الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة ٢٦٧] قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ سبق لنا مرارًا وتكرارًا أن تصدير الخطاب بالنداء يدل على أيش؟ على أهميته والعناية به؛ لأن النداء يتضمن التنبيه، والتنبيه على الشيء دليل على الاهتمام به، وأن تصديره بـ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بهذا الوصف يفيد عدة فوائد:
الأولى: الإغراء، والإغراء معناه الحث على قبول ما تُخاطب به، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَأَرْعِهَا سَمْعَكَ فَإِمَّا خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ وَإِمَّا شَرٌّ تُنْهَى عَنْهُ»[[أخرجه سعيد بن منصور في التفسير (٥٠) بلفظ: «فأَصْغِ لها سمعَكَ فإنَّهُ خيرٌ تُؤمَرُ به أو شرّ تُصرَفُ عنْهُ».]]، ولهذا لو ناديتك بوصفك وقلت: يا رجل، يا ذكي، يا كريم، معناه يا من تُوصف بهذا اجعل آثار هذا الشيء باديًا عليك، فيكون الفائدة الأولى هي الإغراء.
الفائدة الثانية: أن امتثال ما أُمر به من مقتضيات الإيمان كأنه قال: يا أيها الذين آمنوا إن إيمانكم يدعوكم إلى كذا وكذا.
الشيء الثالث: أن مخالفته نقص في الإيمان؛ لأنه لو حقَّق هذا الوصف لقام بما أُمِر به.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ بعد أن ذكر الله فيما سبق فضيلة الإنفاق ابتغاء وجهه، وسوء العاقبة لمن منّ بصدقته أو أنفق رياءً حث على الإنفاق، لكن الفرق بين ما هنا وبين ما سبق؛ أن ما هنا بيان للذي يُنفق منه، وهناك بيان للذي يُنفق عليه عرفتم؟ هنا بيان للذي ينفق منه، من أين نُنفق؟ قال: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ الطيِّب من الكسب هو الكسب الحلال، والخبيث هو الكسب الحرام، كل كسب حرام فهو خبيث، وكل كسب حلال فهو طيِّب. ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ لا من خبائثه عرفتم؟ والخبيث: قد يراد به الحرام وهو خبيث لكسبه، وقد يراد به الرديء، وهو خبيث لعينه بعينه، وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك.
قال: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ أي ما حصَّلتموه بالكسب مثل الدراهم، التجارة، مغلَّة الوقف، الإجارة، وغير ذلك، كل شيء حصل بعمل منك فهو من كسبك.
قال: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ قال بعضهم: إن قوله: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ معطوف على (ما) في قوله: ﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾ يعني ومن طيبات ما أخرجنا لكم من الأرض، ولكن الصحيح اللي يظهر أنه معطوف على قوله: ﴿طَيِّبَاتِ﴾ يعني أنفقوا من طيبات ما رزقناكم، وأنفقوا مما أخرجنا لكم من الأرض؛ لأن ما أخرج الله لنا من الأرض كله طيب، ملك لنا ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾.
وقوله: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ هنا (من) للتبعيض ولّا للبيان؟
* الطلبة: للتبعيض.
* الشيخ: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ أنفقوا بعض طيبات ما كسبتم وبعض ما أخرجنا لكم من الأرض، أو أنفِقوا مما أخرجنا لكم من الأرض ولو أنفقتم الكل؟
* الطلبة: الأوَّل.
* الشيخ: فيه احتمال أن (مِن) لبيان الجنس، والمعنى ﴿أَنْفِقُوا﴾ من هذا ولو أنفق الإنسان كل ماله، أو أن المراد البعض التبعيض، ويكون الأمر بالإنفاق أمرًا بإنفاق البعض لا إنفاق الكل، ولكن أنا عندي أنها للجنس أحسن؛ لأنها للجنس تعم القليل والكثير.
قال: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ والله يخرج لنا من الأرض أيش؟
* طالب: النبات والمعادن.
* الشيخ: النخيل، الأعناب، الزروع، الفاكهة، المعادن، وغير ذلك أشياء كثيرة، فما أخرج لنا من الأرض يجب أن نُنفق منه.
قال: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ﴾ ﴿تَيَمَّمُوا﴾ بمعنى: تقصدوا؛ لأن التيمم في اللغة: القصد، ومنه قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة ٦].
وقوله: ﴿الْخَبِيثَ﴾ المراد بالخبيث هنا الردي، يعني لا تقصدوا الردي تخرجونه وتبقون لأنفسكم الطيِّب، فإن هذا ليس من العدل، ولهذا قال: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾. كلمة: ﴿مِنْهُ﴾ متعلقة بـ﴿الْخَبِيثَ﴾ على أنها حال؟ أو متعلقة بـ﴿تُنْفِقُونَ﴾؟
فيها وجهان: قيل: إنها ﴿مِنْهُ﴾ متعلقة بـ﴿الْخَبِيثَ﴾ على أنها حال، الخبيث حال كونه مما أخرجنا لكم من الأرض، وعلى هذا يكون في ﴿تُنْفِقُونَ﴾ ضمير محذوف، تقديره: تنفقونه. ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ﴾ أي مما أخرجنا لكم تنفقونه.
وقيل: بل متعلق بقوله: ﴿تُنْفِقُونَ﴾ يعني ولا تقصدوا الخبيث تُنفقون منه، وأنه قدمها على عاملها لأي شيء؟
* طالب: للحصر.
* الشيخ: للحصر، والقولان من حيث المعنى لا يختلفان، فإن معناها أن الله ينهانا أن نقصد الخبيث وهو الردي لننفق منه.
قال: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ نشوف الجيد منكم يعرب لنا ﴿بِآخِذِيهِ﴾؟ ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾.
* طالب: خبر ليس.
* الشيخ: أعربها ﴿لَسْتُمْ﴾ كلها كل الجملة أعربها؟
* الطالب: ﴿بِآخِذِيهِ﴾ جار ومجرور.
* الشيخ: لا أعرب ﴿لَسْتُمْ﴾.
* الطالب: ليس فعل ماضٍ مبني على الفتح.
* الشيخ: ليس فعل ماضٍ ناقص.
* الطالب: فعل ماضٍ ناقص.
* الشيخ: أيش يعمل؟
* الطالب: ينصب المفعول، يرفع المبتدأ وينصب الخبر.
* الشيخ: طيب، ﴿لَسْتُمْ﴾.
* الطالب: ضمير الفصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
* الشيخ: فاعل؟
* الطالب: لا ما هو فاعل في محل رفع.
* الشيخ: اسم؟
* الطالب: اسم (ليس).
* الشيخ: اسم (ليس) والميم؟
* الطالب: ميم الجمع.
* الشيخ: ﴿بِآخِذِيهِ﴾؟
* الطالب: الباء حرف جر زائد.
* الشيخ: زائد؟ إما قيدها وإلا قل زائد زائد.
* طالب: زائد بس؟
* الشيخ: زائد بس، ما يصلح؟
* طالب: نقول: الباء حرف جر زائد لفظًا يعني غير زائد معنى.
* الشيخ: نعم زين صح.
* طالب: و﴿آخِذ﴾ خبر كان منصوب بها وعلامة نصبه الياء و﴿آخِذ﴾ مضاف.
* الشيخ: وين الياء؟
* الطالب: ياء في آخذيه.
* الشيخ: ما هو حرف جر؟
* الطالب: بس يعني مقدر.
* الشيخ: وعلامة نصبه؟
* طالب: كسرة.
* الشيخ: الياء ولّا كسرة؟
* الطالب: الياء.
* الشيخ: الياء المقدّرة على الياء التي اجتلبت لحرف الجر الزائد، شوف فلسفة هذه، لكن هذه قواعد النحو، والنون؟
* الطالب: محذوف للإضافة.
* الشيخ: للإضافة طيب المعنى؟
* طالب: زائد معنى ولا غير زائد يا شيخ؟
* الشيخ: المعنى.
* طالب: من غير زائد ولا زائد؟
* الشيخ: لا في المعنى غير زائد، يفيد التوكيد.
قوله: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾ الإعراب كما سمعتم والباء حرف جر زائد لفظًا غير زائد معنى، لفظًا بمعنى أن الإعراب يصح بدونه، هذا اللفظ بس معنى قولنا زائد لفظًا أن الإعراب يصح بدونه، لكنه غير زائد معنى؛ لأنه يفيد أيش؟
* الطلبة: التوكيد.
* الشيخ: يفيد التوكيد، يعني أن الله عز وجل يقول: كيف تيمموا الخبيث تنفقون منه ولستم بآخذيه لو أُعطيتموه؟ أنت لو كان لك حق عند شخص وأعطاك الرديء من المال المشترك تقبل ولَّا لا؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: لا تقبل إلا أن تغمضوا فيه، يعني أن تأخذوه عن إغماض وتساهل، فربما ولنضرب لهذا مثلًا: بيني وبينك تمر مشترك، في هذا التمر الردي والوسط والطيب، أردت القسمة فأعطيتك الجانب الردي من هذا التمر أتقبل؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: قد تقول: لا أقبل، لك الحق في هذا، وربما يكون عندك حياء وخجل فتأخذه على إغماض، ومعنى الإغماض معناه التساهل والتغاضي عن الشيء كالرجل يُغمض عينيه عن الشيء كراهة أن يراه لكن خجلًا منه، فكما يقال في المثل: (خذه وأنت ما تشوف). فنقول: لو أُعطيت من مال مشترك بينك وبين غيرك من الردي من هذا المال أتقبل؟ لا، إلا على إغماض، فكيف ترضى أن تُعطي من يستحق الإنفاق من مالك تعطيه من الجانب أيش الردي، هل هذا من العدل؟
ليس من العدل، علمًا بأنك إذا أعطيته من الردي فإنما أعطيت نفسك، وإذا أعطيته من الجيد فإنما أعطيت نفسك، قال الله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران ٩٢] وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله تصدَّق به[[أخرجه أبو نعيم في الحلية (١ / ٢٩٤)، من حديث نافع عنه بلفظ كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبُهُ بشيء من ماله قرّبه لربه عز وجل.]]، وأبو طلحة -تعرفون قصته رضي الله عنه-« لما نزلت هذه الآية جاء إلى النبي ﷺ وقال: يا رسول الله، إن الله يقول:» ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران ٩٢] «وإن أحب مالي إليَّ بَيْرُحاء» - بيرحاء بستان مستقبلة المسجد النبوي كان النبي ﷺ يأتي إليها ويشرب من ماء فيها طيب قَراح ونظيف، يعني هذا البستان يزداد غلاؤه من حيث مجيء الرسول ﷺ إليه وشربه منه- قال رضي الله عنه: «وَإِنَّ أَحَبَّ مَالِي إليَّ بَيْرُحَاءُ، وَإِنَّنِي– يعني - أُقَدِّمُهَا صَدَقَةً، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَخٍ بَخٍ، مَالٌ رَابِحٌ مَالٌ رَابِحٌ» » الله أكبر، هذا المال الرابح «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ»[[أخرجه البخاري(١٤٦١) من حديث أنس.]]؛ لأنه قال: ضعها حيث أراك الله. الشاهد أن هذا الإنسان الذي ينفق الطيب هو أنفق لنفسه في الواقع، والذي يُنفق الخبيث لنفسه أيضًا.
هنا يقول: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ والطيِّب يعني نُنفق الطيب.
قال: ﴿وَاعْلَمُوا﴾.
* طالب: الجملة يا شيخ.
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: ﴿لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾
* الشيخ: من حيث أيش؟
* الطالب: من حيث الإعراب، فيه موضع نصب على الحال.
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: ﴿لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾ ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾.
* الشيخ: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ يمكن تصلح للحال.
قال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾. ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ فهو لم يطلب منكم الإنفاق لفقره واحتياجه. ﴿حَمِيدٌ﴾ يعني حامد ومحمود؛ لأن فعيلًا تأتي بمعنى فاعل وبمعنى مفعول، إتيانها بمعنى فاعل مثل؟
* طالب: سبحانه.
* الشيخ: لا، إتيان فعيل بمعنى فاعل مثل أيش؟
* طالب: رحيم بمعنى راحم.
* الشيخ: سميع بمعنى سامع، بصير بمعنى مُبصر، إتيانها بمعنى مفعول كقتيل وجريح وذبيح وما أشبه ذلك. هنا ﴿حَمِيدٌ﴾ تصح أن تكون بمعنى حامِد وبمعنى محمود، أما كون الله محمودًا فظاهر، وأما كونه حامدًا فكيف؟
لأنه يحمد عز وجل من يستحق الحمد من عباده، ولهذا أثنى على أنبيائه ورسله والصالحين من عباده، وهذا يدل على أنه عز وجل حامد لمن يستحق الحمد، وهو كذلك محمود، وجه المناسبة في ذكر الحميد بعد الغني أن غناه عز وجل غنى يُحمد عليه بخلاف غنى المخلوق، فقد يحمد عليه وقد لا يحمد، متى لا يحمد المخلوق على غناه؟
* الطلبة: إذا كان بخيلًا.
* الشيخ: إذا كان بخيلًا، إذا كان بخيلًا فإنه لا يُحمد على غناه، ويحمد إذا بذل، والله عز وجل غني حميد، فهو لم يسألكم هذا لحاجته إليه، ولكن لمصلحتكم أنتم.
* طالب: (...) قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ [الأحزاب ٥٣] يقول: أعطني من الجيد.
* الشيخ: أيش؟ إي نعم له أن يقول هذا، لكن يمكن إذا قال: أعطني من الجيد لشريكي قال شريكه: لا، ما أعطيك من الجيد، نتقاسم أنا وإياك الجيد ونعطيك حقك منه ونتقاسم الرجل ونعيطك حقك منه ونتقاسم الوسط ونعيطك حقك منه.
* طالب: ذكرنا في أول الآية أن الذي يمثِّل؛ يعني كالذي مثلًا يمثل أصوات الناس (...) صوت، ويقف ليلفت الناس بها؟
* الشيخ: هو ينسبها إلى شخص معين؟
* الطالب: نعم، بعضهم ينسبها إلى شخص معين.
* الشيخ: لا، هذه تكون مثل الغيبة؛ لأن ما كل أحد يرضى أن الناس يقلدون صوته.
* طالب: أيضًا يعني ما يكون محبوب.
* الشيخ: فيكون ذكرك أخاك بما يكره، نحن نريد مثلًا تمثيل واحد يبيع، يحكي إنسان يسيء الأدب.
* طالب: طب الجواب يا شيخ عن الحديث؟
* الشيخ: إنسان يسيء الأدب مع معامِله، إنسان مثلًا يسيء الأدب في تصرفه في الأسواق في المساجد، وما أشبه ذلك.
* طالب: الحديث يا شيخ «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»[[أخرجه أبو داود (٤٠٣١) من حديث ابن عمر.]] قلنا: إن الأول يعني إذا مثلًا مثل دور الكافر كيف نجيب عن الحديث؟
* الشيخ: لأنه لا يمثل دور الكافر.
* الطالب: لا أنت ذكرت قلنا: يعني لا يكفر مثلًا، لكن لو رضي بهذا ومثله؟
* الشيخ: لا، أبدًا، ما يكفر؛ لأنه ما ينسب الكفر إلى نفسه.
* طالب: لكن الحديث «مَنْ تَشَبَّهَ»؟
* الشيخ: نعم من تشبه قصد الفعل، يعني رجل راح يلبس ثياب الكفار مثلًا، هذا يصير ما فيه شك متشبه؛ لأنه أضاف الفعل إلى نفسه، ثم هذا الحديث ليس يكفُر كفرًا مخرجًا عن الملة، ولهذا من تشبه بالكفار فإنه ليس بكافر، بل بعض العلماء قال: يكره وبعضهم قال: يحرم، والصحيح أنه يحرم التشبه بالكفار.
* طالب: شيخ، إحنا قلنا: التشبُّه تقليد أصوات الحيوانات يحرم، لكن إذا قلد مثلًا صوت الديك؟
* الشيخ: وأيش الديك؟
* طالب: يعني لم يأتِ به ذم في الشرع، يعني لم يعني نقول: الديك لم يُذم شرعًا، ما هو مثل الكلب؟
* الشيخ: أيش تقولون في هذا؟
* طالب: ليس حيوان أصلًا.
* الشيخ: السؤال يقول: لو أنه شبَّه أذان الديك؟ هو بيصير له عرف ولّا لا؟! لا صحيح وأيش تقولون: إذا قلد صوت حيوان لم يرد في الشرع ذمه وليس مما يُذم؟
* طالب: نشوف إذا الديك من الحيوان.
* طالب آخر: نقول يا شيخ، الحديث: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحدث لِيُضْحِكَ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ»؟
* الشيخ: يكذب يكذب «وَيْلٌ لِلَّذِي يَكْذِبُ»[[أخرجه أبو داود (٤٩٩٠) من حديث معاوية بن حيدة.]].
* طالب: ما هو يحدث؟
* الشيخ: يحدث فيكذب.
* طالب: شيخ، هلا شو اسمه، الحيوان من حيث هو يعنى مذموم؛ لأن الله سبحانه وتعالى لما كرم بني آدم قال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء ٧٠] والإنسان نزوله إلى الحيوان، يشمل كل شيء أي شيء مكروه للإنسان؛ لأنه نزول؟
* الشيخ: هذا وجه جيد، يقول: حتى لو كان في الديك أو في الـ..
* طالب: مردود يا شيخ.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: هل يثبت عن الرسول ﷺ «أنه وضعه على كتفه وكان يمشي بهم ويقول: «نِعْمَ الرَّاكِبَانِ أَنْتُمَا»[[أخرجه الطبراني في الكبير (٢٦٧٧) من حديث سلمان الفارسي.]].
* طالب: الحسن والحسين.
* الشيخ: إي يعني جعله كأنه بعير يعني؟ طيب نشوف الآن، يظن بعض الناس أن الله سبحانه وتعالى فضل الآدمي على كل شيء وليس كذلك؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا﴾ [الإسراء ٧٠] ما هو على كل شيء، ولهذا الإنسان ما هو مُفضّل على كل شيء، صحيح ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة ٧]، ولهذا في بني آدم من هو شر من الحيوان، ولّا لا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة ٦].
يقول بعض الناس: هذا أخي في الإنسانية وما أشبه ذلك، هذا حرام، الإنسانية ما هي وصف يُمدح فيه الإنسان إلا إذا قام الإنسان بمقتضى هذه الإنسانية، وأما أنه إنسان وهو أخبث من الحيوان فليس فيه خير.
* طالب: شيخ تقليد صوت القرّاء؟
* الشيخ: ما فيه شيء.
* الطالب: يتعمد يقلد قارئًا؟
* الشيخ: إي نعم، قد يكون هذا القارئ قراءته جيدة؛ يعني يستأنس الناس بها ويستريحون لها ما فيه شيء.
* طالب: الديك (...).
* طالب آخر: اللي يمثل دور الكافر لو تلفَّظ بألفاظ كفرية مازحًا فيها يعني يسب الدين أو يسب القوم يعنى يسب المسلمين أو يسب الله؟
* الشيخ: إيه، لكن هو ما يسبه مضيفًا ذلك إلى نفسه، يسبه مضيفًا ذلك إلى من يقوم بدوره، ما هو يضيف لنفسه، هو لو يستهزئ بدين الله أو بالمسلمين ولو كان مازحًا، يعني مثلًا لو واحد يبي يتكلم يستهزئ بسنة من السنن، لو هي سنة من سنة الرسول وهو ينسب الشيء إلى نفسه كفر، وكما وضحت لكم يعني يتضح لك المثال تمامًا برجل طلق زوجته مازحًا ومثَّل دور رجل طلق زوجته، في المثال الأول تطلق الزوجة، وفي المثال الثاني إي نعم لا تطلق.
* طالب: شيخ، نقول فيه فرق إنه هذا الشيء يتعلق أما الاستهزاء بالله هذا يتعلق بـ.. ؟
* الشيخ: لا، هو يقول: أنا ما أستهزئ.
* الطالب: كلمات كفر.
* الشيخ: هذا ما يقول استهزئ، يعني هذه الكلمة التي قالها ينسبها إلى غيره، كأنه يقول: قال هذا الرجل الذي أنا أقوم بتمثيله كذا وكذا، وحاكي الكفر ليس بكافر.
ففرق بين الإنسان اللي مثلًا يسخر بالدين ويضيف السخرية إلى نفسه لو قال: والله أنا ما قصدت، نقول: وإذا لم تقصد أشد، أما أن يحكي عن رجل بأنه استهزأ بالدين فإنه لا يكفُر.
* طالب: شيخ، يعني أكثر من هذا يعني خاصة المشاهدين أن يصبح هذا الشيء متساهلًا، هذا الاستهزاء بالدين؟
* الشيخ: نحن قلنا: هذا حرام، لكن الكلام مش عليه، على الكفر هل يكفر ولَّا لا؟ لأن الخروج من الدين ما هو هين؛ يعني ليس إخراجك الإنسان من الدين كإخراجك إياه من المسجد أو من البيت، مسألة ليست بهينة. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾. * يستفاد من هذه الآية فضيلة الإيمان؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فإن هذا وصف يقتضي امتثال أمر الله، وهذا يدل على فضيلة الإيمان.
* ثانيًا: أن من مقتضى الإيمان امتثال أمر الله واجتناب نهيه، وجهه: أن الله قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا﴾ فلولا أن للإيمان تأثيرًا لكان تصدير الأمر بهذا الوصف لغوًا لا فائدة منه.
* ثالثًا: وجوب الإنفاق من طيبات ما كسبنا لقوله: ﴿أَنْفِقُوا﴾ والأصل في الأمر الوجوب حتى يقوم صارِف عنه، أو حتى يدل دليل صارف عن الوجوب.
* ومن فوائد الآية: وجوب الزكاة في عروض التجارة لقوله: ﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾ ولا شك أن عروض التجارة كسب، فإنها كسب بالمعاملة.
* ومن فوائدها: أن المال الحرام (...).
إذا قال قائل: ماذا أصنع به إذا تبت؟ يعني رجل اكتسب مالًا حرامًا ثم تاب، فماذا يصنع به؟
نقول: يتصدق به تخلصًا منه وإبراء لذمته لا تقربًا به؛ لأنه لو تصدَّق به تقرُّبًا به لم يُقبل منه ولم تبرأ ذمته، لم يقبل منه لقوله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»[[أخرجه مسلم (١٠١٥) من حديث أبي هريرة.]]، ولم تبرأ ذمته لأنه إنما تصدق به على أنه مُلكه، لا على أنه متخلص منه متبرئ بخلاف من تصدق به تخلصًا منه فإنه يُؤجر على ذلك، فإذا تصدق به تبرئًا منه هل يؤجر على نفس الصدقة أو على البراءة والتوبة؟
* الطلبة: على البراءة والتوبة.
* الشيخ: على البراءة والتوبة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الرد على الجبرية لقوله: ﴿أَنْفِقُوا﴾ و﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾، وجه الدلالة من ﴿أَنْفِقُوا﴾ أنه لو كان الإنسان مجبرًا على عمله لم يصح أن يوجه إليه الأمر بالإنفاق؛ لأنه يقول: ما أقدر، لو أردت أن أنفق وأنا مجبر على العمل ما تمكنت. كذلك قوله: ﴿كَسَبْتُمْ﴾ أضاف الكسب إليهم فهو دليل على أن الإنسان يُنسب إليه الفعل ولا يُجبر عليه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الزكاة من الخارج من الأرض، من أين تؤخذ؟
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾.
* طالب: ﴿مِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ هذا الشاهد.
* الشيخ: قوله: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ ففيها وجوب الزكاة فيما خرج من الأرض، عرفتم؟
وظاهر الآية وجوب الزكاة من الخارج من الأرض مطلقًا سواء كان قليلًا أم كثيرًا، وسواء كان مما يوسق ويكال أم لا، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم على أن الزكاة تجب في الخارج من الأرض مطلقًا لعموم الآية، ولكن الصواب خلاف ذلك لدلالة السنة على التفصيل في هذا، فأولًا: لا تجب الزكاة في القليل لقول النبي ﷺ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ»[[حديث متفق عليه؛ البخاري (١٤٨٤)، ومسلم (٩٧٩) واللفظ له، من حديث أبي سعيد الخدريّ.]] فإذا حصَّل الإنسان من الزرع دون خمسة أوسق، والوسق هو الحِمل، ومقدار الخمسة ثلاثمئة صاع بصاع النبي ﷺ، فإذا حصَّل الإنسان من الزرع ما يساوي مئتي صاع فقط، فلو رجعنا إلى ظاهر الآية؟
* الطلبة: لوجبت عليه.
* الشيخ: لوجبت عليه، ولكن السنة بينت أنه لا شيء عليه فيما دون ذلك في المئتين.
ثانيًا: دلت السنة على أن ما لا يُكال لا تجب فيه الزكاة، كيف ذلك؟
من قوله: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» والوسق كما قلت هو الحمل وهو ستون صاعًا، وعليه فلا تجب الزكاة في الخضروات مثل التفاح والبرتقال والأترج وشبهها؛ لأن السُّنة بينت أنه لا بد من أن يكون ذلك الشيء مما يُوسق.
ثالثًا: أُجمل في الآية مقدار ما ينفق ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾، وقد دلت السنة فيما خرج من الأرض أن الواجب فيما يسقى بمؤونة نصف العشر، يعني خمسة في المئة، وفيما يسقى بلا مؤونة العُشر؛ يعني عشرة في المئة، واضح؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ هل بينت السُّنة ما يجب في عروض التجارة؟ نقول: نعم؛ لأن عروض التجارة تُقوَّم بالذهب والفضة، والذهب والفضة قد بينت السنة بأن في كل واحد منها أيش؟ رُبع العشر، ربع العشر كم؟
* الطلبة: اثنان ونصف.
* الشيخ: واحد من أربعين، وهو كذلك.
* من فوائد الآية: ما يتبين من اختلاف التعبير في قوله: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾، فلماذا عبر بالأول تعبيرًا يدل على أن ذلك من فعل العبد، والثاني عبر تعبيرًا يدل على أنه ليس من فِعل العبد؟
الأمر في هذا واضح؛ لأن نمو التجارة بالكسب غالبه من فعل العبد، يبيع ويشتري ويكسب، أما ما خرج من الأرض فليس من فِعل العبد في الواقع ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾ [الواقعة ٦٣، ٦٤].
* من فوائد الآية الكريمة أيضًا: وجوب الزكاة في المعدن، في المعادن.
* الطلبة: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾.
* الشيخ: لدخولها في عموم ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾. لكن العلماء يقولون: إن كان المعدن ذهبًا وفضة وجبت فيه الزكاة بكل حال، وإن كان غير ذهب وفضة كالنحاس والرصاص وما أشبهها ففيه الزكاة إن أعده للتجارة؛ لأن هذه المعادن لا تجب الزكاة فيها بعينها إنما تجب الزكاة فيها بالنية يعني إذا نواها للتجارة وجبت الزكاة فيها.
طيب هل يستفاد منها وجوب الزكاة في الرِّكاز؟
* الطلبة: لا يُستفاد.
* الشيخ: فيه خلاف؛ منهم من قال: يستفاد من ذلك، وجوب الزكاة في الركاز، ولا بد أن نعرف ما هو الركاز؟
الركاز: ما وجد من دفن الجاهلية أي مدفون الجاهلية، يعني ما وجد من النقود القديمة التي تُنسب إلى زمن بعيد بحيث يغلب على الظن أنه ليس لها أهل اليوم، هذه الدراهم والدنانير إذا وُجدت تكون ركازًا، فهل تجب فيها الزكاة أو لا تجب؟ فيها خلاف بين العلماء، هذا الخلاف مبني على المراد بقول النبي ﷺ: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»[[حديث متفق عليه؛ البخاري (١٤٩٩)، ومسلم (١٧١٠) من حديث أبي هريرة.]].
فمنهم من قال: إن المراد بالخمس واحد من خمسة.
ومنهم من قال: إن المراد بالخمس (أل) للعهد المعروف شرعًا وهو الخمس الذي يُصرف مصرف الفيء، وقال: إنه لا يوجد شيء من أموال الزكاة والخمس، والذين قالوا: المراد بالخمس واحد من خمسة قالوا: إنما وجب فيه الخمس لسهولة الحصول عليه، يعني مثلًا الدراهم والدنانير أو عروض التجارة فيها تعب، وما أخرج الله من الأرض تعبه أسهل والركاز أسهل من الجميع فوجب في كل واحد منها ما تقتضيه الحكمة.
* طالب: ما يأخذ أحد يا شيخ.. ما أحد يدوّر ركازًا.
* الشيخ: لا، يوجد، يوجد ناس يعثرون عليه، يوجد؛ إما حفريات أو أحد ينبه يجي أحد في الرؤيا ينبهه يقول: المكان الفلاني فيه كذا وكذا.
* طالب: الراجح يا شيخ؟
* الشيخ: الراجح وجوب الخمس.
* من فوائد الآية الكريمة: تحريم قصد الرديء في إخراج الزكاة لقوله: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: إذا ضُمت إلى حديث ابن عباس حين بعث النبي ﷺ معاذًا إلى اليمن قال: «إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٤٩٦)، ومسلم (١٩) من حديث ابن عباس.]] إذا ضممت الحديث إلى الآية تبين لك العدل في الشريعة؛ لأن قوله: «إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» لو أن العامل على الزكاة قصد الكرائم من الأموال صار في هذا إجحاف على من؟
* الطلبة: على صاحب المال.
* الشيخ: على أهل الأموال، ولو قصد الردي صار إجحاف على أهل الزكاة، فصار الواجب وسطًا، لا نُلزم صاحب المال بإخراج الأجود ولا نمكنه من إخراج الأردأ، يُخرج الوسط.
* من فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى قاعدة إيمانية عامة وهي قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبُّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥) من حديث أنس ، واللفظ للبخاري.]] لقوله: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾. فما وجه الدلالة؟ من يعرف؟
* طالب: أن الإنسان نفسه إذا كان لا يرضى بهذا لنفسه فمن باب أولى أنه لا يرضاه لغيره.
* الشيخ: فلماذا يرضاه لغيره أظن واضح؟
* الطلبة: إي نعم.
* الشيخ: إذا كنت أنت لو أُعطيته من هذا المال ما أخذته إلا على إغماض وسهولة وإغضاء عن بعض الشيء، فلماذا تختاره لغيرك؟ وهذا ينبغي للإنسان أن يتخذه قاعدة فيما يُعامل به غيره، بأن يعامله على ما يحب أن يعامله به، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»[[أخرجه مسلم (١٨٤٤) من حديث عبد الله بن عمرو.]].
شوف القاعدة في المعاملة مع الناس، ومع الأسف الشديد أن كثيرًا من الناس اليوم لا يتعاملون فيما بينهم هذه المعاملة، أكثر الناس يرى أن المكر غنيمة، وأن الكذب غنيمة حتى إن بعض العامة يقول: (الحلف الكاذب في البيع والشراء مسامير السلع)، مسامير السلع، وأيش معنى هذا؟
يعني يقول اللي يحكم السلع ويضبطه مثل المسمار للخشبة هو الحلف الكاذب أعوذ بالله لم يعلم أن «الْحَلِف مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ»[[أخرجه النسائي (4461) من حديث أبي هريرة.]].
* ومن فوائد الآية الكريمة: استعمال القياس، أو إثبات القياس. أقول من فوائد الآية إثبات القياس؟
* طالب: الآية؟
* الشيخ: الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾.
* طالب: حجة القياس؟
* الشيخ: ما تدري؟
* طالب آخر: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾.
* الشيخ: من أي الجملتين؟ من ﴿لَا تَيَمَّمُوا﴾ ولّا من ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾؟
* الطالب: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا﴾.
* الشيخ: من قوله: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا﴾ توافقونه؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: نريد ضيفًا آخر، تفضل.
* طالب: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾
* الشيخ: لكن أظن بيعرف على طول ما دام انتفى الجملة الأولى، طيب بيِّن لي وجه القياس عشان نعرف إنك (...) مَنْ؟ لا إن حصل من الضيوف أحب إليّ.
* طالب: نعم ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا﴾.
* الشيخ: زين، وجه القياس؟
* الطالب: ﴿إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾.
* الشيخ: أقول ما وجه القياس؟ هذا لفظ الآية لكن نريد وجه إثبات القياس من هذه الآية.
* الطالب: الذي لا يرضاه لنفسه لا يرضاه لغيره.
* الشيخ: يعني إذا كنت لا ترضاه لنفسك، فكيف ترضاه لغيرك يعني قِس هذا بهذا، واضح؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: طيب قياس أولوية؟
* من فوائد الآية: إثبات اسمين من أسماء الله، وهما: غني، حميد، كذا؟
وإثبات صفتين من صفات الله، وهما: الغِنى والحمد.
* وفيه أيضًا: إثبات صفة ثالثة من اجتماعهما جميعًا، وهو كمال غناه وهو أنه غِنى يُحمد عليه سبحانه وتعالى.
هذان الاسمان هل هما من الأسماء المتعدية بحيث لا يتم الإيمان بهما إلا بإثبات ثلاثة أمور، أو من الأسماء اللازمة بحيث يتم الإيمان بهما بإثبات الأمرين؟
* الطالب: الغني هذا لازم، والحميد متعدي.
* الشيخ: زين، الغني لازم، بماذا يتم الإيمان به؟
* الطالب: يتم الإيمان به بأنه اسم من أسماء الله عز وجل، وكذلك لا بد أن تؤمن بأنه صفة متضمن لصفة وهي الغنى.
* الشيخ: متضمن لصفة وهي الغنى. الحميد قلت: إنه متعدي فلا يتم الإيمان به إلا بأمور ثلاثة، قلها لي؟
* الطالب: يعني تؤمن بأنه اسم، وأن نؤمن بأن..
* الشيخ: بالصفة وهي الحمد.
* الطالب: وهي الحمد. ثالثًا: نؤمن
* الشيخ: بالحكم أو الأثر وهو أنه
* الطالب: يحمد على المؤمنين
* الشيخ: هذا إذا جعلنا حميد بمعنى حامد، فإن جعلناها بمعنى محمود؟
* طالب: محمود لازم.
* الشيخ: فهو لازم ويتم الإيمان به بأمرين: إثبات الاسم وإثبات الصفة أحسنت.
* طالب: الأولى متعدية؟
* الشيخ: لا ما هي متعدية.
* الطالب: حتى الأولى أنه يغني (...).
* الشيخ: لا، لا غني هو بنفسه.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنفِقُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّاۤ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَیَمَّمُوا۟ ٱلۡخَبِیثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِیهِ إِلَّاۤ أَن تُغۡمِضُوا۟ فِیهِۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق