الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ بَيَّنَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّهُ يَعْلَمُ ما عَلَيْهِ خَلْقُهُ، أيْ: مِنَ الطّاعَةِ والمَعْصِيَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذا المَعْنى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ مَعَ أنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الدِّينِ، جاءَ مُبَيَّنًا في آياتٍ كَثِيرَةٍ؛ • كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما تَكُونُ في شَأْنٍ وما تَتْلُو مِنهُ مِن قُرْآنٍ ولا تَعْمَلُونَ مِن عَمَلٍ إلّا كُنّا عَلَيْكم شُهُودًا إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِن مِثْقالِ ذَرَّةٍ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ ولا أصْغَرَ مِن ذَلِكَ ولا أكْبَرَ إلّا في كِتابٍ مُبِينٍ﴾ [يونس: ٦١]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألا إنَّهم يَثْنُونَ صُدُورَهم لِيَسْتَخْفُوا مِنهُ ألا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهم يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ إنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: ٥] • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَمَن هو قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] أيْ: هو شَهِيدٌ عَلى عِبادِهِ بِما هم فاعِلُونَ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ. • وقَوْلِهِ (p-٥٦١)تَعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلى العَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ﴾ ﴿وَتَقَلُّبَكَ في السّاجِدِينَ﴾ ﴿إنَّهُ هو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [الشعراء: ٢١٧ - ٢٢٠]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿سَواءٌ مِنكم مَن أسَرَّ القَوْلَ ومَن جَهَرَ بِهِ ومَن هو مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وسارِبٌ بِالنَّهارِ﴾ [الرعد: ١٠] • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأسِرُّوا قَوْلَكم أوِ اجْهَرُوا بِهِ إنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: ١٣]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُها إلّا هو ويَعْلَمُ ما في البَرِّ والبَحْرِ وما تَسْقُطُ مِن ورَقَةٍ إلّا يَعْلَمُها ولا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأرْضِ ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلّا في كِتابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما مِن دابَّةٍ في الأرْضِ إلّا عَلى اللَّهِ رِزْقُها ويَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: ٦]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألا يَعْلَمُ مَن خَلَقَ وهو اللَّطِيفُ الخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وَفِي هَذِهِ الآياتِ وما في مَعْناها أحْسَنُ وعْدٍ لِلْمُطِيعِينَ، وأشَدُّ وعِيدٍ لِلْعُصاةِ المُجْرِمِينَ، ولَفْظَةُ قَدْ في قَوْلِهِ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ لِلتَّحْقِيقِ، وإتْيانُ قَدْ لِلتَّحْقِيقِ مَعَ المُضارِعِ كَثِيرٌ جِدًّا في القُرْآنِ العَظِيمِ؛ • كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكم لِواذًا﴾ [النور: ٦٣]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾ الآيَةَ [الأحزاب: ١٨]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٣٣]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وجْهِكَ في السَّماءِ﴾ الآيَةَ [البقرة: ١٤٤] . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إلَيْهِ فَيُنَبِّئُهم بِما عَمِلُوا واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إلَيْهِ﴾ الظّاهِرُ أنَّهُ لَيْسَ بِظَرْفٍ، بَلْ هو مَعْطُوفٌ عَلى المَفْعُولِ بِهِ الَّذِي هو ما مِن قَوْلِهِ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ أيْ: ويَعْلَمُ يَوْمَ يُرْجَعُونَ إلَيْهِ، وقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ يُنَبِّئُ الخَلائِقَ بِكُلِّ ما عَمِلُوا، أيْ: يُخْبِرُهم بِهِ ثُمَّ يُجازِيهِمْ عَلَيْهِ. وَما دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مِن كَوْنِهِ - جَلَّ وعَلا - يُخْبِرُهم يَوْمَ القِيامَةِ بِما عَمِلُوا جاءَ مُوَضَّحًا في آياتٍ كَثِيرَةٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُنَبَّأُ الإنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وأخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَوُضِعَ الكِتابُ فَتَرى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ ويَقُولُونَ ياوَيْلَتَنا مالِ هَذا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إلّا أحْصاها ووَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩]، والآياتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب