الباحث القرآني

أمّا قَوْلُهُ: ﴿فَألْقى مُوسى عَصاهُ فَإذا هي تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ﴾ فالمُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿ما يَأْفِكُونَ﴾ ما يَقْلِبُونَهُ عَنْ وجْهِهِ وحَقِيقَتِهِ بِسِحْرِهِمْ وكَيْدِهِمْ فَيُخَيِّلُونَ في حِبالِهِمْ وعِصِيِّهِمْ أنَّها حَيّاتٌ تَسْعى، وسَمّى تِلْكَ الأشْياءَ إفْكًا مُبالَغَةً. * * * أمّا قَوْلُهُ: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ﴾ فالمُرادُ خَرُّوا سُجَّدًا لِأنَّهم كانُوا في الطَّبَقَةِ العالِيَةِ مِن عِلْمِ السِّحْرِ، (p-١١٧)فَلا جَرَمَ كانُوا عالِمِينَ بِمُنْتَهى السِّحْرِ، فَلَمّا رَأوْا ذَلِكَ وشاهَدُوهُ خارِجًا عَنْ حَدِّ السِّحْرِ عَلِمُوا أنَّهُ لَيْسَ بِسِحْرٍ، وما كانَ ذَلِكَ إلّا بِبَرَكَةِ تَحْقِيقِهِمْ في عِلْمِ السِّحْرِ، ثُمَّ إنَّهم عِنْدَ ذَلِكَ لَمْ يَتَمالَكُوا أنْ رَمَوْا بِأنْفُسِهِمْ إلى الأرْضِ ساجِدِينَ كَأنَّهم أُخِذُوا فَطُرِحُوا طَرْحًا، فَإنْ قِيلَ فاعِلُ الإلْقاءِ ما هو لَوْ صَرَّحَ بِهِ ؟ جَوابُهُ: هو اللَّهُ تَعالى بِما حَصَلَ في قُلُوبِهِمْ مِنَ الدَّواعِي الجازِمَةِ الخالِيَةِ عَنِ المُعارَضاتِ ولَكِنَّ الأوْلى أنْ لا نُقَدِّرَ فاعِلًا لِأنَّ أُلْقِيَ بِمَعْنى: خَرَّ وسَقَطَ. أمّا قَوْلُهُ: ﴿رَبِّ مُوسى وهارُونَ﴾ فَهو عَطْفُ بَيانٍ لِرَبِّ العالَمِينَ؛ لِأنَّ فِرْعَوْنَ كانَ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ فَأرادُوا عَزْلَهُ ومَعْنى إضافَتِهِ إلَيْهِما في ذَلِكَ المَقامِ أنَّهُ الَّذِي دَعا مُوسى وهارُونَ عَلَيْهِما السَّلامُ إلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب