الباحث القرآني
﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ هذا التعبير يمر علينا كثيرًا في مثل (لقد) أن اللام موطئة للقسم، وقد للتحقيق، وعليه فتكون مثل هذه العبارة مؤكدة بثلاثة مؤكدات، وهي: القسم المقدر، واللام الموطئة له، وقد.
وقوله: ﴿وآتينا﴾ أعطينا، والإيتاء من الله سبحانه وتعالى ينقسم إلى قسمين: إيتاء شرعي، وإيتاء كوني قدري، فإن كان وحيًا فهو إيتاء شرعي، وإن كان مما يغذي الجسم فهو إيتاء كوني قدري، على أنه قد يراد بما يغذي الجسم أيضًا الإيتاء الشرعي؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة ٥٩]. المهم أن ما كان وحيًا تتغذى بها الأرواح فهو إيتاء شرعي، وما كان مادة يتغذى بها الأجسام فهو إيتاء كوني قدري.
قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾ [النساء ٥٤] هذا أيش؟ قدري، وقوله: ﴿آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ هذا إيتاء شرعي، يعني: الذي أوتي شرعًا أمر شرعي.
قوله: ﴿مُوسَى﴾ تقدم أنه أكبر أنبياء بني إسرائيل عليه الصلاة والسلام، وأرسل إلى فرعون وإلى بني إسرائيل.
وقوله: ﴿الْكِتَابَ﴾ بمعنى المكتوب، والكتابة معروفة، وهي مأخوذة من الكَتْب بمعنى الجمع، ومنه كتيبة كتيبة الخيل؛ لأنها مجتمعة، والمراد بالكتاب هنا المكتوب، فهو فعال بمعنى مفعول، وأي كتاب هو؟ التوراة.
﴿وَقَفَّيْنَا﴾ أي: أتبعنا، ﴿قَفَّيْنَا﴾ بمعنى أتبعنا؛ لأن التابع يأتي في قفا..
كل من جاء من بعده فإنه يحكم بشريعته، ولهذا قال: ﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾، إلى أن وصل الدور إلى ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾، آتيناه بمعنى: أعطيناه، وهو إيتاء شرعي، وقوله: ﴿عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ نسبه إلى أمه؛ لأنه؟
* الطلبة: لا أب له.
* الشيخ: ليس له أب، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿الْبَيِّنَاتِ﴾، هذه صفة لموصوف محذوف تقديره: الآيات البينات، فما هي هذه الآيات البينات؟ هل هي المعجزات التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة؟ أو أنها الإنجيل؟ أو أنها هذا وهذا؟ كلاهما، هذا وهذا، فالإنجيل بينات، وكذلك الآيات المحسوسة الحسية التي هي المعجزات هي أيضًا بينات، مثل إحياء الموتى وإخراجهم من القبور، وإبراء الأكمه والأبرص، يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه ﴿فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران ٤٩]، وفي القراءة الثانية: ﴿فَيَكُونُ طَائِرًا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ ، يعني يطير بالفعل، كل هذه من الآيات التي أوتيها عيسى بن مريم، ولهذا قال: آتيناه البينات، يعني الآيات البينات الظاهرات التي تدل على أنه نبي؛ لأن مثل ما جاء به لا يمكن أن يقدر عليه البشر، وقد ذكر أهل العلم أنه في عهد عيسى ﷺ قوي الطب وارتقى ارتقاء عظيمًا، لكن الأطباء مهما ارتقوا لا يمكن أن يبرئوا الأكمه والأبرص، ولا أن يحيوا الموتى، بل ولا يمكن أن يُبقوا حياة من حضره الموت، فضلًا عن أن يردوا إليه روحه بعد موته، ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ [البقرة ٨٧]، ﴿أَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾، ﴿أَيَّدْنَاهُ﴾: قوَّيناه، كقوله تعالى: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف ١٤]، أي: قوّيناهم عليهم، وهو معروف اشتقاقه؛ لأنه من الأيْد بمعنى القوة، كما قال الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [الذاريات ٤٧] أي: بقوة، فمعنى أيدناه: قوّيناه.
وقوله: ﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ من باب إضافة الموصوف إلى صفته، أي: بالروح المقدس، والقُدُس والقُدْس بمعنى الطاهر، ما المراد بروح القدس؟ اختلف في ذلك المفسرون، فقيل: إن المراد روح عيسى؛ لأنها روح قدسية طاهرة، ما تحدرت من صلب ذَكَر، ولا خرجت من رحم طامث، يعني حائض، فهو مطهَّر، فيكون هذا ﴿أَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ أي: قوّيناه بكونه جاء بدون أب، هذا قول. والقول الثاني أن المراد بـ﴿رُوحِ الْقُدُسِ﴾ أي: بالإنجيل؛ لأن الوحي روح كما قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾ [الشورى ٥٢]، وقيل: المراد بـ﴿رُوحِ الْقُدُسِ﴾ روحه مضافة إلى الله، يعني كقوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾ [الأنبياء ٩١]، يعني: بروح الله، فعليه ما تكون من باب إضافة الموصوف إلى صفته، بل من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، هذا هو الكلام.
والقول الرابع أن المراد بـ﴿رُوحِ الْقُدُسِ﴾ جبريل عليه الصلاة والسلام؛ لقوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ﴾ [الشعراء ١٩٣، ١٩٤]، وقوله: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ [القدر ٤]، وقول النبي ﷺ لحسان بن ثابت وهو يهجو المشركين: «اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ»[[متفق عليه، أخرجه البخاري (٤٥٣)، ومسلم (٢٤٨٥ / ١٥٢) من حديث حسان وأبي هريرة.]] أي بجبريل، وهذا أصح الأقوال، أن المراد بروح القدس أنه مؤيَّد بجبريل عليه الصلاة والسلام يكون قرينًا له يؤيده ويقويه ويلقّنه الحجة على أدائه، فصارت الأقوال أربعة:
* أولًا: أن روح القدس أي الروح المضافة إلى الله، وعلى هذا القول تكون من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، والله تبارك وتعالى قُدُس وقُدُّوس، ﴿الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ﴾ [الحشر: ٢٣].
* ثانيًا: المراد بـ ﴿رُوحِ الْقُدُسِ﴾ الإنجيل؛ لأن الوحي روح.
* وثالثًا: المراد بـ ﴿رُوحِ الْقُدُسِ﴾ روحه هو المقدسة، فليست من باب إضافة، روحه يعني هي روحه، لكن الفرق بينها وبين القول الأول هنا أنهم يجعلون القول الأول يجعلون القدس الله وهؤلاء يجعلون القدس نفس الروح.
* القول الرابع أصحها، أنه جبريل، ووجه ذلك، وجه ترجيحنا له أننا إذا قلنا: أيدناه بروح القدس، سواء قلنا: الروح المقدسة أو روح الله؛ فإنه لا وجه لذلك؛ لكونه مؤيدًا به؛ لأن روحه سبقت وجوده قبل أن يكون نبيًّا، والتأييد بالشيء يكون الشيء مقارنًا له، مقارنًا له في وقت التأييد.
وأما القول بأنه الإنجيل، يعني أُيِّد بالإنجيل، فيضعّفه قوله تعالى: ﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ [المائدة ١١٠]، فيصير معنى ﴿عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ مع قوله: أيدتك بالإنجيل، يكون هذا شبه تكرار، والقرآن إذا أمكن أن يُجعل الكلام تأسيسًا فهو أولى من أن يكون تأكيدًا، القرآن وغيره، إذا دار الأمر بين أن يكون الكلام تأسيسًا كل جملة لها معنى مستقل، أو تأكيدًا كل جملة بمعنى الجملة الأخرى، فالأولى أن يكون تأسيسًا، وهذا الذي رجحناه هو الذي رجّحه ابن جرير وابن كثير أن المراد بروح القدس مَن؟ جبريل عليه الصلاة والسلام.
هنا بيّن الله أنه آتى موسى الكتاب، وآتى عيسى بن مريم البينات، وأيده بروح القدس، وجاءت الرسل متتابعة .
فماذا كان حال بني إسرائيل مع هؤلاء الرسل المؤيَّدين؟ الجواب: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ﴾، ﴿أَفَكُلَّمَا﴾ (كلما) أداة تكرار، هي شرطية ولكنها تفيد أيضًا التكرار، شرطية تفيد التكرار، وعليه نقول: إن هؤلاء يتكرر منهم هذا الفعل القبيح، ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ﴾ من أين؟ من الله، رسول من الله؛ ﴿بِمَا﴾ أي: بشرع، ﴿لَا تَهْوَى﴾: لا تريد أنفسكم، ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ هذا جواب الشرط، (جاء) فعل الشرط، و﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ جواب الشرط.
وفي قوله: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ دليل على أنهم يبادرون الرسل بأي شيء؟ بالاستكبار، ما تأنوا، كلما جاءهم استكبروا على طول؛ لأن هذا نتيجة ترتب الجزاء على الشرط أن يكون الجزاء عقيبًا للشرط، كلما وُجد الشرط وُجد الجزاء فورًا، إذن كلما جاء هؤلاء الإسرائيليين، كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم استكبروا، إذا جاءهم رسول بما تهوى أنفسهم، مفهوم الآية أنهم لا يستكبرون، ولكن لا لأنهم قبلوه، لا، لا، ولكن لم يقبلوه لأنه رسول، بل لأنه تهواه أنفسهم، فإذن هؤلاء ما عبدوا الله بهداهم ولكن بهواهم، والعابد لله سبحانه وتعالى بهواه ليس بعابد، بل إن العابد لله حقًّا هو الذي يعبد الله بالهدى لا بالهوى.
ولا فرق في العبادة بين أن تكون عقيدة أو قولًا أو عملًا، فهمتم؟ لا فرق، فالإنسان (...) ما يقبل من العقيدة إلا ما دله عليه عقله كما يزعم، هل يكون مؤمنًا حقًّا؟ لا، بل هو مستكبر، الذي يقول: ما أومن بهذه الصفة لله؛ لأن عقلي ما يقبلها، العقل ينكر هذا الشيء، نقول: إذن ما آمنت بالكتاب، آمنت بالعقل، عقلك، ومعلوم أن كل عقل يخالف القرآن والسنة فهو عقل فاسد، ولهذا ينعى الله سبحانه وتعالى هؤلاء المكذِّبين للكتاب والسنة بأنهم لا يعقلون، كل عقل يدعي صاحبه أنه عقل وهو يخالف الكتاب والسنة فإنه لا يعتبر عقلًا، وهذا حق؛ لأن العقل كما قال ابن تيمية رحمه الله يقول: النقل الصحيح يوافق العقل الصريح. النقل الصحيح يوافق العقل الصريح يعني الخالص اللي ما فيه شبهات أو شهوات.
إذن نقول: هؤلاء الجماعة بنو إسرائيل إذا جاءهم رسول بما تهوى أنفسهم ما استكبروا عن قبوله، ولكن هل هذا دليل على أنهم مؤمنون (...) لأنه نبي؟ لا، إنما آمنوا بما يطابق أهواءهم، هل في هذه الأمة من يشبههم في هذه الناحية؟ نعم فيه كثير، فيه كثير من يشبههم في العقيديات وفي العمليات، كثير من الناس يتحيلون ويؤولون في العقيدة، في الأسماء والصفات كما مر علينا كثيرًا، وفيهم من يتحيل بالعمليات؛ يحرّم الله الشيء مثلًا ثم يتحيلون عليه بتحليله، ويحرفون النصوص من أجل هذا، وإذا جاءهم أمر يطابق أهواءهم يرتاحون له وتنشرح به صدورهم، وإذا جاء أمر لا يوافق أهواءهم -والعياذ بالله- يضيقون به، وقد قال الله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء ٦٥]، يعني ما يكفي أن لا يكون فيك حرج بعد، لا بد من ثلاثة أمور: تحكيم، والثاني: الانشراح وأن لا يكون حرج، والثالث: انقياد تام، ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، إذا فُقد واحد من هذه الأمور الثلاثة فإن الإيمان ناقص، وقد يزول بالكلية، هؤلاء في هذه الأمة من يشابههم كثيرًا في العقيديات قلت وفي العمليات.
* طالب: مقابلها؟
* الشيخ: ويش تقصد من مقابلها؟
* الطالب: يعني استكبارهم؟
* الشيخ: هو الجواب، كلما جاءهم استكبروا.
* الطالب: لا قصدي اللي بعد العطف.
* الشيخ: هذا تقدم لنا أن مثل هذه الصيغة للنحويين فيها قولان: إما أن الهمزة داخلة على أول الجملة، وتكون الجملة التي دخلتها الهمزة محذوفة تقدر بما يناسب المقام، أو أن الهمزة في أثناء الجملة والفاء عاطفة لكنها مزحلقة عن مكانها، وأصله: فأكلما جاءكم، وقلنا لكم: إن هذا أسهل؛ لأن الأول في الحقيقة يصعب عليك أحيانًا تقدير الشيء المناسب.
وقوله تعالى: ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾، ما معنى استكبر؟ أي: سلك طريق الكبرياء والعلو والترفع على ما جاءت به الرسل، وهذا أحد قسمي الكفر؛ لأنه مر علينا أن الكفر يدور على شيئين، هما: الجحد، والاستكبار، لو أنك تأملت كل الكفر، أنواعه، لوجدته يعود إلى هذين الأمرين؛ إما الجحد، وإما الاستكبار، لكنه أنواع، أنواع وأفراد، إنما ما يخرج عن هذين الأمرين.
﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾، ويش معنى ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾؟ سلكتم طريق الكبرياء والعلو والترفع عما جاءت به هؤلاء الرسل.
* طالب: الجحد استكبار؟
* الشيخ: لا، كيف الجحد استكبار، وكذلك أيضًا الترك؟
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: إي نعم (...) إما تكذيب وإما استكبار، فالتكذيب واضح أن يقول: هذا كذب، وهذا غالبًا يكون في الأخبار، والاستكبار يكون في الأعمال، يقال مثلًا: افعل، ولكنه لا يفعل، ويصدق بأنه واجب وأنه جاء به الشرع ولكنه يستكبر عنه ما يفعله.
* طالب: شيخ، الاستهزاء؟
* الشيخ: الاستهزاء ما يخرج عن هذا الأمرين، إما أنه مكذِّب والغالب أنه يكون من قِبل الاستكبار؛ لأن المستهزئ بالشيء مستصغر له ومحتقر له.
* طالب: أقول: الجحد هو الاستكبار؟
* الشيخ: الجحد هو التكذيب.
* الطالب: حقيقة هو استكبار؟
* الشيخ: لا ما هو باستكبار (...) بالاستكبار معناه معه تصديق، الاستكبار أن الإنسان يصدق ولكنه لا يفعل، والتكذيب أن يقول: ليس بصحيح، هذا ما نقبل، ليس بصحيح، ما ينقاد.
يقول: ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ﴾، ﴿فَرِيقًا﴾: طائفة، ونُصب على أنه مفعول مقدم لأيش؟ لـ﴿كَذَّبْتُمْ﴾، مفعول مقدم لـ﴿كَذَّبْتُمْ﴾، ﴿وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ يعني: وطائفة أخرى تقتلونها، وقُدِّم أيضًا فهو مفعول مقدم لـ﴿تَقْتُلُونَ﴾. نحن قرأنا من قواعد البلاغة أن تقديم ما حقه التأخير ويش يفيد؟
* الطلبة: الحصر.
* الشيخ: يفيد الحصر، وهنا فيه تقسيم، فريق وفريق، وهذا ينافي الحصر؛ لأن الفريق معناه إذا كان يقابل فريقًا آخر فإن معناه أنه ليس هناك حصر، لكننا نقول في الحقيقة أن فيه انحصار هنا بالنسبة للطرفين، يعني معناه انحصر منهاج هؤلاء بالنسبة للرسل في فريقين: إما مقتولون وإما مكذَّبون، منهم من يكذبونهم تكذيبًا ولكن ما يتعرض لهم بالقتل، ومنهم من يقتلونهم أيضًا، مع التكذيب يقتلونهم، وهنا قال: ﴿كَذَّبْتُمْ﴾، وقال: ﴿تَقْتُلُونَ﴾، فعل مضارع، وذاك فعل ماض، أما كون الأول فعلًا ماضيًا فالأمر فيه ظاهر؛ لأنه وقع منهم التكذيب؛ ولّا لا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: وأما الإتيان بفعل مضارع بالنسبة للقتل فهو أولًا مراعاة لفواصل الآيات؛ لأنه لو قال: وفريقًا قد قتلتم، ما تناسبت مع التي قبلها والتي بعدها، ثم إن بعض العلماء أبدى فيها نكتة، وهي: أن هؤلاء اليهود استمر قتلهم حتى بالنسبة للرسول ﷺ فإنهم قتلوا الرسول عليه الصلاة والسلام بالسم الذي وضعوه له في خيبر، فإنه ما زال عليه الصلاة والسلام يتأثر منه حتى إنه في مرض موته قال: «مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي وَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ الْأَبْهَرِ مِنِّي» »[[أخرجه البزار في مسنده برقم (٨٠٠٧) من حديث أبي هريرة، بلفظ: «هَذَا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي». ]]، قال الزهري: إن النبي ﷺ مات شهيدًا بسبب أنهم تسببوا في قتله، وهذا ليس ببعيد أن يكون هذا أيضًا من النكت في التعبير، ويش هو؟ بالمضارع في القتل، وإن كان قد يَرِد عليه بأنه أيضًا التكذيب استمر حتى إلى الرسول ﷺ، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: فلماذا لم يقل: ففريقًا تكذبون وفريقًا تقتلون؟ يَرِد على هذا، ولكننا نقول: إن ملاحظة فواصل الآيات عندنا أقوى، ولهذا لو كان المقصود به ملاحظة استمرار قتلهم للأنبياء لكان أيضًا يراعى في ذلك استمرار تكذيبهم؛ لأنهم كذّبوا الرسول علانية واضحة، حتى إنهم في قصة إسلام «عبد الله بن سلام لما شهد للرسول بالحق، وكانوا بالأول يقولون: إنه خيرنا وابن خيرنا، لما شهد للرسول ﷺ بالحق » ويش قالوا؟ «قالوا: شرنا وابن شرنا. »[[أخرجه البخاري (٣٣٢٩) من حديث أنس.]] أثنوا عليه شرًّا، في هذا يعني توبيخ ولوم بني إسرائيل، وبيان منهاجهم بالنسبة للشرائع، وبالنسبة لمن جاء بالشرائع، ففي الشرائع لا يقبلون إلا ما وافق أهواءهم، وبالنسبة لمن جاء بالشرائع انقسموا إلى قسمين فيمن جاءهم بما لا تهوى أنفسهم فريقًا يكذبون وفريقًا يقتلون.
* طالب: شيخ، قوله: ﴿تَقْتُلُونَ﴾ (...) الكذب حاصل منهم لا شك والتقتيل (...) يقتلون (...)؟
* الشيخ: والقتل ما حصل؟
* الطالب: حصل.
* الشيخ: لا، كله (...) لأنه يقول: ﴿يَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران ١١٢] في آيات كثيرة.
* الطالب: التكذيب حاصل لا شك.
* الشيخ: والقتل حصل.
* الطالب: لا، هذا كله حاصل، وهذا بعضه.
* الشيخ: ما يظهر منهم، الذي يظهر منهم يقتلون، وأنهم كل من أرادوا قتله قتلوه، كما أنهم يكذبون.
* طالب: (...) ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة ٦٧].
* الشيخ: إي نعم، يعصمك من الناس حال التبليغ، يعني معناه: بلِّغ وأنت في حال تبليغك معصوم، ولهذا ما أحد اعتدى عليه في حال تبليغه فقتله أبدًا.
* طالب: شيخ، قلتم: يشكل على هذا قوله: ﴿كَذَّبْتُمْ﴾ مع ﴿تَقْتُلُونَ﴾، فيقال: إن الكذب صار صفة لازمة لهم فلا يحتاج أن يبيّن، فالصفة مستمرة؟
* الشيخ: أما لو كان بالجملة الاسمية صح هذا التوجيه؛ لأن الجملة الاسمية تفيد الاستمرار، أما الجملة الفعلية فلا، حتى أنهم قالوا: إن جملة الفعل المضارع تدل على الحدوث والاستمرار.
* الطالب: لكن الماضي ما يكون أهون من المضارع؟
* الشيخ: ما يظهر لي، حتى ولهذا فيما يظهر -والله أعلم- أن مراعاة فواصل الآيات هو أقوى شيء، مراعاة لفظية تكون.
* طالب: سمّهم (...)؟
* الشيخ: لا، سَمُّهُم إياه، يقولون: إن كنت نبيًّا فإنه لا يضرك، هكذا قالوا، وإن كنت كاذبًا استرحنا منك، فما ضره حتى أتم الله تعالى ما أراد من دعوته.
﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ [البقرة ٨٨]، نسأل الله العافية، هذه الحجة الفاسدة، ﴿قَالُوا﴾ مَن؟ بنو إسرائيل، ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ جمع أغلف، والأغلف معناه الذي عليه الغلاف، يعني مغلفة ما يصل إليها ما يدعون إليه هؤلاء الرسل، كقول بعض الناس: والله ما هدانا الله أصلي، ما هدانا الله أفعل كذا، وهذا كذب، فإن الله يقول: ﴿هَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد ١٠]، بيّنّا له طريق الخير وطريق الشر، هذا الذي على الله، ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾ [الليل ١٢، ١٣]، فالذي على الله سبحانه وتعالى أتمه، بقي ما عليك أنت، هؤلاء يقولون: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾، (غلف) جمع أغلف، وهو الذي غُلِّف عليه بشيء، بغلاف يمنع من وصول الأمور إليه، يقولون هذا اعتذارًا منهم عن أنفسهم في قبول الحق، يعني يعتذرون عن قبوله بأن قلوبهم غُلف، هل هذا صحيح؟ لا، لو رجعوا إلى فطرتهم ما كانت القلوب غلفًا، ولكن حصل ما صار سببًا للغلاف على القلوب وهو الكفر، ولهذا قال: (بَل)، و(بل) هنا للإضراب الإبطالي، ليست للإضراب الانتقالي، الإضراب الإبطالي.
وتعرفون أن الإضراب ينقسم إلى قسمين: الإضراب الانتقالي لا يلزم منه بطلان ما أُضرب عنه، وإضراب إبطالي يلزم عنه إبطال ما أُضرب عنه، فهمتم؟ تقول: ضربت زيدًا بل عمرًا، هذا أيش؟ هذا إبطالي، يعني إنك أبطلت الأول وجعلت الحكم للثاني، وقال الله تعالى: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ﴾ [النمل ٦٦]، هذا انتقالي، يعني إن أحوالهم تنقلت، بعُد علمهم في الآخرة، ثم حصل لهم الشك، ثم العمى -والعياذ بالله- هنا إضراب إبطالي، أبطل الله ما ادعوه وبيّن السبب الحقيقي وهو لعنة الله إياهم -والعياذ بالله- ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾، ﴿لَعَنَهُمُ﴾ بمعنى طردهم وأبعدهم عن رحمته، فاللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ولكن هذا اللعن ظلم أو بسبب من عند أنفسهم؟
* الطلبة: بسبب من عند أنفسهم.
* الشيخ: وهو؟
* الطلبة: الكذب و(...).
* الشيخ: ﴿لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾، والباء هنا للسببية، أي: بسبب كفرهم لُعنوا فطُبع على قلوبهم، كما في قوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين ١٤]، الذين إذا قرئ عليهم القرآن قالوا: هذا أساطير الأولين، ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [المطففين ١٣]، لماذا يقول عن هذه الآيات العظيمة المؤثرة المثيرة، لماذا يقول عنها: أساطير الأولين؟ لأنه غُلِّف على قلبه، ولهذا أعقبها بقوله: ﴿كَلَّا﴾، ليست أساطير الأولين، ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، فلم يصلوا إلى الحق، وقد قلنا كثيرًا: إن الإنسان إذا قرأ القرآن فلم يره مؤثرًا على قلبه فليعلم أن هناك ذنوبًا رانت على القلب؛ لأن القلب إذا وصل إليه القرآن لا بد أن يؤثر فيه، ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر ٢١]، فهذا إذ لو وصل القرآن إلى القلب لا بد أن يؤثر فيه، فإذا لم يتأثر الإنسان بقراءة القرآن فإنه دليل على أن هناك حائلًا حال دون وصول القرآن إلى قلبه، وهي الذنوب، فليستعن بالله سبحانه وتعالى ويستغفر ويتوب لعل الله تعالى يزيل عنه هذا الأثر، ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا﴾، ﴿بِكُفْرِهِمْ﴾ (كفر) مصدر مضاف إلى أيش؟
* طالب: إلى مفعوله.
* طالب آخر: إلى فاعله.
* الشيخ: مضاف إلى فاعله؛ لأنهم كافرون، قال: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾.
* طالب: الباء يا شيخ؟
* الشيخ: الباء للسببية.
﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ انتبهوا للآية هذه، ﴿قَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ فيها إشكال هنا؛ لأن قوله: ﴿بِكُفْرِهِمْ﴾، ثم قال: ﴿قَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ يقتضي أنهم ما كفروا كفرًا مخرجًا عن الملة؛ لأن ﴿قَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ معناه: وفيهم إيمان، فيهم إيمان ولكنه قليل، فاختلف العلماء في تخريج هذه الآية، منهم من قال: إن القلة يعود على الفاعل لا على الإيمان، ويش معنى يعود على الفاعل؟ يعني: قليلًا المؤمن منهم، فهمتم؟ ومنهم من قال: إن القلة تعود إلى الإيمان لكن العرب يطلقون القليل يريدون به العدم، تقول: قَلّ ما رأيته قط، هكذا التعبير العربي، ومعنى قَلّ ما رأيته قط، أي: ما رأيته أبدًا، فقليلًا هنا أي عدمًا إيمانهم، فيرون أن القلة بمعنى العدم. القول الثالث في المسألة، وعلى هذين القولين فـ(ما) زائدة، زائدة لتأكيد القلة؛ لأن المعنى: فيؤمنون قليلًا، سواء قلنا: يعود على الإيمان أو يعود على المؤمن، على الفاعل، وبعضهم يقول: إن (ما) ليست زائدة، بل هي نافية، والتقدير: فما يؤمنون قليلًا، قالوا: وهو أيضًا على تقدير محذوف، أي: ولا كثيرًا كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾ [النحل ٨١]، يعني فما يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، يعني إذا فُقِد منهم القليل فالكثير من باب أولى، فهم لا يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، ولذلك ما يصل إليهم نور الوحي، فقلوبهم غُلف ما يصل إليها الخير، وهذا أقرب من الناحية المعنوية.
هذا ما يترتب عليه إشكال بالنسبة للقلة، لكنه مشكل بالنسبة لقواعد اللغة العربية؛ لأنه من المعلوم المقرر في اللغة العربية أن (ما) النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وهنا عمل ما بعدها فيما قبلها، هذا القائل يقول: من قال لكم: إن (ما) النافية ما يعمل ما بعدها فيما قبلها؟ عندكم في هذا نص من القرآن؟ نص من السنة؟ ويش الجواب؟ لا، لكننا ما رأينا أنه عمل ما بعدها فيما قبلها، فيقول هو: أنا رأيت، هذه الآية عمل ما بعدها فيما قبلها، ما دام أنه ما جاء نص يقول ترى (ما) النافية ما يعمل الذي بعدها فيما قبلها، فإني أقول: هذه الآية تدل على أن ما بعدها قد يعمل فيما قبلها، ولا مانع من هذا.
ثم إني بقولي هذا أزيل إشكالين: الإشكال الأول أتخلص من أن أقول إن (ما) زائدة لأن (...) (ما) زائدة، والثاني: إني أتخلص من الإشكال الوارد على كلمة ﴿قَلِيلًا﴾؛ لأن الحقيقة في الأمر أن القلة عندما نقرأ الآية تعود إلى مَن؟ إلى الإيمان ولّا إلى الفاعل؟ ﴿مَا يُؤْمِنُونَ﴾، إلى الواو ولّا إلى الفعل اللي هو الإيمان؟ حقيقة الأمر أنها تعود إلى الإيمان، مع أن هؤلاء ليس عندهم إيمان قليل ولا كثير، فأنا بسلوكي هذا المسلك أكون قد تخلصت من هذين الإشكالين وتبقى القلة على ما هي عليه، والمعنى: فلا يؤمنون قليلًا، وإذا عُدم القليل منهم عُدم الكثير.
على كل حال هذه الآية احتج هؤلاء على عدم إيمانهم بأن قلوبهم غلف، فبيّن الله عز وجل أنها ليست غلفاء، وأن الذي جعلها غلفاء هي كفرهم، لعنهم الله وطردهم وأبعدهم من رحمته بسبب كفرهم، فلهذا لا يصل الإيمان إلى قلوبهم، أما القلوب من حيث هي قلوب فإنها منفتحة تتفتح للإيمان؛ لأن الفطرة جُبل عليها كل الخلق، «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» »[[متفق عليه، أخرجه البخاري (١٣٨٥)، ومسلم (٢٦٥٨ / ٢٢)، واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة.]]، وما هي الفطرة؟ ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم ٣٠].
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ﴾ [البقرة ٨٩]، طبعًا عندي هذا الوجه أقرب.
* طالب: الأخير.
* الشيخ: الأخير هو أقرب.
* طالب: (...).
* الشيخ: مين اللي قال؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم، نقول: إي، إذا دلت (...) أنه يعمل يعمل، تقول: زيدًا ما ضربت (...) إني ما ضربت زيدًا.
* طالب: شيخ، إذا كان القليل الفاعل ما تكون (ما) اسم موصول؟
* الشيخ: ﴿فَقَلِيلًا﴾؟ لا، يشكل علينا أن (...) تقول: فقليل، يعني فالذين يؤمنون قليل.
﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة ٨٩] إلى آخره، هذه -والعياذ بالله- خاتمة المطاف، كل الرسل السابقين يكذبونهم ولا يقبلون ما جاؤوا به، فجاءهم كتاب من عند الله، ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ وين جواب ﴿وَلَمَّا﴾؟ ﴿كَفَرُوا بِهِ﴾، ﴿كَفَرُوا بِهِ﴾ هذا الجواب. ﴿لَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ وهو القرآن، ونكّره هنا للتعظيم ﴿كِتَابٌ﴾، وأكد تعظيمه بقوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، لكن ما هو الدليل بأنه من عند الله؟ إذا قالوا: هذا من كلام محمد ﷺ، فما هو الدليل؟
الدليل أن الله سبحانه وتعالى شهد للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه من عنده، شهد له بنصره إياه، الرسول يقول: هذا القرآن من عند الله وأنا أجاهدكم به وعليه، وأنتصر عليكم، لو كان من عند غير الله هل ينتصر به؟ ما يستطيع، ما ينتصر به، لو انتصر به لكان معناه أن الله ينصر الباطل، وهذا منافٍ لحكمة الله، إذن هو من عند الله بشهادة الله له، كما قال الله تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ [النساء ١٦٦]، إلى آخره، لكن الله يشهد بما أنزل إليك شهادة قولية وشهادة فعلية، وقوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ أضافه إلى ﴿عِنْدِ اللَّهِ﴾؛ لأنه كلامه كما سيأتينا إن شاء الله في فوائد الآية.
وقوله: ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾، ﴿مُصَدِّقٌ﴾ سبق لنا أن قلنا: إن معنى تصديق القرآن لما سبقه له وجهان هما:
* طالب: تصديق القرآن؟
* الشيخ: لما سبق.
* الطالب: أنه من عند الله.
* الشيخ: لا، يصدق ما سبق، ذكرنا أن له وجهين؟
* الطالب: أول شيء أنه من عند الله.
* الشيخ: لا.
* طالب: الوجه الأول: أنه أخبار القبل والبعد.
* الشيخ: أيش لون؟
* الطالب: يعني أخباره في السابق وفي..
* الشيخ: لا، لا ليس هذا.
* طالب: لأنه موافق في الأصول أصول الشرائع.
الشيخ: لا، لا، قلنا: مصدق، يعني أنه حكم بصدقه، قال: إنها صدق، ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ [البقرة ٢٨٥]، فهو يقول عن التوراة: إنها حق، وعن الإنجيل: إنه حق، وعن الزبور: إنه حق، فهو يصدقها، كما لو أخبرني مخبر وقلت: صدقت، أكون مصدقًا له؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: أكون مصدقًا له، الوجه الثاني من تصديقه لها أنه جاء مطابقًا لما أخبرت به، يعني هي أخبرت، فجاء مصدقًا لها، جاء مطابقًا لما أخبرت به، عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام قال: ﴿إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف ٦]، فجاء هذا الكتاب مصدقًا لهذه البشارة، فهذا معنى كونه مصدقًا لما سبق، أنه يقول: إنها صادقة، وأنه جاء مطابقًا لما أخبرت به
وقوله: ﴿لِمَا مَعَهُمْ﴾ من أين؟ من التوراة والإنجيل، وهذا واضح في أن التوراة أخبرت بالرسول عليه الصلاة والسلام، أخبرت بالرسول ﷺ إما باسمه أو بوصفه الذي لا ينطبق على غيره، وقوله: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ﴾، أي: من قبل أن يجيئهم، وهنا ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ لأيش مضمومة و(من) حرف جر؟ لأنها مبنية، وقد مر علينا أن (قبل) و(بعد) و(فوق) و(تحت) وما أشبهها أن لها أربع حالات، منها البناء على الضم إذا حُذف المضاف إليه ونُوِي معناه، فإنها تكون مبنية على الضم، أي جاء وكانوا من قبل أن يأتيهم هذا يستفتحون على الذين كفروا.
﴿يَسْتَفْتِحُونَ﴾ بمعنى أنهم يستنصرون ويقولون: سيكون لنا الفتح عليكم، يعني النصر عليكم، وقوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من أين؟ من المشركين اللي هم الأوس والخزرج؛ لأن الأوس والخزرج كانوا على الكفر، ما هم بأهل كتاب كما هو معروف، فكانوا يقولون: إنه سيُبعث نبي وسنتبعه وسننتصر عليكم، ﴿يَسْتَفْتِحُونَ﴾، لكن لما جاءهم ما عرفوا كفروا به والعياذ بالله جاءهم الشيء الذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولكنهم كفروا به.
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة ٨٦]. (...) يكفرون بآياته إنما يريدون بذلك الحياة الدنيا؛ لأن الإشارة في قوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ على ما سبق ذكره الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.
* الفائدة الثانية من هذه الآية: أن الدنيا والآخرة ضرتان، بمعنى أن من أراد إحداهما كاملة أضر بالأخرى، ولكن أما من أراد الدنيا فلا شك أنه يضر بالآخرة، وأما من أراد الآخرة فإنه لا يفوته شيء من الدنيا؛ لقوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى ٢٠].
* طالب: (...).
* الشيخ: إلا إذا أراد الإنسان إحداهما كاملة وخصوصًا الدنيا إذا أرادها أضرت بالآخرة، بالعكس لا تضره إذا قلنا بأن قوله: ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ بأن يؤتيه من الدنيا أيضًا.
* وفيه أيضًا دليل على استمرار العذاب على من آثر الدنيا على الآخرة وجعلها بديلًا عنها؛ لقوله: ﴿فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ﴾.
* الفائدة الرابعة: أن هؤلاء ليس لهم ناصر ينصرهم ويمنعهم من عذاب الله، لا آلهتهم، ولا زعماؤهم، بل إنهم هم يلعنون زعماءهم يوم القيامة ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب ٦٧]، وكذلك زعماؤهم يتبرؤون منهم، ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة ١٦٦]، والآية الثالثة: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف ٣٨].
ثم قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾.
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: إثبات نبوة موسى؛ لقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾.
* ويستفاد منه: تأكيد الخبر ذي الشأن وإن لم ينكر المخاطب؛ لقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا﴾ فإنها مؤكدة بثلاثة مؤكدات مع أنها لم يخاطب بها من ينكر، وقد مر علينا أن تأكيد الكلام يكون في ثلاثة مواضع:
أولًا: إذا خوطب به المنكِر، وقد قال علماء البلاغة: إنه في هذه الحال يؤكد وجوبًا.
وإذا خوطب به المتردِّد، وقد قال علماء البلاغة: إنه في هذه الحال يؤكد استحسانًا.
والثالث: إذا كان الخبر ذا أهمية بالغة فإنه يؤكد وإن خوطب به من لم ينكر أو يتردد، حتى لو خاطبت به إنسانًا ابتداء وهو من ذوات الأمور الهامة فإنه يحسن توكيده.
* الفائدة الثالثة: أن مَن بعد موسى من الرسل تبع له من بني إسرائيل؛ لقوله: ﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾، ويشهد لذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ﴾ [المائدة ٤٤].
* الفائدة التالية: ثبوت نبوة عيسى؛ لقوله: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾.
* الفائدة التالية: أن من لا أب له شرعًا يُنسب إلى أمه كمن لا أب له قدرًا، عيسى بن مريم لا أب له قدرًا، كونًا ليس له أب، من ليس له أب شرعي فهو مثله يُنسب إلى أمه، مثل ولد الزنا -والعياذ بالله- وبهذا نعرف أن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن أمه عصبته، وليس عصبته عصبة أمه؛ لأن العلماء اختلفوا فيمن ليس له أب شرعي هل إن أمه تأخذ نصيبها من الإرث والباقي لعصبتها؟ أو أنها تأخذ نصيبها من الإرث فرضًا والباقي تعصيبًا؟ لأنها هي أبٌ أم هي أمٌّ أبٌ، وهذا القول هو الصحيح وهو الراجح؛ لأن عصبتها يُدلون بها، عصبتها يدلون بها، فكيف يكونون هم عصبة وهي ليست عصبة، ولهذا ما يوجد عاصب يدلي بذي فرض، بصاحب فرض، كل العصبة يدلون بالعصبة، وقد يدلي العاصب يعني صاحب الفرض بصاحب الفرض، مثل الإخوة من الأم يدلون بالأم وهم أصحاب فروض، ويدلي صاحب الفرض بالعاصب، كبنت الابن تدلي بالابن، وهي صاحبة فرض، أما أن يدلي عاصب بصاحب فرض فهذا لا يمكن، ولذلك الصحيح أنه أي أن عصبة من ليس له أب شرعي هي أمه أولًا ثم عصباته.
* طالب: شيخ الحديث «لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» »[[متفق عليه، أخرجه البخاري (٦٧٣٢)، ومسلم (١٦١٥ / ٢) من حديث ابن عباس.]]؟
* الشيخ: إي نعم، (...) بالاتفاق أنه ما هو مقيد لكن خصه بالذكورة؛ لأن الغالب أنهم هم الذكور، وإلا فالأخوات الشقيقات مع البنات عصبة بالاتفاق، وليسوا ذكورًا، وقد جاء في حديث في السنن «تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ: عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» »[[أخرجه أبو داود في سننه (٢٩٠٦)، والترمذي في جامعه (٢١١٥) من حديث واثلة بن الأسقع.]].
* طالب: شيخ، ما معنى: «وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ»؟
* الشيخ: «وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ»، معناه: أن الزوج إذا رمى زوجته بالزنا -والعياذ بالله- بأنها زنت وأن ولدها ليس منه، وحصل اللعان المعروف في سورة النور، فإن الولد يكون لأمه وليس لأبيه.
فيها أيضًا * الفائدة التالية: أن عيسى بن مريم أعطاه الله آيات بينات كونية وشرعية، وآياته الكونية أظهر من آياته الشرعية؛ لأنه أُعطي آيات إحياء الموتى وإخراجهم من القبور، وإبراء الأكمه والأبرص، وأنه يصنع أو يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيطير بإذن الله، وكذلك أيضًا يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، فهو آيات بينات كثيرة لعيسى بن مريم، قالوا: إن الحكمة؛ لأن الطب في وقته عليه الصلاة والسلام ترقى كثيرًا، الطب، فأتى بآيات لا يستطيع الأطباء أن يقوموا بمثلها.
* الفائدة التالية: أن الله سبحانه وتعالى أيّد عيسى بجبرائيل ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾.
* الفائدة التالية أيضًا: أن الملائكة من جملة تسخيرهم للخلق أنهم يؤيدون مَن أمرهم الله بتأييده، ولهذا قال النبي ﷺ لحسان بن ثابت: «اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» »[[تقدم تخريجه.]].
* الفائدة التالية: بيان عتوّ بني إسرائيل، وأنهم لا يريدون الحق، ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ﴾.
* الفائدة التالية أيضًا: أن من استكبر عن الحق إذا كان لا يوافق هواه من هذه الأمة فهو شبيه ببني إسرائيل، فإذا استكبر عن الحق سواء تحيّل على ذلك بالتحريف، أو أقر بأنه هذا الحق ولكن استكبر عنه، فإنه مشابه لبني إسرائيل، ونحن نعرف أن الخارجين عن الحق ينقسمون إلى قسمين: قسم يقر به وينكره صراحة ويعترف بأنه عاصي، فهذا أمره واضح وسبيله على ما مشى عليه، قسم آخر يستكبر عن الحق ويحاول أن يحرّف النصوص إلى هواه، وهذا الأخير أشد من الأول، أشد على الإسلام من الأول؛ لأنه يغتر به الناس، ومثال ذلك: دعا بعض الدول العربية إلى الاشتراكية، دعوا إلى الاشتراكية وأجلبوا وأطنبوا فيها، وصاروا يأتون بآيات وأحاديث متشابهات فيحرفونها لإثبات ما ذهبوا إليه، قالوا: إن الله يقول: ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾ [الروم ٢٨]، قال: ﴿فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾ فهذا اشتراك، «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءُ، وَالْكَلَأُ، وَالنَّارُ»[[أخرجه أبو داود في سننه (٣٤٧٧) من حديث رجل من المهاجرين بلفظ: «الْمُسْلِمُونَ...».]]؛ أيضًا «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا» »[[متفق عليه، أخرجه البخاري (٢٣٤٠)، ومسلم (١٥٣٦ / ٨٨) من حديث جابر، واللفظ لمسلم. ]]، ولا يمكن تؤجر الأراضي (...) من هؤلاء الناس، ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾ [النحل ٧١].
الحاصل أنهم هؤلاء نقول: إن هذا نوع من الاستكبار، ولكنه استكبار بخداع، وهو أشد من الأول، إذن كل من سلك هذا المسلك من هذه الأمة فهو مشابه لليهود.
* طالب: الأول جحود يا شيخ ولا استكبار؟
* الشيخ: لا.
* الطالب: الأول استكبار؟
* الشيخ: إي، الأول استكبار، وهذا أيضًا مستكبر لكن هو متحيل على النصوص، بعض الناس يستكبر عن الحق؛ لأنه يخالف هوى نفسه، وبعض الناس يستكبر عن الحق لأنه أتى ممن يعتقد أنه دونه، فيقول: أنت تعلّم؟ ويش أنت، أنت رضيع (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: ويش ها الدين الجديد؟ وما أشبه ذلك، هذا من الاستكبار عن الحق، ولذلك الواجب أن الإنسان ما يقيس الحق بقائله، وإنما يقيس الحق بدليل، إذا كان عنده دليل، الحمد لله، هذا هو الذي يريد الإنسان.
* الفائدة التالية: بيان أن بني إسرائيل انقسموا في هؤلاء الذين جاؤوا بما لا تهوى أنفسهم، انقسموا إلى قسمين: قسم كذبوه، وقسم آخر قتلوه، فمن الذي يُكَذِّبون ويقتلون؟ إذا كان -فيما يبدو، والله أعلم- إذا كان للإنسان دعوة قوية مؤثرة استراحوا منه بالقتل، وإذا كان الأمر أقل اكتفوا بالتكذيب؛ لأنهم إذا كذّبوه نفر الناس منه، هذا أيضًا موجود في هذه الأمة، فإنهم إذا رأوا الداعية القوي الذي لا يمكنهم أن يقولوا للناس: هذا ليس على حق، لو قالوا للناس: هذا الرجل ما هو على الحق، ما هم طايعينه، ماذا يصنعون؟ يقتلونه، يدبرون له إما تحيلًا أو صراحة، يحاكمونه وبالمشانق، إذن من سلك هذا السبيل من هذه الأمة فهو مشابه لليهود، وبه يتحقق قول الرسول ﷺ: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» »[[أخرجه الترمذي في جامعه (٢١٨٠)، وأحمد في المسند (٢١٨٩٧)، واللفظ لأحمد.]].
قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾.
* يستفاد من هذه الآية: أن هؤلاء الذين لم يقبلوا الحق احتجوا بما ليس بحجة، فقالوا: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾، ويش معنى غلف؟ مغلقة، ما يصل إليها قولك.
* الفائدة التالية: أن من صنع مثل صنيعهم فهو شبيه بهم، يقول بعض الناس الآن عندما تأمره بالمعروف يقول: والله ما هدانا الله -والعياذ بالله– يقول: ما هدانا الله، هذا مثل الذين قالوا: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾، ومثل من قالوا: ﴿لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾ [إبراهيم ٢١]، المهم أنه يوجد ناس ودائمًا نسمع إنه إذا نصحوا أولادهم أو المرأة مثلًا نصحت زوجها أو ما أشبه ذلك قال: والله ما هدانا الله، ما هدانا الله، والعياذ بالله.
* طالب: المدخنين يقولون كذلك.
* الشيخ: والمدخنين، نعم، المدخنين صحيح، المهم أن هؤلاء نقول: قالوا مثل قول اليهود: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾.
* ثالثًا: أن القلوب بفطرتها ليست غلفاء؛ لقوله: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾، وهذا الإضراب للإبطال، يعني: ليست القلوب غلفاء ما تقبل الحق، لكن هناك شيء آخر هو الذي منع من وصول الحق، وهو لعن الله إياهم بسبب كفرهم، ففيه دليل على أن الفطرة من حيث هي فطرة تقبل الحق، ولكن يوجد لها موانع.
* الفائدة التالية: بيان أن الأسباب مهما قويت إذا زاد عليها المانع لم تؤثر شيئًا، ولّا لا؟ فالقلوب وإن كانت مفطورة على الدين القيم لكن إذا وجد موانع -والعياذ بالله- ما تمكنت من الهدى، وقد قيل: إن الأمور لا تتم إلا بوجود أسبابها وانتفاء موانعها.
* الفائدة التالية: أن الإيمان في هؤلاء اليهود قليل؛ لقوله: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾، وأظن تقدم لنا أن فيها خلاف للمفسرين والْمُعْرِبين في قوله: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾، هذه القلة هي بالنسبة للإيمان في قلب الإنسان ولّا بالنسبة للكمية؟ فيها قولان أيضًا، فمنهم من يقول: إنها بالنسبة للكمية، يعني قليلًا من آمن (...)، ومنهم من يقول: إنها بالنسبة للكيفية، وأن معناها ما يؤمنون قليلًا، يعني ولا كثيرًا، فالإيمان معدوم، إذا كان ما عنده إيمان قليل ولا كثير فهو معدوم.
* طالب: شيخ، اللعن فيه فائدة؟
* الشيخ: إي نعم، إثبات الأسباب، كقوله: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِم﴾، هذا تريد؟
* الطالب: لا، اللعن جواز اللعن، إنه لُعِنوا بسبب..؟
* الشيخ: لا، لا، خبر خبر، هذا خبر، لُعنوا بكفرهم، هذا ما في شيء.
* الطالب: يؤخذ من الخبر فائدة.
* الشيخ: وهي؟
* الطالب: من توفرت فيه أسباب اللعن لعن؟
* الشيخ: لا، لو وجدنا كافرًا ما نقول: لعنك الله، لكن ما يجوز أن ندعو عليه باللعنة؛ لأن الله نهى رسوله ﷺ عن هذا، وقال: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ﴾ [آل عمران ١٢٨]، أما لو مات على الكفر فيجوز لعنه بشخصه، أما اللعن على العموم مثل: لعنة الله على الكافرين، ما فيها بأس، المهم فيها إثبات الأسباب، وهذا مهم، ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾.
وبناء على هذه الفائدة نُبطل قول الجهمية الذين ينكرون الأسباب، ما مر علينا في التوحيد أن الجهمية ينكرون الأسباب، ويقولون: إن أفعال الله ليست لحكمة، بل هي لمجرد المشيئة، وأن الأشعرية تحذلقوا وقالوا: نحن لا نثبت الأسباب كما يثبتها القدرية، ولا ننكرها كما ينكرها الجهمية، ولكننا نقول: إن الأسباب يحصل الشيء عندها لا بها، هم يقولون: ما ننكر الأسباب، لكن السبب ما يكون به الشيء، يكون عنده الشيء، فإذا كسرت القارورة بالحجر وضربها الحجر واصطدم بها فهي لم تنكسر بالحجر، لكن انكسرت عند الحجر، وكذلك أيضًا لو ذبحت الشاة وماتت يقولون: ما ماتت بالذبح ولكن عند الذبح، وهكذا الكلام خرافة بالحقيقة، كلام غير معقول.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: الأشعرية؛ نعم (...).
* الطالب: ويدّعون رجاحة العقول.
* الشيخ: المهم أننا في هذه الآية أثبتنا الأسباب، وهو أمر فطري، حتى لو تُرك الإنسان بل البهيمة تعرف السبب، أليست تطلب الماء عند العطش؟ وتطلب العلف عند الجوع؟ وتستكن من الحر ومن البرد؟ تدري مثلًا أن دخولها في هذه المغارة ينجيها من المطر أو من البرد أو من الشمس، تدري أن ذهابها إلى الماء وتشرب ينقذها من الهلاك، وهكذا، فإثبات الأسباب في الحقيقة أمر فطري فُطر عليه، حتى البهائم فطرت عليه.
﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.﴾
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: أولًا: أن القرآن من عند الله؛ لقوله: ﴿كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾.
* ثانيًا: أن القرآن كلامه سبحانه وتعالى، القرآن كلام الله تكلم به حقيقة؛ لقوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، ومعلوم أن الكلام ليس جسمًا يقوم بنفسه حتى نقول: إنه مخلوق، ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [الأعراف ٢٠٦] هؤلاء من؟
* الطلبة: الملائكة.
* الشيخ: هل يمكن أن نقول: الملائكة صفة من صفات الله؛ لأن الله أضافهم إلى عنده؟ لا؛ لأنها أعيان قائمة بنفسها، لكن ﴿كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ الكتاب بمعنى المكتوب، وهو الكلام المكتوب ما يمكن أن يستقل بنفسه، فهو كلام الله عز وجل، هل القرآن كلام الله لفظًا ومعنى؟
* الطلبة: لفظًا ومعنى.
* الشيخ: لفظًا ومعنى، من الذين قالوا: إنه معنى لا لفظًا؟
* الطلبة: الأشاعرة.
* الشيخ: الأشاعرة، الجهمية والمعتزلة يقولون: هو كلام الله لفظًا ومعنى لكنه مخلوق مثل باقي المخلوقات، وأهل السنة والجماعة يقولون: كلام الله لفظًا ومعنى وهو غير مخلوق، بل هو صفة من صفات الله.
* الفائدة التالية وهي الثالثة أظن: التنويه بفضل القرآن؛ لقوله: ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾، ولقوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، لكن هذا معلوم أن ما كان من صفة الله فهو كامل، لكن قوله: ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾ هذا تنويه بفضله، وأنه ما أتى بشيء يكذب مَن سبقه من الكتب.
* الفائدة التالية: أن هؤلاء اليهود كانوا يعرفون أن النبي ﷺ سيُبعث؛ لقوله: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، يعني يستنصرون، بمعنى: يطلبون النصر أو يقولون به، فهم قبل نزول القرآن، قبل مجيء الرسول ﷺ يقولون للعرب: إنه سيُبعث نبي وينزل بكتاب وننتصر به عليكم، ولما جاء الأمر، ﴿لَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ شوف قال: ﴿مَا عَرَفُوا﴾، ولم يقل: ما علموا؛ لأن المعرفة أخص من العلم؛ لأنها -كما قالوا- انكشاف بعد لبس، وبعدما أنهم تحيّنوا الأمر وترقبوه جاءهم ما عرفوا معرفة عينية كما يعرفون أبناءهم.
وفيه أيضًا * الفائدة التالية: أن اليهود -عليهم لعائن الله- ما خضعوا للحق حتى الذي يقرون به ما خضعوا له؛ لأنهم كفروا به فيدل على عتوهم وعنادهم.
* الفائدة التالية: أن الكافر مستحق للعنة الله وواجبة عليه؛ لقوله: ﴿فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾، واللعنة مر علينا أنها هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
* طالب: بعض العلماء والمفسرين استدلوا ولكن (...) بجواز لعن المعين من آية البقرة ﴿لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [البقرة ١٦١]، وبالحديث «لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» »[[أخرجه البخاري (٦٧٨٠) من حديث عمر بن الخطاب. بلفظ: «لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».]]، قالوا: منع من اللعن؛ لأنه يحب الله ورسوله، والكافر قطعًا لا يحب الله ورسوله؟
* الشيخ: لكن هذه من المتشابهات، هذه من النصوص المتشابهة، أما الأول ما فيه دليل؛ لأنها عامة، والعموم لا شك في جواز لعنهم، الثاني هذا المراد باللعن إما أن نقول: المراد باللعن السب، أو نقول: إن هذا اللعن لهذا الرجل يدل مفهومه أن من لا يحب الله ورسوله فإنه يجوز لعنه، لكن هذا المفهوم عورض بالمنطوق الذي هو أقوى منه، وهو أن الله سبحانه وتعالى نهى نبيه ﷺ أن يلعن أئمة الكفر، كأن يقول: اللهم العن فلان وفلان وفلان، ويسميهم وهم أئمة الكفر، (...) هذا.
* طالب: هذا في الصلاة؟
* الشيخ: لا، لا؛ لأن الله بيّن العلة، قال: ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [آل عمران ١٢٨]، (...) لأنه في الصلاة وما مُنع في الصلاة مُنع في غيرها؛ لأن الدعاء في الصلاة جائز من حيث هو، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الشيطان: «أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ» »[[أخرجه مسلم (٥٤٢ / ٤٠) من حديث أبي الدرداء.]]، فاللي يستحق اللعن يجوز لعنه في الصلاة، فالعلة أشار الله إليها بقوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ﴾ [آل عمران ١٢٨]، فما داموا أحياء فإن الله سبحانه وتعالى مقلب القلوب، وكم من أناس كانوا من الطواغيت وأئمة الكفر فصاروا من أئمة الإسلام.
* طالب: نهى عائشة عن ذلك «عندما كانوا يسلّمون على النبي ﷺ يقولون: السَّامُ عليك؟ »[[متفق عليه. البخاري (٢٩٣٥)، ومسلم (٢١٦٥ / ١١) من حديث عائشة.]]
* الشيخ: إي نعم، نهاها؛ لأن هذا من باب التفحش، الفحش والتفحش؛ قال: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ»[[أخرجه مسلم(٢١٦٥ / ١١) وهو رواية للحديث السابق.]].
* الطالب: هو من هذا الباب؟
* الشيخ: يحتمل، أو إنه من باب المقابلة؛ لأنهم يقولون: السام عليك، ويجوز أنك تدعو على من دعا عليك بمثله، لكن ما هو بهذا العنف.
﴿ ﴾
{"ayahs_start":87,"ayahs":["وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَقَفَّیۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِۖ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَیَّدۡنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقࣰا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ","وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ","وَلَمَّا جَاۤءَهُمۡ كِتَـٰبࣱ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُوا۟ مِن قَبۡلُ یَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَلَمَّا جَاۤءَهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَقَفَّیۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِۖ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَیَّدۡنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقࣰا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق