الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قَالَ لَهُمْ موسى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ﴾ . اعلم أنهم لما اجتمعوا كان لا بد من ابتداء موسى أو ابتدائهم، ثم إنهم تواضعوا فقدّموه على أنفسهم، وقالوا له: ﴿إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ الملقين﴾ [الأعراف: 115] فلما تواضعوا له تواضع هو أيضاً لهم فقدمهم على نفسه، وقال: ﴿أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مَّلْقُونَ﴾ . فإن قيل: كيف جاز لموسى - عليه السلام - أن يأمر السحرة بإلقاء الحبال والعصيّ، وذلك سحر وتلبيس وكفر، والأمر بمثله لا يجوز؟ فالجواب: ليس ذلك بأمر، لأن مراد موسى - عليه السلام - منهم أن يؤمنوا به، ولا يقدموا على ما يجري مجرى المقاتلة، وإذا ثبت ذلك وجب تأويل صيغة الأمر، وفيه وجوه:
أحدها: أن ذلك الأمر كان مشورطاً، والتقدير: ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين، كقوله: ﴿فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ﴾ [البقرة: 23] أي: إن كنتم قادرين.
وثانيها: لما تعين ذلك طريقاً إلى كشف الشبهة صار جائزاً.
وثالثها: أَنَّ هذا ليس بأمر، بل هو تهديد، أي: إن فعلتم ذلك أتينا بما يبطله، كقول القائل: «لئن رميتني لأفعلن ولأصنعن» ثم يفوق له السهم فيقول له: «ارم» فيكون ذلك منه تهديداً.
ورابعها: أنهم لما تواضعوا (له) وقدموه على أنفسهم فقدمهم على نفسه رجاء أن يصير تواضعه سبباً لقبول الحق، ولقد حصل ببركة ذلك التواضع ذلك المطلوب.
قوله: ﴿فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ﴾ . روي عن ابن عباس قال: كانت مطلية بالزئبق، والعصي مجوفة مملوءة من الزئبق، فلما حيمت اشتدت حركتها، فصارت كأنها حيات تدب من كل جانب من الأرض.
قوله: «بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ» . يجوز أن يكون قَسَماً، وجوابه: ﴿إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون﴾ ويجوز أن يتعلق ب «الغَالِبُونَ» لأن ما في حيز «إِنَّ» لا يتقدم عليها.
قوله: ﴿فألقى موسى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾ تقدم خلاف القراء في «تَلْقَفُ» وقال ابن عطية هنا: وقرأ البَزِّيُّ وابنُ فُلَيح بشدِّ التَّاء وفتح اللام وشدِّ القاف ويلزم على هذه القراءة إذا ابتدأ أن يَجْلِبَ همزة الوصل، وهمزة الوصل لا تدخل على الأفعال المضارعة، كما لا تدخل على أسماء الفاعلين. قال أبو حيان كأنه يُخَيَّلُ إليه أنه لا يمكن الابتداء بالكلمة إلا باجتلاب همزة الوصل، [وهذا ليس بلازم (و) كثيراً ما يكون الوصل] مخالفاً للوقف، والوقف مخالفاً للوصل، ومن له تَمَرُّن في القراءات عرف ذلك. قال شهاب الدين: يريد قوله: ﴿فَإِذَا هِيَ تَلَقَّفُ﴾ فإن البَزِّيّ يشدد التاء، إذ الأصل: «تَتَلَقَّفُ» بتاءين، فأدغم، فإذا وقف على «هِيَ» وابتدأ «تَتَلَقَّفُ» فحقه أن يَفُكَّ ولا يدغم لئلا يُبْتَدأ بساكن وهو غر ممكن، وقول ابن عطية: «ويلزم على هذه القراءة ...
إلى خره» تضعيف للقراءة لما ذكره هو من أن همزة الوصل لا تدخل على الفعل المضارع، ولا يمكن الابتداء بساكن، فمن ثَمَّ ضُعِّفَتْ.
وجواب الشيخ بمنع الملازمة حسن إلا أنه كان ينبغي أن يبدل لفظة الوقف بالابتداء لأنه هو الذي وقع الكلام فيه، أعني: الابتداء بكلمة [ «تَلَقَّفُ» ] .
قوله: «فَأُلْقِيَ» قال الزمخشري: «فإن قلت: فاعل الإلقاء ما هو لو صرِّح به؟ قلت هو الله - عَزَّ وَجَلَّ -، ثم قال: ولك ألاَّ تقدِّر فاعلاً، لأن» أَلْقَوْا «بمعنى: خَرُّوا وسقطوا» . قال أبو حيان: وهذا ليس بشيء؛ لأنه لا يبنى الفعل للمفعول إلاّ وله فاعل ينوب المفعول به عنه، أما أنه لا يقدر له فاعل فقول ذاهبٌ عن الصواب.
فصل
تقدم الكلام على نظير هذه الآية، واعلم أن السحرة لما شاهدوا أمراً خارجاً عن حدّ السحر لما يتمالكوا أن رموا بأنفسهم إلى الأرض ساجدين و ﴿قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ العالمين﴾ .
قوله: ﴿رَبِّ موسى وَهَارُونَ﴾ . عطف بيان ل» رَبِّ العَالَمِينَ «لأن فرعون كان يدعي الربوبية فأرادوا عزله. ومعنى إضافته إليهما في ذلك المقام: أنه الذي دعا موسى وهارون - عليهما السلام - إليه.
{"ayahs_start":43,"ayahs":["قَالَ لَهُم مُّوسَىٰۤ أَلۡقُوا۟ مَاۤ أَنتُم مُّلۡقُونَ","فَأَلۡقَوۡا۟ حِبَالَهُمۡ وَعِصِیَّهُمۡ وَقَالُوا۟ بِعِزَّةِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ","فَأَلۡقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ","فَأُلۡقِیَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِینَ","قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ"],"ayah":"فَأُلۡقِیَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











