الباحث القرآني
بـ(إنَّ) المؤكِّدة.
وقولُه: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النور ٦٤] هذه أُتِيَ بها بعد قوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ [النور ٦٣] كالدليل على أن ما هدَّد الله به من الفتنة أو العذاب الأليم على أنه أمْرٌ لا يعجز اللهَ؛ لأن الله تعالى له ملك السماوات والأرض، ومَن له ملك السماوات والأرض فإنه لا يعجز عن تنفيذِ ما هدد به وإيقاعِه.
(﴿﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ﴾ ﴾ أيها المكلَّفون ﴿عَلَيْهِ﴾ من الإيمان والنفاق، ويعلم ﴿يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾ ﴾) إلى آخره.
﴿قَدْ يَعْلَمُ﴾ مرَّ علينا أن (قد) إذا دخلت على الفعل المضارع فإنها تفيد؟
* طالب: التقليل.
* الشيخ: تفيد التقليل كما في قولهم: قد يجود البخيل، لكنها تدل على التحقيق إذا دلَّت القرينة على ذلك، فهنا ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ﴾ لا يمكن أن نجعلها للتقليل؛ لأن عِلْمَ اللهِ عز وجل ثابتٌ مستقر، فتكون (قد) في هذه الآية للتحقيق.
ولم يُعَبِّر بقوله: قد عَلِمَ ما أنتم عليه، إشارة إلى ما سيفعلونه في المستقبل، وأنه عليم بما صَدَر وبما يَصْدُر، فهنا الاستقبال ليس للعلم ولكن للمعلوم، ليس للعلم لأن علم الله سبحانه وتعالى سابق أزلي، وإنما هو للمعلوم الذي سيفعله هؤلاء، فإن الله تعالى يعلمه باستمرار.
وقوله: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ يقول: الخطاب للمكلفين (﴿﴿مَا أَنْتُمْ﴾ ﴾ أيها المكلفون) ولو جعله للناس عمومًا لكان أولى: ما أنتم أيها الناس عليه، ليشمل المكلف وغير المكلف؛ لأن غير المكلف أيضًا يُثاب على ما يفعل من الأعمال الصالحة، ولا يُكتَب عليه ما يعمل من الأعمال السيئة، وعلى هذا فالله تعالى عليم بما هو عليه حتى غير المكلف.
وقوله: (من الإيمان والنفاق) ينبغي أن يكون هذا من باب التمثيل وليس من باب الحصر؛ لأن الله يعلم ما نحن عليه ليس من الإيمان والنفاق فقط، بل من الإيمان والنفاق، والعمل الصالح والعمل السيِّئ، والرخاء والشدة وغير ذلك، كل ما نحن عليه من الأحوال والأعمال فإن الله تعالى يعلمه.
(ويعلم ﴿﴿يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾ ﴾) لما ذكر الله ما نحن عليه في الدنيا ذكر ما نَؤُول إليه يوم القيامة، فقال: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾ يعني: (ويعلم ﴿﴿يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾ ﴾). فعلمه تعالى بالعمل بما نحن عليه في الدنيا حال العمل، ويوم نُرجع إليه حال الحساب والجزاء، فهو عالم بالحالَيْنِ.
قال تعالى: (﴿﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾ ﴾ فيه التفات عن الخطاب، أي: متى يكون؟)
هذا لا بأس به (...) قوله: (متى يكون) ولكن لنا عليه مناقشة.
قوله: (فيه التفات عن الخطاب) كيف عن الخطاب؟ إني أعلم ما أنتم عليه، هذا خطاب، ومقتضى السياق أن يقال: ويوم ترجعون إليه، لكنه التفت عن الخطاب إلى الغيبة. وفائدة الالتفات؟
* طالب: التنبيه.
* الشيخ: لتنبيه المخاطب؛ لأن الأسلوب إذا تغيَّر فلا بد أن ينتبه المخاطب بخلاف ما إذا كان الأسلوب على نسق واحد، فإن الإنسان ينسجم معه ولا يجد شيئًا يوجب الانتباه.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، التنبيه، وله أيضًا فوائد أخرى لكن تُفهم من السياق، إنما الشيء المهم الدائم يعني هو التنبيه، لكن قد يكون فيه فوائد أخرى كما ذكرنا.
في قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾ [الفاتحة ٢ - ٤] هذا كله غيب، ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة ٥] هذا خطاب، الفائدة منه: التنبيه.
والفائدة الثانية: هو أنه لما وصفْتَ اللهَ بتلك الأوصاف كأنه صار الآن أمامك، فخاطبته مخاطبة الحاضر بقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة ٥].
﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾ [النور ٦٤] يعني وقوله: (متى يكون) في هذا نظر؛ لأنه ليس المراد أنه سبحانه وتعالى يعلم ما يرجعون إليه متى يكون فقط، بل يعلم حالهم حينما يرجعون إليه، مع علمه أيضًا متى يرجعون إليه، متى يرجعون إليه عالم به بلا شك، لكن السياق لا يؤيده، بل يؤيد أنه عالم بهم حال عملهم وحال الجزاء على العمل، مثل: ويعلم يوم يرجعون إليه ماذا يكونون عليه من الحال كما أن عِلْمَ متى يرجعون سواء كان رجوعًا عامًّا كيوم القيامة أو خاصًّا كموت الإنسان هذا أيضًا مرجعه إلى الله عز وجل.
وقوله: (﴿﴿فَيُنَبِّئُهُمْ﴾ ﴾ فيه -أي: في هذا اليوم- ﴿﴿بِمَا عَمِلُوا﴾ ﴾ من الخير والشر ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من أعمالهم وغيرها ﴿عَلِيمٌ﴾ ﴾)
﴿فَيُنَبِّئُهُمْ﴾: يُخبرهم ﴿بِمَا عَمِلُوا﴾ منْ خيرٍ وشرٍّ.
وفائدة الإنباء: هو الاستقرار يعني يَسْتَقِرُّهُم حتى يكون جزاؤُهم على وجه العدل الذي أَقَرُّوا به هم، فلا يقولون: إننا ظُلِمْنا، بل الله يقول: عملتم كذا وعملتم كذا وعملتم كذا، حتى يُقِرُّوا بذلك، ثم بعد هذا الإقرار يترتب الجزاء، فضلًا أو عدلًا؛ لأن الجزاء: إما فضلٌ، وإما عدلٌ، وإما جَوْرٌ.
فالثالث الأخير منتفٍ عن الله، والأوَّلان ثابتان، فإن جزاءه سبحانه وتعالى بين العدل والفضل، فجزاء الحسنات؟
* طلبة: فضل.
* الشيخ: فضل من قبيل الفضل، وجزاء السيئات من قبيل العدل إذا جازى كلَّ سيئة بمثلها، وإن عفا سبحانه وتعالى فهو من باب الفضل.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
﴿بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ هذا عام، كلُّ شيء من أعمال بني آدم صغيرِها وكبيرِها ومن غيرها أيضًا فإن الله تعالى عليم بها، والعلم: إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا؟
* طلبة: جازم.
* الشيخ: جازمًا، فالله تعالى مدركٌ كلَّ شيء إداكًا جازمًا، فإنه سبحانه وتعالى ليس في علمه شكٌّ ولا ظن، بل كلُّ علمه علمٌ يقينيٌّ.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، (ينبئهم): يُخبِرهم استقرارًا؛ يعني لأجل أن يستقِرَّهم حتى يُقِرُّوا به.
* الطالب: (...).
* الشيخ: يعني وتجعل ﴿يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾ متعلق بـ(ينبئهم)؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: ما يصلح؛ لأن (الفاء) تمنع، (الفاء) هذه تمنع من أن يكون ما قبلها متعلقًا بما بعدها، وإلا لو كانت ما فيها (فاء): ويوم يرجعون إليه ينبئهم؛ لكان مستقيمًا، لكن (الفاء) هي التي منعت من أن يكون ما قبلها معمولًا لما بعدها.
* طالب: (الفاء) هنا عاطفة.
* الشيخ: (الفاء) هنا عاطفة.
* في هذه الآية من الفوائد: فوائد لفظية، وفوائد معنوية.
* أما اللفظية: فإنه ينبغي تأكيد الأمور الهامة والتنبيه عليها؛ أن تُقَدَّر الأمورُ الهامة بما يؤكدها وينبه عليها؛ كقوله: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. فإنَّ عِلْمَنا بذلك وإقرارَنا به واعتقادَنا له هذا أمْرٌ مهم؛ ولهذا أُكِّدَ بـ(ألا) وبـ(إنَّ).
* وفيه أيضًا: عمومُ ملك الله لما في السماوات وما في الأرض: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
* وفيه: عموم عِلْمِه؛ لقوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾. وأنَّ عِلْمَه تبارك وتعالى في الحاضر والمستقبل؛ لقوله: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾: ويعلم يوم يرجعون إليه.
* وفيه: إثبات المعاد والبعث؛ لقوله: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾.
* وفيه أيضًا: إثبات الحساب؛ لقوله: ﴿فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾، ثم هذا الإنباء هل هو مناقشة ولَّا مجرد إخبار؟
* طالب: إخبار.
* الشيخ: الجواب هنا ليس فيه مناقشة، مجرد إخبار؛ لأن النبي ﷺ قال: «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٥٣٦)، ومسلم (٢٨٧٦ / ٧٩) من حديث عائشة.]] أو قال: «هَلَكَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٩٣٩م٢)، ومسلم (٢٨٧٦ / ٨٠) من حديث عائشة.]]؛ لأنه لو نوقش يقول له مثلًا: عمل كذا وكذا من الأعمال الصالحة وثبت ذلك له، ثم قوبلت هذه الأعمال بنعمة من النعم؛ استوعبتها النعمة وخلصتها وبقي الإنسان مطلوبًا.
هذه معنى المناقشة، لكنها تُعرض الأعمال حتى يقر بها العبد ثم بعد ذلك يرتب الله الجزاء كما يريد وكما يشاء.
أما بالنسبة للكفار فإنهم لا يُحاسبون محاسبةَ مَن تُوزن حسناتُه وسيئاتُه؛ لأنه ما لهم حسنات، وإنما تُعرض عليهم الأعمال على وجه العار والخزي -والعياذ بالله- حتى يُقِرُّوا بها ويقولون: ﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ [الكهف ٤٩] ثم يكون بعد ذلك مآلهم النار.
* وفيه أيضًا: دليل على عموم علم الله؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. وفائدة ذكر عموم العلم أيش فائدته؟
* طالب: التحذير.
* الشيخ: التحذير من المخالفة؛ لأن من علم بك ممتثلًا أو مخالفًا فسوف يجازيك على ذلك، فإذا كان الأمر هكذا ففي كل آية فيها إثبات العلم تحذير من مخالفة الله عز وجل؛ لئلَّا يقع الإنسان فيما يُسخِط اللهَ سبحانه وتعالى عليه.
* وفيه فائدة لفظية: وهي التحَوُّل؛ تحويل الخطاب من الغيبة إلى الخطاب، أو من الخطاب إلى الغيبة، الذي يسميه أهل البديع؟
* طالب: الالتفات.
* الشيخ: يسميه أهل البديع يسمونه الالتفات، وهذا لا يخلو من فائدة وهي: تنبيه المخاطب، ومن فوائد مضافة إليها حسب ما يقتضيه السياق (...).
* * *
فوائد مستدركة:.. إلى أن الجماعة وإن كان ما اجتمعوا عليه باطلًا يؤثرون، تأثير الجماعة أو تأثير القوم عند اجتماعهم وإن كان ما ذهبوا إليه باطلًا.
* طالب: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ﴾ من المؤمنين؛ لقوله: ﴿مِنْكُمْ﴾ [النور ١١].
* الشيخ: لا، ما يتعين هذا؛ لأن فيهم مؤمنين وفيهم منافقين؛ لكن (...) الذين جاؤوا بالإفك أناس من المؤمنين؛ لقوله: ﴿مِنْكُمْ﴾ والأصل أن الإضافة الشقيقة.
* طالب: شيخ، ما فيه دلالة (...)؟
* الشيخ: لا، ما هي (...).
* الطالب: (...) حيث إن من الذين جاؤوا بالإفك منافقون.
* الشيخ: حيث إن من الذين جاؤوا بالإفك؟
* الطالب: منافقون.
* الشيخ: منافقين، ومع ذلك جعلهم الله مِنَّا، ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ [النور ١١]؛ لأن النبي ﷺ يعامل المنافقين بحسب ظاهر حالهم معاملة المسلمين؛ ولهذا ما فرَّق بينهم وبين نسائهم، ولا قتلهم، ولا أخذ منهم الجزية ولا شيء.
الفائدة اللي أشار إليها (...) يمكن تؤخذ أنهم لم يخرجوا من الإيمان بهذا الإفك، لكن ما دام قلنا: إنه يؤخذ منها: أن المنافقين من المؤمنين باعتبار الظاهر؛ يعني ما يصلح يؤخذ منها (...)، يعني إما أن يُؤْخذ (...) الإيمان ويترك (...) حقوق المنافقين، وإلَّا يؤخذ المنافقون وتترك أنهم لم يخرجوا من الإيمان ما دام قلنا: إن المنافق يصلح أن (...) المؤمنين باعتبار ظاهره، فإن (...).
* طالب: (...) ما خرجوا من الإيمان (...).
* الشيخ: إي، ما يمكن ما دام قلنا: إن الإضافة قد تكون بحسب الظاهر (...) فقط، فإما أن تأخذها على أنها بحسب الظاهر، وحينئذ نقول: ربما إن هؤلاء خرجوا من الإيمان لكن ظاهرهم أنهم مسلمون، فهو يأخذ حكم الظاهر؛ يعني ما يتعين أنهم لم يخرجوا من الإيمان، ما دام قلنا: إن الإضافة قد تكون بحسب الظاهر لم يتعين أنهم لم يخرجوا من الإيمان.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...).
* طالب: (...) أناس مؤمنون (...).
* الشيخ: لا، (...) لأنه يمكن كان (...) لكن اللي قاله عبد الله معنى (...).
* طالب: قال (...) أشاعوا الإفك قال: هو من عند أنفسهم (...).
* الشيخ: صحيح؟ أيش تكون الفائدة فيه؛ يعني عبارة عن شيء (...) من ضلالهم؛ لقوله: جاؤوا به؛ يعني ولم يقل: إن الذين -مثلًا- نقلوا أو بلَّغوا أو ما أشبه ذلك، يمكن هذا؟
* طالب: لا.
* الشيخ: ليش؟
* طالب: لو قلنا بهذا ما شمل الذين أشاعوه والذين نقلوه ولم يبتدِئُوه، ما شملهم هذا (...).
* الشيخ: ويش وجه الفائدة ﴿جَاءُوا بِالْإِفْكِ﴾ [النور ١١].
* الطالب: (...) ابتدؤُوه ابتداءً وما نقلوه.
* الشيخ: إي، ما يخالف (...) لكن أصله (...) له أصل ولَّا من عند أنفسهم؟
* طالب: لا، كان من عندهم (...).
* الشيخ: تؤخذ من قوله: جاؤوا به، فأصل الذين تكلموا به هم جاؤوا به من عند أنفسهم، ما بنوا على حقائق معلومة، بل قضية صفوان رضي الله عنه ما توجب أن يكون الأمر كما قالوا.
* طالب: طيب اللي (...) الآية يشمل الذين أشاعوه ولَّا ما يشمل؟
* الشيخ: لا، تشمل الذين أشاعوه والذين جاؤوا به (...) ﴿تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾ [النور ١٥] فهذا يتلقوه ممن جاؤوا به (...).
* طالب: (...)؟
* الشيخ: هذا..
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...) هذا الأمر، يعني بعض أهل العلم يقول: إن قذف أمهات المؤمنين كغيرهن؛ يعني يوجب الحد حد القذف، ولا يوجب الكفر إلا من قذف عائشة بما رُمِيَتْ به فإنه يكفر، ويش الخلاف؟
* طالب: مخالفته صريح القرآن.
* الشيخ: لأنه مكذِّب للقرآن، ولهذا بعض العلماء قال: ومن قذف عائشة بما برَّأَها الله به كفر، فقيَّدَ المسألة بعائشة وبما برَّأها الله به، وجعل البقية لهم حُكْم غيرهم لعموم قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور ٤]، لكن الصحيح أنه يكفر لا من أجل قذف المرأة ذاتها، ولكن من أجل حق النبي عليه الصلاة والسلام، على كل حال هذه الفائدة (...) ما هي صحيحة.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، قوله: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ﴾ [النور ١١] الفائدة اللي تستنبط ما هي؟
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) من الآية، الفائدة: أن الإنسان محاسب على ظنه الذي يجزم به؛ ولهذا (...) ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ﴾ وإلَّا كان ما ينهاهم؛ يعني يخليهم على ظنهم، توافقون على هذه الفائدة أو لا توافقون؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، الحقيقة ما ندري هل إنهم ظنوا من الشر، أو أن الله نهاهم عن أمر يتوقَّع أن (...) ﴿لَا تَحْسَبُوهُ﴾ يعني: هذا الذي حصل لا تظنوه يعني في المستقبل، نعم؟
* طالب: (...)؟
* الشيخ: فيه احتمال ما هي بصريحة أنهم حسبوه شرًّا ليست بصريحة، لكنها فيه احتمال أنهم حسبوه أو يُتوقع أن يحسبوه شرًّا لكم.
* لكن فيه فائدة ثانية غير هذه؛ وهو أن الخير قد يكون فيما يَتوقع الإنسانُ منه الشر، ومنه قوله تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة ٢١٦]؛ لأن قوله: ﴿أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا﴾ عام، كثير من الأشياء يكرهها الإنسان في (...) الدنيا يتبين له أن الخير فيها، على كل حال الفائدة من هذا اللي ما عليها اعتراض أنه قال: أيش؟ أيش قلنا أخيرًا؟
* طلبة: (...).
* الشيخ: أن الخير قد يكون للإنسان فيما يتوقع منه الشر، إي نعم.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: يعني ممكن نقول أيضًا: وفيه أنه ينهى الإنسان أن يأخذ بظواهر الأمور، وأنه يجب عليه أن يتأنى ويتأمل؛ لأن ظاهر الأمر أن لك هذا شر في الحقيقة هذا ظاهر الأمر، ويعني أنه ينهى أن الإنسان يأخذ بظواهر الأمور، بل ينبغي له أن يتأنى وينظر ويفكر، فقد يحسب الشيء شرًّا وهو خير له. أما تؤخذ؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: إذن تضاف إلى الفوائد. طيب يا جماعة احنا هالحين مناقشتنا هذه أفضل من درسنا؛ لأننا احنا نستخرج فوائد ربما إنها تصير كثيرة في جُمْلة قليلة من القرآن الكريم، وهذا هو العلم الحقيقة.
ولما سئل علي رضي الله عنه: هل عهد إليكم النبي ﷺ بشيء؟ قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عهد إلينا بشيء إلا فهمًا يؤتيه الله تعالى في كتابه، وإلا (...) العَقْل، وفكاك الأسير، وألا يُقْتَل مسلم بكافر[[أخرجه البخاري (٣٠٤٧).]]، ولا معاهدٌ في عهده[[أخرجه أبو داود (٤٥٣٠)، والنسائي (٤٧٣٤).]].
* طالب: (...).
* الشيخ: أيُّهم؟
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: يمكن هذا يعني، لكن (عدم) ما هي صريحة بأنها نهي الإنسان؛ لأن نهي الإنسان أن يحكم على الأمور بظواهرها، بل عليه أن يتأمل، فقد يحسب الشيء شرًّا وهو خير له؛ لأن كلمة (عدم) ما تعطي أنه توجيه (...) نهي أو إيجاب.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي، معلوم مثل (...) إي معلوم، المهم أن نهي الإنسان أن يحكم على الأمور بأيش؟
* طالب: بظواهرها.
* الشيخ: بظواهرها، وصار هذا (...) لأن الخير قد يكون فيما يتوقع منه الإنسان الشر، هذه مسألة مستقلة، لكن نهي الإنسان أن يتسرع في الحكم على الأمور بدون تأمل قد يحكم على الشيء بأنه شر وهو خير، وقد يحكم عليه بأنه خير وهو شر، إي نعم.
* طالب: (...).
* الشيخ: يمكن هذا، يعني إحسان الظن بالله فيما قضاه، أن يحسن الإنسان ظنه بربه لا سيما في المواقع التي هي محل لحسن الظن، كقضية عائشة رضي الله عنها، في هذه لا بأس.
* طالب: إن الظن لو كان غالبًا (...) لأن أغلب الظن قد يكون بخلاف الواقع كما في هذه الحالة.
* الشيخ: هذا إذا وافقنا على أنه ظنٌّ أنه شرٌّ، أما إذا كان متوقعًا فلا يجوز.
* طالب: غالب ظنه، الفائدة هذه غالب الظن، فاشترط أنه يكون غالب ظنه (...).
* الشيخ: إي هُمَّا يعني أكثر من الكلام الثاني.
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: من يوافق على هذا؟ لأنَّا قلنا (...) ولكن يتوقعه.
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني هو صحيح، هذا هو اللي يتبادر للإنسان، لكن قلنا: إن الله أرشد العباد لا تحسبوه شرًّا انتظروا، انظروا للعواقب.
* طالب: (...).
* الشيخ: ما شرحته، محمد شرح الخير الذي حصل، فما هو الخير؟ لأن الخير اللي حصل من فوائد الآية في الحقيقة: ﴿بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [النور ١١] ويش الخير اللي حصل؟
* طالب: (...).
* الشيخ: زين، غيرته، وكمان غيرة الله عز وجل على رسوله؛ لأن هذا أيضًا من الخير (...) الغيرة؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لما قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور ٤] قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: كيف يعني أجد إنسانًا على أهلي وأنتظر حتى آتي بأربعة شهداء، والله لأضربنَّه بالسيف غير مُصفحٍ -يعني مع حده- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَغْيَرُ مِنْ سَعْدٍ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٨٤٦)، ومسلم (١٤٩٩ / ١٧) من حديث المغيرة بن شعبة.]].
هذا من الخير ما تبين براءة عائشة وصفوان، نزاهة فراش النبي ﷺ، الأجر العظيم بما حصل من الأذى لعائشة رضي الله عنها، بل وللنبي عليه الصلاة والسلام، بل ولآل أبي بكر وللصحابة جميعًا من هؤلاء المنافقين الذين أُجِرَ الصحابة على أَذِيَّتِهِم.
كمال غيرة الله سبحانه وتعالى، وأنه جلَّ وعلا يدافع عن نبيه وعن فراش النبي ﷺ بهذه المدافعة البليغة.
* طالب: (...) من أحكام القذف ومضاره.
* الشيخ: أحكام أيش؟
* طالب: القذف ومضاره.
* الشيخ: إي، يعني من مجموع القصة تقصد، أو من الآية هذه (...) يمكن؛ لأن هذا بُنِيَ على عِظَمِ القذف لا سيما مثل أمهات المؤمنين.
* طالب: شيخ، بالنسبة لفائدة ظهور براءة صفوان (...).
* الشيخ: إي، طهارة صفوان.
* الطالب: هذه ما نأخذها من أن هذه بشرى خير أو أن ما حصل هو خير، وإنما تُؤخذ بعد ما حدثت هذه وجاءت براءة (...) ﷺ من الزنا، لكن من ابتداع الحادث من ابتداعه أساسًا (...).
* الشيخ: لكن هو السبب، يعني السبب هذا الذي تسبب في هذه الأمور؛ يعني لولا ما حصل من هؤلاء كان ويش يدرينا عن عظم قذف أمهات المؤمنين رضي الله عنهم، وعن كمال طهارة فراش النبي ﷺ، وعن براءة صفوان رضي الله عنه، لولا ما حدث من هذا الإفك ما تبين لنا ذلك.
* الطالب: الأصل (...).
* الشيخ: الأصل أننا نعرف على سبيل العموم طهارة فراش النبي عليه الصلاة والسلام ونعرف (...) لكن ليس كما حصل؛ لأن الآن يقينًا أن صفوان رضي الله عنه بريء، وكذلك يقينًا براءة عائشة وطهارتها من هذا الأمر؛ يعني بدل ما كان أنها كغيرها من الناس ممكن يحتمل، وكذلك طهارة فراش النبي عليه الصلاة والسلام، ما تبينت لنا كمالًا وشدة عناية الله بها إلا بعد هذا الإفك.
صحيح على سبيل العموم يتبين لنا هذا الشيء، لكن بهذا الوصف وبهذه الكيفية وبهذا العِظَمِ ما صار إلا بعد ما حصل الإفك ثم نزلت الآيات، هذا سبب.
* طالب: ما قيل: إشارة للقاعدة الشرعية؟
* الشيخ: وهي؟
* الطالب: وهي التخلية قبل التحلية.
* الشيخ: إلَّا كيف؟ فيها التخلية قبل التحلية، وهي؟
* الطالب: قوله: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [النور ١١].
* الشيخ: إي نعم صحيح، أنَّ الأَوْلَى تصفيةُ الشيء وتنقيتُه ثم (...) الصفات المحمودة، هي القاعدة المعروفة عند أهل العلم: (التخلية قبل التحلية)، نَظِّفِ المكان الأول ثم افْرِشْه. في (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: كمال العدل لله.
* طالب: (...).
* الشيخ: طيب منين نأخذه؟
* الطالب: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ﴾.
* الشيخ: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ﴾، كمال عدل الله أنه ما يُحَمِّل الإنسان أكثر مما يستحق، ويش بعد؟
* وفيه فائدة ثانية: أنه لا يُحَمِّل أحدًا وزر أحد؛ لأن الآية هذه فيها دليل على مسألتين: المسألة الأولى: أن الإنسان يُجازى بقدر ذنبه لا يُزاد عليه، والثاني: أنه لا يجازى بذنب غيره، صحيح، بعد.
* طالب: بعد ذلك قال: (...) الله جعل فائدة الإفك (...).
* الشيخ: صحيح ﴿مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ﴾.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ويش بعد، صحيح هذا؟ توافقون على ذلك ولَّا لا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي لكن أصابهم أذية من بعد؛ يعني أذية مباشرة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: على كل حال الحكم هذا أنَّ مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد، هذا ما فيه شيء، ما فيه إشكال، هذا إنه حاصل، لكن هل يستفاد من هذه الآية؟ ويش تقولون؟
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) يعني يمكن، تمشي.
* طالب: رحمة الله تعالى حيث جعل (...).
* الشيخ: فاهمين هذه الفائدة ولَّا لا؟ ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، فهذا جَعَلُّه عذاب وذاك جَعَلُّه الإثم، والإنسان إذا أَثِم قد لا يُعذب، لكن في الحقيقة أن المؤمنين عُذِّبوا في الدنيا؛ لأنه أُقيم عليهم الحد، أما المنافقون فعذابهم في الآخرة ما أقيم عليهم الحد كما مر علينا في أثناء الدرس.
* طالب: يشترك (...).
* الشيخ: إي نعم، يشترك فيها هؤلاء وهؤلاء، لكن الذي تولى كِبْرَه ثبت له العذاب.
* الطالب: لوحده؟
* الشيخ: إي نعم لوحده.
* طالب: طيب لو كان فيه شيء.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: لو أن النبي ﷺ ما أخذ ببواطنهم، يعمل بظواهرهم بمعنى أنه يعامل (...) فلماذ لم يجلدهم؟
* الشيخ: إيه أحسنت، هذه المسألة اختلف -كما أشرنا إليها في أثناء الدرس- اختلف فيها العلماء في تعليلها، من جملة ما عُلِّل قالوا: إن هذا الرجل كان الرسول يعلم بنفاقه ولم يَحُدَّه؛ لأنه الحد مَطْهَرة، ولا يمكن أن يَطْهُرَ به عبد الله بن أُبَيٍّ.
وبعضهم قال: إن عبد الله بن أُبَيٍّ خبيث وخدَّاع ما كان يُصَرِّح بقذف، إنما يجمع الحديث ويقول: يقولون كذا، ويش تقولون بامرأة خلا بها رجل وجاء بها يقودها؟ وما أشبه ذلك؛ يعني فهو لم يصرح، ومن شروط إقامة حد القذف أن يصرح القاذف بالزنا، ولعل هذا أقرب؛ لأنه مو بعيد إن هذا اللي ينافق الحديث أنه ما يصرح.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، هذا ما (...).
* * *
* طالب: هذا الحديث (...).
* الشيخ: اختلاف العقوبة باختلاف الذنب، وهذا واضح.
* ويستفاد منها: كمال العدل لله سبحانه وتعالى.
* فيها أيضًا فائدة هنا: وهي أن زعماء الشر يُعذبون أكثر من مقلديهم؛ ولهذا قال: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، استعظمه الله عز وجل جعله عظيمًا وهو كذلك؛ لأنه والعياذ بالله (...) الشر كل مَن عمل بشره فعليهم مثل وزره، كما أن (...) الخير كل من عمل بخيره فلهم مثل أجره؛ ولهذا قال: ﴿الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: منين؟
* الطالب: لأنه لو لم يكن هذا الأمر (...).
* الشيخ: هذا إذا ثبت أنه (...).
* الطالب: (...) أن الواحد يعني (...).
* الشيخ: هذا ما يستفاد من القصة؛ يعني لا يستفاد من الآيات، يستفاد من القصة ككل (...) ما يؤخذ من الآيات وما (...) لكن قد تبين لي إن (...) الفوائد ويحتاج إلى استيعاب الرويات ومكلف شوية (...) الفوائد (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، ما شاء الله (...).
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...) ربنا قال: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ [النور ٤] قال العلماء: الرمي قذفها بالزنا (...).
* طالب: قوله تعالى: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾ [النور ١٢] يبين رحمة الله تعالى بعباده حيث يقوم بنصحهم بخطاب العتاب في قوله ﴿لَوْلَا﴾.
* الشيخ: توافقون على هذا؟ أن توجيه الخطاب بأسلوب العتاب والحض هذا من الرحمة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، إذا كان في محله فهو من الرحمة، يعني إذا كان تُوَجِّه إلى شخص الخطاب باللوم والحض في محله لا بأس هذا رحمة، لكن إذا كان في غير المحل ليس برحمة، فالمقام هنا يقتضي ذلك.
* طالب: (...).
* الشيخ: صحيح، هذا واضح؟ لأن الله عاتب المؤمنين بكونهم لا يظنون الخير فيما سمعوا بأنفسهم.
* طالب: أمرنا أن نحسن الظن (...) بالمؤمنين وأن ندافع عنهم (...).
* الشيخ: صحيح.
* طالب: أنه لا يحسن للإنسان أن ينكر بقلبه، بل لا بد أن يتجاوز (...) لقوله تعالى: ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ﴾ ثم قوله: ﴿وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾.
* الشيخ: إي نعم؛ يعني أن إنكار القول ما يكفي أن ينكره الإنسان بقلبه ويسكت؛ يعني لا بد أن يدافع بوسع ما حصل، يعني يقابل الشيء بمثله، فالقول هذا الذي أُشِيع يجب أن يُقابل بقول يُكَذِّبه، ما يكفي أن يقول: ما أنا بمصدق بهذا الشيء، بل يجب أن يقول الإنسان: هذا كذب، ﴿وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ﴾؛ لأن الله قال: ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ﴿وَقَالُوا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾، فلا بد أولًا بالقلب الإنسان ينفي عن نفسه هذا الظن، ثم يدافع هذا القول بمثله: ﴿وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ﴾، يعني حين سمعتموه قلتم؛ لأن المبادرة في الإنكار بالقلب واللسان.
* طالب: (...) لقوله: ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾.
* الشيخ: مفهوم هذه؟ أن الإيمان خير وسبب للعدالة أو موجب للعدالة؛ حيث نهى الله أن يُظَنَّ بالمؤمن إلا الخير.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، الأخ يقول: (...) عدالة، لكن بالإنسان من حيث هو الظلم والجهل، لكن المؤمن الأصل فيه العدالة؛ يعني أن من فوائد الإيمان أن صاحبه محل للثقة وظنُّ الخير.
* طالب: (...) النبي ﷺ وعائشة أولى (...).
* الشيخ: هذا صحيح، كمِّل.
* طالب: أن على المؤمن أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؛ لأنه يصدق عليه قوله تعالى: ﴿بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
* الشيخ: إيه. شو عندك؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إذن من الفوائد التي قالها (...) تتعدل على هذه، ويش يقول؟ أن المؤمنين كالنفس الواحدة، بعضهم لبعض كالنفس الواحدة، وهذه الفائدة من آخر الفوائد التي ذكرها الأخ عبد الله؛ لأنَّا ذكرنا أنهم كالنفس الواحدة، صار معنى قوله: ﴿بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ من المراد ﴿بِأَنْفُسِهِمْ﴾؟ المقذوفين ﴿بِأَنْفُسِهِمْ﴾. فجعل المقذوفين هم أنفس هؤلاء المتكلمين، هكذا؟
* فيستفاد منها: أن المؤمنين شيء واحد ونفس واحدة، لكن فيه قول ثان في المسألة: أن المراد ظنوا بأنفسهم خيرًا أنهم كما يظنون بأنفسهم هم خيرًا، وهم يعرفون نفوسهم وطهارتهم ونزاهتهم، فيجب كذلك أن يظنوا بعائشة، وهي فراش النبي عليه الصلاة والسلام، وبالنبي ﷺ (...) الذي لا يمكن أن يُدَنَّس فراشه بمثل هذه التهمة ﴿خَيْرًا﴾ من باب أولى.
يعني فالمسألة بعض المفسرين نحا إلى ما نحا إليها عبد الله؛ بمعنى ظنوا بأنفسهم أي بأنفسهم هم؛ يعني: فإذا كانوا يظنون بأنفسهم خيرًا يجب أن يظنوا بعائشة وبالنبي ﷺ خيرًا من باب أولى.
وبعضهم يقول: لا، ﴿بِأَنْفُسِهِمْ﴾ أي بعائشة والنبي ﷺ وصفوان؛ لأنهم مؤمنون، والمؤمن مع المؤمن كنفس واحدة، ويستدلون على ذلك بقول النبي ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٠١١)، ومسلم (٢٥٨٦ / ٦٦) من حديث النعمان بن بشير.]].
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، (...).
* طالب: (...) لا ينافي الإيمان.
* الشيخ: أن ظن السوء بمن يستحقه لا ينافي الإيمان، منين نأخذه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: من قوله: ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ﴾ فالمؤمن ليس محلًّا لسوء الظن كغيره من الفُسَّاق.
* طالب: إذا كان محلَّا؟
* الشيخ: إذا كان محلًّا فلا بأس، فإذا دلَّت القرائن مثلًا على أن هذا الرجل محلٌّ لسوء الظن فلا بأس أن أظن به، بل إن الإنسان ربما يُجبر -يعني طبيعةً- يُجبر الإنسان ويتهم الشخص الذي دلت القرائن على اتهامه ويظن به السوء.
* طالب: وفيه أيضًا: (...).
* الشيخ: إي نعم، صحيح، فيها: وجوب إنزال الناس منازلهم؛ لقوله: ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾، فالمؤمن يُظَنُّ به الخير، والفاسق الذي محل للتهمة يُظَنُّ به ما يليق به، ففيه أيضًا: إنزال الناس منازلهم.
* طالب: وأيضًا: حُرْمة المؤمن (...).
* الشيخ: حرمة المؤمنين؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: وجوب احترام أعراض المؤمنين يعني؟
* الطالب: إي.
* الشيخ: هي ما ذكرت في الفوائد السابقة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: * على كل حال هذه تستفاد ما فيها شك: وجوب احترام أعراض المؤمنين، وألَّا تُعَرَّض لما يُسيء إليها؛ لأنه في الحقيقة هذا كلام (...) لا سيما إذا كان المقذوف (...) له مكانة في المجتمع الإسلامي، فإن قذفه ليس عيبًا عليه شخصيًّا، عيبًا على مَن؟
* طلبة: المؤمنين.
* الشيخ: الإسلام كله، فمثلًا لو أردنا صرنا نتكلم بعلماء المسلمين، هذا بالحقيقة ما هو عيب للإسلام شخصيًّا، عيبٌ للإسلام كله؛ لأننا إذا عبنا واجهة الإسلام وهم علماؤُه مثلًا معناه عبنا الإسلام كله، فهذا صحيح: وجوب احترام أعراض المؤمنين وما (...) في مجتمع الإسلام عامة. اللي عنده باقي شيء من فوائد الآيات هذه يبينه.
* طالب: (...).
* الشيخ: هذه يمكن تؤخذ من الفائدة التي سبقت؛ أن المؤمن للمؤمن شيء واحد؟
* طالب: فيه فائدة (...) بارك الله فيك.
* الشيخ: وهي؟
* الطالب: كشف أسرار المنافقين المشتملة على هذه القصة كلها.
* الشيخ: ممكن هذا، صحيح، بيان كيد المنافقين للإسلام وأهله واستغلالهم الفرص التي (...) منها إلى القدح في الإسلام والمسلمين، هذا صحيح؛ ولهذا تجدون أن الله سبحانه وتعالى قال في سورة المنافقين قال: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾ [المنافقون ٤] ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾ حسب ما قررنا أمس (...) ويش يتضمن؟
* طالب: الحصر.
* الشيخ: يتضمن الحصر؛ لأن المبتدأ والخبر جملة اسمية طرفاها؟
* طالب: معرفتان.
* الشيخ: وإذا كانت الجملة الاسمية طرفاها معرفتان دلت على الحصر، ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾ يعني كأنه ما من أحد أبلغ منه في العداوة، فكأنه لا عدو سواهم، فهذا صحيح لا شك أن عداوة المنافقين أفظع من عداوة الكافرين؛ لأن الكافر يقولَّك: أنا عدوك. تتحرَّز منه تستطيع أن تتخلص منه، تحاربه وتقاتله حتى (...)، لكن هذا المنافق يمكن التخلص منه؟ ها؟
* طالب: لا.
* الشيخ: ما يمكن التخلص منه؛ لأنه بلاء مباشر، الواحد إذا جعل المرضُ في بطنه (...) ما يمكن يشوف بطنه ويطلع بطنه؛ ولهذه الحكمة: صارت عقوبة اللواط الإعدام بكل حال، محصن كان الفاعل والمفعول به أو غير محصن؛ السبب لأنه ما يمكن التحرز منه.
وصار كذلك عقوبة المغتال اللي يقتل قتْل غيلة صارت عقوبته الإعدام بكل حال، حتى لو قال أولياء المقتول: دَعُوه، سامحناه. ما يرتفع القتل إذا كان غيلة؛ لأنه جاء على غِرَّة وقتَلَهُ، حتى لو قال أولياء المقتول: والله عايزين سلام مسامحين، ما نبغي دية ولا قصاصًا، أو قالوا: نبغي الدية لا القصاص. فإنه يجب قتْلُه؛ السبب لأن ذلك لا يمكن التحرز منه.
اللواط ما يمكن التحرز منه؛ لأنه ذكر مع ذكر يمشي ويَّاه ويش تقول: لا تمشي معه؟ ما تقدر، التحرز منه لَمَّا كان صعبًا كان عقوبته قطع هذه الجرثومة من الأرض.
وكذلك المغتال لَمَّا كان التحرز منه صعبًا يجي على غرة (...) بخلاف إنه يتشابك مع واحد (...) من الآخر ويقتله، هذا لا بأس منه، «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١١٢)، ومسلم (١٣٥٥ / ٤٤٧) من حديث أبي هريرة.]].
فعلى كل حال أنا قصدي في هذه المسألة إنه يُفرَّق بين الأمور اللي يمكن التحرز منها والتي لا يمكن التحرز منها، ولكلٍّ حكمُهُ.
* طالب: كيف السرقة والسطو (...)؟
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: لأن اللي يسطو السرقة يمكن التحرز منه (...) ومع ذلك فعقوبتهم أشد (...).
* الشيخ: السطو يمكن للمسطو عليه أن يدافع أو يهرب أو ما أشبه ذلك، لكن الإنسان المسروق منه آمِن غير خائف؛ لأنه أخذ بالأسباب التي تُحرز ماله، فهو آمن ويجي هذا الرجل بصفة خفية ويسرق.
* طالب: (...) في محله (...).
* الشيخ: إي نعم (...).
* الطالب: ما السبب؟
* الشيخ: السبب لأنه يتخلص منه، ممكن يصيح بالناس، ممكن يهرب، ممكن يدعو الشُّرَط، ثم إن هذا أقل من السرقة؛ لأن السطو يكون علنيًّا غالبًا أقل (...).
* طالب: (...) أموال كثيرة؛ يعني السطو الإنسان لا يسطو على مائة ألف (...) هذا تُقطع يده، وهذا..
* الشيخ: إي نعم؛ لأن هذا مثل ما قلنا، الساطي يمكن التحرز منه، وذاك لا يمكن التحرز منه.
* الطالب: وعلى العكس.
* الشيخ: لا، هو هذا.
* طالب: الساطي ممكن يهرب (...) يعني لو هرب يهرب، لكن السارق (...).
* الشيخ: هذا يمكن التخلص منه (...) (...).
* * *
* طالب: أنه لابد لكل جواب دليل (...).
* الشيخ: هل من دليل يكون ولَّا من بينة؟
* طالب: من بينة.
* الشيخ: من بينة، إي نعم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٥١٤)، ومسلم (١٧١١ / ١) من حديث عبد الله بن عباس.]] البينة.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) الأعراب يعني؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، بس هذه لو كان هناك وجوب حد على القاذف أو لا؟
* طالب: تجب.
* الشيخ: هذه ما ذكرت في الآية.
* طالب: (...) ﴿بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ [النور ١٣] (...) قوله: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ (...) يقبل هذه الدعوى.
* الشيخ: هذه الدعوى ما تُقْبل إلا بأربعة شهود.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، حتى لا تكون عُرضة..
الطالب: (...).
* الشيخ: هل من دليل مبين ولَّا مِنْ بَيِّنَة؟
* الطالب: من بَيِّنَة.
* الشيخ: من بَيِّنَة؛ إي نعم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «البَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي»[[أخرجه الترمذي في الجامع (١٣٤١) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.]] ، البَيِّنَةُ.
* الطالب: (...) الله سبحانه وتعالى.. الأعراض (...) فشدد أمر الشهادة فيها (...).
* الشيخ: ويش فيها؟ الأعراض يعني؟
* الطالب: الأعراض (...).
* الشيخ: إي، بس هذه لو كان هناك وجوب حدّ على القاذف، أو لا؟ الحدّ ما (...) بالآيات، (...).
* الطالب: يقول: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ [النور ١٣]، يقول: ما يُقبل هذا في الدعوى؟
* الشيخ: هذه الدعوى ما تُقبل إلا بأربعة شهود.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، لكن حتى لا تكون عُرْضة لكل قاذف، نقول: هكذا، أو حماية الله الأعراض بكونه جعل الشهادة فيها، أو جعل طريق ثبوتها أربعة شهود، نعم، لو أوجب الحد على القاذف قلنا: حتى لا تكون عُرْضة لكل قاذف؛ يعني لو كان وجوب الحد على القاذف من هذه الآيات (...) ما فيه شك.
طيب، إذن حماية الله للأعراض حيث جعل البَيِّنَة على الزنا أربعة رجال.
* الطالب: أن القاذف لا بد أن يأتي بأربعة شهداء وإلَّا حُكِم بالجلد.
* الشيخ: زين، صح؛ لقوله: ﴿فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور ١٣].
* الطالب: أن العُصْبة إن لم يأتوا بأربعة شهداء حق عليهم الحدّ؛ لقوله: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ﴾؛ لأنهم كاذبون بدعواهم.
* الشيخ: طيب، (...) ثبت عليهم الحدّ؟
* الطالب: حق عليهم الحدّ.
* الشيخ: ما نقول: حق عليهم الحد؛ لأن ما في الآية أنهم حُقُّوا.
* الطالب: (...)؛ لقوله: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ﴾؛ لأنهم كاذبون بدعواهم .
* الشيخ: زين، طيب، نعم.
* الطالب: أن على القاضي أن يطبق الأحكام الشرعية على المتخاصمين ويحكم بمقتضاها، وليس عليه أن يتتبع الواقع وينقّب عنه؛ لقوله: ﴿فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ﴾.
* الشيخ: الفائدة هي أن القاضي يحكم بالظاهر، ولا له يقبض مثلًا إذا جاءت البينة العادلة ما يقول: ربما إنه متوهم، وأروح أدور، لأنه يتعب نفسه، ويوجب أيضًا أن الناس يتهمون أنفسهم، ولا أحد يشهد، لكن هل تُؤخذ من قوله: ﴿فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ﴾؟ من هذه الكلمة؟
* الطالب: نعم، تُؤخذ؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر أربعة شهداء، فيعتبر النية، أنا كنت صادقًا.
* الشيخ: إذن نقول: ﴿لَوْلَا جَاءُوا﴾ هذا الدليل، تُؤخذ من قوله: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾، فإن ظاهره أنه لو أتوا وإن كانوا مثلًا قد يتوهمون وقد يخطئون حُكِمَ بشهادتهم، فتؤخذ بالحقيقة الحكم بالظاهر، وأن القاضي ليس عليه أن يتتبع من قوله: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾؛ لأن الإتيان بها مُلْزِم للقاضي أن يحكم بذلك بمقتضى الشهادة، طيب يعني الخلاف الآن من أين تؤخذ؟
* الطالب: (...) عند الله (...).
* الشيخ: لأن معنى: ﴿فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أن الله قد حكم فيهم بالكذب، وإن كان الواقع قد يكون صدقًا، في غير قضية عائشة، يعني إذا أحد قذف ربما يكون صادقًا، لكن هو عند الله إذا لم يأتِ بأربعة شهداء فهو عند الله كاذب، فإن أتى بهم فهو عند الله صادق، وإن كان الشهداء قد يتوهمون.
* الطالب: قد يكون صادقًا في نفسه (...).
* الشيخ: إي نعم؛ ولذلك ﴿فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ ما قال: فأولئك هم الكاذبون، قال: عند الله؛ يعني في حكمه وشرعه.
* الطالب: هو صادق في عِلْم الله.
* الشيخ: هو صادق، لكنه عند الله كاذب في شرعه.
* الطالب: عند الله في علمه؟
* الشيخ: في شرعه، لا، في علم الله، لا يمكن عِلْم الله أن يخالف الواقع.
* الطالب: شهادة الزنا (...) من قوله: ﴿بِأَرْبَعَةِ﴾.
* الشيخ: نعم، زين، ممكن نأخذ من مفهومه أن النساء لا يُقْبَلنَ في الشهادة بالزنا، وقاس على ذلك أهل العلم جميع الحدود، ما تُقبل فيها النساء، لا بد من شهادة الرجال فيها، أما النساء فلا يُقْبَلنَ.
إذن يا جماعة فيه إشكال ويش الفرق بين الشاهد والقاذف؟ يعني إذا صار الشهداء يبغي واحد يشهد يصير قاذفًا؟
* الطالب: طالما يشهد (...).
* الشيخ: لا، الشاهد لا بد يقول: أشهد بأنه زنا بها، وأني رأيت ذكره في فرجها، ما يكفي يقول: زنا بها .
* الطالب: شيخ، هذا واقع.
* الشيخ: هو القاذف.
* الطالب: (...) القاذف (...).
* الشيخ: حتى القاذف ربما يكون يدَّعي هذا.
* الطالب: (...) لما عَلِم (...).
* الشيخ: هي في الحقيقة انقدحت في ذهني أخيرًا، وما راجعت عليها شيئًا، لكن يتبين لي أن الفرق بين القاذِف والشاهد؛ القاذِف ينشر الزنا على سبيل العيب والقدح، والشاهد يشهد به عند القاضي، ولهذا الفقهاء قالوا: لا فرق بين أن يأتوا هؤلاء الشهداء الأربعة إلى الحاكم جملة أو متفرقين، واللي قالوا: إنه إذا جاؤوا متفرقين صاروا قَذَفَة ملاحظين أن القاذف لا فرق بينه وبين الشاهد؛ لأنك إذا جاء واحد في الصبح عند القاضي وشَهِد، وإجا واحد في الضحى، والثاني فيما بعد ذلك، والثالث بعد الظهر، الرابع، فلا فرق؛ يعني يصح أن نحكم بشهادتهم ويثبت الحد، لكن الظاهر أن الفرق بينهما: القاذف يصف المقذوف بالزنا على سبيل العيب والقدح؛ ولذلك ما يروح للقاضي يقول: إن فلانًا زنا أو شيء من هذا، لكن الشاهد يشهد به عند القاضي، ولا يتكلم به عند الناس ويهتك عِرضه، يشهد به عند القاضي لإثبات الحد عليه، لا لعيبه وقدحه، هذا ما ظهر لي الآن، والمسألة تحتاج إلى تحقيق ونظر في كلام أهل العلم في هذا الموضوع، لكن هذا ما يتبين لي الآن.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، لا بد من هذا؛ لأن القاذف مو بشاهد، القاذف يريد السب والقدح ونشر عيبه بين الناس.
* الطالب: لو كان الشهود لم يتحققوا، لو كانوا ثلاثة أو أقل ألا يكونوا قَذَفَة؟
* الشيخ: لا، يثبت لهم حكم القذف؛ لأنه ما تمت البَيِّنَة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: حتى لو كانوا ما أرادوا ذلك، لو فُرِض أنهم ما أرادوا ذلك يثبت لهم حكم القذف، وإن كنا لا نقول إنهم قَذَفَة بالمعنى الصحيح، لكن حكم القذف؛ لأنهم ما أتوا بالبينة بالنصاب، ما أتوا بالنصاب، واعلموا أنه ما ثبت في الإسلام زنا بطريق الشهادة أبدًا، ما ثبت بطريق الشهادة، الحمد لله، وإنما الذي ثبت في الإسلام بطريق الإقرار؛ لأن الشهادة صعبة، الآن لو نقول: رأيت الرجل على المرأة فَخِذه على فَخِذها وبطنه على بطنها، ويهز عليها ويش يصير هذا؟ شهادة؟ لا، حتى يقول: إنه رأى ذكره في فرجها، وهذا صعب جدًّا.
* الطالب: اليهود (...).
* الشيخ: ثابت عندهم إي.
* الطالب: نأخذها من الشهادة؟
* الشيخ: لا، ما هو بالظاهر، ليس هو الظاهر؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما ذهب ليستفتي في الحكم؛ لأنه ثابت عنده، إلَّا أنه أعطاهم الحكم، ثابت عندهم بطرقهم هم؛ لكن هم كان عندهم الحكم أنه تُسَوَّد وجوههم، وأنه إنشادهم في الأسواق على حمار، فظنوا أن الرسول ﷺ عنده حكم أهون من هذا، وهم عارفين أنه مخالف للشريعة -شريعتهم- وأن هذا أسهل، في الشرع ما تعرض لذلك لإثباته؛ لأنه ثابت عنده.
* الطالب: الآية (...) ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ﴾ (...).
* الشيخ: يعني؟
* الطالب: يعني قبل أن نقدم على (...) نقيس الأمر معنويًّا، هل يمكن أن يحدث هذا، ثم بعد ذلك نطلب البينة؟
* الشيخ: لا، هذه مشكلة في غير من برَّأه الله، غير أن أمهات المؤمنين ما ذكروه؛ لأن لو مثلًا قُذِف إنسان معروف بالعدالة والصلاح والاستقامة يمكن ما نقول: إن هذا صحيح، فهل نقول: إنَّا ما نقبل هذا؟ مشكل؛ يعني يكون من الصحيح أن في هذا دليلًا على أن القرائن لها، ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ [النور ١٢]، هذا يدل على أن القرائن لها تأثير في الأحكام، وأن الإنسان يجب عليه أن يبني ظنه على قرائن، يكون الشخص أهلًا لذلك أو ليس بأهل، وأظن هذه مكتوبة في فوائد الآية الأولى، أو لا؟ أن الإنسان لا بأس أن يبني ظنه على القرائن، ويحكم بالظن بحسب القرائن، مكتوبة هذه أظن، مكتوبة.
* * *
* الطالب: قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور ١٤].
* الشيخ: طيب ما نأخذ من الآية: ﴿فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور ١٣] عِظَم الزنا أو حماية الله سبحانه وتعالى لأعراض المؤمنين؛ لأنه قال: ﴿هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ كأن ما أحد يكذب غيرهم، حَصر الكذب فيهم، وإن كان الحصر هنا إضافيًّا؛ لأن فيه من يكذب غيرهم، لكن كونه جعلهم هم الكاذبين يدل على عِظَم هذا الأمر، وأنه لا أحد أكذب ممن رمى مُحْصَنًا بالزنا، فيستفاد من ذلك عِظَم هذه الفِرْية؛ عِظَم فِرْية القذف بالزنا، وإن كانت واقعة؛ لقوله: ﴿هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ حيث حَصَر الكذب فيهم، فكأنه لا أحد يكذب سوى هؤلاء وهؤلاء، والحَصْر إضافي؛ لأنه فيه كذب كثير غيره.
* الطالب: قال: إثبات صفات الله تعالى الواردة في هذه الآية: فضل الله ورحمته، أن الله تعالى.
* الشيخ: وتوبته ورحمته، ويش الآية بعد ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾؟
* الطالب: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور ١٤]. فيه إثبات صفات الله تعالى الواردة في هذه الآية فضل الله ورحمته.
* الشيخ: صحيح.
* الطالب: أن الله تعالى قد يجعل من الموانع ما يمنع حصول الشيء ولو من أحد الأسباب، أن ذنوب..
* الشيخ: لأن أسباب المس- مس العذاب العظيم- موجودة، والموانع، ويش المانع لهذا؟ فضل الله ورحمته، ففي هذا دليل على أن الأسباب قد يحصل لها من الموانع ما يمنع تأثيرها.
* الطالب: أن ذنوب المؤمنين تحت مشيئة الله تعالى إن لم يتوبوا منها؛ حيث عَلَّق الله تعالى في هذه الآية صرف العذاب عنهم على فضله ورحمته بهم.
أن المؤمنين كما تشملهم رحمة الله تعالى في الدنيا، فكذلك في الآخرة؛ لقوله: ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ بخلاف الكافر.
أن هذا الإثم كان شائعًا بين الناس، (...) فيه؛ وذلك بسبب ترويج الكلام فيه .
انتهت فوائد الآية.
* الشيخ: يصير فيها أيضًا -في الآية- بيان مِنَّة الله سبحانه وتعالى على المؤمنين، وبيان المِنَّة غير إثبات الفضل والرحمة؛ لأن إثبات الفضل والرحمة هو أَننا أثبتناهما صفتين من صفات الله، لكن مِنَّة الله بذلك على العباد هذا شيء آخر، فيستفاد منه عِظَم مِنَّة الله سبحانه وتعالى على العباد حيث يتفضل عليهم ويرحمهم بدفع العذاب المستحقين له.
ما نقول في هذه الآية إثبات الأسباب؛ إثبات الأسباب الشرعية، أو لا؟
إثبات الأسباب الشرعية أن الشيء قد يكون سببًا للعقوبة خلافًا لمن أنكر أن السبب مؤثِّر بنفسه، فقد مر علينا أن بعض الأشاعرة ينكرون أن يكون السبب مؤثرًا بنفسه؛ حتى إنهم قالوا: إن إحراق النار لِما تحرق ليس بالنار، وإنما يحصل الإحراق عنده لا به؟ هل أنتم موافقون على هذا؟ قول الأشاعرة؟
أقول: في هذه الآية إثبات أن الأسباب مؤثرة بنفسها، إثبات أن الأسباب مؤثرة بنفسها، خلافًا لمن قال: إنه لا تأثير لها، وإنما التأثير عندها، لا بها.
* الطالب: إثبات الأسباب الشرعية.
* الشيخ: إثبات أيش؟
* الطالب: الأسباب الشرعية؟
* الشيخ: لا، هي نفس الشيء، بل (...).
* الطالب: نفترض إشاعة مثل هذه الأحاديث (...)؟
* الشيخ: سبب يعني؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: يمكن؛ لأن الله جعلها سببًا لولا الفضل والرحمة، إي نعم؛ أن إشاعة هتك الأعراض -أعراض المؤمنين- سبب للعقوبة، وإن شئنا قلنا أيضًا: إن شيوع المعصية بين الناس سبب للعقوبة العامة؛ لقوله: ﴿لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور ١٤] إشاعة المعاصي بين الناس سبب للعقوبة العامة، أيضًا فيه إثبات أن الجزاء من جنس العمل؛ لقوله: ﴿فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ﴾؛ لأن (في) للسببية هنا، للسببية.
* الطالب: (...) وأنه لا بد أن يحفظ لسانه؛ لقوله: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾ [النور ١٥].
* الشيخ: ما يمكن نأخذ من قوله: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ تفاضل العقوبة؟ لأن بعض العقوبات أعظم من بعض، حسب عِظَم الفعل، تفاضل العقوبات في العقوبة حسب تفاضل الأعمال.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لأن لها زيادة، ولهذا إذا قلت: هذا العذاب أشد من هذا، نقول: أشد اسم تفضيل.
* الطالب: تفاضل أو تفاوت في العذاب؟
* الشيخ: أو تفاوت، كله واحد.
* الطالب: التفاضل أفضل من التفاوت (...).
* الشيخ: لا، (أفضل) صيغة تفضيل، اسم تفضيل، أشد، وإذا أحببت أن تقول: (تفاوت) لإزالة الوهم فطيب.
* الطالب: قال تعالى: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور ١٥].
* الشيخ: الله أكبر.
* الطالب: (...) وأنه لا بد أن يحفظ لسانه، إن نظرة الإنسان قاصرة؛ لذلك لا بد أن (...) الأمور بالأدلة الشرعية (...) تعالى (...) شيء؛ لقوله: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾.
* الشيخ: هذه تُعَدَّل، ما مكتوب عليها تُعَدَّل؟ ولا استفهام ولا شيء؟ هذه فيها نظر، شوفوا يا جماعة الفائدة نشوف مطابقة الآية. اقرأ.
* الطالب: إن نظرة الإنسان قاصرة.
الشيخ: هذا صحيح، لكن نشوف البقية.
* الطالب: لذلك لا بد أن (...) الأمور بالأدلة الشرعية (...) تعالى (...) شيء؛ لقوله: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾.
* الشيخ: هذه صحيح، أن نظرة الإنسان قاصرة من قوله: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ حيث ظن الشيء العظيم هينًا، فهذا لا شك من قصور النظر، والجملة اللي بين الطرفين هذه ما لها داعٍ.
* الطالب: غيرة الله تعالى على عباده المؤمنين؛ لقوله: ﴿عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾.
* الشيخ: طيب، صح.
* الطالب: أن الإنسان لا يعذر بجهله (...) على حكم القول؛ لقوله: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا﴾. نحسبه هينًا (...).
* الشيخ: (...) على حقوق الخلق، ولو ظن أن الأمر سهل.
* الطالب: (...).
* الشيخ: طيب؛ يعني أنه يدل على أن قلوبهم ما استقرت بهذا القول، ولا اطمأنت به، وإنما هو أقوال بالألسن.
* طالب: (...) تحريم القول بلا علم، والتحذير من محقرات الذنوب والتي هي عند الله عظيمة.
* الشيخ: تحريم القول على الله بلا علم.
* الطالب: تحريم القول بلا علم.
* الشيخ: طيب هذه واحدة.
* الطالب: التحذير من مُحقِّرات الذنوب.
* الشيخ: لقوله: ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ طيب، التحذير من؟
* الطالب: من مُحقِّرات الذنوب.
* الشيخ: طيب.
* الطالب: التي هي عند الله عظيمة..
الشيخ: نعم؛ لقوله: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا﴾، ولهذا قال أنس رضي الله عنه: «إنكم لتعملون أعمالًا هي في أعينكم أدق من الشعر، نَعُدُّهَا في عهد النبي ﷺ من الموبقات»[[أخرجه البخاري (٦٤٩٢).]] .
* طالب: عِظَم شأن النبي ﷺ..
* الشيخ: إي نعم، صح.
* الطالب: (...).
* الشيخ: عِظَم شأن النبي ﷺ؛ حيث كان ما تكلم به الناس في شأن عائشة عند الله عظيم.
* الطالب: (...) في هذه الآية (...) أهل العلم (...).
* الشيخ: لا، ما نفهم من أهل العلم يدل على تحريم القول بلا عِلم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا بد للإنسان من علم، إما عالم وإما جاهل؛ يعني قصدك أن تقول: أن الإنسان قد يكون عالِمًا بما يقول؟
* الطالب: وأنه يعلم، لكنه علم (...).
* الشيخ: (...) مثلًا في هذه الحال قد يدل على العلم في حال أخرى (...).
* الطالب: هل يستحق الرد أن الإنسان مُحاسَب على ما يقول وإن كان غير..؟
* الشيخ: إي، يمكن إذا كان في ذلك ضرر للغير، الإنسان يُحاسب على ما يقوله في غيره -مما يكره في غيره- وإن كان هو لا يعتقده، بل هذا يصير أشد وأشد؛ لأنه يجمع بين أن يقول شيئًا يعتقد أنه كذب، وأيضًا يسيء إلى غيره، طيب فيه شيء (...)؟
* الطالب: (...) الله سبحانه وتعالى (...) قبل أن (...).
* الشيخ: طيب يعني تحريم تصرف الأحكام على (...) قبل العلم بها، هذا ما يُؤْخذ من قولنا: تحريم القول بلا عِلم؟
* الطالب: (...) قال سبحانه وتعالى: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾.
* الشيخ: هذا ما يصلح؛ لأنه قد يكون عند الناس لو تبصّروا لكان عظيمًا؛ يعني لو أنهم تبصروا في الأمر، مثلما قال في أول الآية: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ [النور ١٢] لعرفوا أنه عظيم؛ يعني هذا في الحقيقة قصور في تفكير الإنسان، وهذا يمكن؛ لأنه موجود في إحدى الفوائد، قصور عِلم الإنسان حيث يظن ما كان عظيمًا، يظنه هينًا.
* الطالب: وعندي تحريم فتوى المقلِّد؛ لأنها قول بلا عِلم.
* الشيخ: حقًّا.. زين، صحيح، هي داخلة في قولنا: تحريم؛ التحريم تحريم القول بلا عِلم، هذا يشمل الفتوى والحُكم والشهادة والأخبار الشائعة، الإنسان ما يقول إلا بعلم، ومثلما قلنا: تحريم فتوى المقلد، معروف أنه حرام؛ لأنها بلا علم، لكن إذا اضطر الناس ولم يجدوا إلا مقلدًا، فماذا يصنعون؟ استفتاء المقلِّد خير من أن تستفتي إنسانًا جاهلًا ما عنده إلمام بالعلم أبدًا؛ يعني: ولا في علوم الناس.
* الطالب: حتى المقلِّد على أساس..
* الشيخ: هذا يسمى مجتهدًا في مذهبه، وأيهما أَوْلى لك؟ أن تجيب واحد مثلًا قاعد في السوق عامي، ما يعرف إلَّا يسب الناس، وإنسان ملتزم ومحافظ لكنه مقلد؟ أيهم في نفسك أقرب إلى الصواب؟
* الطالب: الأخير.
* الشيخ: طيب، إذا ما وجدنا إلا مقلدًا في المجتمع ويش نسوِّي؟ نقول: لا تستفتون الناس؟ نخلي هؤلاء الجهال يفتي بعضهم بعضًا؟! ما فيه شك أن المقلِّد خير من الإنسان العامي، إذا لم يكن سواه، فالله يقول: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة ١٧٣].
* الطالب: (...).
* الشيخ: أيش؟ لا، هذه فرقها فرق السيف والعصا، ما هي (...)؟ لكنه خير منه.
* الطالب: قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور ١٦]، أن من صفات المؤمنين عدم الخوض في هذه الأمور؛ لقوله: ﴿مَا يَكُونُ لَنَا﴾ [النور ١٦].
* الشيخ: لأنه معنى ﴿مَا يَكُونُ﴾ يعني أنه لا يمكن، مستحيل.
* الطالب: أنه لا يكفي الإنسان أن يكون صالحًا في نفسه، بل يكون مُصْلحًا لغيره (...).
* الشيخ: منين نأخذه؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: من قوله: ﴿قُلْتُمْ﴾ ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ﴾؛ يعني ما يكفي؛ لأن القول إذا أُطْلِق فالمراد القول باللسان، وإذا قُيِّد مثل: ﴿وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ﴾ [المجادلة ٨]، صار حديث الإنسان نفسه، فإن قوله: ﴿قُلْتُمْ مَا يَكُونُ﴾ معناه أن الإنسان يجب عليه أنه يعلن بأن هذا أمر لا يمكن أن يقوله مؤمن .
* الطالب: عِظَم قدْر رسول الله ﷺ وعائشة رضي الله عنها (...)؛ لقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾، حيث (...) الرسول ﷺ أو عائشة فيه تنقص من حق الله جل وعلا.
* الشيخ: فيه تنقص ليش؟
* الطالب: (...) الرسول ﷺ أو عائشة فيه تنقص من حق الله جل وعلا، ولهذا أرشدهم إلى قوله: ﴿سُبْحَانَكَ﴾.
* الشيخ: أي تنزيهًا عما (...).
هذا واضح؛ عِظَم شأن الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن حكمة الله تأبى أن يقع ذلك في فراشه؛ لقوله: ﴿سُبْحَانَكَ﴾، فدل هذا على أنه لا يليق بالله عز وجل؛ أن يقع مثل هذا في فراش النبي ﷺ، وهذا هو الذي جعلهم يقولون: ﴿مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا﴾؛ وذلك لأنه ينافي حكمة الله.
* الطالب: إذا اجتمعت مصلحتان؛ مصلحة الآخرين ومصلحة الفرد، فأيهما نُقدِّم؟
* الشيخ: لا، المصلحة العامة مقدمة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: وبالنسبة لنفسه هو يعمل ما يصلحه ويصلح الآخرين، لكن إذا أردنا أن نراعي نحن المصالح، نُقدِّم المصالح العامة، حتى في الشرع وفي القَدَر، تُقدَّم المصالح العامة؛ ولهذا الزاني نجلده أو نرجمه إلى أن يموت للمصلحة العامة، وإلا فمن مصلحته أن نعرض عليه التوبة ولَّا لا؟
المطر ينزل وربما يفسد بعض المزارع التي لا يتناسب معها المطر، ولكنه للمصلحة العامة نزَل، مراعاة المصالح العامة في الشرع وفي القَدَر أمر معلوم، أما نفس الإنسان هل يُقدم مصلحة نفسه على مصلحة غيره في أمر ليس من باب الولاية والتدبير فهذا يرجع إلى القواعد الشرعية في ذلك؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ»[[أخرجه مسلم (٩٧٧ / ٤١) من حديث جابر، بنحو هذا اللفظ.]] .
وأحيانًا قد يجب على الإنسان أن يُقدم المصلحة العامة على مصلحة نفسه، كما في المبارزة وفي المفاداة وما أشبه ذلك، مثلما حصل للرجل المؤمن الذي قال للملِك: «إن كنت تريد أن تقتلني فخُذ سهمًا من كنانتي ثم ارمني به، وقل: باسم رب هذا الغلام»[[أخرجه مسلم (٣٠٠٥/ ٧٣) من حديث صهيب بن سنان.]] . هذا يبغي يقتل نفسه، لكن لمصلحة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ترى هذه ما لها دخل في بحثنا؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا.
* الطالب: (...).
* الشيخ ما قال: مراعاة المصلحة العامة، قال: عِظَم حق النبي عليه الصلاة والسلام وعائشة، حيث إن.
* الطالب: (...) بالرمس.
* الشيخ: بالرمس؟ (...) بالشام عقب سنة كاملة، هذا لا بأس، على كل حال عرفت الآن، بالنسبة للتدبير والولاية الإنسان إذا ولي على أمر يجب عليه أن يُلاحظ المصلحة العامة، يقدمها على مصلحة الفرد، وبالنسبة لمعاملة الإنسان نفسِه نفسَهُ بذاتها، فهذا حسب ما تقتضيه الأدلة الشرعية، قد يكون الإنسان مأمونًا ومتقيًا في نفسه كما لو كان عنده طعام، وعنده عشرة جِياع وهو جائع فلا نقول له: أعطِ دولا، قسّمه بينهم وأنت موت من الجوع، نقول: لا، ابدأ بنفسك، وأحيانًا كما جاء تقدم المصلحة العامة، ينبغي أن تراعى المصالح العامة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: وهو؟
* الطالب: وهو إنسان (...) يصلي في هذا المسجد.
* الشيخ: قال لك: صلِّ في هذا المسجد؛ يعني إمامًا؟
* الطالب: نعم، للمصلحة العامة، لكن إذا صلّيت (...).
* الشيخ: أصلًا إمامة بالناس في مسجد مصلحة، لكن يقوم غيرك مقامك، حين تتعين فيك، لو فرضنا تتعين فيك صار فرض كفاية، لكن يوجد من يقوم في المسجد، فهنا ما متعارض، فنقول: طلب العلم أَوْلى؛ لأن المسجد مو بغاية إذا ما صرت إمامًا.
* الشيخ: كَمِّل الآية هذه؛ لأن الوقت انتهى.
* الطالب: ينبغي للمسلم أن يسبح الله تعالى عندما (...) الله له.
* الشيخ: عندما يَرِد على ذهنه أو يَسمع، كله، ما يقتضي انتقاص الله عز وجل، فينبغي أن يسبح الله حتى يزول ما في نفسه .
* الطالب: (...)؛ لقوله: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ (...). علامة استفهام (...).
* الشيخ: مصلحة الحمد وينها؟ ما موافقة إطلاقًا هنا؟ ليست بـ(...) فضلًا عن أن (...).
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، بس أنت لو قلت: إن لكل مقام ما يناسبه لكانت هذه سديدة، لكن تريد أن تقول هنا: إن التسبيح هنا أفضل من الحمد؟ ما هو بمقام حمد حتى يحصل التنازع بين التسبيح والحمد، ونقول: هذا أفضل، إنما يقال في وَصْف الله سبحانه وتعالى أو ذِكْره: إنه ينبغي أن يُذْكَر في كلِّ محل ما يناسبه؛ فعندما يكون الأمر يقتضي انتقاصًا لله عز وجل نأتي بالتسبيح، وعندما يكون الأمر موجِبًا لإظهار .. ورحمته نأتي بالحمد، وعندما يكون الأمر ربما الإنسان يشعر في نفسه بعلو نأتي بالتكبير، ولهذا «كان الصحابة إذا علوا نَشَزًا كبَّروا، وإذا نزلوا واديًا سبَّحوا»[[أخرجه البخاري (٢٩٩٣) من حديث جابر.]] ، والمناسبة واضحة؛ فالإنسان عندما يعلو يشعر في نفسه بالكبرياء فيُكَبِّر الله، وعندما يهبط فقد هبط فيقتضي أن يُسَبِّح الله ليُنَزِّهه عن السفول والنزول.
* * *
* الشيخ: وعندنا عموم لفظ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: وين؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: وين العام؟ وين لفظ العام؟
* طالب: مطلقة (...).
* الشيخ: ما تستقيم مع هذا، ما عندك عليها إشارة؟ ما فيها إشارة عندك؟
* الطالب: لا.
* الشيخ: نشوف؛ هل فيها لفظ عام بحيث مثلًا نقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم، فيها التحذير من أن يقع مثل هذا من مؤمنين، تحذير المؤمنين أن يقع منهم مثل هذا العمل.
* الطالب: (...)؛ لقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [النور ١٧].
* الشيخ: لا، أن الوقوع في مثل هذا ينافي الإيمان؛ لقوله: ﴿يَعِظُكُمُ﴾ ﴿أَنْ تَعُودُوا﴾ أي: يعظكم من العَوْد إن كنتم مؤمنين؛ فالوقوع في مثل هذه الأمور ينافي الإيمان.
* الطالب: يُنافي الإيمان ولَّا كماله؟
* الشيخ: الإيمان، مثل ما قال الله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، ثم قد يكون ينافي كماله، أو أصله، حسب ما يقتضيه الحال.
* الطالب: (...) الإيمان (...)؟
* الشيخ: لا، نقول: ينافي الإيمان كما قال الله، ثم (...) منه ما ينافي كماله، ومنه ما ينافي أصله.
* الطالب: (...).
* الشيخ: صح؛ لأن هذه الأشياء جعلها تعالى الله منافية للإيمان، فدلّ ذلك على أن الإيمان منه شيء (...)، ومنه أعمال ينتفي بانتفائها.
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...)؛ لأن المراد ﴿لِمِثْلِهِ﴾ هذا الشيء، ما فيها الظاهر قياس، شنو اللي فيها؟ فيها السماء قياس؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...) مثلًا لا تعودوا لمثل هذا الأمر (...) يظهر (...) قياس.
* الطالب: لمثل هذا الأمر يعني لهذا الأمر؟
* الشيخ: لهذا الأمر، إي.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، لمثله: له، ولكن ما كان في معناه فهو هو في الحقيقة.
* الطالب: (...) أن تعودوا له؟
* الشيخ: لا، لمثله أبلغ، وتعرفوا أننا نقول: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ﴾ أي: لمثل هذا الكلام، أو: لهذا الكلام، مثلما قال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى ١١]، ومثلما يقولون: مثلك لا يبخل، ما سمعنا من كلمة لا يبخل، وأنت تبخل، المراد ﴿لِمِثْلِهِ﴾ أي: لهذا الكلام، ومهما، على أي صورة كان، يعني سواء جاء في صورة القذف الذي وقع لعائشة تمامًا، أو بصورة أخرى، لكنه قذف فهو نفس الشيء، أما استعمال القياس في هذه الآية، إثبات القياس من هذه الآية ما هو بوجيه.
* طالب: فيه دليل (...) الموعظة عند المؤمن؟
* الشيخ: صح.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: صحيح، هذا يدل على أن الإيمان لا ينتقل بالمواعظ إلا المؤمنون؛ لقوله: ﴿يَعِظُكُمُ﴾ ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾؛ فالمؤمن هو الذي ينتفع بالموعظة، أما غيره فإنه لا ينتفع.
* طالب: هو مِنّة الله سبحانه وتعالى وفضله على المؤمنين حيث بَيَّنَ لهم ذلك.
* الشيخ: إي نعم؛ يعني من رحمة الله تعالى بالمؤمنين؛ حيث يحذرهم من الأشياء التي تضرهم، وتنافي إيمانهم، وإذ لا شك أن الذي يعظك ويرشدك وينصحك أنه له فضل عليك، ففيه فضل الله تعالى ورحمته بالعباد حيث كان سبحانه وتعالى يعظهم عما يضرهم وينافي إيمانهم.
هات الآية التي بعدها.. هذا الشيء.
* طالب: ويغفر الله (...).
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إثبات أن الله تعالى يُرشد الخلق ويعظهم، ففيها مثلًا ما يدل على الهادي اللي هو الله سبحانه هو الهادي الذي يهدي ويعظ؛ فعل من أفعال الله.
* الطالب: فعل، لكن ما يجوز (...)؟
* الشيخ: إي؛ لأن الله واعظ، إن الله تعالى يعظ عباده بما ينفعهم لهداية الله، مثلما قال محمد فيها جانب فضل الله تعالى ورحمته بالعباد حيث يعظهم ويرشدهم لما فيه كمال الإيمان.
* الطالب: لإثبات اسم من أسماء الله تعالى؟
* الشيخ: ما يجوز إثبات الاسم من مجرد الفعل، ولهذا ما يمكن أن نثبت أن الله ماكر من قوله: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾ [الأنفال ٣٠]، فما جاء بسياق الفعل يبقى على الفعل، وما جاء بسياق الاسم هو الذي يمكن أن يُؤخَذ منه الفعل، فالسميع يثبت أن الله تعالى يسمع. فيه شيء بعد؟
* الطالب: قال تعالى: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور ١٨].
* الشيخ: هو في الحقيقة الصفة هي الأصل؛ يعني: (عليم) من أسمائه، و(حكيم) من أسمائه، وهما متضمنان لصفتين: العلم والحكمة.
* الطالب: (...) أن الله تعالى (...).
* الشيخ: (...) هذه؟ يعني ينبغي للمؤمن إذا خَفِيَ عليه شيء أن يتأمل؛ لأن الآيات مُبَيِّنة وظاهرة، فنقول: إذا خَفِيَ عليك حكم شيء من كتاب الله فأعِد النظر؛ لأن الله يقول: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ﴾؛ فالآيات مُبينات، وخفاؤها على الإنسان -في بعض الأحيان- يدل على قصوره؛ إما في العلم، أو الفَهم، أو التدبر.
* الطالب: (...) أن الله تعالى (...).
* الشيخ: طيب، صحيح.
* الطالب: (...) أن الله تعالى على عباده (...).
* الشيخ: طيب، صحيح، زين، هذه كلها صحيحة، عنده أحد منكم شيء؟ كملوا هذه. إحنا ذكرنا في أثناء التفسير أن بيان الآيات للكافر والمسلم، ولَّا للكافر فقط؟
* الطالب: للاثنين: للكافر والمسلم، لكن لا ينتفع بها إلا المسلم.
* الشيخ: لا، أظن فيه تفصيل.
* الطالب: القضية.
* الشيخ: ظاهرة لكل واحد.
* الطالب: ظاهرة للكافر والمسلم.
* الشيخ: للكافر والمسلم، والآيات الشرعية ما تبين، ولا ينتفع بها إلَّا المؤمنون، أما الكفار فإنهم يقولون: هذه أساطير الأولين؛ لأنه ﴿رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين ١٤] فلم يعرفوها.
* الطالب: قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور ١٩]، وإن خطر الدخول على المؤمنات؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ﴾ ومن قوله ﷺ: «(...) على النساء».
* الشيخ: (...).
* الطالب: حذر الرسول ﷺ (...).
* الشيخ: (...)؟
* الطالب: من قوله: ﴿يُحِبُّونَ﴾.
* الشيخ: بس يحبون أن تشيع، (...)، هذه محلها عند قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ﴾ على أول الآيات.
* الطالب: (...).
* الشيخ: طيب، ومع المؤمنين؟ لا بد، (...) في قولك: لا بد؛ يعني: عليه أن يحب، هل ترون هذه الفائدة مأخوذة من الآية؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، نقول: اللي ما يحب شيوع الفاحشة (...) لو قال: إن الذين يحبون شيوع الفاحشة هم الفاسقون مثلًا، أو هم الكافرون، أو شيء يقابَل بالإيمان.
إذا كانت محبة الفاحشة توجب العقاب، فمحبة الخير توجب الثواب، ما تُوجب مثلًا أن الإنسان (...) مثلًا (...) هذا وجه علامة الاستفهام، ما أن التغيير لا بد، الأَوْلَى أن يقال: عليه. إذن نقول: الأَوْلَى أن يقال: إن محبة الخير للمسلمين ودفع الفواحش عنهم فيه الثواب، ويمكن نأخذ هذا من قول الرسول ﷺ: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ». قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا هُوَ وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ»[[أخرجه مسلم (١٠٠٦ / ٥٣) من حديث أبي ذر.]] . يعني هو أخذ القياس من العكس، إذا كان في محبة الفاحشة عذاب عظيم ففي كراهة شيوع الفاحشة ثواب.
* الطالب: لا بد أفضل ولَّا عليه؟
* الشيخ: عليه أحسن من لا بد، لكن حطوا هذه كلها برمتها ضعيفة.
* الطالب: (...) ألا يحب؟
* الشيخ: نعم، فيجب ألَّا يحب إلى آخره، صحيح، لكن ما تؤخذ من الآية، كلامنا هو: تؤخذ من الآية ولَّا لا؟ أما أصل الحكم فثابت عندنا.
* الطالب: (...) صحة الدلالة (...) شيوع الفاحشة (...) اللي حصل (...).
* الشيخ: الأحسن من هذه أن نقول: إن من أشاع الفاحشة فله عذاب عظيم في الدنيا والآخرة، أو ثبوت هذا العقاب لمن أشاع الفاحشة؛ لأنه إذا ثبت فيمن أحبها، فكذلك فيمن أشاعها من باب أَوْلَى، ما فيها التحذير من محبة إشاعة الفواحش؟
* الطالب: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
* الشيخ: إي، التحذير؛ لأنه ليس المقصود من هذا الإخبار أنهم يُعذَّبون، بل المقصود من ذلك التحذير من محبة الفاحشة في المؤمنين، فكيف بمن يُشيعها بنفسه؟! من هذه تؤخذ هذه الفائدة، (...) في شيء؟
* طالب: (...) الفاحشة (...) إشاعتها.
* الشيخ: كيف الوسيلة (...)؟
* الطالب: (...) إشاعة.
* الشيخ: معنى إشاعة الفاحشة مو معناه إشاعة فعلها، الظاهر أن إشاعة الفاحشة يعني نشر خبر أو لا؟
هل نجدد لنا فهمًا جديدًا للآية أن تشيع الفاحشة؛ يعني أن تنتشر، ينتشر فعلها لا خبرها، وإذا كانت الآية تحتمل هذا المعنى فما ذكرتَ صحيح، فهمنا الآن؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: نشوف، ﴿يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ﴾ [النور ١٩]، هل المراد أن يشيع فِعلها، وتكثر الفواحش في المؤمنين أو المراد أن يشيع خبر الفاحشة؟
* طلبة: كلاهما.
* الشيخ: كلاهما صحيح؛ المعنى في هذا ما كان يطرأ على بالي أن المراد بانتشار الفاحشة يعني يشيع فعلها، لكن لو قال قائل: إنه هو ظاهر اللفظ: ﴿تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ﴾ ما قال: خبرها، والأول يشيع خبرها من سياق القصة؛ يعني القضية فيمن ﴿جَاءُوا بِالْإِفْكِ﴾ فيمن أشاعوا الخبر، لكن قطعًا هؤلاء الذين أشاعوا الخبر ويش يحبون؟ يحبون أن توجد الفاحشة بين المؤمنين؛ ولذلك نشروها، فيكون ذلك مقياسًا لغيرهم.
فعلى كل حال يظهر أن الآية عامة لهذا ولهذا؛ أن يشيع خبرها وتنتشر إذا فُعِلَت، وأن يشيع فعلها وتكثر الفواحش في المؤمنين، كل هؤلاء الذين يحبون هذا وهذا ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾.
وعليه فتكون الفائدة اللي ذكر محمد يمكن يكون لها وجه، وهو وجوب سد ذرائع الفواحش؛ لأنه إذا كان اللي يحب كثرتها في الناس يُعذَّب، فكيف بمن حاول أن يكثرها بالفعل؟ يعذب من باب أَوْلَى.
وعليه إذا كان الذي يُحاول أن تشيع، أن تكثر في المسلمين يُعذَّب فمعنى ذلك وجوب سد الذرائع.
على كل حال هذا فهم بعيد، لكن له وجه.
* طالب: (...) إشاعة فعل الفواحش (...).
* الشيخ: ما يخالف، هذا يكون استدلالًا باللازم، وقد يُسَلَّم وقد لا يُسَلَّم، لكن إذا قلنا: إنه تشيع الفاحشة فعلًا صار أَبْيَن وأظهر.
* طالب: الذين يحبون أن تشيع الفاحشة (...).
* الشيخ: يقال: إن الإنسان إذا أحب شيئًا فعله ما لم يكن هناك مانع، لكن حتى لو ما فعلته، لو مجرد أنك تحب أن الناس ينشرون الفاحشة اللي صدرت من شخص مؤمن، لو ما نشرتها أنت -مثلًا لقرابتك له وما أشبه ذلك- يحصل لك هذا.
* الطالب: العذاب؟
* الشيخ: إي نعم، سواء أشعتها أو ما أشعتها.
* الطالب: العذاب؟ (...).
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: (...) فضل الله ورحمته لعباده المؤمنين، ويحفظ أعراضهم.
* الشيخ: حماية الله يعني؟
* الطالب: لأعراضهم.
* الشيخ: فضل الله على المؤمنين في حماية أعراضهم، إي نعم، صحيح، حيث توعَّد من أحب أن تشيع الفاحشة فيهم، تمام، صحيح.
* الطالب: الإنسان علمه قاصر.
* الشيخ: إي نعم، صحيح، قصور علم الإنسان؛ لقوله: ﴿وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، ولذلك نفى الله عنه العلم؛ لأن ما أُوتي من العلم قليل، وإن كان الإنسان عنده علم لكنه قليل؛ لذلك نفاه الله قال: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
* طالب: إثبات العِلم لله.
* الشيخ: إي نعم؛ إثبات علم الله، لكن هذه ما ذكرها؟
* الطالب: قول..
* الشيخ: ذكرنا هذا، ذُكِرت؛ أن من كان يحب أن تشيع الفاحشة له عذاب فإن الذي يحب سَترها له ثواب، وقلنا: إن هذا من باب القياس العكسي كما في حديث: «أيأتي أحدنا شهوته»[[سبق تخريجه.]] .
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، ما فُصِّل، لكن أي عذاب يتعذّب به الإنسان.
* الطالب: هو (...).
* الشيخ: لا، (...) لا يثبت بمجرد المحبة.
في إثبات علم الله من قوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ﴾، وقصور علم المخلوق؛ لقوله: ﴿وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، العذاب على حسب الجُرم.
* الطالب: هل يكون عذاب الدنيا مثل عذاب الآخرة؟
* الشيخ: لا، عذاب الآخرة مثل ما قال الله: ﴿أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ [طه ١٢٧].
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، (...)، لكن لَمّا كان عذاب الآخرة أشد من جهة تأثيره على الإنسان؛ الإنسان ضعيف الإيمان، صار يُذْكَر؛ ولذلك إحنا -في حبه للمعاصي- أشرنا إلى معنى هذا، الإنسان عندما يتصور أنه من أصحاب الطائرة التي احترقت، وانغلقت عليهم الأبواب وهم يتصارخون: هل إلى خروج من سبيل، ويش يشعر نفسه؟
يعني ينزعج، لو تصور نفسه مع هؤلاء، لكن لو تصور نفسه مع أهل النار ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [فاطر ٣٧] ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهمزة ٨، ٩]، هل يشعر بهذا الشعور؟
* الطالب: إذا كان مؤمنًا حقًّا يجب أن يشعر.
* الشيخ: لا، القصد هل يشعر؟ السؤال: هل هو؟ الواقع: لا؛ أن الناس يقرؤون القرآن ويقرؤون مثل هذه الأشياء، ولكنهم ما ينفعلون، مثلما لو تصور الإنسان نفسه مع هؤلاء؛ ولهذا يُذْكر أن رجلين كانا حاولا أن يركبا في الطائرة هذه، ولكن ما حصل، ولما احترقت مرضوا؛ لأنهم انزعجوا حيث تصوروا أنفسهم لو كانوا مع هؤلاء لاحترقوا فانحطت قُواهم.
فأنا أقول: إن المؤمن يجب أن يكون شعوره بعذاب الآخرة أشد من شعوره بعذاب الدنيا، لكن لضعف إيماننا صرنا نشعر بعذاب الدنيا أكثر مما نشعر بعذاب الآخرة؛ ولهذا الله يذكر عذاب الدنيا؛ لأنه مباشر للإنسان، وهو الذي يمكن يؤثر عليه أكثر مع ضعف إيمانه، أما المؤمن حقيقة فإنه يشعر بعذاب الآخرة أكثر ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾ [الطور ٧، ٨]، كان عمر رضي الله عنها إذا قرأها مرِض حتى يُعاد، الله أكبر، اللهم ارحم حالنا.
* الطالب: وفيه رد الأمور كلها إلى الله (...).
* الشيخ: لا، هذه ما تؤخذ من الآية، تؤخذ من قوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (...) وجوب رد الأشياء إلى الله، عِلْمُهَا وعِلْمُ حُكْمِها أيضًا.
* طالب: فيه أن التوبة وإقامة الحدود من أسباب رحمة الله تعالى وفضله على المؤمنين.
* الشيخ: يمكن تؤخذ هذه من قول الله: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [النور ٢٠] بعد أن ذكر العقاب على من أحب الفاحشة، إشارة إلى أن هذا العذاب على من أحب الفاحشة من رأفة الله ورحمته بنا.
* وفيه أيضًا إثبات هذين الاسمين وما تضمناه من صفة، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، وإثبات الفضل والرحمة ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ (...).
* الطالب: (...) من هذه الآية أن الإنسان (...) الفضل (...) الأسباب (...) من أسباب العذاب، ولكن من فضل الله.
* الشيخ: هذه (...) مو مناسبة، هذه مناسبتها من قوله: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور ١٤] وسبق ذكر هذه الفائدة، بارك الله فيك، يبين: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾؛ يعني ما حصل لكم هذا البيان وهذا الوعيد؛ لأن هذا الوعيد وهذا البيان لنحذر حتى لا نقع في هذه الأمور، فضل الله ورحمته هو الذي في هذه الآية مو معناه انتفاء العذاب، بل معناه بيان أن من أحب الفاحشة -ولهذا ذُكِرَتْ بعدها- فله عذاب أليم، فهذا البيان -الذي يقتضي من المؤمن أن يحذر- من فضل الله ورحمته؛ ولهذا قال: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وهذا يناسب هذا البيان.
اقرأ الآية اللي عندك، هذا من نعمة الله أنه يبين للعباد أسباب الشر، ويحذرهم منها، يعني ما يَكِلهم إلى أنفسهم، بل هو سبحانه يتولى بهم ذلك بفضله ورحمته، وفيه أيضًا أنه ينبغي ذِكر الحوافز -وهي التي ذكر علي، أشار عليها علي- ذكر الحوافز التي تَحْفُز الإنسان وتحمله على الامتثال؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أو لا؟
كأنه يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ لأنكم مؤمنون ﴿لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [النور ٢١]، ففي هذا إثارة وحافز قوي يَحْفُز الإنسان على ألا يتبع خطوات الشيطان.
* وفيه أيضًا: العناية بهذا الحكم؛ لأنه صُدِّرَ بياء النداء الذي يفيد التنبيه، فإن النداء يفيد تنبيه المخاطَب؛ ولهذا إذا رأيتُ من أحدكم غفلة وقلتُ: يا فلان، ينتبه، وينجر قلبه إلى المكان هنا بعدما كان رايح يتمشَّى، يأتي هنا.
* إذن ففيه دليل على العناية بهذا الحكم؛ لأن الله صَدَّرَه بالنداء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
* وفيه أيضًا: العلامة لأوامر الشيطان، العلامة الواضحة لأوامر الشيطان، فإذا قال الإنسان: ويش العلامة على ما يَأمر به الشيطان؟
* طالب: الأمر بالفحشاء.
* الشيخ: الفحشاء والمنكر، إذا وقع في قلبك الهمة لفعل الفحشاء أو المنكر ما يحتاج تقول: من الذي أمرني بهذا؟ نقول: الذي أمرك به الشيطان، فهذه علامة ظاهرة على أوامر الشيطان.
على العكس من ذلك إذا كان أمر بالمعروف ونهي عن منكر فهو من أوامر الْمَلَك، الذي وَكَّلَه الله بالإنسان؛ هذه من العلامات البَيِّنَة والظاهرة لأوامر الشيطان، زين.
* طالب: الْمَلَك (...)؟
* الشيخ: الْمَلَك الذي وَكَّلَه الله بالإنسان؛ لأن الله جعل للإنسان قرينًا من الملائكة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لِلْمَلَكِ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ لَمَّةٌ وَلِلشَّيْطَانِ لَمَّةٌ»[[أخرجه الترمذي في سننه (٢٩٨٨) من حديث ابن مسعود.]] .
* وفيه أيضًا: دليل على تحريم التشبه بأعداء الله، أو لا؟ منين نأخذه؟ ﴿لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ والشيطان عدو لله ولابن آدم أيضًا، فإذا كان الله نهى عن اتباع خطواته، فكذلك غيره يُنهى عن اتباع خطواتهم، ﴿لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: ويش؟
* طالب: (...) التمثيل، مثلًا، يمثل (...) منها حتى (...)؟
* الشيخ: ما فهمت شلون؟ يعني أيش؟
* طالب: مثلًا يريد أن يمثل (...).
* الشيخ: للتنفير منها.
* الطالب: للتنفير منها و(...).
* الشيخ: إي، هذا ما هو بتشبه بهم (...).
* الطالب: هو تَلَبّس.
* الشيخ: التشبه به أن الإنسان يفعل الشيء المشابه لحاله لا على سبيل التحريم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، هذا أيضًا يعني حكمة الله أو فضل الله تعالى حيث يقرن الأحكام بِعلّتها؛ لأن ﴿لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ هذا حكم، عِلَّة النهي: ﴿فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾، ففيه بيان فضل الله تعالى وحكمته؛ حيث يقرن الأحكام بعللها، وقد سبق أن ذكر الأحكام بعللها له فوائد؛ هي؟
* الطالب: (...). كيف نعرف المحظور (...)؟
* الشيخ: زيادة (...) في الحكم، ومعرفة أسرار الشريعة وكمالها.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، وإثبات أو تعدي هذا الحكم بتعدي العلة، زين.
* الطالب: أيضًا فيه بيان أن الإيمان يضعف وينقص؟
* الشيخ: يمكن يعني نأخذه من وجه بعيد، منين؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، هذا ما هو منهجي؛ لأننا قدمنا على اتباعه أو الاستمرار في اتباعه، أو عن فعله، وإن لم يفعله الإنسان، لأن (لا تتبع كذا) ليس معناه أنك أنت الآن واقع، قد يُنهى عنك فتُحَذَّر أن تقع، لكن فيه من جهة ﴿خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾؛ لأن خطوات الشيطان خطوة بعد خطوة، فإذا أخذ الإنسان خطوة ليس كما إذا أخذ خطوتين، هذا يمكن.
وأيضًا من قوله: ﴿بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ يؤخذ منها أن -أظن قلنا ذاك اليوم- تفاضل الأعمال في القبح، (...) علينا وقلتم: ثبوت تفاضل وتفاوت، نعم، تفاوت الأعمال بالقبح؛ لأنه قال: ﴿بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ والأصل في العطف المغايرة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...) محل؟ لا، عنده (...) ما هي بعلة في الحقيقة كونه ما عنده محل، (...) اكتفي بما (...) هذا غلط.
* طالب: (...).
* الشيخ: يلَّا، فيه شيء؟
* طالب: (...) النفس إذا لم يشغلها الإنسان بالخير، (...) الشيطان الإنسان، ثم أمره بشيء (...).
* الشيخ: (...) شنو فيها؟
* طلبة: صحيحة، بس ما تؤخذ.
* الشيخ: ما طرحنا من صحيحة ولا تؤخذ (...)، كل أحكام الذنوب تؤخذ من الآية، (...) نعرف حكمها مأخوذ من الآية، (...) يؤخذ من الآية ولا يحملها ما لا تتحمل، ولا (...) تتحمله.
ما يقال في بيان عداوة، شدة عداوة الشيطان للإنسان؛ حيث يأمره بالفحشاء والمنكر، ما يأمره بالخير، أبدًا، وممكن نستغني بهذه الفائدة عن الذي أراد؛ أن الشيطان فيه دليل على كمال عداوة أو شدة عداوة الشيطان لابن آدم؛ لأنه لا يأمره إلَّا بالفحشاء والمنكر، واضح؟
وإثبات مثلًا الشيطان، وإثبات أوامره، وأن له قصدًا؛ لأن الذي يأمر لا يأمر إلَّا عن قصد، فالشياطين موجودون، ولهم إرادات وقصود، منها: إيقاع الناس بالفحشاء والمنكر، ففيها رد على الذين ينكرون الشياطين، ويقولون: ما فيه شيطان، لكنها قوى نفسية تتصارع في الإنسان، وأما الشيطان الخارجي ويجري من ابن آدم مجرى الدم، وما أشبه ذلك، هذا ما له أصل، نسأل الله العافية.
* طالب: (...) الله عز وجل (...).
* الشيخ: منين؟
* الطالب: ورد حكمها يعني..
* الشيخ: ما وصلنا لها، في الفوائد.
* الطالب: (...) بيان طريقة الشيطان (...) وأنه يختلف عن غواء النفس.
* الشيخ: لا، ما هو بصحيح؛ يعني النفس (...) أنها تؤمر بالسوء أيضًا.
* الطالب: لكن الشيطان تتعدد سبله وخطواته.
* الشيخ: النفس الأمَّارة هذه تابعة للشيطان، تُوافق الشيطان فيما تأمر به، نكمل.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا؛ لأن خطوات الشيطان أصل كل الشر.
* الطالب: (...) التحذير (...) الشيطان.
* الشيخ: التحذير من اتباع خطواته.
* الطالب: لا (...).
* الشيخ: (...).
* الطالب: لكن (...).
* الشيخ: اقرأ، أو لو طَوَّل وبدأت بالفاتحة وما بعدها اقرأ، لو زاد على الفاتحة هذه، هي التي حام حولها (...).
* طالب: الذي يتبع خطوات الشيطان قد لا يأمره بالفحشاء؟
* الشيخ: لا، ما هي صحيحة، اللي يتبع خطوات الشيطان يفعل مثله.
* الطالب: يكون ضعيف النفس احتمال.
* الشيخ: ويش تقول: قد لا يأمره؟
* الطالب: قد لا يأمره.
* الشيخ: لا، قد يأمره؛ لأن اللي يتبع خطوات الشيطان والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر، ويش يسوي هو؟ مثله، ولهذا المفسر -كما مر علينا- جعل قوله: ﴿فَإِنَّهُ﴾ أي: المتبِع، ما أدري أنتم على ذكر منها، ولا راحت في طي النسيان؟
وبَينا لك آنذاك بأن هذا التفسير خطأ؛ لأن الله يقول: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة ٢٦٨]، فالآمر بالفحشاء والمنكر هو الشيطان، لكن من اتبع خطواته فلا بد أن يعمل عمله؛ يأمر بالفحشاء والمنكر.
* طالب: (...).
* الشيخ: على أيش؟
* طالب: أن الأمر (...).
* الشيخ: لا، ما هو بصحيح، الأمر هو حقيقة الأمر بأي صيغة، حتى من رَغَّبَك في شيء وإن لم يقل: افعل؛ فهو آمر في الحقيقة؛ لأن المراد بالأمر هنا طلب الفعل، وإن لم يكن بالصيغة المعروفة لتزكيته.
* طالب: (...).
* الشيخ: وكذلك (...) بيان فضل الله؛ لأنك ما ذكرتهم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: هاي واحدة..
{"ayah":"أَلَاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قَدۡ یَعۡلَمُ مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ وَیَوۡمَ یُرۡجَعُونَ إِلَیۡهِ فَیُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا۟ۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمُۢ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق