الباحث القرآني

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ﴾ الآية. قال الكلبي: بعث رسول الله -ﷺ- غلامًا من الأنصار يقال له: مُدلج [[انظر: "الإصابة" 3/ 374 فقد اقتصر على تسميته بمدلج الأنصاري ثم ذكر خبره مع عمر -رضي الله عنه-. ووقع عند الثعلبي في "تفسيره" 3/ 89 أ، والبغوي في "تفسيره" 6/ 60 مدلج بن عمرو.]] إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ظهيرة ليدعوه، فوجده نائمًا قد أغلق عليه الباب، فدفع الغلام الباب، وناداه ودخل، فاستيقظ عمر وجلس؛ فانكشف منه شيء، فرآه الغلام، وعرف عمر أنَّ الغلام رأى ذلك منه، فقال عمر: وَدِدْتُ -والله- أنَّ الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا أن يدخلوا علينا هذه الساعات [[في (ظ)، (ع): (الساعة).]] إلاَّ بإذن، ثم انطلق معه إلى رسول الله -ﷺ- فوجده وقد نزل عليه الوحي بهذه الآية [[في (أ)، (ع): (قد نزل عليه هذه الآية).]] [[رواه ابن منده في "معرفة الصحابة" كما في "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن == حجر 3/ 375 من طريق السدي الصغير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وإسناده باطل. وقد ذكره الثعلبي 3/ 89، والواحدي في "أسباب النزول" ص 273، والبغوي 6/ 60 كلهم عن ابن عباس من غير سند.]]. وقال المقاتلان: نزلت في أسماء بنت مرشدة [[في (أ): (مرشد).]] قالت للنبي -ﷺ-: إنه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد غُلامُهما بغير إذن؛ فأنزل الله: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يعني العبيد والإماء والولائد والخدم [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 63 ب عن مقاتل بن حيان. وذكره عنه ابن كثير 3/ 303. والسيوطي في "الدر المنثور" 6/ 217 وعزاه لابن أبي حاتم. وقول مقاتل بن سليمان في "تفسيره" 2/ 41 أ. وذكره الثعلبي 3/ 89 أعن مقاتل بن سليمان.]]. قال ابن عباس: يريد من النساء والرجال [[ذكره عنه الرازي 24/ 29.]]. وقال عطاء: ذلك على كل صغير وكبير أن يستأذن [[رواه الطبري 18/ 162.]]. [وقال أبو عبد الرحمن السُّلمي -في [[(في): ساقطة من (أ).]] هذه الآية-: هي [[(هي): ساقطة من (ع).]] خاصة للنساء. الرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار [[رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 219، والطبري 18/ 161، وابن أبي حاتم 7/ 63 ب. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 400 مختصرًا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 219 ونسبه للفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. قال أبو عبيد: يعني أنَّ الإماء ينبغي لهن أن يستأذنَّ] [[ساقط من (ظ).]] على مواليهن في هذه الحالات الثلاث المسمَّات [[في (أ)، (ع): (المسميات)، والمثبت من (ظ) و"الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد.]] هاهنا، فأما ذكور المماليك فإن عليهم الاستئذان في الأحوال كلها [["الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص 219.]]. وروى ليث، عن نافع، عن ابن عمر: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ قال: هي للرجال دون النساء [[رواه البخاري في (الأدب المفرد) ص 310، والطبري 18/ 161 من طريق ليث، عن نافع، عن ابن عمر، به. وليث هو ابن أبي سليم مجمع على ضعفه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 219، وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر. واختار الطبري 18/ 161 العموم للرجال والنساء، لأن الله عمَّم ولم يخصص منهم ذكرًا ولا أنثى، فذلك على جميع من عمَّه ظاهر التنزيل.]]. قوله: ﴿وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ﴾ قال مقاتل بن حيّان: من أحراركم من الرجال والنساء [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 64 أ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 217 ونسبه لابن أبي حاتم.]]. وقوله ﴿ثَلَاثَ مَرَّاتٍ﴾ يعني ثلاثة أوقات، لأنَّه فسرهن بالأوقات وهو قوله ﴿مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ﴾. قال ابن عباس: ثلاث مرات. ثم أخبر بأوقاتها فقال: ﴿مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ﴾ يريد المقيل ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ﴾ يريد العتمة [[في (أ)، (ع): (بالعتمة). والعتمة: ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق. "لسان العرب" 12/ 381 (عتم).]] حين يأوي الرجل مع امرأته [[ذكره ابن الجوزي 6/ 61 ولم ينسبه لأحد.]]. وقال صاحب النظم: قوله: ﴿ثَلَاثَ مَرَّاتٍ﴾ هاهنا بمعنى: ثلاثة [[في (أ): (ثلاث).]] أوقات؛ لأنها لو كانت على ظاهرها لوجب أن يكون الأمر واقعًا على ثلاث دفعات، فإذا جاوزها ارتفع الأمر، وأن يكون الاستئذان ثلاث دفعات [[في (أ): (وأن يكون الاستئذان ثلاث دفعات، فإذا جاوزها ارتفع الأمر، وأن يكون الاستئذان ثلاث دفعات"، وهو تكرار.]] [فلا يكون دخول إلا بعد [[(بعد): ساقطة من (ظ).]] استئذان ثلاث دفعات] [[ساقط من (ع).]]، ويدل علي أنَّ المراد به الأوقات قوله في أثره واصفًا للأوقات-: ﴿مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ﴾ ثم سمّى هذه الأوقات عورات؛ لأن الإنسان يضع فيها [[(فيها): ساقطة من (ع).]] ثيابه فتبدو عورته. انتهى كلامه. وإنَّما قيل ثلاث مرات للأوقات؛ لأنَّه أراد مرة في كل وقت من الأوقات التي ذكرها. قال مجاهد: يجزيهم أن يستأذنوا مرّة في هذه الأوقات [[في (ع): (الساعات).]] [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 64 ب.]]. وقال أبو إسحاق وأبو علي: أمر الله بالاستئذان في الأوقات التي يتخلَّى [[في (أ): (ينحلل).]] الناس فيها ويتكشَّفُون [[في (أ): (ويكشفون)، وفي (ظ)، (ع): (وينكشفون)، والمثبت من "معاني القرآن" للزجاج، و"الوسيط" للواحدي.]]، وبيّنها فقال: {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} ففصَّل الثلاث بهذه الأوقات، ثم أجمل بعد التفصيل فقال: ﴿ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ﴾، فأعلم أنها عورات، والمعنى: هي ثلاث عورات [أو هذه ثلاث عورات] [[ساقط من (أ).]] فهي خبر ابتداء محذوف. ومن قرأ (ثلاث عورات) بالنصب [[قرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: "ثلاث عورات" بنصب (ثلاث)، وقرأ الباقون بالرفع. "السبعة" ص 458، "التبصرة" ص 274، "التيسير" ص 163.]] جعله بدلاً من قوله (ثلاث مرات). فإن قيل: قوله: (ثلاث مرات) زمان، بدلالة أنَّه فسر بزمان -على ما بيَّنا- وليس العورات بزمان، فكيف يصح البدل منه؟ وليس هي هي. قيل: يكون ذلك على أن يُضمر [[في (ظ): (ضمير).]] الأوقات كأنه: أوقات ثلاث عورات، فلما حذف المضاف أعرب ما كان يقع الإضافة إليه بإعراب المضاف، فعلى هذا يوجَّه [[في (أ): (الوجه).]] [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 52، و"الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 333.]]. والاختيار في العورات إسكان الواو، وحكم ما كان على فَعْلَه: من الأسماء أن تُحرك العين منه في فعلات نحو: صحفة [[وقع في المطبوع من "الحجة": صحيفة. وهو خطأ. والصَّحفة: شبه قصعة مُسْلَنطحة عريضة، وهي تشبع الخمسة ونحوهم. "لسان العرب" 9/ 187 (صحف).]] وصحفات، وجفنة [[الجَفْنة: هي أعظم ما يكون من القصاع. "لسان العرب" 13/ 89 (جفن).]] وجفنات. إلَّا أن التَّحريك فيما كان العين منه ياءً أو واوًا كرهه عامة العرب؛ لأنَّ العين بالتحريك تصير على صورة ما يلزمه الانقلاب من كونه متحركًا بين متحركين، فكرهوا ذلك، وعدلوا عنه إلى الإسكان، فقالوا: عوراتٌ وجوزات وبيضات، ومثل هذا في اطّراد التحريك في الصَّحيح وكراهية ذلك في المعتل قولهم في حنيفة: حنفي، وفي جديلة وربيعة: جدلي وربعيّ، فإذا أضافوا إلى مثل طويلة وجويزة قالوا: طُويلي وجويزي، كراهة: طُوليّ وجُوزيّ، لأنه يصير على ما يجب فيه القلب، وكذلك قالوا في شديد: شَديديّ، ورفضوا شدديّ الذي أثروا نحوه في ربعي كراهية التقاء التضعيف. هذا كلام أبي علي [["الحجة" لأبي علي 5/ 333 - 334.]]. وقال السدي -في هذه الآية-: كان أناس من أصحاب النبي -ﷺ- يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ثم يخرجوا [[في (ظ)، (ع): (يخرجون).]] إلى الصلاة، فأمرهم الله أن يأمروا الغلمان والمملوكين أن يستأذنوا في هذه الثلاث ساعات [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 63 ب، 64 أ. وذكره ابن كثير 3/ 303. والسيوطي في "الدر المنثور" 6/ 217 ونسبه لابن أبي حاتم. ورواية السدي هذه مع الروايتين المتقدمتين اللتين ساقهما الواحدي في سبب نزول قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ﴾ -وهما رواية الكلبي والمقاتلين- غير معتمدة في نزول هذه الآية لعدم ثبوتها من طريق صحيح، والله أعلم.]]. وقال مقاتل بن حيان: هذا من المفروض يحق على الرجل أن يأمر بذلك من كان عنده من حر أو عبد أن لا يدخلوا تلك الساعات الثلاث إلا بإذن [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 64 ب، 65 أ.]]. قال أبو عبيدة [[في (ظ): (أبو عبيدة)، وهو خطأ.]]: ولا نعلم أحدًا من العلماء أخبر عن هذه الآية بنسخ بل غلَّظُوا شأنها [["الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص 219.]]. قال عطاء: سمعت ابن عباس يقول: ثلاث آيات من كتاب الله تركهن الناس لا أرى أحدًا يعمل بهن. قال عطاء: حفظت آيتين ونسيت واحدة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ الآية، وقال الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى﴾ إلى قوله ﴿أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13] ثم [[(ثم): ساقطة من (أ).]] يقول الرجل بعد هذا للرجل-: أنا أكرم منك، وليس أحدٌ أكرم من أحد إلا بتقوى [[هذا لفظ رواية أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 220. ورواه بنحوه عبد الرزاق في "مصنفه" 10/ 179، و"الطبري" 18/ 162، وابن أبي حاتم 7/ 63 أ.]]. وقال موسى بن أبي عائشة [[هو: موسى بن أبي عائشة، الهمداني مولاهم، الكوفي. أحد العلماء العابدين الثقات. روى عن سعيد بن جبير والشعبي وغيرهما، وعنه شعبة والسفيانان، وغيرهم. "سير أعلام النبلاء" 6/ 150، "تهذيب التهذيب" 10/ 352، "تقريب التهذيب" 2/ 285.]]: قلت للشعبي -في هذه الآية-: أمنسوخة هي؟ قال: لا. فقلت: قد تركها [[في (أ): (تركوها).]] الناس؟ فقال: الله المستعان [[رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 220، وابن أبي شيبة في "مصنفه" == 4/ 400، والطبري 18/ 162 - 163 وابن أبيِ حاتم 7/ 63 أ، ب عن موسى بن أبي عائشة، به.]]. وادعى قوم النسخ في هذه الآية، واحتجوا بما روي عن عكرمة عن ابن عباس: أن ناسًا من أهل العراق سألوه عن هذه الآية، فقال: إن الله رفيق رحيم بالمؤمنين يحب الستر عليهم، وكان الناس ليست لهم ستور ولا حجاب [[عند أبي عبيد: حجال.]] فربما دخلت الخادم أو الولد [[في (ع): (الوالد).]] -والرجل على أهله- فأمروا بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالستور والخير، فلم [[في (ظ): (ولم).]] أر أحدًا يعمل بذلك [[في (ظ): (ذلك).]] [[رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 221، وأبو داود في "سننه" كتاب: الأدب، باب: في الاستئذان في العورات الثلاث 14/ 96 - 97 وعندهما زيادة ذكر السؤال. ورواه أيضًا ابن أبي حاتم 7/ 63 أ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 97 وأوله: أن رجلين سألاه -يعني ابن عباس- عن الاستئذان، فذكره بنحوه. وقال ابن كثير في "تفسيره" 3/ 303: وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 219 بمثل لفظ ابن أبي حاتم والبيهقي وعزاه أيضًا لابن المنذر وابن مردويه. وقال أبو داود -بعد روايته عن ابن عباس-: وحديث عبد الله وعطاء يُفسد -وفي بعض النسخ: يُفسر- هذا الحديث. وقال البيهقي: وحديث عبد الله بن أبي يزيد وعطاء يضعف هذه الرواية. وحديث عبد الله المشار إليه رواه أبو داود في "سننه" كتاب: الأدب -باب: الاستئذان في العورات الثلاث 14/ 95، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 97 == عن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول: لم يؤمن -وفي بعض نسخ أبي داود: "لم يؤمر- بها أكثر الناس آية الإذن، وإنّي لآمر جاريتي هذه تستأذن علي". وحديث عطاء ذكره الواحدي قبل ذلك.]]. قال أبو عبيد: وليس وجه هذا أن يكون على الرخصة من أجل أن ابن عباس لم يخبر أنَّه نسخها قرآن، ولا أن السنّة جاءت برخصة فيها. إنما قال: لم أر أحدًا يعمل ذلك، وقد حكى عنه عطاء هذا اللفظ [[في (ع): (القول).]] على وجه الإنكار والاستبطاء للناس ألا تسمع قوله: ثلاث آيات من كتاب الله تركهن الناس لا أرى أحدًا يعمل بهن. فرواية عطاء عندنا مفسرة للذي روى عكرمة. وليس المذهب في الآية إلا أنها محكمة قائمة لم ينسخها كتاب ولا خبر عن رسول الله -ﷺ-، ولا عن أحد من أصحابه ولا التابعين بعدهم بالتَّسهل في ذلك، إلا شيئًا يروى عن الحسن أنه كان يقول: والخادمة التي تبيت مع أهل الرجل لا بأس أن تدخل بغير إذن [["الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص 222. مع اختلاف يسير واختصار. وأثر الحسن رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 222 من طريق هشيم، عن يونس، عن الحسن. ورواه من وجه آخر عن يونس، عن الحسن مفصلا: الطبري 18/ 162، وابن أبي حاتم 7/ 63 ب ولفظه: إذا أبات الرجل خادمه معه فهو إذنه، وإن لم يبته معه استأذن في تلك الساعات.]]. وقوله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ﴾ أي ليس عليكم جناح ولا عليهم في أن لا يستأذنوا بعد أن يمضي كل وقت من هذه الأوقات [[هذا كلام الزجاج في "معاني القرآن" 4/ 52.]]. قال مقاتل: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ﴾ معشر المؤمنين ﴿وَلَا عَلَيْهِمْ﴾ يعني الخدم والغلمان ﴿جُنَاحٌ﴾ حرج ﴿بَعْدَهُنَّ﴾ يعني بعد العورات [["تفسير مقاتل" 2/ 41 أ.]]. وقال صاحب النظم: دلّ بقوله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ﴾ على أن ما عزمه على المماليك من الاستئذان في هذه الأوقات معزوم أيضًا على الموالي؛ لأنه لا يذكر رفع الجناح في شيء إلا عمَّن يلزمه جناحه، ثم أوضح ذلك بقوله: ﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ أي: أنكم كما يطوفون [[في (أ): (تطوفون).]] عليكم تطوفون عليهم في هذه الأوقات. هذا كلامه. ويجوز أن يعود رفع الجناح في قوله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ﴾ إلى أنه لا جناح على الموالي إذا لم يأمروا المماليك [[في (ظ): (لم يأمروا الموالي المماليك).]] بالاستئذان في غير هذه الأوقات الثلاثة. وقوله ﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ﴾ يريد أنهم خدمكم، ولا بأس أن يدخلوا في غير هذه الأوقات الثلاثة بغير إذن. قال مقاتل: يتقلبون فيكم ليلًا ونهارًا [["تفسير مقاتل" 2/ 41 أ.]]. وقال الفراء والزجاج: ﴿طَوَّافُونَ﴾ استئناف، كقولك في الكلام: إنَّما هم خدمكم [[في (ع): (خدمكم ولا بأس أن يدخلوا في غير هذه الأوقات الثلاثة)، وهو انتقال نظر من الناسخ إلى ما قبله.]] [وطوافون عليكم [[هذا قول الفراء في "معانيه" 2/ 260، وأما الزجاج فذكر هذا في "معانيه" 4/ 53 بمعناه فقال: على معنى: هم طوافون عليكم. وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 147، "البيان" للأنبارى 2/ 199، "الدر المصون" 8/ 141.]]. قال ابن قتيبة: يريد أنهم خدمكم] [[في "حاشية" (ع).]]، قال الله تعالى ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة: 17] أي: يطوف عليهم ولدان [[(ولدان): ساقطة من (أ).]] في الخدمة، وقال النبي -ﷺ- في الهرة: "إنَّما هي من الطوافين عليكم والطوافات" [[رواه أبو داود في "سننه" كتاب: الطهارة- باب: سؤر الهرة 1/ 307 - 308، والنسائي في "سننه" كتاب: الطهارة- سؤر الهرة 1/ 55، وابن ماجه في "سننه" أبواب: الطهارة- باب: الوضوء بسؤر الهرة 1/ 72 كلهم من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- مرفوعًا. قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 54: وصححه البخاري والترمذي والعقيلي والدارقطني. وقال في "بلوغ المرام" ص 12: أخرجه الأربعة، وصححه الترمذي وابن خزيمة.]] جعلها بمنزلة العبيد والإماء [["غريب القرآن" لابن قتيبة ص 307.]]. وقال صاحب النظم: يقال إن معنى الطواف هاهنا الخدمة ومنه قوله -عز وجل- ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة: 17] [[(مخلدون): ليست في (ظ)، (ع).]] أي يخدمهم، وفي الخبر "إنَّها من الطوافين عليكم والطوافات" فشبّه السنانير [[السنانير: جمع سنَّور، وهو: الهرّ. "لسان العرب" 4/ 381 (سنر).]] بخدم البيت. وقوله: ﴿بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ قال الزجاج: على معنى: يطوف بعضكم على بعض [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 53.]]. وقال أبو الهيثم: الطائف: هو الخادم الذي يخدمك برفق وعناية وجمعه الطوَّافون [[قول أبي الهيثم في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 34 (طوف).]]. ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ﴾ قال المفسرون: يعني من الأحرار [[الطبري 18/ 164، الثعلبي 3/ 89 ب.]]. ﴿الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ أي في جميع الأوقات في الدخول عليكم، فالبالغ يستأذن في كل الأوقات، والطفل والمملوك يستأذنان في الثلاث عورات. قال سعيد بن المسيب: ليستأذن الرجل على أمه فإنما نزلت ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ﴾ في ذلك [[رواه الطبري 18/ 165، وابن أبي حاتم 7/ 66 أ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 220 ونسبه لابن أبي حاتم.]]. وقال مقاتل بن حيان: الأحرار إذا بلغوا الحلم فليستأذنوا على كل حال وفي كل حين، كما استأذن الذين بلغوا الحلم من قبلهم الذين أمروا بالاستئذان على كل حال [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 66 أ.]]. فالمراد بقوله ﴿الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ الأحرار الكبار من الرجال في قول جميع المفسرين [[انظر: "الطبري" 18/ 164، الثعلبي 3/ 89 ب، ابن كثير 3/ 303.]]، إلا فيما روى عطاء، عن ابن عباس فإنه قال: يريد الذين كانوا مع إبراهيم وإسماعيل [[ذكره البغوي 6/ 62، وصدّره بقوله: وقيل. وهو قول ضعيف بعيد.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب