الباحث القرآني
﴿وما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهم إذا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهم يَحْذَرُونَ﴾
كانَ غالِبُ ما تَقَدَّمَ مِن هَذِهِ السُّورَةِ تَحْرِيضًا عَلى الجِهادِ وتَنْدِيدًا عَلى المُقَصِّرِينَ في شَأْنِهِ، وانْتَهى الكَلامُ قَبْلَ هَذا بِتَبْرِئَةِ أهْلِ المَدِينَةِ والَّذِينَ حَوْلَهم مِنَ التَّخَلُّفِ عَنْ (p-٥٩)رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلا جَرَمَ كانَتْ قُوَّةُ الكَلامِ مُؤْذِنَةً بِوُجُوبِ تَمَحُّضِ المُسْلِمِينَ لِلْغَزْوِ. وإذْ قَدْ كانَ مِن مَقاصِدِ الإسْلامِ بَثُّ عُلُومِهِ وآدابِهِ بَيْنَ الأُمَّةِ وتَكْوِينُ جَماعاتٍ قائِمَةٍ بِعِلْمِ الدِّينِ وتَثْقِيفِ أذْهانِ المُسْلِمِينَ كَيْ تَصْلُحَ سِياسَةُ الأُمَّةِ عَلى ما قَصَدَهُ الدِّينُ مِنها، مِن أجْلِ ذَلِكَ عَقُبَ التَّحْرِيضُ عَلى الجِهادِ بِما يُبَيِّنُ أنْ لَيْسَ مِنَ المَصْلَحَةِ تَمَحُّضُ المُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ لِأنْ يَكُونُوا غُزاةً أوْ جُنْدًا، وأنْ لَيْسَ حَظُّ القائِمِ بِواجِبِ التَّعْلِيمِ دُونَ حَظِّ الغازِي في سَبِيلِ اللَّهِ مِن حَيْثُ إنَّ كِلَيْهِما يَقُومُ بِعَمَلٍ لِتَأْيِيدِ الدِّينِ، فَهَذا يُؤَيِّدُهُ بِتَوَسُّعِ سُلْطانِهِ وتَكْثِيرِ أتْباعِهِ، والآخَرُ يُؤَيِّدُهُ بِتَثْبِيتِ ذَلِكَ السُّلْطانِ وإعْدادِهِ لِأنْ يَصْدُرَ عَنْهُ ما يَضْمَنُ انْتِظامَ أمْرِهِ وطُولَ دَوامِهِ، فَإنَّ اتِّساعَ الفُتُوحِ وبَسالَةَ الأُمَّةِ لا يَكْفِيانِ لِاسْتِبْقاءِ سُلْطانِها إذا هي خَلَتْ مِن جَماعَةٍ صالِحَةٍ مِنَ العُلَماءِ والسّاسَةِ وأُولِي الرَّأْيِ المُهْتَمِّينَ بِتَدْبِيرِ ذَلِكَ السُّلْطانِ، ولِذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ مُلْكُ اللَّمْتُونِيِّينَ في الأنْدَلُسِ إلّا قَلِيلًا حَتّى تَقَلَّصَ، ولَمْ تَثْبُتْ دَوْلَةُ التَّتارِ إلّا بَعْدَ أنِ امْتَزَجُوا بِعُلَماءِ المُدُنِ الَّتِي فَتَحُوها ووَكَلُوا أمْرَ الدَّوْلَةِ إلَيْهِمْ.
وإذْ قَدْ كانَتِ الآيَةُ السّابِقَةُ قَدْ حَرَّضَتْ فَرِيقًا مِنَ المُسْلِمِينَ عَلى الِالتِفافِ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في الغَزْوِ لِمَصْلَحَةِ نَشْرِ الإسْلامِ ناسَبَ أنْ يُذْكَرَ عَقِبَها نَفْرُ فَرِيقٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِلتَّفَقُّهِ في الدِّينِ لِيَكُونُوا مُرْشِدِينَ لِأقْوامِهِمُ الَّذِينَ دَخَلُوا في الإسْلامِ.
ومِن مَحاسِنَ هَذا البَيانِ أنْ قابَلَ صِيغَةَ التَّحْرِيضِ عَلى الغَزْوِ بِمِثْلِها في التَّحْرِيضِ عَلى العِلْمِ إذِ افْتُتِحَتْ صِيغَةُ تَحْرِيضِ الغَزْوِ بِلامِ الجُحُودِ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ لِأهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَهم مِنَ الأعْرابِ﴾ [التوبة: ١٢٠] الآيَةَ، وافْتُتِحَتْ صِيغَةُ التَّحْرِيضِ عَلى العِلْمِ والتَّفَقُّهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ إذْ يَقُولُ ﴿وما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً﴾
وهَذِهِ الجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى مَجْمُوعِ الكَلامِ الَّذِي قَبْلَها فَهي جُمْلَةٌ ابْتِدائِيَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِغَرَضٍ جَدِيدٍ ناشِئٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿ما لَكم إذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا﴾ [التوبة: ٣٨] ثُمَّ عَنْ قَوْلِهِ ﴿ما كانَ لِأهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَهم مِنَ الأعْرابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا﴾ [التوبة: ١٢٠] إلَخْ. ومَعْنى ﴿أنْ يَتَخَلَّفُوا﴾ [التوبة: ١٢٠] هو أنْ لا يَنْفِرُوا، فَناسَبَ أنْ يُذْكَرَ بَعْدَهُ ﴿وما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً﴾
(p-٦٠)والمُرادُ بِالنَّفِيرِ في قَوْلِهِ: لِيَنْفِرُوا وقَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم طائِفَةٌ﴾ الخُرُوجُ إلى الغَزْوِ المَأْخُوذِ مِن قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكم إذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ اثّاقَلْتُمْ إلى الأرْضِ﴾ [التوبة: ٣٨] أيْ وما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا ذَلِكَ النَّفْرَ كُلُّهم.
فَضَمِيرُ ﴿لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ﴾ يَجُوزُ أنْ يَعُودَ عَلى قَوْلِهِ: المُؤْمِنُونَ، أيْ لِيَتَفَقَّهَ المُؤْمِنُونَ. والمُرادُ لِيَتَفَقَّهَ مِنهم طائِفَةٌ وهي الطّائِفَةُ الَّتِي لَمْ تَنْفِرْ، كَما اقْتَضاهُ قَوْلُهُ: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم طائِفَةٌ﴾، فَهو عامٌّ مُرادٌ بِهِ الخُصُوصُ.
ويَجُوزُ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إلى مَفْهُومٍ مِنَ الكَلامِ مِن قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم طائِفَةٌ﴾ لِأنَّ مَفْهُومَهُ وبَقِيَتْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ، فَأُعِيدَ الضَّمِيرُ عَلى طائِفَةٌ بِصِيغَةِ الجَمْعِ نَظَرًا إلى مَعْنى طائِفَةٍ، كَقَوْلِهِ - تَعالى: ﴿وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [الحجرات: ٩] عَلى تَأْوِيلِ اقْتَتَلَ جَمْعُهم.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ النَّفْرِ في قَوْلِهِ: ﴿لِيَنْفِرُوا كافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم طائِفَةٌ﴾ نَفْرًا آخَرَ غَيْرَ النَّفْرِ في سَبِيلِ اللَّهِ، وهو النَّفْرُ لِلتَّفَقُّهِ في الدِّينِ، وتَكُونُ إعادَةُ فِعْلِ (يَنْفِرُوا) و(نَفَرَ) مِنَ الِاسْتِخْدامِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: ﴿لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ﴾ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿لِيَتَفَقَّهُوا﴾ عائِدًا إلى طائِفَةٌ ويَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿وما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً﴾ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم طائِفَةٌ﴾ .
وقَدْ نُقِلَ عَنْ أئِمَّةِ المُفَسِّرِينَ وأسْبابِ النُّزُولِ أقْوالٌ تَجْرِي عَلى الِاحْتِمالَيْنِ. والِاعْتِمادُ في مَراجِعِ الضَّمائِرِ عَلى قَرائِنِ الكَلامِ عَلى عادَةِ العَرَبِ في الإيجازِ والِاعْتِمادِ عَلى فِطْنَةِ السّامِعِ فَإنَّهم أُمَّةٌ فَطِنَةٌ.
والإتْيانُ بِصِيغَةِ لامِ الجَحُودِ تَأْكِيدٌ لِلنَّفْيِ، وهو خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ في النَّهْيِ فَتَأْكِيدُهُ يُفِيدُ تَأْكِيدَ النَّهْيِ، أيْ كَوْنُهُ نَهْيًا جازِمًا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ. وذَلِكَ أنَّهُ كَما كانَ النَّفْرُ لِلْغَزْوِ واجِبًا لِأنَّ في تَرْكِهِ إضاعَةَ مَصْلَحَةِ الأُمَّةِ كَذَلِكَ كانَ تَرْكُهُ مِن طائِفَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ واجِبًا لِأنَّ في تَمَحُّضِ جَمِيعِ المُسْلِمِينَ لِلْغَزْوِ إضاعَةَ مَصْلَحَةٍ لِلْأُمَّةِ أيْضًا، فَأفادَ مَجْمُوعُ الكَلامَيْنِ أنَّ النَّفْرَ لِلْغَزْوِ واجِبٌ عَلى الكِفايَةِ أيْ عَلى طائِفَةٍ كافِيَةٍ لِتَحْصِيلِ المَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ مِنهُ، (p-٦١)وأنَّ تَرْكَهُ مُتَعَيَّنٌ عَلى طائِفَةٍ كافِيَةٍ مِنهم لِتَحْصِيلِ المَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ مِمّا أُمِرُوا بِالِاشْتِغالِ بِهِ مِنَ العِلْمِ في وقْتِ اشْتِغالِ الطّائِفَةِ الأُخْرى بِالغَزْوِ. وهَذا تَقْيِيدٌ لِلْإطْلاقِ الَّذِي في فِعْلِ انْفِرُوا، أوْ تَخْصِيصٌ لِلْعُمُومِ الَّذِي في ضَمِيرِ انْفِرُوا. ولِذَلِكَ كانَتْ هَذِهِ الآيَةُ أصْلًا في وُجُوبِ طَلَبِ العِلْمِ عَلى طائِفَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ وُجُوبًا عَلى الكِفايَةِ، أيْ عَلى المِقْدارِ الكافِي لِتَحْصِيلِ المَقْصِدِ مِن ذَلِكَ الإيجابِ. وأشْعَرَ نَفْيُ وُجُوبِ النَّفْرِ عَلى جَمِيعِ المُسْلِمِينَ وإثْباتُ إيجابِهِ عَلى طائِفَةٍ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم بِأنَّ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمُ النَّفْرُ لَيْسُوا بِأوْفَرَ عَدَدًا مِنَ الَّذِينَ يَبْقَوْنَ لِلتَّفَقُّهِ والإنْذارِ، وأنْ لَيْسَتْ إحْدى الحالَتَيْنِ بِأوْلى مِنَ الأُخْرى عَلى الإطْلاقِ فَيُعْلَمُ أنَّ ذَلِكَ مَنُوطٌ بِمِقْدارِ الحاجَةِ الدّاعِيَةِ لِلنَّفْرِ، وأنَّ البَقِيَّةَ باقِيَةٌ عَلى الأصْلِ، فَعُلِمَ مِنهُ أنَّ النَّفِيرَ إلى الجِهادِ يَكُونُ بِمِقْدارِ ما يَقْتَضِيهِ حالُ العَدُوِّ المَغْزُوِّ، وأنَّ الَّذِينَ يَبْقَوْنَ لِلتَّفَقُّهِ يَبْقَوْنَ بِأكْثَرِ ما يُسْتَطاعُ، وأنَّ ذَلِكَ سَواءٌ. ولا يَنْبَغِي الِاعْتِمادُ عَلى ما يُخالِفُ هَذا التَّفْسِيرَ مِنَ الأقْوالِ في مَعْنى الآيَةِ ومَوْقِعِها مِنَ الآيِ السّالِفَةِ.
ولَوْلا: حَرْفُ تَحْضِيضٍ.
والفِرْقَةُ: الجَماعَةُ مِنَ النّاسِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِهِمْ في المَواطِنِ؛ فالقَبِيلَةُ فِرْقَةٌ، وأهْلُ البِلادِ الواحِدَةِ فِرْقَةٌ.
والطّائِفَةُ: الجَماعَةُ، ولا تَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنهم مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] في سُورَةِ النِّساءِ.
وتَنْكِيرُ طائِفَةٌ مُؤْذِنٌ بِأنَّ النَّفْرَ لِلتَّفَقُّهِ في الدِّينِ وما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الإنْذارِ واجِبٌ عَلى الكِفايَةِ. وتَعْيِينُ مِقْدارِ الطّائِفَةِ وضَبْطُ حَدِّ التَّفَقُّهِ مَوْكُولٌ إلى وُلاةِ أُمُورِ الفِرَقِ فَتَتَعَيَّنُ الطّائِفَةُ بِتَعْيِينِهِمْ فَهم أدْرى بِمِقْدارِ ما تَتَطَلَّبُهُ المَصْلَحَةُ المَنُوطُ بِها وُجُوبُ الكِفايَةِ.
والتَّفَقُّهُ: تَكَلُّفُ الفَقاهَةِ، وهي مُشْتَقَّةٌ مِن فَقِهَ (بِكَسْرِ القافِ) إذا فُهِمَ ما يَدِقُّ فَهْمُهُ فَهو فاقِهٌ. فالفِقْهُ أخَصُّ مِنَ العِلْمِ، ولِذَلِكَ نَجِدُ في القُرْآنِ اسْتِعْمالَ الفِقْهِ فِيما يَخْفى عِلْمُهُ كَقَوْلِهِ: ﴿لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: ٤٤]، ويَجِيءُ مِنهُ فَقُهَ بِضَمِّ القافِ إذا صارَ الفِقْهُ سَجِيَّتَهُ، فَقّاهَةٌ فَهو فَقِيهٌ.
(p-٦٢)ولَمّا كانَ مَصِيرُ الفِقْهِ سَجِيَّةً لا يَحْصُلُ إلّا بِمُزاوَلَةِ ما يُبَلِّغُ إلى ذَلِكَ كانَتْ صِيغَةُ التَّفَعُّلِ المُؤْذِنَةُ بِالتَّكَلُّفِ مُتَعَيِّنَةً لِأنْ يَكُونَ المُرادُ بِها تَكَلُّفُ حُصُولِ الفِقْهِ، أيِ الفَهْمِ في الدِّينِ. وفي هَذا إيماءٌ إلى أنَّ فَهْمَ الدِّينِ أمْرٌ دَقِيقُ المَسْلَكِ لا يَحْصُلُ بِسُهُولَةٍ، ولِذَلِكَ جاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَن يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيَّرا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ»، ولِذَلِكَ جَزَمَ العُلَماءُ بِأنَّ الفِقْهَ أفْضَلُ العُلُومِ.
وقَدْ ضَبَطَ العُلَماءُ حَقِيقَةَ الفِقْهِ بِأنَّهُ العِلْمُ بِالأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ العَمَلِيَّةِ المُكْتَسَبِ مِن أدِلَّتِها التَّفْصِيلِيَّةِ بِالِاجْتِهادِ.
والإنْذارُ: الإخْبارُ بِما يُتَوَقَّعُ مِنهُ شَرٌّ. والمُرادُ هُنا الإنْذارُ مِنَ المُهْلِكاتِ في الآخِرَةِ. ومِنهُ النَّذِيرُ. وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿إنّا أرْسَلْناكَ بِالحَقِّ بَشِيرًا ونَذِيرًا﴾ [البقرة: ١١٩] في سُورَةِ البَقَرَةِ. فالإنْذارُ هو المَوْعِظَةُ، وإنَّما اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأنَّهُ أهَمُّ؛ لِأنَّ التَّخْلِيَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلى التَّحْلِيَةِ، ولِأنَّهُ ما مِن إرْشادٍ إلى الخَيْرِ إلّا وهو يَشْتَمِلُ عَلى إنْذارٍ مِن ضِدِّهِ. ويَدْخُلُ في مَعْنى الإنْذارِ تَعْلِيمُ النّاسِ ما يُمَيِّزُونَ بِهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ وبَيْنَ الصَّوابِ والخَطَأِ وذَلِكَ بِأداءِ العالِمِ بَثَّ عُلُومِ الدِّينِ لِلْمُتَعَلِّمِينَ.
وحَذْفُ مَفْعُولِ يَحْذَرُونَ لِلتَّعْمِيمِ، أيْ يَحْذَرُونَ ما يُحْذَرُ، وهو فِعْلُ المُحَرَّماتِ وتَرْكُ الواجِباتِ. واقْتَصَرَ عَلى الحِذْرِ دُونَ العَمَلِ لِلْإنْذارِ لِأنَّ مُقْتَضى الإنْذارِ التَّحْذِيرُ، وقَدْ عَلِمْتُ أنَّهُ يُفِيدُ الأمْرَيْنِ.
{"ayah":"۞ وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِیَنفِرُوا۟ كَاۤفَّةࣰۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةࣲ مِّنۡهُمۡ طَاۤىِٕفَةࣱ لِّیَتَفَقَّهُوا۟ فِی ٱلدِّینِ وَلِیُنذِرُوا۟ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ یَحۡذَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق