الباحث القرآني

أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألا إنَّ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ فَذاكَ كالدَّلالَةِ عَلى قُدْرَتِهِ تَعالى عَلَيْهِما وعَلى ما بَيْنَهُما وما فِيهِما، واقْتِدارِهِ عَلى المُكَلَّفِ فِيما يُعامَلُ بِهِ مِنَ المُجازاةِ بِثَوابٍ أوْ بِعِقابٍ، وعِلْمِهِ بِما يُخْفِيهِ ويُعْلِنُهُ، وكُلُّ ذَلِكَ كالزَّجْرِ عَنْ مُخالَفَةِ أمْرِهِ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ فَإنَّما أدْخَلَ ﴿قَدْ﴾ لِتَوْكِيدِ عِلْمِهِ بِما هم عَلَيْهِ مِنَ المُخالَفَةِ في الدِّينِ والنِّفاقِ. ويَرْجِعُ تَوْكِيدُ العِلْمِ إلى تَوْكِيدِ الوَعِيدِ؛ وذَلِكَ لِأنَّ ”قَدْ“ إذا أُدْخِلَتْ عَلى المُضارِعِ كانَتْ بِمَعْنى رُبَّما، فَوافَقَتْ رُبَّما في خُرُوجِها إلى مَعْنى التَّكْثِيرِ، كَما في قَوْلِ الشّاعِرِ: ؎فَإنْ يُمْسِ مَهْجُورَ الفِناءِ فَرُبَّما أقامَ بِهِ بَعْدَ الوُفُودِ وُفُودٌ والخِطابُ والغَيْبَةُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ ويَوْمَ يُرْجَعُونَ إلَيْهِ﴾ يَجُوزُ أنْ يَكُونا جَمِيعًا لِلْمُنافِقِينَ عَلى طَرِيقِ الِالتِفاتِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”ما أنْتُمْ عَلَيْهِ“ عامًّا ”ويَرْجِعُونَ“ لِلْمُنافِقِينَ، وقَدْ تَقَدَّمَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ أنَّ الرُّجُوعَ إلَيْهِ هو الرُّجُوعُ إلى حَيْثُ لا حُكْمَ إلّا لَهُ، فَلا وجْهَ لِإعادَتِهِ واللَّهُ أعْلَمُ. وصَلّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وعَلى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب