الباحث القرآني
وهي مدنيّة بإجماع
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... الآية: قال ابن زيد: معنى: لاَ تُقَدِّمُوا لا تمشوا [[ذكره ابن عطية (5/ 144) .]] ، وقرأ ابن عباس، والضَّحَّاكُ، ويعقوب: - بفتح التاءِ والدال [[ينظر: «المحتسب» (2/ 278) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 144) ، و «البحر المحيط» (8/ 105) ، وزاد نسبتها إلى أبي حيوة، وابن مقسم، وهي في «الدر المصون» (6/ 168) .]] -، على معنى: لا تَتَقَدَّمُوا، وعلى هذا يجيء تأويل ابن زيد، والمعنى على ضم التاء: بين يدي قولِ اللَّه ورسوله، ورُوِيَ أَنَّ سَبَبَ هذه الآية أَنَّ وفد بني تميم لما قَدِمَ، قال أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ- رضي اللَّه عَنْهُ-: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ الْقَعْقَاعَ بنَ مَعْبَدٍ؟
وَقَالَ عُمَرُ: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إلا خِلافي، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ، وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَتِ الآيةُ، وذهب بعض قَائِلِي هذه المَقَالَةِ إلى أَنَّ قوله: لاَ تُقَدِّمُوا: أي: وُلاَةً، فهو من تقديم الأمراء، وعموم اللفظ أحسن، أي: اجعلوه مبدأ في الأَقوال والأَفعال، وعبارة البخاريِّ: وقال مجاهد: «لا تقدموا» : لا تفتاتوا على رسول الله ﷺ حتى يقضي الله عز وجل على لسانه، انتهى [[أخرجه الطبري (11/ 377) برقم: (31659) ، وذكره البغوي (4/ 209) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 205) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 86) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في «شعب الإيمان» .]] .
وقوله سبحانه: لاَ تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ الآية، هي أيضاً في هذا الفنِّ المتقدِّم فرُويَ أَنَّ سببها ما تقدم عن أبي بكر وعمر- رضي اللَّه عنهما- والصحيح أَنَّها نزلت بسبب عادة الأَعراب من الجَفَاءِ وعُلُوِّ الصَّوْتِ، وكان ثابت بن قيس بن شماس- رضي الله عنه- ممّن في صوته/ جهارة فلما نزلت هذه الآية اهْتَمَّ وخاف على نفسه، وجلس في بيته لم يخرج، وهو كئيب حزين حتى عَرَفَ النبيّ ﷺ خبره فبعث إليه، فآنسه، وقال له: «امْشِ في الأَرْضِ بَسْطاً فإنَّكَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» ، وَقَالَ لَهُ مَرَّةً: «أَمَا ترضى أَنْ تَعِيشَ حَمِيداً، وَتَمُوتَ شَهِيداً؟» [[أخرجه الحاكم (3/ 234) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.]] فعاش كذلك، ثم قُتِلَ شَهِيداً بِاليَمَامَةِ يَوْمَ مُسَيْلَمَةَ.
ت: وحديث ثابت بن قيس وتبشيره بالجنة خَرَّجَهُ البخاريُّ، وكذلك حديث أبي بكر وعمر وارتفاع أصواتهما خَرَّجه البخاريُّ أيضاً، انتهى.
وقوله: كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أي: كحال أحدكم في جفائه، فلا تنادوه باسمه:
يا محمد، يا أحمد قاله ابن عباس وغيره [[ذكره ابن عطية (5/ 145) .]] ، فأمرهم اللَّه بتوقيره، وأنْ يدعوه بالنبوَّةِ والرسالة، والكلام اللَّيِّنِ، وكَرِهَ العلماءُ رفعَ الصوت عند قبر النبي ﷺ وبحضرة العَالِمِ وفي المساجد، وفي هذه كلها آثار قال ابن العربيِّ في «أحكامه» [[ينظر: «أحكام القرآن» (4/ 1714- 1715) .]] : وحُرْمَةُ النبي ﷺ مَيِّتاً كحرمته حَيًّا، وكلامه المأثور بعد موته في الرِّفْعَةِ مِثْلُ كلامه المسموع من لفظه، فإذا قُرىءَ كلامُه وجب على كل حاضر أَلاَّ يرفعَ صوتَهُ عليه، ولا يُعْرِضَ عنه، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تَلَفُّظِهِ بِه، وقد نَبَّهَ اللَّه تعالى على دوام الحُرْمَةِ المذكورة على مرور الأزمنة بقوله: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا [الأعراف: 204] وكلام النبي ﷺ هو من الوحي، وله من الحُرْمَةِ مِثْلُ ما للقرآن، انتهى.
وقوله تعالى: أَنْ تَحْبَطَ مفعول من أجله، أي: مخافةَ أَنْ تحبطَ، ثم مدح سبحانه الذين يَغُضّون/ أصواتهم عند رسول اللَّه، وغَضُّ الصوت خَفْضُهُ وكَسْرُهُ، وكذلك البصر، ورُوِيَ: أَنَّ أبا بكر وعمر كانا بعد ذلك لا يكلّمان رسول الله ﷺ إلّا كأخي السّرار، وأنّ النّبيّ ﷺ كان يحتاج مع عمر بعد ذلك إلى استعادة اللفظ لأَنَّهُ كان لا يسمعه من إخفائه إيّاه [[أخرجه الطبري (11/ 380) برقم: (31673) ، وذكره البغوي (4/ 210) ، وابن عطية (5/ 145) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 206) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 86) ، وعزاه للبزار، وابن عدي، والحاكم، وابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.]] ، وامْتَحَنَ معناه: اختبر وطَهَّرَ كما يُمْتَحَنُ الذهبُ بالنار، فَيَسَّرَهَا وهَيَّأها للتقوى، وقال عمر بن الخطاب: امتحنها للتقوى: أذهب عنها الشهوات [[ذكره ابن عطية (5/ 145) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 206) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 89) ، وعزاه لأحمد في «الزهد» عن مجاهد.]] .
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 146) .]] : من غَلَبَ شهوتَه وغضبَه فذلك الذي امتحن اللَّه قلبه للتقوى، وبذلك تكونُ الاستقامة، وقال البخاريّ: امْتَحَنَ: أخلص، انتهى.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ یَغُضُّونَ أَصۡوَ ٰتَهُمۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ٱمۡتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ لِلتَّقۡوَىٰۚ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرٌ عَظِیمٌ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق