الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (٤٦) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (٤٨) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) ﴾ يقول تعالى ذكره: ﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ﴾ حين ألقت السحرة حبالهم وعصيهم. ﴿فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾ يقول: فإذا عصا موسى تزدرد ما يأتون به من الفرية والسحر الذي لا حقيقة له، وإنما هو مخاييل [[مخاييل: جمع مخيلة، بمعنى المظنة، وأصله مخايل. والكوفيون يزيدون في مثل هذا الجمع ياء قبل آخره، مثل دارهيم وصياريف جمعى درهم وصيرف.]] وخدعة. ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾ يقول: فلما تبين السحرة أن الذي جاءهم به موسى حق لا سحر، وأنه مما لا يقدر عليه غير الله الذي فطر السموات والأرض من غير أصل، خرّوا لوجوههم سجدا لله، مذعنين له بالطاعة، مقرّين لموسى بالذي أتاهم به من عند الله أنه هو الحقّ، وأن ما كانوا يعملونه من السحر باطل، قائلين: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الذي دعانا موسى إلى عبادته دون فرعون وملئه. ﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ﴾ يقول جلّ ثناؤه: قال فرعون للذين كانوا سحرته فآمنوا: آمنتم لموسى بأن ما جاء به حق قبل أن آذن لكم في الإيمان به. ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ يقول: إن موسى لرئيسكم في السحر، وهو الذي علَّمكموه، ولذلك آمنتم به. ﴿فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ عند عقابي إياكم وبال ما فعلتم، وخطأ ما صنعتم من الإيمان به. * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) ﴾ يقول ﴿لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ مخالفا في قطع ذلك منكم بين قطع الأيدي والأرجل، وذلك أن أقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، ثم اليد اليسرى والرجل اليمنى، ونحو ذلك من قطع اليد من جانب، ثم الرجل من الجانب الآخر، وذلك هو القطع من خلاف ﴿وَلأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ فوكد ذلك بأجمعين إعلاما منه أنه غير مُسْتَبْقٍ منهم أحدا. ﴿قَالُوا لا ضَيْرَ﴾ يقول تعالى ذكره: قالت السحرة: لا ضير علينا؛ وهو مصدر من قول القائل: قد ضار فلانٌ فلانا فهو يضير ضيرا، ومعناه: لا ضرر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿لا ضَيْرَ﴾ قال: يقول: لا يضرنا الذي تقول، وإن صنعته بنا وصلبتنا. ﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ يقول: إنا إلى ربنا راجعون، وهو مجازينا بصبرنا على عقوبتك إيانا، وثباتنا على توحيده، والبراءة من الكفر به.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب