الباحث القرآني
أيْ لا تَقُولُوا حَتّى يَقُولَ، ولا تَأْمُرُوا حَتّى يَأْمُرَ، ولا تُفْتُوا حَتّى يُفْتِيَ، ولا تَقْطَعُوا أمْرًا حَتّى يَكُونَ هو الَّذِي يَحْكُمُ فِيهِ ويَمْضِيهِ، رَوى عَلِيُّ بْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: لا تَقُولُوا خِلافَ الكِتابِ والسُّنَّةِ، ورَوى العَوْفِيُّ عَنْهُ قالَ: نُهُوا أنْ يَتَكَلَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ كَلامِهِ.
والقَوْلُ الجامِعُ في مَعْنى الآيَةِ لا تَعْجَلُوا بِقَوْلٍ ولا فِعْلٍ قَبْلَ أنْ يَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أوْ يَفْعَلَ.
وَقالَ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكم فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكم وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: ٢]
فَإذا كانَ رَفْعُ أصْواتِهِمْ فَوْقَ صَوْتِهِ سَبَبًا لِحُبُوطِ أعْمالِهِمْ فَكَيْف تَقْدِيمُ آرائِهِمْ وعُقُولِهِمْ وأذْواقِهِمْ وسِياساتِهِمْ ومَعارِفِهِمْ عَلى ما جاءَ بِهِ ورَفْعُها عَلَيْهِ؟ ألَيْسَ هَذا أوْلى أنْ يَكُونَ مُحْبِطًا لِأعْمالِهِمْ.
* (فصل)
وَمِنَ الأدَبِ مَعَ الرَّسُولِ ﷺ: أنْ لا يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِأمْرٍ ولا نَهْيٍ، ولا إذَنٍ ولا تَصَرُّفٍ. حَتّى يَأْمُرَ هُوَ، ويَنْهى ويَأْذَنَ، كَما قالَ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾
وَهَذا باقٍ إلى يَوْمِ القِيامَةِ ولَمْ يُنْسَخْ. فالتَّقَدُّمُ بَيْنَ يَدَيْ سُنَّتِهِ بَعْدَ وفاتِهِ، كالتَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْهِ في حَيّاتِهِ، ولا فَرْقَ بَيْنَهُما عِنْدَ ذِي عَقْلٍ سَلِيمٍ.
قالَ مُجاهِدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: لا تَفْتاتُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: تَقُولُ العَرَبُ: لا تُقَدِّمْ بَيْنَ يَدَيِ الإمامِ وبَيْنَ يَدَيِ الأبِ. أيْ لا تُعَجِّلُوا بِالأمْرِ والنَّهْيِ دُونَهُ.
وَقالَ غَيْرُهُ: لا تَأْمُرُوا حَتّى يَأْمُرَ. ولا تَنْهُوا حَتّى يَنْهى.
وَمِنَ الأدَبِ مَعَهُ: أنْ لا تُرْفَعَ الأصْواتُ فَوْقَ صَوْتِهِ. فَإنَّهُ سَبَبٌ لِحُبُوطِ الأعْمالِ فَما الظَّنُّ بِرَفْعِ الآراءِ، ونَتائِجِ الأفْكارِ عَلى سُنَّتِهِ وما جاءَ بِهِ؟ أتُرى ذَلِكَ مُوجِبًا لِقَبُولِ الأعْمالِ، ورَفْعُ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ مُوجِبٌ لِحُبُوطِها؟
* (فصل)
القلب السليم: هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما، بل قد خلصت عبوديته لله تعالى: إرادة ومحبة، وتوكلا، وإنابة، وإخباتا، وخشية، ورجاء. وخلص عمله لله، فإن أحب أحَبَّ في الله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع لله ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فيعقد قلبه معه عقدا محكما على الائتمام والاقتداء به وحده، دون كل أحد في الأقوال والأعمال من أقوال القلب، وهي العقائد، وأقوال اللسان؛ وهي الخبر عما في القلب. وأعمال القلب، وهي الإرادة والمحبة والكراهة وتوابعها، وأعمال الجوارح.
فيكون الحاكم عليه في ذلك كله دقه وجله هو ما جاء به الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل، كما قال تعالى:
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقدِّمُوا بَيْنَ يَدىِ اللهِ ورَسُولهِ﴾ [الحجرات: ١].
أي لا تقولوا حتى يقول، ولا تفعلوا حتى يأمر، قال بعض السلف: ما من فعلة وإن صغرت إلا ينشر لها ديوانان: لم؟ وكيف؟ أي لم فعلت؟ وكيف فعلت؟
فالأول: سؤال عن علة الفعل وباعثه وداعيه؛ هل هو حظ عاجل من حظوظ العامل، وغرض من أغراض الدنيا في محبة المدح من الناس أو خوف ذمهم، أو استجلاب محبوب عاجل، أو دفع مكروه عاجل؟
أم الباعث على الفعل القيام بحق العبودية، وطلب التودد والتقرب إلى الرب سبحانه وتعالى، وابتغاء الوسيلة إليه؟
ومحل هذا السؤال: أنه، هل كان عليك أن تفعل هذا الفعل لمولاك، أم فعلته لحظك وهواك؟
والثاني: سؤال عن متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك التعبد، أي هل كان ذلك العمل مما شرعته لك على لسان رسولى، أم كان عملا لم أشرعه ولم أرضه؟
فالأول سؤال عن الإخلاص، والثاني عن المتابعة، فإن الله سبحانه لا يقبل عملا إلا بهما.
فطريق التخلص من السؤال الأول: بتجريد الإخلاص.
وطريق التخلص من السؤال الثاني: بتحقيق المتابعة، وسلامة القلب من إرادة تعارض الإخلاص، وهوى يعارض الاتباع.
فهذه حقيقة سلامة القلب الذي ضمنت له النجاة والسعادة.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق