الباحث القرآني
* (فصل)
وأما السؤال السابع والعشرون: وهو ما الحكمة في ورود الثناء على الله في التشهد بلفظ الغيبة مع كونه سبحانه هو المخاطب الذي يناجيه العبد والسلام على النبي ﷺ بلفظ الخطاب مع كونه غائبا؟
فجوابه أن الثناء على الله عامة ما يجيء مضافا إلى أسمائه الحسنى الظاهرة دون الضمير إلا أن يتقدم ذكر الاسم الظاهر فيجيء بعده المضمر وهذا نحو قول المصلي: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إيّاكَ نَعْبُدُ﴾ وقوله في الركوع: "سبحان ربي العظيم" وفي السجود "سبحان ربي الأعلى " وفي هذا من السر أن تعليق الثناء بأسمائه الحسنى هو لما تضمنت معانيها من صفات الكمال ونعوت الجلال فأتى بالاسم الظاهر الدال على المعنى الذي يثنى به ولأجله عليه تعالى ولفظ الضمير لا إشعار له بذلك ولهذا إذا كان ولا بد من الثناء عليه بخطاب المواجهة أتى بالاسم الظاهر مقرونا بميم الجمع الدالة على جميع الأسماء والصفات نحو قوله في رفع رأسه من الركوع "اللهم ربنا لك الحمد" وربما اقتصر على ذكر الرب تعالى لدلالة لفظه على هذا المعنى فتأمله. فإنه لطيف المنزع جدا وتأمل كيف صدر الدعاء المتضمن للثناء والطلب بلفظة "اللهم كما في سيد الاستغفار "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك" الحديث ..
رواه البخاري والترمذي والنسائي.
وجاء الدعاء المجرد مصدرا بلفظ الرب نحو قول المؤمنين: ﴿رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا﴾ وقول آدم: ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا﴾ وقول موسى: ﴿رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغْفِرْ لِي﴾ وقول نوح: ﴿رَبِّ إنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أسْألَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾ وكان النبي ﷺ يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي رب اغفر لي" صحيح وسر ذلك أن الله تعالى يسأل بربوبيته
المتضمنة قدرته وإحسانه وتربيته عبده وإصلاح أمره ويثنى عليه بإلهيته المتضمنة إثبات ما يجب له من الصفات العلى والأسماء الحسنى وتدبر طريقة القرآن تجدها كما ذكرت لك فأما الدعاء فقد ذكرنا منه أمثلة وهو في القرآن حيث وقع لا يكاد يجيء إلا مصدرا باسم الرب، وأما الثناء فحيث وقع فمصدر بالأسماء الحسنى وأعظم ما يصدر به اسم الله جل جلاله نحو: ﴿الحمد لله﴾ حيث جاء ونحو: ﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ﴾ وجاء: ﴿سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ﴾ ونحوه ﴿سبح لله ما في السماوات وما في الأرض﴾ حيث وقعت ونحو: ﴿تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ العالَمِينَ﴾، ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾: ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ﴾ ونظائره وجاء في دعاء المسيح: ﴿اللَّهُمَّ رَبَّنا أنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ﴾ فذكر الأمرين ولم يجئ في القرآن سواه ولا رأيت أحدا تعرض لهذا ولا نبه عليه سر عجيب دال على كمال معرفة المسيح بربه وتعظيمه له فإن هذا السؤال كان عقيب سؤال قومه له: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ﴾ فخوفهم الله وأعلمهم أن هذا مما لا يليق أن يسأل عنه وأن الإيمان يرده فلما ألحوا في الطلب وخاف المسيح أن يداخلهم الشك إن لم يجابوا إلى ما سألوا بدأ في السؤال باسم ﴿اللَّهُمَّ﴾ الدال على الثناء على الله بجميع أسمائه وصفاته ففي ضمن ذلك تصوره بصورة المثني الحامد الذاكر لأسماء ربه المثني عليه بها وأن المقصود من هذا الدعاء وقضاء هذه الحاجة إنما هو أن يثني على الرب بذلك ويمجده به ويذكر آلاءه ويظهر شواهد قدرته وربوبيته ويكون برهانا على صدق رسوله فيحصل بذلك من زيادة الإيمان والثناء على الله أمر يحسن معه الطلب ويكون كالعذر فيه فأتى بالاسمين اسم الله الذي يثني عليه به واسم الرب الذي يدعي ويسأل به لما كان المقام مقام الأمرين.
فتأمل هذا السر العجيب ولا يثب عنه فهمك فإنه من الفهم الذي يؤتيه الله من يشاء في كتابه وله الحمد.
{"ayah":"قَالَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَاۤ أَنزِلۡ عَلَیۡنَا مَاۤىِٕدَةࣰ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ تَكُونُ لَنَا عِیدࣰا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَایَةࣰ مِّنكَۖ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰزِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق