قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ قال الحسن: أراد الزكاة المفروضة، قال: لأنه مقرون بوعيد، وقال الآخرون [[في (ي) و (م): (آخرون).]]: أراد صدقة التطوع، والنفقة في الخير. قال ابن عباس في هذه الآية: نَفَقَةُ الرجل على أهله وولده وخادمه وجاره صدقة، إذا كان من حلال، وفي غير سرف.
وقال أبو إسحاق: أي: أنفقوا في الجهاد، ولْيُعِنْ بعضكم بعضًا عليه [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 335.]].
﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ﴾ يعنى: يوم القيامة، يريد: لا يؤخذ في ذلك اليوم بدلٌ ولا فداء، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾ [الأنعام: 70]، وقوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ﴾ وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 36]، فذكر لفظ البيع لما فيه من المعاوضة وأخذ البدل.
﴿وَلَا خُلَّهٌ﴾ الخُلَّةُ: مَصْدَرُ الخَلِيْل، وكذلك الخِلاَلة، والخُلَّةُ أيضًا تكون اسمًا، كما قال:
ألا أبْلِغا خُلَّتِي رَاشِدًا ... وصِنْوِي قِديمًا إذا ما اتَّصَل [[البيت في "اللسان" 2/ 1252 (مادة: خلل) غير منسوب لأحد، وفي "اللسان": إذا ما اتصل.]]
يريد: خليلى [[ينظر في (خلل): "تهذيب اللغة" 1/ 1095 - 1098، "المفردات" ص 159 وقال: الخلة: المودة، إما لأنها تتخلل النفس، أي: تتوسطها، وإما لأنها تخل النفس فتؤثر فيه تأثير السهم في الرمية، وإما لفرط الحاجة إليها. وينظر أيضًا "اللسان" 2/ 1248 - 1254.]].
وقوله تعالى: ﴿شَفَاعَةٌ﴾ إنما عم نفيَ الشفاعة؛ لأنه عنى الكافرين بأن هذه الأشياء لا تنفعهم، ألا ترى أنه قال عقيب هذا: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ أي: هم الذين وضعوا الأمرَ غيرَ موضِعِه [[ينظر "تفسيرالثعلبي" 2/ 1409.]]، ونظير هذه الآية ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية [إبراهيم: 31].
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خُلَّةࣱ وَلَا شَفَـٰعَةࣱۗ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ"}