الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكم مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خُلَّةٌ ولا شَفاعَةٌ والكافِرُونَ هُمُ الظالِمُونَ﴾
قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هَذِهِ الآيَةُ تَجْمَعُ الزَكاةَ والتَطَوُّعَ، وهَذا كَلامٌ صَحِيحٌ، فالزَكاةُ واجِبَةٌ، والتَطَوُّعُ مَندُوبٌ إلَيْهِ. وظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ أنَّها مُرادٌ بِها جَمِيعُ وُجُوهِ البِرِّ: مِن سَبِيلِ خَيْرٍ، وصِلَةِ رَحِمٍ، ولَكِنَّ ما تَقَدَّمَ مِنَ الآيات في ذِكْرِ القِتالِ وأنَّ اللهَ يَدْفَعُ بِالمُؤْمِنِينَ في صُدُورِ الكافِرِينَ يَتَرَجَّحُ مِنهُ أنَّ هَذا النَدْبَ إنَّما هو في سَبِيلِ اللهِ، ويُقَوِّي ذَلِكَ قَوْلُهُ في آخِرِ الآيَةِ: ﴿والكافِرُونَ هُمُ الظالِمُونَ﴾ أيْ: فَكافِحُوهم بِالقِتالِ بِالأنْفُسِ وإنْفاقِ الأمْوالِ- ونَدَبَ اللهُ تَعالى بِهَذِهِ الآيَةِ إلى إنْفاقِ شَيْءٍ مِمّا أنْعَمَ بِهِ، وهَذا غايَةُ التَفَضُّلِ فِعْلًا وقَوْلًا- وحَذَّرَ تَعالى مِنَ الإمْساكِ إلى أنْ يَجِيءَ يَوْمٌ لا يُمْكِنُ فِيهِ بَيْعٌ ولا شِراءٌ ولا اسْتِدْراكُ نَفَقَةٍ في ذاتِ اللهِ، إذْ هي مُبايَعَةٌ عَلى ما قَدْ فَسَّرْناهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ﴾ [البقرة: ٢٤٥] أو إذِ البَيْعُ فِدْيَةٌ، لِأنَّ المَرْءَ قَدْ يَشْتَرِي نَفْسَهُ ومُرادَهُ بِمالِهِ، وكَأنَّ مَعْنى الآيَةِ مَعْنى سائِرِ الآيِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ إلّا فِدْيَةَ يَوْمِ القِيامَةِ -وَأخْبَرَ اللهُ تَعالى بِعَدَمِ الخُلَّةِ يَوْمَ القِيامَةِ، والمَعْنى: خُلَّةٌ نافِعَةٌ تَقْتَضِي المُساهَمَةَ، كَما كانَتْ في الدُنْيا، وأهْلُ التَقْوى بَيْنَهم في ذَلِكَ اليَوْمِ خُلَّةٌ ولَكِنَّهُ غَيْرُ مُحْتاجٍ إلَيْها، وخُلَّةُ غَيْرِهِمْ لا تُغْنِي مِنَ اللهِ شَيْئًا- وأخْبَرَ تَعالى أنَّ الشَفاعَةَ أيْضًا مَعْدُومَةٌ في ذَلِكَ اليَوْمِ. فَحَمَلَ (p-٢٢)الطَبَرِيُّ ذَلِكَ عَلى عُمُومِ اللَفْظِ وخُصُوصِ المَعْنى، وأنَّ المُرادَ: "وَلا شَفاعَةَ لِلْكُفّارِ"، وهَذا لا يُحْتاجُ إلَيْهِ، بَلِ الشَفاعَةُ المَعْرُوفَةُ في الدُنْيا وهي انْتِدابُ الشافِعِ وتَحَكُّمُهُ عَلى كُرْهِ المَشْفُوعِ عِنْدَهُ مُرْتَفِعَةٌ يَوْمَ القِيامَةِ البَتَّةَ، وإنَّما تُوجَدُ شَفاعَةٌ بِإذْنِ اللهِ تَعالى، فَحَقِيقَتُها رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ تَعالى لَكِنَّهُ شَرَّفَ الَّذِي أذِنَ لَهُ في أنْ يَشْفَعَ، وإنَّما المَعْدُومُ مِثْلُ حالِ الدُنْيا مِنَ البَيْعِ والخُلَّةِ والشَفاعَةِ.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو: "لا بَيْعَ فِيهِ ولا خُلَّةَ ولا شَفاعَةَ" بِالنَصْبِ، في كُلِّ ذَلِكَ بِلا تَنْوِينٍ وكَذَلِكَ في سُورَةِ إبْراهِيمَ: "لا بَيْعَ فِيهِ ولا خِلالَ" وفي الطُورِ: "لا لَغْوَ فِيها ولا تَأْثِيمَ"، وقَرَأ الباقُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالرَفْعِ والتَنْوِينِ.
و"الظالِمُونَ" واضِعُو الشَيْءِ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وقالَ عَطاءُ بْنُ دِينارٍ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قالَ: ﴿والكافِرُونَ هُمُ الظالِمُونَ﴾ ولَمْ يَقُلِ: "الظالِمُونَ هُمُ الكافِرُونَ".
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خُلَّةࣱ وَلَا شَفَـٰعَةࣱۗ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق