الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ﴾ أيِ التَّوْراةَ ﴿وَقَفَّيْنا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ أيْ أرْسَلْنا عَلى أثَرِهِ الرُّسُلَ، كَقَوْلِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿ثُمَّ أرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرى﴾ . يُقالُ قَفّاهُ إذا تَبِعَهُ، وقَفّاهُ بِهِ إذا أتْبَعَهُ إيّاهُ مِنَ القَفا، نَحْوَ ذَنْبِهِ مِنَ الذَّنْبِ ﴿وَآتَيْنا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّناتِ﴾ المُعْجِزاتِ الواضِحاتِ كَإحْياءِ المَوْتى وإبْراءِ الأكَمَهِ والأبْرَصِ، والإخْبارِ بِالمُغَيَّباتِ. أوِ الإنْجِيلَ، وعِيسى بِالعِبْرِيَّةِ أبْشُوعُ. ومَرْيَمُ بِمَعْنى الخادِمِ، وهو بِالعَرَبِيَّةِ مِنَ النِّساءِ كالزِّيرِ مِنَ الرِّجالِ، قالَ رُؤْبَةُ: ؎ قُلْتُ لِزِيرٍ لَمْ تَصُلْهُ مَرْيَمَهْ. وَوَزْنُهُ مَفْعَلٌ إذْ لَمْ يَثْبُتُ فَعِيلٌ ﴿وَأيَّدْناهُ﴾ وقَوَّيْناهُ، (p-93)وَقُرِئَ « آيَدْناهُ» بِالمَدِّ ﴿بِرُوحِ القُدُسِ﴾ بِالرُّوحِ المُقَدَّسَةِ كَقَوْلِكَ: حاتِمُ الجُودِ، ورَجُلُ صِدْقٍ، وأرادَ بِهِ جِبْرِيلَ. وَقِيلَ: رُوحُ عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ووَصَفَها بِهِ لِطَهارَتِهِ عَنْ مَسِّ الشَّيْطانِ، أوْ لِكَرامَتِهِ عَلى اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى ولِذَلِكَ أضافَهُ إلى نَفْسِهِ تَعالى، أوْ لِأنَّهُ لَمْ تَضُمَّهُ الأصْلابُ والأرْحامُ الطَّوامِثُ، أوِ الإنْجِيلُ، أوِ اسْمُ اللَّهِ الأعْظَمِ الَّذِي كانَ يُحْيِي بِهِ المَوْتى، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ « القُدْسِ» بِالإسْكانِ في جَمِيعِ القُرْآنِ ﴿أفَكُلَّما جاءَكم رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أنْفُسُكُمُ﴾ بِما لا تُحِبُّهُ. يُقالُ هَوِيَ بِالكَسْرِ هَوًى إذا أحَبَّ وهَوى بِالفَتْحِ هُوِيًّا بِالضَّمِّ إذا سَقَطَ. ووُسِّطَتِ الهَمْزَةُ بَيْنَ الفاءِ وما تَعَلَّقَتْ بِهِ تَوْبِيخًا لَهم عَلى تَعْقِيبِهِمْ ذاكَ بِهَذا وتَعْجِيبًا مِن شَأْنِهِمْ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ اسْتِئْنافًا والفاءُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ، ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ عَنِ الإيمانِ واتِّباعِ الرُّسُلِ. ﴿فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ﴾ كَمُوسى وعِيسى عَلَيْهِما السَّلامُ، والفاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أوْ لِلتَّفْصِيلِ ﴿وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ كَزَكَرِيّا ويَحْيى عَلَيْهِما السَّلامُ، وإنَّما ذُكِرَ بِلَفْظِ المُضارِعِ عَلى حِكايَةِ الحالِ الماضِيَةِ اسْتِحْضارًا لَها في النُّفُوسِ، فَإنَّ الأمْرَ فَظِيعٌ. أوْ مُراعاةً لِلْفَواصِلِ، أوْ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّكم بَعْدُ فِيهِ فَإنَّكم تَحُومُونَ حَوْلَ قَتْلِ مُحَمَّدٍ ﷺ، لَوْلا أنِّي أعْصِمُهُ مِنكُمْ، ولِذَلِكَ سَحَرْتُمُوهُ وسَمَمْتُمْ لَهُ الشّاةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب