الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ﴾ قِيلَ: أرادَ بِهِ الفَرْضَ كالزَّكاةِ دُونَ النَّفْلِ لِأنَّ الأمْرَ حَقِيقَةٌ في الوُجُوبِ ولِاقْتِرانِ الوَعِيدِ بِهِ وهو المَرْوِيُّ عَنِ الحَسَنِ، وقِيلَ: يَدْخُلُ فِيهِ الفَرْضُ والنَّفْلُ وهو المَرْوِيُّ عَنِ اِبْنِ جُرَيْجٍ واخْتارَهُ البَلْخِيُّ، وجَعَلَ الأمْرَ لِمُطْلَقِ الطَّلَبِ ولَيْسَ فِيما بَعْدُ سِوى الإخْبارِ بِأهْوالِ يَوْمِ القِيامَةِ وشَدائِدِها تَرْغِيبًا في الإنْفاقِ ولَيْسَ فِيهِ وعِيدٌ عَلى تَرْكِهِ لِيَتَعَيَّنَ الوُجُوبُ، وقالَ الأصَمُّ: المُرادُ بِهِ الإنْفاقُ في الجِهادِ، والدَّلِيلُ عَلَيْهِ أنَّهُ مَذْكُورٌ بَعْدَ الأمْرِ بِالجِهادِ مَعْنًى، وبِذَلِكَ تَرْتَبِطُ الآيَةُ بِما قَبْلَها ولا يَخْفى أنَّ هَذا الدَّلِيلَ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يُسْمَعَ لِأنَّ الِارْتِباطَ عَلى تَقْدِيرِ العُمُومِ حاصِلٌ أيْضًا بِدُخُولِ الإنْفاقِ المَذْكُورِ فِيهِ دُخُولًا أوَّلِيًّا، وكَذا عَلى تَقْدِيرِ إرادَةِ الفَرْضِ لِأنَّ الإنْفاقَ في الجِهادِ قَدْ يَكُونُ فَرْضًا إذا تَوَقَّفَ الفَرْضُ عَلَيْهِ، و(ما) مَوْصُولَةٌ حُذِفَ عائِدُها والتَّعَرُّضُ لِوُصُولِهِ مِنهُ تَعالى لِلْحَثِّ عَلى الإنْفاقِ والتَّرْغِيبِ فِيهِ.
﴿مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خُلَّةٌ﴾ أيْ لا مَوَدَّةٌ ولا صَداقَةٌ ﴿ولا شَفاعَةٌ﴾ أيْ لِأحَدٍ إلّا مِن بَعْدِ أنْ يَأْذَنَ الرَّحْمَنُ لِمَن يَشاءُ ويَرْضى وأرادَ بِذَلِكَ يَوْمَ القِيامَةِ، والمُرادُ مِن وصْفِهِ بِما ذَكَرَ الإشارَةُ إلى أنَّهُ لا قُدْرَةَ لِأحَدٍ فِيهِ عَلى تَحْصِيلِ ما يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ لِأنَّ مَن في ذِمَّتِهِ حَقٌّ مَثَلًا إمّا أنْ يَأْخُذَ بِالبَيْعِ ما يُؤَدِّيهِ بِهِ وإمّا أنْ يُعِينَهُ أصْدِقاؤُهُ وإمّا أنْ يَلْتَجِئَ إلى مَن يَشْفَعُ لَهُ في حَطِّهِ والكُلٌّ مُنْتَفٍ ولا مُسْتَعانَ إلّا بِاَللَّهِ عَزَّ وجَلَّ؛ و(مِن) مُتَعَلِّقَةٌ بِما تَعَلَّقَتْ بِهِ أُخْتُها ولا ضَيْرَ لِاخْتِلافِ مَعْنَيَيْهِما إذِ الأُولى: تَبْعِيضِيَّةٌ وهَذِهِ لِابْتِداءِ الغايَةِ وإنَّما رُفِعَتْ هَذِهِ المَنفِيّاتُ الثَّلاثَةُ مَعَ أنَّ المَقامَ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ والمُناسِبُ لَهُ الفَتْحُ لِأنَّ الكَلامَ عَلى تَقْدِيرِ هَلْ بِيعٌ فِيهِ أوْ خُلَّةٌ أوْ شَفاعَةٌ والبَيْعُ وأخَواهُ فِيهِ مَرْفُوعَةٌ فَناسَبَ رَفْعَها في الجَوابِ مَعَ حُصُولِ العُمُومِ في الجُمْلَةِ وإنْ لَمْ يَكُنْ بِمَثابَةِ العُمُومِ الحاصِلِ عَلى تَقْدِيرِ الفَتْحِ، وقَدْ فَتَحَها اِبْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو ويَعْقُوبُ عَلى الأصْلِ في ذِكْرِ ما هو نَصٌّ في العُمُومِ كَذا قالُوا، ولَعَلَّ الأوْجُهَ القَوْلُ بِأنَّ الرَّفْعَ لِضَعْفِ العُمُومِ في غالِبِها وهو الخُلَّةُ والشَّفاعَةُ لِلِاسْتِثْناءِ الواقِعِ في بَعْضِ الآياتِ، والمَغْلُوبُ مُنْقادٌ لِحُكْمِ الغالِبِ، وأمّا ما قالُوهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أنَّ ما بَعْدَ (يَوْمٍ) جُمْلَةٌ وقَعَتْ بَعْدَ نَكِرَةٍ فَهي صِفَةٌ غَيْرُ مَقْطُوعَةٍ ولا يُقَدَّرُ بَيْنَ الصِّفَةِ والمَوْصُوفِ إذا لَمْ يَكُنْ قَطْعُ سُؤالٍ قَطْعًا، واعْتِبارُ كَوْنِ (p-5)النَّكِرَةِ مَوْصُوفَةً بِما يُفْهِمُهُ التَّنْوِينُ مِنَ التَّعْظِيمِ فَتُقَدَّرُ الجُمْلَةُ صِفَةً مَقْطُوعَةً تَحْقِيقًا لِذَلِكَ وتَقْرِيرًا لَهُ فَيَصِحُّ تَقْدِيرُ السُّؤالِ حِينَئِذٍ مِمّا لا يَكادُ يَقْبَلُهُ الذِّهْنُ السَّلِيمُ.
﴿والكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ [ 254 ] أيِ المُسْتَحِقُّونَ لِإطْلاقِ هَذا الوَصْفِ عَلَيْهِمْ لِتَناهِي ظُلْمِهِمْ، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى مَحْذُوفٍ أيْ فالمُؤْمِنُونَ المُتَّقُونَ مُوفُونَ والكافِرُونَ الخ، والمُرادُ بِهِمْ تارِكُو الإنْفاقِ رَأْسًا، وعَبَّرَ عَنِ التّارِكِ بِالكافِرِ تَغْلِيظًا حَيْثُ شَبَّهَ فِعْلَهُ وهو تَرْكُ الإنْفاقِ بِالكُفْرِ، أوْ جَعَلَ مُشارَفَةً عَلَيْهِ، أوْ عَبَّرَ بِالمَلْزُومِ عَنِ اللّازِمِ فَهو إمّا اِسْتِعارَةٌ تَبَعِيَّةٌ أوْ مَجازُ مُشارَفَةٍ أوْ مَجازٌ مُرْسَلٌ أوْ كِنايَةٌ ومِثْلُ ذَلِكَ وضْعُ ﴿مَن كَفَرَ﴾ مَوْضِعَ مَن لَمْ يَحُجَّ آخِرَ آيَةِ الحَجِّ، وبَعْضُهم لَمْ يَتَجَوَّزْ بِالكُفْرِ، وقالَ: إنَّهُ عِبارَةٌ عَنِ الكُفْرِ بِاَللَّهِ تَعالى حَقِيقَةً، وفائِدَةُ الإخْبارِ حِينَئِذٍ الإشارَةُ إلى أنَّ نَفْيَ تِلْكَ الأشْياءِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ وأنَّ ذَلِكَ لا يُعَدُّ مِنّا ظُلْمًا لَهم لِأنَّهم هُمُ الظّالِمُونَ لِأنْفُسِهِمُ المُتَسَبِّبُونَ لِذَلِكَ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خُلَّةࣱ وَلَا شَفَـٰعَةࣱۗ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق