الباحث القرآني

أَيْ: إِنَّمَا سَأَلْنَا لِأَنَّا نُرِيدُ، ﴿أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا﴾ أَكْلَ تَبَرُّكٍ لَا أَكْلَ حَاجَةٍ فَنَسْتَيْقِنَ قُدْرَتَهُ، ﴿وَتَطْمَئِنَّ﴾ وَتَسْكُنَ، ﴿قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا﴾ بِأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، أَيْ: نَزْدَادُ إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَقِيلَ: إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِذَا أَفْطَرُوا لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُمْ، فَفَعَلُوا وَسَأَلُوا الْمَائِدَةَ، وَقَالُوا: "وَنَعْلَمُ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا" فِي قَوْلِكَ، إِنَّا إِذَا صُمْنَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَا نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَانَا، ﴿وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقُدْرَةِ، وَلَكَ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَقِيلَ: وَنَكُونُ مِنَ الشَّاهِدَيْنَ لَكَ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَيْهِمْ. ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ عِنْدَ ذَلِكَ، ﴿اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ وَقِيلَ: إِنَّهُ اغْتَسَلَ وَلَبِسَ الْمُسُحَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَغَضَّ بَصَرَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ، ﴿تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا﴾ أَيْ: عَائِدَةً مِنَ اللَّهِ عَلَيْنَا حُجَّةً وَبُرْهَانًا، وَالْعِيدُ: يَوْمُ السُّرُورِ، سُمِّيَ بِهِ لِلْعَوْدِ مِنَ التَّرَحِ إِلَى الْفَرَحِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَا اعْتَدْتَهُ وَيَعُودُ إِلَيْكَ، وَسُمِّيَ يَوْمُ الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى عِيدًا لِأَنَّهُمَا يَعُودَانِ كُلَّ سَنَةٍ، قَالَ السُّدِّيُّ: مَعْنَاهُ نَتَّخِذُ الْيَوْمَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا، أَيْ: نُعَظِّمُهُ نَحْنُ وَمَنْ بَعْدَنَا، وَقَالَ سُفْيَانُ: نُصَلِّي فِيهِ، قَوْلُهُ ﴿لِأَوَّلِنَا﴾ أَيْ: لِأَهْلِ زَمَانِنَا ﴿وَآخِرِنَا﴾ أَيْ: لِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَنَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَأْكُلُ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا أَكَلَ أَوَّلُهُمْ، ﴿وَآيَةً مِنْكَ﴾ دَلَالَةً وَحُجَّةً، ﴿وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ ﴿قَالَ اللَّهُ﴾ تَعَالَى مُجِيبًا لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾ يَعْنِي: الْمَائِدَةَ وقرأ أهل المدنة وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ "مُنَزِّلُهَا" بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّاتٍ، وَالتَّفْعِيلُ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرِيرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ لِقَوْلِهِ: أَنْزِلْ عَلَيْنَا، ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدٌ مِنْكُمْ﴾ أَيْ: بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا﴾ أَيْ جِنْسَ عَذَابٍ، ﴿لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ يَعْنِي: عَالَمِي زَمَانِهِ، فَجَحَدَ الْقَوْمُ وَكَفَرُوا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةَ فَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُنَافِقُونَ وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ وَآلِ فِرْعَوْنَ [[أخرجه ابن جرير الطبري موقوفا على عبد الله بن عمرو: ١١ / ٢٣٣، وصححه الشيخ أحمد شاكر في عمدة التفسير. وعزاه السيوطي أيضا لعبد بن حميد وأبي الشيخ موقوفا كذلك. الدر المنثور: ٣ / ٢٣٧.]] . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَائِدَةِ هَلْ نَزَلَتْ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: لَمْ تَنْزِلْ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَوْعَدَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ خَافُوا أَنْ يَكْفُرَ بَعْضُهُمْ فَاسْتَعْفُوا، وَقَالُوا: لَا نُرِيدُهَا، فَلَمْ تَنْزِلْ، وَقَوْلُهُ: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾، يَعْنِي: إِنْ سَأَلْتُمْ [[ما ذهب إليه مجاهد والحسن رحمهما الله - رأي مرجوح، لم يستندا فيه إلى خبر صحيح. وهو مخالف لنص الآية "إني منزلها عليكم". ولذلك رجح البغوي وغيره رأي الجمهور، وهو الصحيح.]] . وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾، وَلَا خُلْفَ فِي خَبَرِهِ، لِتَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا فَرَوَى خِلَاسُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهَا نَزَلَتْ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّهَا مُقِيمَةٌ لَكُمْ مَا لَمْ تَخُونُوا [وَتُخَبِّؤُوا] [[زيادة من "ب".]] فَمَا مَضَى يَوْمُهُمْ حَتَّى خَانُوا وَخَبَّؤُوا فَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ [[أخرجه الطبري في التفسير عن عمار بن ياسر مرفوعا وموقوفا: ١١ / ٢٢٨،٢٢٩، والترمذي في تفسير سورة المائدة: ٨ / ٤٣٣، وقال: "هذا حديث غريب، ورواه أبو عاصم وغير واحد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن عمار موقوفا، ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة ... ولا نعلم للحديث المرفوع أصلا".]] . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُمْ: صُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ مَا شِئْتُمْ يُعْطِكُمُوهُ، فَصَامُوا فَلَمَّا فَرَغُوا قَالُوا: يَا عِيسَى إِنَّا لَوْ عَمِلْنَا لِأَحَدٍ فَقَضَيْنَا عَمَلَهُ لَأَطْعَمَنَا، وَسَأَلُوا اللَّهَ الْمَائِدَةَ فَأَقْبَلَتِ الْمَلَائِكَةُ بمائدة يحملونها، علها سَبْعَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَبْعَةُ أَحْوَاتٍ حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَأَكَلَ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا أَكَلَ أَوَّلُهُمْ [[ينبغي أن نذكر هنا بأن أصل القصة ثابت بالقرآن الكريم، ولا يتوقف فهم هذا على شيء من الروايات الكثيرة التي ساقها المفسرون لبيان صفة هذه المائدة وكيفية نزولها ووقت النزول ... إلخ هذه الروايات المنقولة عن وهب بن منبه، وكعب الأحبار، وسلمان، وابن عباس، ومقاتل والكلبي وعطاء، وغيرهم. فإنها غير ثابتة الإسناد، وما قد يكون صحيح النسبة إلى قائله منها، لا يعني أنه صحيح في ذاته، فقد ينقل الخبر عن وهب مثلا بسند ثابت، ولكنه متلقى من أهل الكتاب، فينبغي تنزيه كتب التفسير عن أمثال هذه الروايات، ومنها ما ساقه البغوي هنا في تفسيره. هذا، وقد أشار ابن كثير والقرطبي وابن عطية وغيرهم إلى ضعف هذه الروايات الإسرائيلية. والله أعلم. انظر أيضا: الإسرائيليات والموضوعات د. محمد أبو شهبة ص (٢٦٦-٢٧٧) .]] . قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: نَزَلَتْ [مَائِدَةٌ] مَنْكُوسَةٌ تَطِيرُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، عَلَيْهَا كُلُّ الطَّعَامِ إِلَّا اللَّحْمَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُنْزِلَ عَلَى الْمَائِدَةِ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ، قَالَ قَتَادَةُ كَانَ عَلَيْهَا ثَمَرٌ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ سَمَكَةٌ فِيهَا طَعْمُ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ عَلَيْهَا خُبْزٌ وَرُزٌّ وَبَقْلٌ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: أَنْزَلَ اللَّهُ أَقْرِصَةً مِنْ شَعِيرٍ وَحِيتَانًا وَكَانَ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَيَجِيءُ آخَرُونَ فَيَأْكُلُونَ حَتَّى أَكَلُوا جَمِيعُهُمْ وَفَضَلَ. وَعَنِ الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ: أَنْزَلَ اللَّهُ خُبْزًا وَسَمَكًا وَخَمْسَةَ أَرْغِفَةٍ، فَأَكَلُوا مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالنَّاسُ أَلْفٌ وَنَيِّفٌ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى قُرَاهُمْ، وَنَشَرُوا الْحَدِيثَ ضَحِكَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَقَالُوا: وَيْحَكَمُ إِنَّمَا سَحَرَ أَعْيُنَكُمْ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ ثَبَّتَهُ عَلَى بَصِيرَتِهِ، وَمَنْ أَرَادَ فِتْنَتَهُ رَجَعَ إِلَى كُفْرِهِ، وَمُسِخُوا خَنَازِيرَ لَيْسَ فِيهِمْ صَبِيٌّ وَلَا امْرَأَةٌ، فَمَكَثُوا بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ هَلَكُوا، وَلَمْ يَتَوَالَدُوا وَلَمْ يَأْكُلُوا وَلَمْ يَشْرَبُوا، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَمْسُوخٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا حَيْثُ كَانُوا كَالْمَنِّ وَالسَّلْوَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ لما سأل الحوارين الْمَائِدَةَ لَبِسَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صُوفًا وَبَكَى، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ" الْآيَةَ فَنَزَلَتْ سُفْرَةٌ حَمْرَاءُ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ غَمَامَةٍ مِنْ فَوْقِهَا وَغَمَامَةٍ مِنْ تَحْتِهَا، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَهِيَ تَهْوِي مُنْقَضَّةً حَتَّى سَقَطَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَبَكَى عِيسَى، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الشَّاكِرِينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عُقُوبَةً، وَالْيَهُودُ يَنْظُرُونَ إِلَى شَيْءٍ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ قَطُّ وَلَمْ يَجِدُوا رِيحًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِهِ، فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: لِيَقُمْ أَحْسَنُكُمْ عَمَلًا فَيَكْشِفُ عَنْهَا وَيَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ شَمْعُونُ الصَّفَّارُ رَأْسُ الْحَوَارِيِّينَ: أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَّا [فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ] [[ما بين القوسين ساقط من "ب".]] فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى صَلَاةً طَوِيلَةً وَبَكَى كَثِيرًا، ثُمَّ كَشَفَ الْمِنْدِيلَ عَنْهَا، وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الرَّازِقِينَ فَإِذَا هُوَ سَمَكَةٌ مَشْوِيَّةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فُلُوسُهَا وَلَا شَوْكَ عَلَيْهَا تَسِيلُ مِنَ الدَّسَمِ وَعِنْدَ رَأْسِهَا مِلْحٌ وَعِنْدَ ذَنَبِهَا خَلٌّ، وَحَوْلَهَا مِنْ أَلْوَانِ الْبُقُولِ مَا خَلَا الْكُرَّاثَ، وَإِذَا خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ عَلَى وَاحِدٍ زَيْتُونٌ، وَعَلَى الثَّانِي عَسَلٌ، وَعَلَى الثَّالِثِ سَمْنٌ، وَعَلَى الرَّابِعِ جُبْنٌ، وَعَلَى الْخَامِسِ قَدِيدٌ، فَقَالَ شَمْعُونُ: يَا رُوحَ اللَّهِ أَمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا هَذَا أم من ١١٥\أطَعَامِ الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا تَرَوْنَ مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا وَلَا مِنْ طَعَامِ الْآخِرَةِ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ افْتَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ الْغَالِبَةِ، كُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ يَمْدُدْكُمْ وَيَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ، قَالُوا: يَا رُوحَ اللَّهِ كُنْ أَوَّلَ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهَا، فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنَّ آكُلَ مِنْهَا وَلَكِنْ يَأْكُلُ مِنْهَا مَنْ سَأَلَهَا فَخَافُوا أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا، فَدَعَا لَهَا أَهْلَ الْفَاقَةِ وَالْمَرْضَى وَأَهْلَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْمُقْعَدِينَ وَالْمُبْتَلِينَ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَكُمُ الْمَهْنَأُ وَلِغَيْرِكُمُ الْبَلَاءُ، فَأَكَلُوا وَصَدَرَ عَنْهَا أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ فَقِيرٍ وَمَرِيضٍ وَزَمِنٍ وَمُبْتَلًى كُلُّهُمْ شَبْعَانُ، وَإِذَا السَّمَكَةُ بِهَيْئَتِهَا حِينَ نَزَلَتْ، ثُمَّ طَارَتْ سُفْرَةُ الْمَائِدَةِ صُعُدًا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا حَتَّى تَوَارَتْ، فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا زَمِنٌ وَلَا مَرِيضٌ وَلَا مُبْتَلًى إِلَّا عُوفِيَ وَلَا فَقِيرٌ إِلَّا اسْتَغْنَى، وَنَدِمَ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا فَلَبِثَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا تَنْزِلُ ضُحًى، فَإِذَا نَزَلَتِ اجْتَمَعَتِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَالصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَلَا تَزَالُ مَنْصُوبَةً يُؤَكَلُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب