الباحث القرآني
هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ اشْتَمَلَتْ عَلَى اسْتِئْذَانِ الْأَقَارِبِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. وَمَا تقدَّم فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فَهُوَ اسْتِئْذَانُ الْأَجَانِبِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يستأذنَهم خَدَمُهم مِمَّا ملكَت أَيْمَانُهُمْ وَأَطْفَالُهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: الْأَوَّلُ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إِذْ ذَاكَ يَكُونُونَ نِيَامًا فِي فُرُشِهِمْ ﴿وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ﴾ أَيْ: فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَضَعُ ثِيَابَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ مَعَ أَهْلِهِ، ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ﴾ لِأَنَّهُ وَقْتُ النَّوْمِ، فيُؤمَرُ الخدمُ وَالْأَطْفَالُ أَلَّا يهجمُوا عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، لِمَا يُخْشَى مِنْ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ﴾ أَيْ: إِذَا دَخَلُوا فِي حَالٍ غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي تَمْكِينِكُمْ إِيَّاهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا عَلَيْهِمْ إِنْ رَأَوْا شَيْئًا فِي غَيْرِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْهُجُومِ، وَلِأَنَّهُمْ ﴿طَوَّافُونَ﴾ عَلَيْكُمْ، أَيْ: فِي الْخِدْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيُغْتَفَرُ فِي الطَّوَّافِينَ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِمْ؛ وَلِهَذَا رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَهْلُ السُّنَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي الهِرَّة: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بنجَس؛ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ -أَوْ -وَالطَّوَّافَاتِ" [[الموطأ (١/٢٣) والمسند (٥/٢٩٦) وسنن أبي داود برقم (٧٥) وسنن الترمذي برقم (٩٢) وسنن النسائي (١/٥٥) وسنن ابن ماجه برقم (٣٦٧) .]] .
وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةً وَلَمْ تُنْسَخْ بِشَيْءٍ، وَكَانَ عَمَلُ النَّاسِ بِهَا قَلِيلًا جَدًّا، أَنْكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَرَكَ النَّاسُ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ [مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ] ﴾ [[زيادة من ف، أ.]] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَالْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾ [النِّسَاءِ: ٨] ، وَالْآيَةُ الَّتِي فِي الْحُجُرَاتِ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الْحُجُرَاتِ: ١٣]
وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ -وَهُوَ ضَعِيفٌ -عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: غَلَبَ الشَّيْطَانُ النَّاسَ عَلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ، فَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ وَابْنُ عَبْدَةَ -وَهَذَا حَدِيثُهُ -أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا أَكْثَرُ [[في ف، أ: "كثير من".]] النَّاسِ -آيَةَ الْإِذْنِ -وَإِنِّي لَآمُرُ جَارِيَتِي هَذِهِ تَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهِ [[سنن أبي داود برقم (٥١٩١) .]] .
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ ، قَالَ: لَمْ تُنْسَخْ. قُلْتُ: فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَعْمَلُونَ بِهَا. فَقَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمرو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَجُلَيْنِ سَأَلَاهُ عَنِ الِاسْتِئْذَانِ فِي الثَّلَاثِ عَوْرَاتٍ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ ستِّير يُحِبُّ السَّتْرَ، كَانَ النَّاسُ لَيْسَ لَهُمْ سُتُورٌ عَلَى أَبْوَابِهِمْ وَلَا حِجال فِي بُيُوتِهِمْ، فَرُبَّمَا فَاجَأَ الرجلَ خادمُه أَوْ وَلَدُهُ أَوْ يَتِيمُهُ فِي حجره، وَهُوَ عَلَى أَهْلِهِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَأْذِنُوا فِي تِلْكَ الْعَوْرَاتِ الَّتِي سمَّى اللَّهُ. ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بَعْدُ بِالسُّتُورِ [[في ف: "بعده بالستور" وفي أ: "بعده الستر".]] ، فَبَسَطَ [اللَّهُ] [[زيادة من أ، والدر المنثور ٥/٥٦.]] عَلَيْهِمُ الرِّزْقَ، فَاتَّخَذُوا السُّتُورَ وَاتَّخَذُوا الحِجَال، فَرَأَى النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَفَاهُمْ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنِ القَعْنَبِيّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرو بِهِ [[سنن أبي داود برقم (٥١٩٢) .]] .
وَقَالَ السُّدِّي: كَانَ أُنَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، يُحِبُّونَ أَنَّ يُوَاقعوا نِسَاءَهُمْ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ لِيَغْتَسِلُوا ثُمَّ يَخْرُجُوا إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَأْمُرُوا الْمَمْلُوكَيْنِ وَالْغِلْمَانَ أَلَّا يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ إِلَّا بِإِذْنٍ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّان: بَلَغَنَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَامْرَأَتَهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ مُرْشدة صَنَعَا لِلنَّبِيِّ ﷺ طَعَامًا، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إِذَنٍ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَقْبَحَ هَذَا! إِنَّهُ لَيَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَزَوجِهَا وَهُمَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، غُلَامُهُمَا بِغَيْرِ إِذَنٍ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ [ثَلاثَ مَرَّاتٍ] ﴾ [[زيادة من أ.]] الْآيَةَ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ لَمْ تُنْسَخْ، قَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿. وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يَعْنِي: إِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ الَّذِينَ إِنَّمَا كَانُوا يَسْتَأْذِنُونَ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ، إِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَأْذِنُوا عَلَى كُلِّ حَالٍ، يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَجَانِبِهِمْ وَإِلَى الْأَحْوَالِ الَّتِي يَكُونُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: إِذَا كَانَ الْغُلَامُ رَبَاعِيًّا فَإِنَّهُ يَسْتَأْذِنُ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى أَبَوَيْهِ، فَإِذَا بَلَغَ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَهَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يَعْنِي: كَمَا اسْتَأْذَنَ الْكِبَارُ مِنْ وَلَدِ الرَّجُلِ وَأَقَارِبِهِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، ومُقَاتل بْنُ حَيَّان، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ: هُنَّ اللَّوَاتِي انْقَطَعَ عَنْهُنَّ الْحَيْضُ وَيَئِسْنَ مِنَ الْوَلَدِ، ﴿اللاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ أَيْ: لَمْ يَبْقَ لَهُنَّ تَشوُّف إِلَى التَّزْوِيجِ، ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ أَيْ: لَيْسَ عَلَيْهَا مِنَ الْحَرَجِ فِي التَّسَتُّرِ كَمَا عَلَى غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ الْآيَةَ [النُّورِ: ٣١] فَنَسَخَ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ الْآيَةَ [[سنن أبي داود برقم (٤١١١) .]]
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ [فِي قَوْلِهِ] [[زيادة من أ.]] : ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾ قال: الجلباب، أو الرِّدَاءُ: وَكَذَا رُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ [[في أ: "الشعبي".]] وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: تَضَعُ الْجِلْبَابَ، وَتَقُومُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر وَغَيْرُهُ، فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "إِنْ يَضَعْنَ مِنْ ثِيَابِهِنَّ" وَهُوَ الْجِلْبَابُ مِنْ فَوْقِ الْخِمَارِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعْنَ عِنْدَ غَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا خِمَارٌ صَفيق.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ يَقُولُ: لَا يَتَبَرَّجْنَ بِوَضْعِ الْجِلْبَابِ، أَنْ يُرَى مَا عَلَيْهَا مِنَ الزِّينَةِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، [حَدَّثَنِي سَوَّار بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَتْنَا طَلْحَةُ بنت عاصم، عن أم المصاعن، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: دخلت عليّ] [[زيادة من ف، أ.]] فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَقُولِينَ فِي الْخِضَابِ، وَالنِّفَاضِ، وَالصِّبَاغِ، والقُرطين، وَالْخَلْخَالِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَثِيَابِ الرِّقَاقِ؟ فَقَالَتْ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، قِصَّتُكُنَّ [[في أ: "فصلن".]] كُلُّهُا وَاحِدَةٌ، أَحَلَّ اللَّهُ لَكُنَّ الزِّينَةَ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ. أَيْ: لَا يَحِلُّ لَكُنَّ أَنْ يَرَوْا مِنْكُنَّ مُحَرَّمًا.
وَقَالَ السَّدِّيُّ: كَانَ شَرِيكٌ لِي يُقَالُ لَهُ: "مُسْلِمٌ"، وَكَانَ مَوْلًى لِامْرَأَةِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، فَجَاءَ يَوْمًا إِلَى السُّوقِ وَأَثَرُ الْحِنَّاءِ فِي يَدِهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ خَضَب رَأْسَ مَوْلَاتِهِ -وَهِيَ امْرَأَةُ حُذَيْفَةَ -فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَدْخَلَتُكَ عَلَيْهَا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَأَدْخَلَنِي عَلَيْهَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ جَلِيلَةٌ، فَقُلْتُ: إِنَّ مُسْلِمًا حَدَّثَنِي أَنَّهُ خَضَّبَ رَأْسَكِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ يَا بُنَيَّ، إِنِّي مِنَ الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مَا سَمِعْتَ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ﴾ أَيْ: وَتَرْكُ وَضْعِهِنَّ لِثِيَابِهِنَّ -وَإِنْ كَانَ جَائِزًا -خَيْرٌ وَأَفْضَلُ لَهُنَّ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
{"ayahs_start":58,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِیَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِینَ مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ وَٱلَّذِینَ لَمۡ یَبۡلُغُوا۟ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَـٰثَ مَرَّ ٰتࣲۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِینَ تَضَعُونَ ثِیَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِیرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَاۤءِۚ ثَلَـٰثُ عَوۡرَ ٰتࣲ لَّكُمۡۚ لَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ وَلَا عَلَیۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّ ٰفُونَ عَلَیۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۚ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ","وَإِذَا بَلَغَ ٱلۡأَطۡفَـٰلُ مِنكُمُ ٱلۡحُلُمَ فَلۡیَسۡتَـٔۡذِنُوا۟ كَمَا ٱسۡتَـٔۡذَنَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ","وَٱلۡقَوَ ٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ ٱلَّـٰتِی لَا یَرۡجُونَ نِكَاحࣰا فَلَیۡسَ عَلَیۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن یَضَعۡنَ ثِیَابَهُنَّ غَیۡرَ مُتَبَرِّجَـٰتِۭ بِزِینَةࣲۖ وَأَن یَسۡتَعۡفِفۡنَ خَیۡرࣱ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِیَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِینَ مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ وَٱلَّذِینَ لَمۡ یَبۡلُغُوا۟ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَـٰثَ مَرَّ ٰتࣲۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِینَ تَضَعُونَ ثِیَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِیرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَاۤءِۚ ثَلَـٰثُ عَوۡرَ ٰتࣲ لَّكُمۡۚ لَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ وَلَا عَلَیۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّ ٰفُونَ عَلَیۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۚ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق