مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ من جياد مكسوباتكم وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ من الحب والثمر والمعادن وغيرها. فإن قلت: فهلا قيل: وما أخرجنا لكم، عطفا على: (ما كَسَبْتُمْ) حتى يشتمل الطيب على المكسوب والمخرج من الأرض؟ قلت: معناه: ومن طيبات ما أخرجنا لكم إلا أنه حذف لذكر الطيبات وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ ولا تقصدوا المال الرديء مِنْهُ تُنْفِقُونَ تخصونه بالإنفاق، وهو في محل الحال. وقرأ عبد اللَّه: ولا تأمموا. وقرأ ابن عباس: ولا تيمموا، بضم التاء. ويممه وتيممه وتأممه، سواء في معنى قصده وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ وحالكم أنكم لا تأخذونه في حقوقكم إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ إلا بأن تتسامحوا في أخذه وتترخصوا فيه من قولك: أغمض فلان عن بعض حقه، إذا غضّ بصره. ويقال للبائع: أغمض، أى لا تستقص، كأنك لا تبصر. وقال الطرمّاح:
لَمْ يَفُتْنَا بِالْوِتْرِ [[قوله «لم يفتنا بالوتر قوم» في الصحاح «الموتور» الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. تقول منه: وتره وتراً وترة. وكذلك وتره حقه أى نقصه. (ع)]] قَوْمٌ وَلِلضَّيْمِ رِجَالٌ يَرْضَوْنَ بِالإِغْمَاضِ [[الباء للملابسة أو بمعنى مع. والوتر- بالكسر- الظلم ونقص بعض الحق، ومثله الترة. والفعل وتر كوعد. والضيم: الظلم، والإغماض: ترك بعض الحق والاعراض عنه، كأنه لا يراه. يقول: لم يسبقنا قوم بالوتر ويظفروا منا به. وقوله: وللضيم رجال: استئناف، يعنى إنا لا نعرض عن حقنا كغيرنا لشجاعتنا دونهم، أو حال، أى والحال أن للظلم ناس يرضون بترك حقوقهم لعجزهم، ويؤول إلى الأول.]]
وقرأ الزهرىّ: تغمضوا. وأغمض وغمض بمعنى. وعنه: تغمضوا، بضم الميم وكسرها. من غمض يغمض ويغمض. وقرأ قتادة: تغمضوا، على البناء للمفعول، بمعنى إلا أن تدخلوا فيه وتجذبوا إليه. وقيل: إلا أن توجدوا مغمضين. وعن الحسن رضى اللَّه عنه: لو وجدتموه في السوق يباع ما أخذتموه حتى يهضم لكم من ثمنه. وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما: كانوا يتصدّقون بحشف التمر وشراره فنهوا عنه.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنفِقُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّاۤ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَیَمَّمُوا۟ ٱلۡخَبِیثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِیهِ إِلَّاۤ أَن تُغۡمِضُوا۟ فِیهِۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدٌ"}