليه العبد لكن متى؟ إذا فعل أسبابه، أما إذا لم يفعل أسبابه فإنه من الأماني الباطلة، كما جاء في الحديث: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنِ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْأَمَانِيَّ»[[أخرجه الترمذي (٢٤٥٩)، وابن ماجه (١٧١) من حديث شداد بن أوس.]]. هم أكدوا أنهم يطمعون في مغفرة الله؛ لأنهم فعلوا السبب وهو الإيمان بعد الكفر وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال ٣٨] فهم طمعوا هذا الطمع المعروف لسببه وهو مدح.
وقولهم رضي الله عنهم: ﴿أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾ (الغَفْر) تقدم أن معناه ستر الذنب والعفو عنه.
وقولهم: ﴿خَطَايَانَا﴾ جمع (خطيئة)، وهل الخطايا والسيئات واحدة أو بينهما فرْق أو يفرق بينهما عند الاجتماع فقط؟
* طلبة: عند الاجتماع فقط.
* الشيخ: عند الاجتماع فقط، يُفرَّق بينهما، وأما إذا أُفرد إحداهما فإنه يشمل الآخر، في سورة آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ إلى أن قالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران ١٩٠ - ١٩٣]. ففرقوا بين الذنوب والسيئات، الذنوب طلبوا مغفرتها، والسيئات طلبوا تكفيرها؛ لأنها من الصغائر التي تُكفِّرها الأعمال الصالحة. والسيئات المراد بها هنا الكبائر التي لا تزول إلا بمغفرة لا بتكفير.
﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء ٥١] هذا ليس من باب الإدلال على الله والمن عليه بكونهم أول المؤمنين ولكن من باب التحدث بنعمة الله، الذي يرونه سببًا ووسيلة لمغفرة الذنوب؛ لأن السبق إلى الإيمان وإلى العمل الصالح منقبة، ومن أسباب الرتب العالية؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد ١٠]. فالسبق إلى الإيمان والعمل الصالح له مزيته ومرتبة صاحبه، كذا؟
* طالب: قوله: ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾ [الشعراء ٤٩] وفي آية الأعراف ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ [الأعراف ١٢٣]؟
* الشيخ: إي نعم، في الأصل بينهما فرق، (آمَنَ به) أقر به واعترف إيمانًا كاملًا، و(آمَنَ له) مضمنة معنى انقاد.
* طالب: (...).
* الشيخ: انقاد له، قد تكون أقل، وقد تكون أكثر، انقاد له مع الإيمان؛ لأنك إذا جمعت بين الآيتين هنا صارت أبلغ؛ يعني كأنهم آمنوا إيمانًا به، ثم آمنوا له فانقادوا له.
* طالب: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ﴾ [طه ٧٢ - ٧٤].
* الشيخ: يعني قصدك ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ﴾.
* الطالب: ﴿وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾.
* الشيخ: لا ﴿وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ من كلامهم هم، إي نعم، لكن ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا﴾ قد يحتمل أنه كلامهم أو من كلام الله.
* طالب: هنا السحرة هؤلاء (...) هم اللي يعني هم آمنوا هم (...) أو هؤلاء قُتلوا.
* الشيخ: مَن؟
* الطالب: السحرة اللي آمنوا (...).
* الشيخ: هم (...) من؟
* الطالب: بعدين موسى (...).
* الشيخ: لا، بنو إسرائيل.
* الطالب: بنو إسرائيل، هؤلاء قُتلوا على طول.
* الشيخ: هذا إما أنهم قتلوا على طول وإلا أنهم ما صار منهم شيء لكن أما اللي آذوه هم قومه.
* الطالب: إي، هم ما آمنوا.
* الشيخ: مَنْ؟
* الطالب: بنو إسرائيل ما كانوا مؤمنين؟
* الشيخ: في هذه المعالجة ما كانوا مؤمنين إطلاقًا، أو كانوا مؤمن بعضهم يعني، ما أعرف؛ لأن أصل إنزال التوراة بعد ذلك ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ [القصص ٤٣].
* طالب: في قول الله: ﴿لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾ (...) لأنه إذا قطع اليمنى، وبقيت اليسرى، ما فيه إنسان يستطيع أن يتكئ على (...)؛ لأنه إذا قطع يده ورجله (...) واحدة ما يستطيع (...) هل هذا يعني أشد (...)؟
* الشيخ: لا، هو من جهة أشد، ومن جهة أخف، من جهة أشد أنه يصير الألم مع الجانبين، ومن جهة أخف، وهذا هو الظاهر أنه أراد هنا؛ لأنه فيما يبدو -والله أعلم- أنهم قتلوا في آخر الأمر.
* الطالب: الظاهر أنهم كلهم كذلك.
* الشيخ: لأن قول بعض العلماء: شهداء بررة يدل على أنهم قُتلوا، أنا ما أعرف الآن.
* الطالب: (...) بعض العلماء (...).
* الشيخ: يحتاج إلى تثبُّت هذا.
* الطالب: الظاهر أنهم كلهم كذلك.
* الشيخ: كلهم أيش؟
* الطالب: ما في ولا واحد مثلًا.
* الشيخ: من السحرة؟
* الطالب: إي.
* الشيخ: كلهم آمنوا ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ﴾ ويش كلمة (أل) هذه؟
* طلبة: للعموم.
* الشيخ: للعموم، كلهم آمنوا، وإيمانهم كامل ما هو إيمان بعد.
* طالب: من خاف الله سبحانه جنته دون خدمته.
* الشيخ: من اللي يقول؟
* الطالب: بعض العلماء (...).
* الشيخ: أبدًا، هو فيه خدمة وجنة؟
* الطالب: لأنهم لم يعملوا.
* الشيخ: أولًا: كلمة (خدمته) هذه غير واردة، والحقيقة ما ينبغي أن تستعمل بجانب العبادة، الله ما مدح الناس؛ لأنهم خدموه؛ لأنهم عباده؛ ولهذا هذا التعبير اللي يكتب في كتب الوعظ الحقيقة يجب أنه يلاحظ.
ثانيًا: أن نقول: كل إنسان يعمل هو يعمل لله سبحانه وتعالى تعبُّدًا له ورجاءً لثوابه، وقد وصف الله أفضل الخلق وأعلاهم مرتبة محمد رسول الله ﷺ ومَنْ معه، فقال: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح ٢٩]. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال الأعرابي: أنا لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، وإنما اسأل الله الجنة، وأستعيذ به من النار، فقال: «حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ»[[أخرجه أحمد في المسند (١٥٨٩٨)، وأبو داود (٧٩٢) من حديث بعض أصحاب النبي.]]. بعض العارفين -كما يقولون- يقول: يجب أن تعبد الله لله لا لحظ نفسك، وهذا من قال لك هذا؟ قال: تعبد الله لما ترجو من ثوابه تبارك وتعالى وهو الحقيقة، وهذا الذي وصف الله به عباده، هذا اللي قلت لخدمته لا جنته، كذا؟
* الطالب: لخدمته لا جنته.
* الشيخ: أقول: يعني أو يعبدون الله في خدمته لا جنته، يعني يقولون: الأفضل أن تعبد الله لخدمته لا لجنته، ويرون أن من يعبد الله في جنته ناقصًا.
* الطالب: عبدت الله لا لجنته ولا خوفًا من ناره ولكن حُبًّا في ذاته.
* طالب آخر: يقولون: ابن الفارض في مرض الموت كان تهيأ له، يقولون: رأى الجنة فصار يصرخ ويصيح: ما لهذا عملت، ما لهذا صليت، وإنما حُبًّا لك.
* الشيخ: حُبًّا لك، وهو يراه في كل (...)، أعوذ بالله.
* طالب: الجمع بين.. يعمل حُبًّا لله سبحانه وتعالى وطلبًا للجنة (...).
* الشيخ: هو الحقيقة؛ لأن الوصول إلى الجنة وصول إلى الله؛ لأن أهل الجنة يرون الله سبحانه وتعالى.
* الطالب: لا أقصد أن الإنسان كان عمله لأجل الجنة فقط، ربما يكون شعوره شكر الله (...).
* الشيخ: شعوره بأيش؟
* الطالب: شعوره داخليًّا بتعظيم الله سبحانه وتعالى خلاه يعمل بهذه السجية، فإذا (...).
* الشيخ: والله ما أدري، أنا في الحقيقة أنا أرى أن أفضل ما يكون ما درج عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه.
* الطالب: (...).
* الشيخ: شكورًا لله.
* الطالب: شكورًا لله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: هو ما ينافي أن يكون يحب الله ويسعى للوصول إلى جنته ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾.
* طالب: والفضل لا يكون إلا بعد الرضا.
* الشيخ: وأيضًا هذا الفضل والرضوان يتضمن محبة الله.
* طالب: وبعدين يا شيخ كلما زادت المحبة كلما زاد الأجر عليها.
* الشيخ: إي، ما فيه شك، الإنسان يُؤجر المحبة.
* الطالب: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ [آل عمران ٣١].
* الشيخ: إي، ما أحد ينكر محبة الله، ولا أحد ينكر أنه.. حتى كونك تعمل لتصل إلى رضوان الله فهذا محبة لله، وإلا كان يقول: يرضى ولَّا ما يرضى، ما يهم، ينعم ولَّا ما ينعم، ما يهم، لكن كونه يقول: لا، اعمل لذات الله مثل هذا (...) ما هو صحيح.
* طالب: قال رحمه الله تعالى في فوائد هذه الآيات: إن عبادة المؤمنين من رحمة الله سبحانه وتعالى لهم وذلك من قوله سبحانه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان ٦٣].
* الشيخ: هذه موجودة عندكم؟
* طالب: بصيغة ثانية.
* الشيخ: أيش لون؟
* الطالب: أن عبودية المرء لله تجذب له الرحمة من الله.
* الشيخ: إي، لا، هذه غير دي.
* الطالب: يدعو الذين وُفِّقوا لهذه الخصال بسبب رحمته.
* الشيخ: هذه قريبة منها.
* طالب: أن صفة العبودية (...).
* الشيخ: هذه غير.
* طالب: أن العبادة سبب للرحمة، قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ فإضافة العبادة إلى اسم الرحمن خاصة دون غيرها.
* الشيخ: يعني هذه فائدة أنهم يعبدون الله للوصول إلى رحمته.
* طالب: أن من صفات عباد الرحمن عباده المؤمنين المشي على الأرض بسكينة ووقار ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان ٦٣].
* الشيخ: علي عنده فائدة أيضًا وهي تقسيم العبودية إلى عامة وخاصة، كذا؟
* الطالب: (...) إثبات العبودية الخاصة وهي عبودية النبي.
* الشيخ: إي، وأيضًا هذه ربما نقول: يستفاد من هذه الآية: أن وصف الإنسان بالعبودية من مراتب الكمال؛ ولهذا قال: ﴿عِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾.
* طالب: تشريفهم، حيث نسبهم إليه.
* الشيخ: إي نعم، هذه أيضًا فائدة غير اللي أنا (...).
* الطالب: نعم، غير (...).
* الشيخ: نقول: وصف العبودية مُطلقًا من مراتب الكمال من إضافتهم إلى الله ﴿عِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ هذا من باب التشريف والتكريم.
* طالب: قوله: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ (...).
* الشيخ: هذه ذكروا فيها فائدتين؛ أولًا: أن عبادتهم من رحمة الله بهم.
والثانية: أنهم يأتون بهذه العبودية الرحمة.
* طالب: قلنا: إن من صفات عباد الرحمن المؤمنين المشي على الأرض بسكينة ووقار ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾.
خامسًا: التعريض بالمستكبرين الذين يمشون على الأرض مرحًا من قوله: ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾.
* الشيخ: التعريض بذمهم.
* الطالب: بذمهم نعم.
* طالب آخر: نقول هنا: من صفاتهم عدم إيذاء الغير ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾.
* الشيخ: منين نأخذه؟ من قوله: ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾.
* الطالب: يعني من سجيتهم يعني السكينة.
* طالب آخر: ﴿إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ﴾.
* الطالب: نعم، أحسنت ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾.
* الشيخ: لكن تكون هذه وصف حتى لو ما كان في المكان أحد ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ لو ما كان حولهم أحد يخشون من إيذائه، ولو قلنا بالسكينة والوقار تشمل الصور الممكنة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: أنهم ما يؤذون أحد بمشيهم.
* طالب: (...) قوله: ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾.
* الشيخ: يعني يشمل المشي الحسي والمعنوي، كذا؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: يمكن.
* طالب: ترغيب، ذكرناها ترغيب في الطمأنينة والتأني في جميع أنواع السعي، ومنها السعي المعنوي (...) طلب الرزق والعلم.
* الشيخ: أيش عندك أنت؟
* طالب: نعم، نفس اللي يمشون على الأرض، فيه بيان صفة من صفات هؤلاء الأفاضل، وكأن الله سبحانه وتعالى رد على سؤال قد يحدث منهم مَنْ هم هؤلاء العباد؟ ولماذا استحقوا هذا الوصف الجميل حيث أضافهم إلى نفسه، (...) من صفاتهم التواضع، حب الخير، والبعد عن العلو والعزة التي لا تنبغي إلا لله وحده، وأن من أحب أن يكون من العباد الصالحين عليه أن يعرف صفة من صفاتهم وهى التواضع ولين الجانب.
* طالب آخر: العزة من صفات المؤمنين ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون ٨]، يقول: والبعد بمعنى عزة!
* الشيخ: الاعتزاز بالنفس قصدك؟
* الطالب: لا، عزة دون عزة.
* الشيخ: إي، كفر دون كفر.
* الطالب: لا، يعني العزة التي تختص بالله.
* الشيخ: قصدك الكبر يعني؟
* الطالب: نعم، الكِبْر.
* الشيخ: على كل حال، أنا لي اعتراض على هذا، ما هو من ناحية هذه المسألة، لكن من ناحية أنه جاء مرسلًا هكذا كأنه كلام (...).
وبيان الفوائد في الغالب يكون مركزًا، ما يصير كذا كلامًا مرسلًا كأننا نتكلم في خطبة، هذا كأنه شرح معنوي، وهذا من حيث الأسلوب قاصر، إلا هو تام يعني الكلام ما فيه شيء نقص في المعنى، لكنه من جهة الأسلوب (...) الفوائد خليها مركزة لأجل ما يتشتت الذهن، يلتقطها حبة حبة.
* طالب: في قوله: ﴿يَمْشُونَ﴾ أن الإنسان الموفَّق يستطيع أن يجعل من العادة عبادة المشي وهو عادة (...).
* الشيخ: إي، إذا كانوا يلاحظون هذا، وهو الظاهر، الظاهر أنهم يلاحظون هذا؛ يعني ليس أمرًا عاديًّا أو من سجيتهم هذا، وإنما هذا تعمد.
* طالب: إثبات صفة الرحمة لله، وإثبات الرحمن صفة لله تعالى.
* الشيخ: هذا لا بد منه، فيه أيضًا إثبات اسم الرحمن وصفة الرحمة، صحيح.
* طالب: قوله: ﴿يَمْشُونَ﴾ لم يقل: وعباد الرحمن الذين يسيرون على الأرض هونًا، في هذا إشراك بأن عباد الرحمن (...).
* الشيخ: أيش الفرق بينهما؟
* الطالب: لو قال: يسيرون ربما يسيرون على مراكبهم، يسيرون (...).
* الشيخ: حتى هذا إذا سار الإنسان على مراكبه ما هو بظاهر، حتى السير يكون على القدمين أيضًا، والمشي يكون على القدم وعلى المركوب.
* طالب: (...).
* الشيخ: المهم هذا لاحظوها اللي قال الأخ إثبات اسم الرحمن الرحمن وصفة الرحمة لله سبحانه وتعالى.
* الطالب: الحث على الحلم من قوله: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ أنهم لا يقابلون السيئة بمثلها، بل يقولون (...)، وبعدها فائدة الحث على الحلم، التعريض بذم الجهل وأهل الذنوب من قوله: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ أن من صفات عباده المؤمنين (...) إذا خاطبهم الجاهلون التزامهم بالقول الذي يسلمون فيه من الإثم (...).
* الشيخ: طيب (...) ثلاث فوائد، ويش عندكم؟
* طالب: أقول: إنه إذا ذكر الأول (...) سلامًا أي مناسبة لحال المعتدي، وقد يردون عليهم ردًّا قويًّا يناسب حالهم لا يكون حلمهم دائمًا (...) أنهم إذا جُهل عليهم يردون الرد المناسب لحال المعتدي (...).
* الشيخ: الحلم يمكن؛ لأن الحِلم ليس معناه العفو مُطلقًا قد يكون الحلم بعدم الاعتداء أيضًا يُسمى حلمًا، وهذا يسلمون به من الإثم إذا لم يعتدوا. لكن عندي أيضًا فائدة أهم من هذا كله الحقيقة؟
* الطالب: أن الله يحب من عباده (...)، وأنه لا ينبغي مقابلة الجاهل بجهله (...) بيان القرآن لهذا الأدب الجميل (...) ومقابلة المسيء بالإحسان مشروعية العفو عن الجاهل أن حُسْن معاملة الخلق بالإضافة للخالق.
* الشيخ: إي نعم.
* طالب: فيه أن (...) والاعتداء بالقول على الآخرين من الجهل.
* الشيخ: لقوله: ﴿إِذَا خَاطَبَهُمُ﴾.
* طالب: (...) المؤمن بالحكمة.
* الشيخ: إي، هذه، أنا أريد هذا؟
* الطالب: وأن المؤمن يجب عليه تحمل الأذى.
* الشيخ: الحكمة هذه أهم من الحِلم، والحِلم هذا وضع طيِّب، لكن الحكمة مهمة؛ لأن قولهم: ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ ما قال: إذا خاطبهم الجاهلون سكتوا، بل يقول: قالوا، لكن سلامًا يسلمون به مثلما قلنا في الشرح والتفسير من الإثم والأذى ومن المهانة والذل.
المهم: سلامًا من كل النواحي، فإذا كان الإغلاظ (...) السلامة أغلظوا، إذا كان بالنسبة للي أعرضوا.
المهم أنهم لا يفوتون الأمر ولكنهم لا يقولون قولًا تكون عاقبته سيئة بل يقولون: سلامًا.
* طالب: بيان أن هؤلاء القوم لا ينتقمون لأنفسهم عندما يسمعون الكلام من جاهل لا يعقل، ما يقوله؛ لأنه كيف يحق لهذا الرجل العالم العاقل أن يأخذ من لا يعقل وفيه دليل على أن الجهل وضعف العقل متقاربان.
* الشيخ: متقاربان؟
* الطالب: من قوله.
* الشيخ: إذن الجهل هنا المراد به سيئ التصرف، ما هو المراد به ليس بعالم.
الخلاصة الآن كم ترى عندنا من الفائدة على الجملة هذه؟
* طلبة: أربعة أو خمسة.
* الشيخ: أربعة أو خمسة، نعيدهم أولًا يلَّا اقرأهم علينا.
* طالب: (...).
* الشيخ: هذا ما لم يكن الحلم سكوتًا وذلًّا.
* طالب: (...) حكمة والتعريض بذم الجهل وأهل السوء من قوله: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ وأن من صفات عباد الله المؤمنين إذا خاطبهم الجاهلون التزامهم بالقول الذي يسلمون فيه من الإثم (...) والأذى والحلم.
* الشيخ: طيب، فيه فائدة (...).
* طالب: أن المؤمن يجب عليه تحمل الأذى.
* طالب آخر: أن معاملة الناس بالحسنى هي التي ترضي الله.
* الشيخ: طيب.
* طالب: ما يؤخذ من هذه الآيات.
* الشيخ: من يقرؤها (...).
* الطالب: يؤخذ يا شيخ..
* الشيخ: يؤخذ من هذا نفسه أن نعامل الناس بالحسنى منين؟
* طالب: لأنه ذكرهم في صفات عباده.
* الشيخ: إي، بس ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ قد يكون ما هي معاملتهم بالحسنى من السلامة، قد يكون معاملتهم بما يستحقون أذى، ربما يؤخذ منها ما ذكر الله في سورة الشورى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ [الشورى ٣٩]، وأن الرجل لا يُذم إذا عارض الجاهل بما يستحقه؛ يعني فليس السكوت خيرًا مطلقًا وليس القول خيرًا مطلقًا، إنما اتباع الحسنى فى ذلك هو الخير ولكل مقام مقال ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة ٢٦٩]، قد يريد الإنسان الحكمة ولكن لا يوفق لها.
* طالب: ما فيها دليل على إباحة المجاملة في بعض الأحوال؟ لأنه ربما لا يسلمون إلا بالمجاملة.
* الشيخ: ما يخالف، المجاملة ما دام قولًا سلامًا (...) المجاملة، مثلًا لو أرادوا أن يلينوا القول ضد إغلاظ هؤلاء، وهو مما يسلمون به لكن سلامًا حسيًّا ومعنويًّا فلا بأس.
* طالب: ما لم يكن منكرًا.
* الشيخ: نعم، ما لم يكن منكرًا.
* الطالب: يغضب.
* الشيخ: إي، لكن كلمة ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ﴾ يدل على أن الخطاب موجه لهم، أما لو سبوا الله، لا. على كل حال ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ هذه ميزان حكمة.
* طالب: (...) ذكرنا مراعاة حال المعتدي ورده بما يناسب المقام.
* الشيخ: إي، هذه من الحكمة؛ لأنك إذا أثبت أن هذا يدل على حكمتهم.
* الطالب: هذا مما يدل.
* الشيخ: يكون الباقي صور.
* طالب: معاملة الجاهل بما يليق به ليس (...).
* الشيخ: ليس أيش؟
* الطالب: ليس (...).
* الشيخ: هذا تبعًا (...)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
* من فوائد الآيات السابقة: أن موسى عليه الصلاة والسلام لما قال: ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقونَ﴾ [الشعراء ٤٣] ألقوا حبالهم وعصيهم، واستعانوا بغير معين فقالوا: ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾.
* وفيه أيضًا: أن موسى عليه الصلاة والسلام ألقى عصاه بأمر الله حين أوحى إليه ألَّا يخاف، وأن يلقي ما في يمينه.
* وفيه أيضًا من فوائدها: أن الحق إذا تبين كان أعلم الناس به من يعرف هذا الحق، فإن موسى عليه الصلاة والسلام أول من تبين له أن ما جاء به الحق وأنه ليس بسحر هم السحرة الذين عرفوا السحر وباطله، فالذي يعرف الحق هو الذي يعرف الباطل، أما من لا يعرف الباطل فإنها قد تلتبس عليه الأمور؛ ولهذا قيل: بضدها تتبين الأشياء.
* وفيه أيضًا: مبادرة السحرة إلى الإيمان، حتى إن الإيمان كان كأنه أمر اضطراري ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾ لقوة ما شاهدوا من الآيات التي لم يتمكنوا معها أن يتأخروا.
* طالب: الفائدة التي ذكرت الأخيرة.
* الشيخ: أقول: لما رأوا الآيات ما أمكنهم أن يتأخروا عن الإيمان فكأنهم أُلْقوا اضطرارًا.
* وفيه أيضًا: شدة تمويه فرعون حين قال: ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ مع أنه يعلم أنه ليس بين موسى وبين هؤلاء السحرة شيء من الاتصال، ولكنه لقوة تمويهه أراد أن يموه بهذا الكلام الذي ليس بمعقول.
* وفيه: قوة جبروته حين هددهم بقطع الأيدي والأرجل من خلاف، ثم الصَّلْب.
* وفيه أيضًا من الفوائد: قوة إيمان هؤلاء السحرة الذين تحدوا فرعون بجبروته، وقالوا: إنه لا ضرر علينا فيما هددتنا به؛ لأننا سننقلب إلى الله سبحانه وتعالى ويعطينا من الأجر والثواب أكثر مما فقدنا من هذه الحياة الدنيا، كما قال في سورة طه ﴿إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [طه ٧٢].
* وفيه أيضًا: أن الإيمان إذا صدق صار أقوى من العاطفة فحب النفس أمر فطري، ولكن الإيمان يؤدي إلى أن ترخص النفس عند المرء في جانب دينه.
* وفيه أيضًا: قوة رجاء هؤلاء السحرة في الله سبحانه وتعالى ﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾.
* وفيه: دليل على أن السبق إلى الإيمان من أسباب المغفرة والرفعة؛ لقولهم: ﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وقد دل على ذلك الكتاب في قوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد ١٠].
ولما تخاصم عبد الرحمن بن عوف، وخالد بن الوليد قال النبي ﷺ: «يَا خَالِدُ، لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي». مهلًا يا خالد «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١ / ٢٢٢) من حديث أبي سعيد الخدري.]].
* وفيه أيضًا: أن الإطلاق يقيده قرينة؛ لقولهم: ﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾؛ لأن المراد ﴿أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ في وقتهم، وإلا فقد آمن أحد قبلهم، أو أول المؤمنين من آل فرعون؛ لأنه قد آمن أحد قبلهم، فقولهم: ﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني من آل فرعون.
والمؤلف يقول: (في زماننا) ولكن هذا ليس بظاهر، بل الظاهر أنه من آل فرعون؛ لأن من بني إسرائيل من آمن قبل ذلك.
* طالب: مؤمن آل فرعون آمن قبلهم؟
* الشيخ: لعله لم يظهره؛ لأنه قال: ﴿رَجلٌ مؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ [غافر ٢٨].
{"ayahs_start":43,"ayahs":["قَالَ لَهُم مُّوسَىٰۤ أَلۡقُوا۟ مَاۤ أَنتُم مُّلۡقُونَ","فَأَلۡقَوۡا۟ حِبَالَهُمۡ وَعِصِیَّهُمۡ وَقَالُوا۟ بِعِزَّةِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ","فَأَلۡقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ","فَأُلۡقِیَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِینَ","قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ","قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِیرُكُمُ ٱلَّذِی عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَ فَلَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَـٰفࣲ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِینَ","قَالُوا۟ لَا ضَیۡرَۖ إِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ","إِنَّا نَطۡمَعُ أَن یَغۡفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَـٰیَـٰنَاۤ أَن كُنَّاۤ أَوَّلَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"],"ayah":"فَأُلۡقِیَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق