الباحث القرآني
في الِاسْتِئْذانِ عَلى المَحارِمِ رَوى شُعْبَةُ عَنْ أبِي إسْحاقَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: ( سَألَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ: أأسْتَأْذِنُ عَلى أُخْتِي ؟ قالَ: إنْ لَمْ تَسْتَأْذِنْ عَلَيْها رَأيْتَ ما يَسُوءُكَ ) .
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطاءٍ قالَ: ( سَألْتُ ابْنَ عَبّاسٍ: أأسْتَأْذِنُ عَلى أُخْتِي ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ قُلْتَ: إنَّها مَعِي في البَيْتِ وأنا أُنْفِقُ عَلَيْها، (p-١٧٠)قالَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْها ) .
ورَوى سُفْيانُ عَنْ مُخارَقَ عَنْ طارِقٍ قالَ: ( قالَ رَجُلٌ لِابْنِ مَسْعُودٍ أأسْتَأْذِنُ عَلى أُمِّي ؟ قالَ: نَعَمْ ) .
ورَوى سُفْيانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ «أنَّ رَجُلًا سَألَ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: أأسْتَأْذِنُ عَلى أُمِّي ؟ قالَ: نَعَمْ، أتُحِبُّ أنْ تَراها عُرْيانَةً ؟» .
وقالَ عَمْرٌو عَنْ عَطاءٍ: " سَألْتَ ابْنَ عَبّاسٍ: أأسْتَأْذِنُ عَلى أُخْتِي وأنا أُنْفِقُ عَلَيْها ؟ قالَ: نَعَمْ أتُحِبُّ أنْ تَراها عُرْيانَةً ؟ إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ " . فَلَمْ يُؤْمَرْ هَؤُلاءِ بِالِاسْتِئْذانِ إلّا في العَوْراتِ الثَّلاثِ. ثُمَّ قالَ: ﴿وإذا بَلَغَ الأطْفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [النور: ٥٩] ولَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَن كانَ مِنهم أجْنَبِيًّا أوْ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، إلّا أنَّ أمْرَ ذَوِي المَحارِمِ أيْسَرُ لِجَوازِ النَّظَرِ إلى شَعْرِها وصَدْرِها وساقِها ونَحْوِها مِنَ الأعْضاءِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا هو أزْكى لَكُمْ﴾ [النور: ٢٨] بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ [النور: ٢٨] يَدُلُّ عَلى أنَّ لِلرَّجُلِ أنْ يَنْهى مَن لا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ دارِهِ عَنِ الوُقُوفِ عَلى بابِ دارِهِ أوِ القُعُودِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا هو أزْكى لَكُمْ﴾ [النور: ٢٨] ويَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِذَلِكَ حَظْرَ الدُّخُولِ إلّا بَعْدَ الإذْنِ؛ لِأنَّ هَذا المَعْنى قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مُصَرَّحًا بِهِ في الآيَةِ، فَواجِبٌ أنْ يَكُونَ لِقَوْلِهِ: ﴿وإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا﴾ [النور: ٢٨] فائِدَةٌ مُجَدِّدَةٌ، وهو أنَّهُ مَتى أمَرَهُ بِالرُّجُوعِ عَنْ بابِ دارِهِ فَواجِبٌ عَلَيْهِ التَّنَحِّي عَنْهُ لِئَلّا يَتَأذّى بِهِ صاحِبُ الدّارِ في دُخُولِ حَرَمِهِ وخُرُوجِهِمْ وفِيما يَنْصَرِفُ عَلَيْهِ أُمُورُهُ في دارِهِ مِمّا لا يُحِبُّ أنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
* * *
بابُ اسْتِئْذانِ المَمالِيكِ والصِّبْيانِ اسْتِئْذانُ المَمالِيكِ والصِّبْيانِ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أيْمانُكم والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ﴾ الآيَةَ.
رَوى لَيْثُ بْنُ أبِي سُلَيْمٍ عَنْ نافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وسُفْيانَ عَنْ أبِي حُصَيْنٍ عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ قالا: ( هو في النِّساءِ خاصَّةً والرِّجالُ يَسْتَأْذِنُونَ عَلى كُلِّ حالٍ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ ) .
قالَ أبُو بَكْرٍ: أنْكَرَ بَعْضُهم هَذا التَّأْوِيلَ، قالَ: لِأنَّ النِّساءَ لا يُطْلَقُ فِيهِنَّ ( الَّذِينَ ) إذا انْفَرَدْنَ، وإنَّما يُقالُ: ( اللّائِي ) كَما قالَ تَعالى: ﴿واللائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ﴾ [الطلاق: ٤]
قالَ أبُو بَكْرٍ: هَذا يَجُوزُ إذا عُبِّرَ بِلَفْظِ المَمالِيكِ، كَما أنَّ النِّساءَ إذا عُبِّرَ عَنْهُنَّ بِالأشْخاصِ؛ وكَذَلِكَ جائِزٌ أنْ تُذْكَرَ الإناثُ إذا عُبِّرَ عَنْهُنَّ بِلَفْظِ المَمالِيكِ دُونَ النِّساءِ ودُونَ الإماءِ؛ لِأنَّ التَّذْكِيرَ والتَّأْنِيثَ يَتْبَعانِ اللَّفْظِ كَما تَقُولُ: ( ثَلاثُ مَلاحِفَ ) فَإذا عَبَّرْتَ بِالأُزُرِ ذَكَّرْتَ فَقُلْتَ: ( ثَلاثَةُ أُزُرٍ ) فالظّاهِرُ أنَّ المُرادَ الذُّكُورُ والإناثُ مِنَ المَمالِيكِ ولَيْسَ العَبِيدَ؛ لِأنَّ العَبِيدَ مَأْمُورُونَ بِالِاسْتِئْذانِ في كُلِّ وقْتٍ ما يُوجِبُ الِاقْتِصارَ بِالأمْرِ في العَوْراتِ الثَّلاثِ عَلى الإماءِ دُونَهم؛ إذْ كانُوا مَأْمُورِينَ في سائِرِ الأوْقاتِ، فَفي هَذِهِ الأوْقاتِ الثَّلاثَةِ أوْلى أنْ يَكُونُوا مَأْمُورِينَ بِهِ.
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا ابْنُ السَّرْحِ والصَّبّاحُ بْنُ سُفْيانَ وابْنُ عَبْدَةَ وهَذا حَدِيثُهُ قالَ: أخْبَرَنا سُفْيانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ( لَمْ يُؤْمَرْ بِها أكْثَرُ النّاسِ آيَةُ الإذْنِ، وإنِّي لَآمُرُ جارِيَتِي هَذِهِ تَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ ) .
وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ أنَّ نَفَرًا مِن أهْلِ العِراقِ قالُوا: يا ابْنَ عَبّاسٍ كَيْفَ تَرى هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي أُمِرْنا فِيها بِما أُمِرْنا ولا يَعْمَلُ بِها أحَدٌ، قَوْلُ اللَّهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أيْمانُكم والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكم ثَلاثَ مَرّاتٍ﴾ الآيَةَ، إلى قَوْلِهِ: ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ؟ قالَ ابْنُ عَبّاسِ: ( إنَّ اللَّهَ حَلِيمٌ رَحِيمٌ بِالمُؤْمِنِينَ يُحِبُّ السِّتْرَ، وكانَ النّاسُ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سِتْرٌ ولا حِجابٌ فَرُبَّما دَخَلَ الخادِمُ أوِ الوَلَدُ أوْ يَتِيمَةُ الرَّجُلِ والرَّجُلُ عَلى أهْلِهِ، فَأمَرَهُمُ اللَّهُ بِالِاسْتِئْذانِ في تِلْكَ العَوْراتِ، فَجاءَهم (p-١٩٢)اللَّهُ بِالسُّتُورِ والخَيْرِ فَلَمْ أرَ أحَدًا يَعْمَلُ بِذَلِكَ بَعْدُ ) .
قالَ أبُو بَكْرٍ: وفي بَعْضِ ألْفاظِ حَدِيثِ عَبّاسٍ هَذا، وهو حَدِيثُ سُلَيْمانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أبِي عَمْرٍو: " فَلَمّا أتى اللَّهُ بِالخَيْرِ واِتَّخَذُوا السُّتُورَ والحِجابَ رَأى النّاسُ أنَّ ذَلِكَ قَدْ كَفاهم مِنَ الِاسْتِئْذانِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ " فَأخْبَرَ ابْنُ عَبّاسٍ أنَّ الأمْرَ بِالِاسْتِئْذانِ في هَذِهِ الآيَةِ كانَ مُتَعَلِّقًا بِسَبَبٍ، فَلَمّا زالَ السَّبَبُ زالَ الحُكْمُ. وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لَمْ يَرَ الآيَةَ مَنسُوخَةً، وأنَّ مِثْلَ ذَلِكَ السَّبَبِ لَوْ عادَ لَعادَ الحُكْمُ وقالَ الشُّعَبِيُّ أيْضًا إنَّها لَيْسَتْ بِمَنسُوخَةٍ.
وهَذا نَحْوُ ما فَرَضَ اللَّهُ تَعالى مِنَ المِيراثِ بِالمُوالاةِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والَّذِينَ عَقَدَتْ أيْمانُكم فَآتُوهم نَصِيبَهُمْ﴾ [النساء: ٣٣] فَكانُوا يَتَوارَثُونَ بِذَلِكَ، فَلَمّا أوْجَبَ التَّوارُثَ بِالنَّسَبِ جَعَلَ ذَوِي الأنْسابِ أوْلى مِن مَوْلى المُوالاةِ، ومَتى فُقِدَ النَّسَبُ عادَ مِيراثُ المُعاقَدَةِ والوَلاءِ.
وقالَ جابِرُ بْنُ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أيْمانُكم والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ﴾ ( أبْناؤُهُمُ الَّذِينَ عَقَلُوا ولَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنَ الغِلْمانِ والجَوارِي يَسْتَأْذِنُونَ عَلى آبائِهِمْ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ وحِينَ يَقِيلُونَ ويَخْلُونَ وبَعْدَ صَلاةِ العِشاءِ وهي العَتَمَةُ فَإذا بَلَغُوا الحُلُمَ اسْتَأْذَنُوا كَما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ، إخْوانُهم إذا كانُوا رِجالًا ونِساءً لا يَدْخُلُونَ عَلى آبائِهِمْ إلّا بِإذْنٍ ساعَةَ يَدْخُلُونَ أيَّ ساعَةٍ كانَتْ ) .
ورَوى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ قالَ: ( عَبِيدُكم ) ﴿والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكم ثَلاثَ مَرّاتٍ﴾ قالَ: ( مِن أحْرارِكم )؛ ورُوِيَ عَنْ عَطاءٍ مِثْلُهُ.
وأنْكَرَ بَعْضُهم هَذا التَّأْوِيلَ؛ لِأنَّ العَبْدَ البالِغَ بِمَنزِلَةِ الحُرِّ البالِغِ في تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلى مَوْلاتِهِ، فَكَيْفَ يُجْمَعُ إلى الصِّبْيانِ الَّذِينَ هم غَيْرُ مُكَلَّفِينَ قالَ: فالأظْهَرُ أنْ يَكُونَ المُرادُ العَبِيدَ الصِّغارَ والإماءَ وصِغارَنا الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ. وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِمّا مَلَكَتْ أيْمانُكم ) . وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ والشُّعَبِيُّ: ( هَذا مِمّا تَهاوَنَ بِهِ النّاسُ وما نُسِخَتْ ) . وقالَ أبُو قِلابَةَ: " لَيْسَ بِواجِبٍ وهو كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأشْهِدُوا إذا تَبايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] " . وقالَ القاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: ( يَسْتَأْذِنُ عِنْدَ كُلِّ عَوْرَةٍ، ثُمَّ هو طَوّافٌ بَعْدَها )؛ يَعْنِي أنَّهُ يَسْتَأْذِنُ عِنْدَ أوْقاتِ الخَلْوَةِ والتَّفَضُّلِ في الثِّيابِ وطَرْحِها وهو طَوّافٌ بَعْدَها؛ لِأنَّها أوْقاتُ السِّتْرِ، ولا يَسْتَطِيعُ الخادِمُ والغُلامُ والصَّبِيُّ الِامْتِناعَ مِنَ الدُّخُولِ كَما قالَ ﷺ في الهِرَّةِ: «إنَّها مِنَ الطَّوّافِينَ عَلَيْكم والطَّوّافاتِ» يَعْنِي أنَّهُ لا يُسْتَطاعُ الِامْتِناعُ مِنها. ورُوِيَ أنَّ رَجُلًا قالَ لِعُمَرَ: أسْتَأْذِنُ عَلى أُمِّي ؟ قالَ: نَعَمْ؛ وكَذَلِكَ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ مَسْعُودٍ
(p-١٩٣)
* * *
* فَصْلٌ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ﴾ يَدُلُّ عَلى بُطْلانِ قَوْلِ مَن جَعَلَ حَدَّ البُلُوغِ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً؛ إذْ لَمْ يَحْتَلِمْ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَن بَلَغَها وبَيْنَ مَن قَصُرَ عَنْها بَعْدَ أنْ لا يَكُونَ قَدْ بَلَغَ الحُلُمَ.
وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِن جِهاتٍ كَثِيرَةٍ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ النّائِمِ حَتّى يَسْتَيْقِظَ وعَنِ المَجْنُونِ حَتّى يُفِيقَ وعَنِ الصَّبِيِّ حَتّى يَحْتَلِمَ» . ولَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَن بَلَغَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً وبَيْنَ مَن لَمْ يَبْلُغْها. وأمّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أنَّهُ عُرِضَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ ولَهُ أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجَزْ وعُرِضَ عَلَيْهِ يَوْمَ الخَنْدَقِ ولَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأجازَهُ»، فَإنَّهُ مُضْطَرِبٌ؛ لِأنَّ الخَنْدَقَ كانَ في سَنَةِ خَمْسٍ، وأُحُدٌ في سَنَةِ ثَلاثٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ بَيْنَهُما سَنَةٌ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ فَإنَّ الإجازَةَ في القِتالِ لا تَعَلُّقَ لَها بِالبُلُوغِ؛ لِأنَّهُ قَدْ يُرَدُّ البالِغُ لِضَعْفِهِ ويُجازُ غَيْرُ البالِغِ لِقُوَّتِهِ عَلى القِتالِ وطاقَتِهِ لِحَمْلِ السِّلاحِ، كَما أجازَ رافِعَ بْنَ خَدِيجٍ ورَدَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، فَلَمّا قِيلَ لَهُ: إنَّهُ يَصْرَعُهُ أمْرَهُما فَتَصارَعا، فَصَرَعَهُ سَمُرَةَ فَأجازَهُ ولَمْ يَسْألْهُ عَنْ سِنِّهِ. وأيْضًا فَإنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَسْألِ ابْنَ عُمَرَ عَنْ مَبْلَغِ سِنِّهِ في الأوَّلِ ولا في الثّانِي وإنَّما اعْتَبَرَ في قُوَّتِهِ وضَعْفِهِ؛ فاعْتِبارُ السِّنِّ؛ لِأنَّ النَّبِيَّ ﷺ أجازَهُ في وقْتٍ ورَدَّهُ في وقْتٍ ساقِطٌ.
وقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهاءُ عَلى أنَّ الِاحْتِلامَ بُلُوغٌ، واخْتَلَفُوا إذا بَلَغَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً ولَمْ يَحْتَلِمْ فَقالَ أبُو حَنِيفَةَ ( لا يَكُونُ الغُلامُ بالِغًا حَتّى يَبْلُغَ ثَمانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ويَسْتَكْمِلَها، وفي الجارِيَةِ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً وقالَ أبُو يُوسُفَ ومُحَمَّدٌ والشّافِعِيُّ في الغُلامِ والجارِيَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ) وذَهَبُوا فِيها إلى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وقَدْ بَيَّنّا أنْ لا دَلالَةَ فِيهِ عَلى أنَّها حَدُّ البُلُوغِ؛ ويَدُلُّ عَلَيْهِ أنَّهُ لَمْ يَسْألْهُ عَنِ الِاحْتِلامِ ولا عَنِ السِّنِّ.
ولَمّا ثَبَتَ بِما وصَفْنا أنَّ الخَمْسَ عَشَرَةَ لَيْسَتْ بِبُلُوغٍ وظاهِرُ قَوْلِهِ ﴿والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ﴾ يَنْفِي أيْضًا أنْ تَكُونَ الخَمْسَ عَشَرَةَ بُلُوغًا عَلى الحَدِّ الَّذِي بَيَّنّا، صارَ طَرِيقُ إثْباتِ حَدِّ البُلُوغِ بَعْدَ ذَلِكَ الِاجْتِهادَ؛ لِأنَّهُ حَدٌّ بَيْنَ الصِّغَرِ والكِبَرِ الَّذِينَ قَدْ عَرَفْنا طَرِيقَهُما وهو واسِطَةٌ بَيْنَهُما، فَكانَ طَرِيقُهُ الِاجْتِهادَ.
ولَيْسَ يَتَوَجَّهُ عَلى القائِلِ بِما وصَفْنا سُؤالٌ، كالمُجْتَهِدِ في تَقْوِيمِ المُسْتَهْلَكاتِ وأُرُوشِ الجِناياتِ الَّتِي لا تَوْقِيفَ في مَقادِيرِها ومُهُورِ الأمْثالِ ونَحْوِها.
فَإنْ قِيلَ: فَلا بُدَّ مِن أنْ يَكُونَ اعْتِبارُهُ لِهَذا المِقْدارِ دُونَ غَيْرِهِ لِضَرْبٍ مِنَ التَّرْجِيحِ عَلى غَيْرِهِ يُوجِبُ تَغْلِيبَ ذَلِكَ في رَأْيِهِ دُونَ ما عَداهُ مِنَ المَقادِيرِ.
قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلِمْنا أنَّ العادَةَ في البُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وكُلُّ ما كانَ طَرِيقُهُ العاداتِ فَقَدْ تَجُوزُ الزِّيادَةُ فِيهِ والنُّقْصانُ مِنهُ، وقَدْ وجَدْنا مَن بَلَغَ في اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وقَدْ بَيَّنّا (p-١٩٤)أنَّ الزِّيادَةَ عَلى المُعْتادِ مِنَ الخَمْسَ عَشْرَةَ جائِزَةٌ كالنُّقْصانِ عَنْهُ فَجَعَلَ أبُو حَنِيفَةَ الزِّيادَةَ عَلى المُعْتادِ كالنُّقْصانِ عَنْهُ وهي ثَلاثُ سِنِينَ؛ كَما أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمّا جَعَلَ المُعْتادَ مِن حَيْضِ النِّساءِ سِتًّا أوْ سَبْعًا بِقَوْلِهِ لِحِمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ: «تَحِيضِينَ في عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أوْ سَبْعًا كَما تَحِيضُ النِّساءُ في كُلِّ شَهْرٍ» اقْتَضى ذَلِكَ أنْ يَكُونَ العادَةُ سِتًّا ونِصْفًا؛ لِأنَّهُ جَعَلَ السّابِعَ مَشْكُوكًا فِيهِ بِقَوْلِهِ: ( سِتًّا أوْ سَبْعًا ) .
ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنا أنَّ النُّقْصانَ عَنِ المُعْتادِ ثَلاثٌ ونِصْفٌ؛ لِأنَّ أقَلَّ الحَيْضِ عِنْدَنا ثَلاثٌ وأكْثَرَهُ عَشْرَةٌ، فَكانَتِ الزِّيادَةُ عَلى المُعْتادِ بِإزاءِ النُّقْصانِ مِنهُ، وجَبَ أنْ يَكُونَ كَذَلِكَ اعْتِبارُ الزِّيادَةِ عَلى المُعْتادِ فِيما وصَفْنا.
وقَدْ حُكِيَ عَنْ أبِي حَنِيفَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً لِلْغُلامِ؛ وهو مَحْمُولٌ عَلى اسْتِكْمالِ ثَمانِيَ عَشْرَةَ والدُّخُولِ في التّاسِعَ عَشْرَةَ.
واخْتُلِفَ في الإثْباتِ هَلْ يَكُونُ بُلُوغًا، فَلَمْ يَجْعَلْهُ أصْحابُنا بُلُوغًا، والشّافِعِيُّ يَجْعَلُهُ بُلُوغًا، وظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ﴾ يَنْفِي أنْ يَكُونَ الإثْباتُ بُلُوغًا إذا لَمْ يَحْتَلِمْ، كَما نَفى كَوْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ بُلُوغًا. وكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: «وعَنِ الصَّبِيِّ حَتّى يَحْتَلِمَ» وهَذا خَبَرٌ مَنقُولٌ مِن طَرِيقِ الِاسْتِفاضَةِ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ السَّلَفُ والخَلَفُ في رَفْعِ حُكْمِ القَلَمِ عَنِ المَجْنُونِ والنّائِمِ والصَّبِيِّ. واحْتَجَّ مَن جَعَلَهُ بُلُوغًا بِحَدِيثِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَطِيَّةَ القُرَظِيِّ: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمَرَ بِقَتْلِ مَن أنْبَتَ مِن بَنِي قُرَيْظَةَ واسْتَحْيا مَن لَمْ يُنْبِتْ، قالَ: فَنَظَرُوا إلَيَّ فَلَمْ أكُنْ أنْبَتُّ فاسْتَبْقانِي» . وهَذا حَدِيثٌ لا يَجُوزُ إثْباتُ الشَّرْعِ بِمِثْلِهِ؛ إذْ كانَ عَطِيَّةُ هَذا مَجْهُولًا لا يُعْرَفُ إلّا مِن هَذا الخَبَرِ، لا سِيَّما مَعَ اعْتِراضِهِ عَلى الآيَةِ والخَبَرِ في نَفْيِ البُلُوغِ إلّا بِالِاحْتِلامِ؛ ومَعَ ذَلِكَ فَهو مُخْتَلِفُ الألْفاظِ، فَفي بَعْضِها أنَّهُ أمَرَ بِقَتْلِ مَن جَرَتْ عَلَيْهِ المَواسِي، وفي بَعْضِها مَنِ اخْضَرَّ إزارُهُ؛ ومَعْلُومٌ أنَّهُ لا يَبْلُغُ هَذِهِ الحالَ إلّا وقَدْ تَقَدَّمَ في بُلُوغِهِ، ولا يَكُونُ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهِ المَواسِي إلّا وهو رَجُلٌ كَبِيرٌ؛ فَجَعَلَ الإثْباتَ وجَرْيَ المَواسِيِ عَلَيْهِ كِنايَةً عَنْ بُلُوغِ القَدْرِ الَّذِي ذَكَرْنا في السِّنِّ وهي ثَمانِيَ عَشْرَةَ وأكْثَرُ.
ورُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ وأبِي بَصْرَةَ الغِفارِيِّ أنَّهُما قَسَما في الغَنِيمَةِ لِمَن أنْبَتَ. وهَذا لا دَلالَةَ فِيهِ عَلى أنَّهُما رَأيا الإنْباتَ بُلُوغًا؛ لِأنَّ القِسْمَةَ جائِزَةٌ لِلصِّبْيانِ عَلى وجْهِ الرَّضْخِ. وقَدْ رُوِيَ عَنْ قَوْمٍ مِنَ السَّلَفِ شَيْءٌ في اعْتِبارِ طُولِ الإنْسانِ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ أحَدٌ مِنَ الفُقَهاءِ. ورَوى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أنَسٍ قالَ: ( أتى أبُو بَكْرٍ بِغُلامٍ قَدْ سَرَقَ، فَأمَرَهُ فَشُبِرَ فَنَقَصَ أُنْمُلَةً فَخَلّى عَنْهُ ) .
ورَوى قَتادَةَ عَنْ خِلاسٍ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: ( إذا بَلَغَ الغُلامُ خَمْسَةَ أشْبارٍ فَقَدْ وقَعَتْ عَلَيْهِ الحُدُودُ ويُقْتَصُّ لَهُ ويُقْتَصُّ مِنهُ، وإذا اسْتَعانَهُ رِجْلٌ بِغَيْرِ إذْنِ أهْلِهِ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أشْبارٍ (p-١٩٥)فَهُوَ ضامِنٌ ) .
ورَوى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ: ( أنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أتى بِوَصِيفٍ لِعُمَرَ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ قَدْ سَرَقَ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ حَدَثَ أنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَيْهِ في غُلامٍ مِن أهْلِ العِراقِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ أنِ اشْبِرْهُ فَشَبَرَهُ فَنَقَصَ أُنْمُلَةً فَسُمِّيَ نُمَيْلَةُ ) .
قالَ أبُو بَكْرٍ: وهَذِهِ أقاوِيلُ شاذَّةٌ بِأسانِيدَ ضَعِيفَةٍ تَبْعُدُ أنْ تَكُونَ مِن أقاوِيلِ السَّلَفِ،؛ إذِ الطُّولُ والقِصَرُ لا يَدُلّانِ عَلى بُلُوغٍ ولا نَفْيِهِ؛ لِأنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَصِيرًا ولَهُ عِشْرُونَ سَنَةً وقَدْ يَكُونُ طَوِيلًا ولا يَبْلُغُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ولَمْ يَحْتَلِمْ؛ وقَوْلُهُ ﴿والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ مَن لَمْ يَبْلُغْ وقَدْ عَقَلَ يُؤْمَرُ بِفِعْلِ الشَّرائِعِ ويُنْهى عَنِ ارْتِكابِ القَبائِحِ وإنْ لَمْ يَكُنْ مِن أهْلِ التَّكْلِيفِ، عَلى جِهَةِ التَّعْلِيمِ؛ كَما أمَرَهُمُ اللَّهُ تَعالى بِالِاسْتِئْذانِ في هَذِهِ الأوْقاتِ.
وقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الجُهَنِيِّ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إذا بَلَغَ الغُلامُ سَبْعَ سِنِينَ فَمُرُوهُ بِالصَّلاةِ، وإذا بَلَغَ عَشْرًا فاضْرِبُوهُ عَلَيْها». ورَوى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مُرُوا صِبْيانَكم بِالصَّلاةِ إذا بَلَغُوا سَبْعًا واضْرِبُوهم عَلَيْها إذا بَلَغُوا عَشْرًا وفَرِّقُوا بَيْنَهم في المَضاجِعِ». وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: ( حافِظُوا عَلى أبْنائِكم في الصَّلاةِ ) .
ورَوى نافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: ( يُعَلَّمُ الصَّبِيُّ الصَّلاةَ إذا عَرَفَ يَمِينَهُ مِن شِمالِهِ ) .
ورَوى حاتِمُ بْنُ إسْماعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيهِ قالَ: ( كانَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ يَأْمُرُ الصِّبْيانَ أنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ والعَصْرَ جَمِيعًا والمَغْرِبَ والعِشاءَ جَمِيعًا، فَيُقالُ لَهُ: يُصَلُّونَ الصَّلاةَ لِغَيْرِ وقْتِها فَيَقُولُ: هَذا خَيْرٌ مِن أنْ يَتَناهَوْا عَنْها ) . ورَوى هِشامُ بْنُ عُرْوَةَ: ( أنَّهُ كانَ يَأْمُرُ بَنِيهِ بِالصَّلاةِ إذا عَقَلُوها وبِالصَّوْمِ إذا أطاقُوهُ ) . ورَوى أبُو إسْحاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: ( إذا بَلَغَ الصَّبِيُّ عَشْرَ سِنِينَ كُتِبَتْ لَهُ الحَسَناتُ ولا تُكْتَبُ عَلَيْهِ السَّيِّئاتُ حَتّى يَحْتَلِمَ ) .
قالَ أبُو بَكْرٍ: إنَّما يُؤْمَرُ بِذَلِكَ عَلى وجْهِ التَّعْلِيمِ ولِيَعْتادَهُ ويَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ فَيَكُونَ أسْهَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ البُلُوغِ وأقَلَّ نُفُورًا مِنهُ، وكَذَلِكَ يُجَنَّبُ شُرْبَ الخَمْرِ وأكْلَ لَحْمِ الخِنْزِيرِ ويُنْهى عَنْ سائِرِ المَحْظُوراتِ؛ لِأنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ في الصِّغَرِ وخُلِّيَ وسائِرَ شَهَواتِهِ وما يُؤْثِرُهُ ويَخْتارُهُ يَصْعُبُ عَلَيْهِ بَعْدَ البُلُوغِ الإقْلاعُ عَنْهُ؛ وقالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿قُوا أنْفُسَكم وأهْلِيكم نارًا﴾ [التحريم: ٦] رُوِيَ في التَّفْسِيرِ: أدِّبُوهم وعَلِّمُوهم. وكَما يُنْهى عَنِ اعْتِقادِ الكُفْرِ والشِّرْكِ وإظْهارِهِ وإنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا، كَذَلِكَ حُكْمُ الشَّرائِعِ.
* * *
فِي اسْمِ صَلاةِ العِشاءِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومِن بَعْدِ صَلاةِ العِشاءِ﴾ رَوى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: ( لا تَغْلِبَنَّكُمُ الأعْرابُ عَلى اسْمِ صَلاتِكم فَإنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ: ﴿ومِن بَعْدِ صَلاةِ العِشاءِ﴾ وإنَّ الأعْرابَ يُسَمُّونَها العَتَمَةَ، وإنَّما العَتَمَةُ عَتَمَةُ الإبِلِ لِلْحِلابِ ) .
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِیَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِینَ مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ وَٱلَّذِینَ لَمۡ یَبۡلُغُوا۟ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَـٰثَ مَرَّ ٰتࣲۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِینَ تَضَعُونَ ثِیَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِیرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَاۤءِۚ ثَلَـٰثُ عَوۡرَ ٰتࣲ لَّكُمۡۚ لَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ وَلَا عَلَیۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّ ٰفُونَ عَلَیۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۚ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق