الباحث القرآني

. اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في السَّبْعِ المَثانِي ماذا هي ؟ فَقالَ جُمْهُورُ المُفَسِّرِينَ: إنَّها الفاتِحَةُ. قالَ الواحِدِيُّ: وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّها فاتِحَةُ الكِتابِ، وهو قَوْلُ عُمَرَ وعَلِيٍّ وابْنِ مَسْعُودٍ والحَسَنِ ومُجاهِدٍ وقَتادَةَ والرَّبِيعِ والكَلْبِيِّ. وزادَ القُرْطُبِيُّ أبا هُرَيْرَةَ وأبا عالِيَةَ، وزادَ النَّيْسابُورِيُّ الضَّحّاكَ وسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ. وقَدْ رُوِيَ مِن قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ كَما سَيَأْتِي بَيانُهُ فَتَعَيَّنَ المَصِيرُ إلَيْهِ. وقِيلَ: هي السَّبْعُ الطُّوالُ: البَقَرَةُ، وآلُ عِمْرانَ، والنِّساءُ، والمائِدَةُ، والأنْعامُ، والأعْرافُ، والسّابِعَةُ الأنْفالُ والتَّوْبَةُ، لِأنَّها كَسُورَةٍ واحِدَةٍ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُما تَسْمِيَةٌ، رُوِيَ هَذا القَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقِيلَ: المُرادُ بِالمَثانِي السَّبْعَةُ الأحْزابِ فَإنَّها سَبْعُ صَحائِفَ، والمَثانِي جَمْعُ مُثَنّاةٍ مِنَ التَّثْنِيَةِ أوْ جَمْعُ مَثْنِيَّةٍ. وقالَ الزَّجّاجُ: تُثَنّى بِما يُقْرَأُ بَعْدَها مَعَها. فَعَلى القَوْلِ الأوَّلِ يَكُونُ وجْهُ تَسْمِيَةِ الفاتِحَةِ مَثانِيَ أنَّها تُثَنّى، أيْ: تُكَرَّرُ في كُلِّ صَلاةٍ، وعَلى القَوْلِ بِأنَّها السَّبْعُ الطُّوالُ - فَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ أنَّ العِبَرَ والأحْكامَ والحُدُودَ كُرِّرَتْ فِيها. وعَلى القَوْلِ بِأنَّها السَّبْعَةُ الأحْزابِ يَكُونُ وجْهُ التَّسْمِيَةِ هو تَكْرِيرَ ما في القُرْآنِ مِنَ القَصَصِ ونَحْوِها، وقَدْ ذَهَبَ إلى أنَّ المُرادَ بِالسَّبْعِ المَثانِي القُرْآنُ كُلُّهُ - الضَّحّاكُ وطاوُسٌ وأبُو مالِكٍ، وهو رِوايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ واسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كِتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ﴾ [الزمر: ٢٣] وقِيلَ: المُرادُ بِالسَّبْعِ المَثانِي أقْسامُ القُرْآنِ: وهي الأمْرُ، والنَّهْيُ، والتَّبْشِيرُ، والإنْذارُ، وضَرْبُ الأمْثالِ، وتَعْرِيفُ النِّعَمِ، وأنْباءُ قُرُونٍ ماضِيَةٍ. قالَهُ زِيادُ بْنُ أبِي مَرْيَمَ، ولا يَخْفى عَلَيْكَ أنَّ تَسْمِيَةَ الفاتِحَةِ مَثانِيَ لا تَسْتَلْزِمُ نَفْيَ تَسْمِيَةِ غَيْرِها بِهَذا الِاسْمِ، وقَدْ تَقَرَّرَ أنَّها المُرادَةُ بِهَذِهِ الآيَةِ، فَلا يَقْدَحُ في ذَلِكَ صِدْقُ وصْفِ المَثانِي عَلى غَيْرِها ﴿والقُرْآنَ العَظِيمَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى ﴿سَبْعًا مِنَ المَثانِي﴾، ويَكُونُ مِن عَطْفِ العامِّ عَلى الخاصِّ لِأنَّ الفاتِحَةَ بَعْضٌ مِنَ القُرْآنِ، وكَذَلِكَ إنْ أُرِيدَ بِالسَّبْعِ المَثانِي السَّبْعُ الطُّوالُ لِأنَّها بَعْضٌ مِنَ القُرْآنِ، وأمّا إذا أُرِيدَ بِها السَّبْعَةُ الأحْزابِ أوْ جَمِيعُ القُرْآنِ أوْ أقْسامُهُ، فَيَكُونُ مِن بابِ عَطْفِ أحَدِ الوَصْفَيْنِ عَلى الآخَرِ، كَما قِيلَ في قَوْلِ الشّاعِرِ: (p-٧٦٩) ؎إلى المَلِكِ القَرْمِ وابْنِ الهُمامِ ومِمّا يُقَوِّي كَوْنَ السَّبْعِ المَثانِي هي الفاتِحَةَ أنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وأكْثَرَ السَّبْعِ الطِّوالِ مَدَنِيَّةٌ، وكَذَلِكَ أكْثَرُ القُرْآنِ وأكْثَرُ أقْسامِهِ، وظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ المَثانِي﴾ أنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ إيتاءُ السَّبْعِ عَلى نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ، ومِنَ في ﴿مِنَ المَثانِي﴾ لِلتَّبْعِيضِ إذا أرَدْتَ بِالسَّبْعِ الفاتِحَةَ أوِ الطِّوالَ، ولِلْبَيانِ إذا أرَدْتَ الإشْباعَ. ثُمَّ لَمّا بَيَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِن هَذِهِ النِّعْمَةِ الدِّينِيَّةِ نَفَّرَهُ عَنِ اللَّذّاتِ العاجِلَةِ الزّائِلَةِ فَقالَ: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهم﴾ أيْ لا تَطْمَحْ بِبَصَرِكَ إلى زَخارِفِ الدُّنْيا طُمُوحَ رَغْبَةٍ فِيها وتَمَنٍّ لَها، والأزْواجُ الأصْنافُ، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. وقالَ الجَوْهَرِيُّ: الأزْواجُ القُرَناءُ. قالَ الواحِدِيُّ: إنَّما يَكُونُ مادًّا عَيْنَيْهِ إلى الشَّيْءِ إذا أدامَ النَّظَرَ نَحْوَهُ، وإدامَةُ النَّظَرِ إلَيْهِ تَدُلُّ عَلى اسْتِحْسانِهِ وتَمَنِّيهِ. وقالَ بَعْضُهم: مَعْنى الآيَةِ لا تَحْسُدَنَّ أحَدًا عَلى ما أُوتِيَ مِنَ الدُّنْيا، ورُدَّ بِأنَّ الحَسَدَ مَنهِيٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا، وإنَّما قالَ في هَذِهِ السُّورَةِ ﴿لا تَمُدَّنَّ﴾ بِغَيْرِ واوٍ؛ لِأنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ طَلَبٌ بِخِلافِ ما في سُورَةِ طه، ثُمَّ لَمّا نَهاهُ عَنِ الِالتِفاتِ إلى أمْوالِهِمْ وأمْتِعَتِهِمْ نَهاهُ عَنِ الِالتِفاتِ إلَيْهِمْ فَقالَ: ﴿ولا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ حَيْثُ لَمْ يُؤْمِنُوا وصَمَّمُوا عَلى الكُفْرِ والعِنادِ، وقِيلَ: المَعْنى: لا تَحْزَنْ عَلى ما مُتِّعُوا بِهِ في الدُّنْيا فَلَكَ الآخِرَةُ. والأوَّلُ أوْلى، ثُمَّ لَمّا نَهاهُ عَنْ أنْ يَمُدَّ عَيْنَيْهِ إلى أمْوالِ الكُفّارِ ولا يَحْزَنَ عَلَيْهِمْ، وكانَ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّهاوُنَ بِهِمْ وبِما مَعَهم، أمَرَهُ أنْ يَتَواضَعَ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَقالَ: ﴿واخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وخَفْضُ الجَناحِ كِنايَةٌ عَنِ التَّواضُعِ ولِينِ الجانِبِ، ومِنهُ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ ﴿واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: ٢٤]، وقَوْلُ الكُمَيْتِ: ؎خَفَضْتُ لَهم مِنِّي جَناحَيْ مَوَدَّةٍ ∗∗∗ إلى كَنَفٍ عِطْفاهُ أهْلٌ ومَرْحَبُ وأصْلُهُ أنَّ الطّائِرَ إذا ضَمَّ فَرْخَهُ إلى نَفْسِهِ بَسَطَ جَناحَهُ، ثُمَّ قَبَضَهُ عَلى الفَرْخِ فَجُعِلَ ذَلِكَ وصْفًا لِتَواضُعِ الإنْسانِ لِأتْباعِهِ، ويُقالُ: فُلانٌ خافِضُ الجَناحِ، أيْ: وقُورٌ ساكِنٌ، والجَناحانِ مِنِ ابْنِ آدَمَ جانِباهُ، ومِنهُ ﴿واضْمُمْ يَدَكَ إلى جَناحِكَ﴾ طه ٢٢، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎وحَسْبُكَ فِتْنَةً لِزَعِيمِ قَوْمٍ ∗∗∗ يَمُدُّ عَلى أخِي سَقَمٍ جَناحًا ﴿وقُلْ إنِّي أنا النَّذِيرُ المُبِينُ﴾ أيِ المُنْذِرُ المُظْهِرُ لِقَوْمِهِ ما يُصِيبُهم مِن عَذابِ اللَّهِ. ﴿كَما أنْزَلْنا عَلى المُقْتَسِمِينَ﴾ قِيلَ المَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أيْ مَفْعُولُ أنْزَلْنا، والتَّقْدِيرُ: كَما أنْزَلْنا عَلى المُقْتَسِمِينَ عَذابًا، فَيَكُونُ المَعْنى: إنِّي أنا النَّذِيرُ المُبِينُ لَكم مِن عَذابٍ مِثْلِ عَذابِ المُقْتَسِمِينَ الَّذِي أنْزَلْناهُ عَلَيْهِمْ. كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أنْذَرْتُكم صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وثَمُودَ﴾ [فصلت: ١٣] وقِيلَ إنَّ الكافَ زائِدَةٌ، والتَّقْدِيرُ: إنِّي أنا النَّذِيرُ المُبِينُ أنْذَرْتُكم ما أنْزَلْنا عَلى المُقْتَسِمِينَ مِنَ العَذابِ، وقِيلَ هو مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ آتَيْناكَ﴾ أيْ أنْزَلْنا عَلَيْكَ مِثْلَ ما أنْزَلْنا عَلى أهْلِ الكِتابِ وهُمُ المُقْتَسِمُونَ، والأوْلى أنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنِّي أنا النَّذِيرُ المُبِينُ﴾ لِأنَّهُ في قُوَّةِ الأمْرِ بِالإنْذارِ. وقَدِ اخْتُلِفَ في ﴿المُقْتَسِمِينَ﴾ مَن هم ؟ فَقالَ الفَرّاءُ: هم سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلًا بَعَثَهُمُ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ أيّامَ المَوْسِمِ، فاقْتَسَمُوا أنْقابَ مَكَّةَ وفِجاجَها يَقُولُونَ لِمَن دَخَلَها: لا تَغْتَرُّوا بِهَذا الخارِجِ فِينا فَإنَّهُ مَجْنُونٌ، ورُبَّما قالُوا ساحِرٌ، ورُبَّما قالُوا شاعِرٌ، ورُبَّما قالُوا كاهِنٌ، فَقِيلَ لَهم مُقْتَسِمِينَ لِأنَّهُمُ اقْتَسَمُوا هَذِهِ الطُّرُقَ، وقِيلَ إنَّهم قَوْمٌ مِن قُرَيْشٍ اقْتَسَمُوا كِتابَ اللَّهِ، فَجَعَلُوا بَعْضَهُ شِعْرًا، وبَعْضَهُ سِحْرًا، وبَعْضَهُ كَهانَةً، وبَعْضَهُ أساطِيرَ الأوَّلِينَ. قالَهُ قَتادَةُ، وقِيلَ هم أهْلُ الكِتابِ، وسُمُّوا مُقْتَسِمِينَ لِأنَّهم كانُوا يَقْتَسِمُونَ القُرْآنَ اسْتِهْزاءً، فَيَقُولُ بَعْضُهم هَذِهِ السُّورَةُ لِي وهَذِهِ لَكَ، رُوِيَ هَذا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقِيلَ: إنَّهم قَسَّمُوا كِتابَهم وفَرَّقُوهُ وبَدَّدُوهُ وحَرَّفُوهُ، وقِيلَ المُرادُ قَوْمُ صالِحٍ تَقاسَمُوا عَلى قَتْلِهِ فَسُمُّوا مُقْتَسِمِينَ كَما قالَ تَعالى: ﴿تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهْلَهُ﴾ [النمل: ٤٩] وقِيلَ تَقاسَمُوا أيْمانًا: تَحالَفُوا عَلَيْها، قالَهُ الأخْفَشُ، وقِيلَ إنَّهُمُ العاصِ بْنُ وائِلٍ، وعُتْبَةُ وشَيْبَةُ ابْنا رَبِيعَةَ، وأبُو جَهْلِ بْنُ هِشامٍ، والنَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، وأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، ومُنَبِّهُ بْنُ الحَجّاجِ ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ. ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ﴾ جَمْعُ عِضَةٍ، وأصْلُها عِضْوَةٌ فِعْلَةٌ مِن عَضى الشّاةَ: إذا جَعَلَها أجْزاءً، فَيَكُونُ المَعْنى عَلى هَذا: الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ أجْزاءً مُتَفَرِّقَةً، بَعْضُهُ شِعْرٌ، وبَعْضُهُ سِحْرٌ، وبَعْضُهُ كَهانَةٌ ونَحْوُ ذَلِكَ، وقِيلَ هو مَأْخُوذٌ مِن عَضَتُّهُ: إذا بَهَتَّهُ، فالمَحْذُوفُ مِنهُ الهاءُ لا الواوُ، وجُمِعَتِ العِضَةُ عَلى المَعْنَيَيْنِ جَمْعُ العُقَلاءِ لِما لَحِقَها مِنَ الحَذْفِ فَجَعَلُوا ذَلِكَ عِوَضًا عَمّا لَحِقَها مِنَ الحَذْفِ، وقِيلَ مَعْنى عِضِينَ إيمانُهم بِبَعْضِ الكِتابِ وكُفْرُهم بِبَعْضٍ، ومِمّا يُؤَيِّدُ أنَّ مَعْنى عِضِينَ التَّفْرِيقُ، قَوْلُ رُؤْبَةَ: ؎ولَيْسَ دِينُ اللَّهِ بِالعِضِينَ أيْ بِالمُفَرَّقِ، وقِيلَ العِضَةُ والعِضِينُ في لُغَةِ قُرَيْشٍ السِّحْرُ: وهم يَقُولُونَ لِلسّاحِرِ عاضِهٌ، ولِلسّاحِرَةِ عاضِهَةٌ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎أعُوذُ بِرَبِّي مِنَ النّافِثاتِ ∗∗∗ في عُقَدِ العاضِهَةِ والعِضَهِ وفِي الحَدِيثِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَعَنَ العاضِهَةَ والمُسْتَعْضِهَةَ،» وفُسِّرَ بِالسّاحِرَةِ والمُسْتَسْحِرَةِ والمَعْنى: أنَّهم أكْثَرُوا البُهْتَ عَلى القُرْآنِ، وسَمَّوْهُ سِحْرًا وكَذِبًا وأساطِيرَ الأوَّلِينَ، ونَظِيرُ عِضَةٍ في النُّقْصانِ شَفَةٌ، والأصْلُ شَفْهَةٌ، وكَذَلِكَ سَنَةٌ، والأصْلُ سَنْهَةٌ. قالَ الكِسائِيُّ: العِضَةُ: الكَذِبُ والبُهْتانُ، وجَمْعُها عِضُونَ. وقالَ الفَرّاءُ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ العِضاهِ، وهي شَجَرٌ يُؤْذِي ويَجْرَحُ كالشَّوْكِ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِـ القُرْآنَ التَّوْراةُ والإنْجِيلُ لِكَوْنِهِما مِمّا يُقْرَأُ، ويُرادُ بِـ ﴿المُقْتَسِمِينَ﴾ اليَهُودُ والنَّصارى، أيْ: جَعَلُوهُما أجْزاءً مُتَفَرِّقَةً، وهو أحَدُ الأقْوالِ المُتَقَدِّمَةِ. ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهم أجْمَعِينَ﴾ أيْ لَنَسْألَنَّ هَؤُلاءِ الكَفَرَةَ أجْمَعِينَ يَوْمَ القِيامَةِ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ في الدُّنْيا مِنَ الأعْمالِ الَّتِي يُحاسَبُونَ عَلَيْها ويُسْألُونَ عَنْها، وقِيلَ إنَّ المُرادَ سُؤالُهم عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ. والعُمُومُ في ﴿عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ﴾، يُفِيدُ ما هو أوْسَعُ مِن ذَلِكَ، وقِيلَ إنَّ المَسْئُولِينَ هاهُنا هم جَمِيعُ المُؤْمِنِينَ والعُصاةِ (p-٧٧٠)والكُفّارِ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [التكاثر: ٨] وقَوْلُهُ: ﴿وقِفُوهم إنَّهم مَسْئُولُونَ﴾ [الصافات: ٢٤] وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ إلَيْنا إيابَهم ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهم﴾ [الغاشية: ٢٥، ٢٦] ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ قَصْرَ هَذا السُّؤالِ عَلى المَذْكُورِينَ في السِّياقِ وصَرْفَ العُمُومِ إلَيْهِمْ لا يُنافِي سُؤالَ غَيْرِهِمْ. ﴿فاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: يَقُولُ أظْهِرْ ما تُؤْمَرُ بِهِ، أُخِذَ مِنَ الصَّدِيعِ وهو الصُّبْحُ. انْتَهى. وأصْلُ الصَّدْعِ الفَرْقُ والشِّقُّ. يُقالُ: صَدَعْتُهُ فانْصَدَعَ: أيِ انْشَقَّ، وتَصَدَّعَ القَوْمُ، أيْ تَفَرَّقُوا. ومِنهُ ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ [الروم: ٤٣]، أيْ يَتَفَرَّقُونَ. قالَ الفَرّاءُ: أرادَ فاصْدَعْ بِالأمْرِ، أيْ: أظْهِرْ دِينَكَ فَ ما مَعَ الفِعْلِ عَلى هَذا بِمَنزِلَةِ المَصْدَرِ، وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: مَعْنى اصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ: أيِ اقْصِدْ، وقِيلَ ﴿فاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ﴾، أيْ: فَرِّقْ جَمْعَهم وكَلِمَتَهم بِأنْ تَدْعُوَهم إلى التَّوْحِيدِ فَإنَّهم يَتَفَرَّقُونَ، والأوْلى أنَّ الصَّدْعَ الإظْهارُ، كَما قالَهُ الزَّجّاجُ، والفَرّاءُ وغَيْرُهم. قالَ النَّحْوِيُّونَ: المَعْنى: بِما تُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الشَّرائِعِ، وجَوَّزُوا أنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، أيْ: بِأمْرِكَ وشَأْنِكَ. قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: أيِ اجْهَرْ بِالأمْرِ، أيْ: بِأمْرِكَ بَعْدَ إظْهارِ الدَّعْوَةِ، وما زالَ النَّبِيُّ ﷺ مُسْتَخْفِيًا حَتّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. ثُمَّ أمَرَهُ سُبْحانَهُ بَعْدَ أمْرِهِ بِالصَّدْعِ بِالإعْراضِ وعَدَمِ الِالتِفاتِ إلى المُشْرِكِينَ، فَقالَ: ﴿وأعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ﴾ أيْ لا تُبالِ بِهِمْ ولا تَلْتَفِتْ إلَيْهِمْ إذا لامُوكَ عَلى إظْهارِ الدَّعْوَةِ. ثُمَّ أكَّدَ هَذا الأمْرَ وثَبَّتَ قَلْبَ رَسُولِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنّا كَفَيْناكَ المُسْتَهْزِئِينَ﴾ مَعَ كَوْنِهِمْ كانُوا مِن أكابِرِ الكُفّارِ وأهْلِ الشَّوْكَةِ فِيهِمْ فَإذا كَفاهُ اللَّهُ أمْرَهم بِقَمْعِهِمْ وتَدْمِيرِهِمْ كَفاهُ أمْرَ مَن هو دُونَهم بِالأوْلى، وهَؤُلاءِ المُسْتَهْزِئُونَ كانُوا خَمْسَةً مِن رُؤَساءِ أهْلِ مَكَّةَ: الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ، والعاصُ بْنُ وائِلٍ، والأسْوَدُ بْنُ المُطَّلِبِ بْنِ الحَرْثِ بْنِ زَمْعَةَ، والأسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، والحَرْثُ بْنُ الطُّلاطِلَةِ. كَذا قالَ القُرْطُبِيُّ ووافَقَهُ غَيْرُهُ مِنَ المُفَسِّرِينَ. وقَدْ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا وكَفاهم أمْرَهم في يَوْمٍ واحِدٍ. ثُمَّ وصَفَ هَؤُلاءِ المُسْتَهْزِئِينَ بِالشِّرْكِ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ﴾ فَلَمْ يَكُنْ ذَنْبُهم مُجَرَّدَ الِاسْتِهْزاءِ، بَلْ لَهم ذَنْبٌ آخَرُ وهو الشِّرْكُ بِاللَّهِ سُبْحانَهُ، ثُمَّ تَوَعَّدَهم فَقالَ: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ كَيْفَ عاقِبَتُهم في الآخِرَةِ وما يُصِيبُهم مِن عُقُوبَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ تَسْلِيَةً أُخْرى لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ التَّسْلِيَةِ الأُولى بِكِفايَتِهِ شَرِّهِمْ ودَفْعِهِ لِمَكْرِهِمْ فَقالَ: ﴿ولَقَدْ نَعْلَمُ أنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ﴾ مِنَ الأقْوالِ الكُفْرِيَّةِ المُتَضَمِّنَةِ لِلطَّعْنِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالسِّحْرِ والجُنُونِ والكَهانَةِ والكَذِبِ، وقَدْ كانَ يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمُقْتَضى الجِبِلَّةِ البَشَرِيَّةِ والمِزاجِ الإنْسانِيِّ. ثُمَّ أمَرَهُ سُبْحانَهُ بِأنْ يَفْزَعَ لِكَشْفِ ما نابَهُ مِن ضِيقِ الصَّدْرِ إلى تَسْبِيحِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وحَمْدِهِ فَقالَ: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ أيْ مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِهِ: أيِ افْعَلِ التَّسْبِيحَ المُتَلَبِّسَ بِالحَمْدِ ﴿وكُنْ مِنَ السّاجِدِينَ﴾ أيِ المُصَلِّينَ فَإنَّكَ إذا فَعَلْتَ ذَلِكَ كَشَفَ اللَّهُ هَمَّكَ وأذْهَبَ غَمَّكَ وشَرَحَ صَدْرَكَ. ثُمَّ أمَرَهُ بِعِبادَةِ رَبِّهِ، أيْ بِالدَّوامِ عَلَيْها إلى غايَةٍ هي قَوْلُهُ: ﴿حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ﴾ أيِ المَوْتُ. قالَ الواحِدِيُّ، قالَ جَماعَةُ المُفَسِّرِينَ: يَعْنِي المَوْتَ لِأنَّهُ مُوقِنٌ بِهِ. قالَ الزَّجّاجُ المَعْنى اعْبُدْ رَبَّكَ أبَدًا؛ لِأنَّهُ لَوْ قِيلَ اعْبُدْ رَبَّكَ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ لَجازَ إذا عَبَدَ الإنْسانُ مَرَّةً أنْ يَكُونَ مُطِيعًا، فَإذا قالَ ﴿حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ﴾، فَقَدْ أمَرَهُ بِالإقامَةِ عَلى العِبادَةِ أبَدًا ما دامَ حَيًّا. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ المَثانِي﴾ قالَ: السَّبْعُ المَثانِي فاتِحَةُ الكِتابِ. وأخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والدّارَقُطْنِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ مِن طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ بِمِثْلِهِ. وأخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ وزادَ: والقُرْآنُ العَظِيمُ سائِرُ القُرْآنِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: فاتِحَةُ الكِتابِ اسْتَثْناها اللَّهُ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَرَفَعَها في أُمِّ الكِتابِ فادَّخَرَها لَهم حَتّى أخْرَجَها ولَمْ يُعْطَ أحَدٌ قَبْلُ، قِيلَ فَأيْنَ الآيَةُ السّابِعَةُ ؟ قالَ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ورُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ هَذا مِن طُرُقٍ. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسُ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: السَّبْعُ المَثانِي فاتِحَةُ الكِتابِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: السَّبْعُ المَثانِي ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ . ورُوِيَ نَحْوُ قَوْلِ هَؤُلاءِ الصَّحابَةِ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ التّابِعِينَ. وقَدْ ثَبَتَ في صَحِيحِ البُخارِيِّ مِن حَدِيثِ أبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلّى أنَّهُ قالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «ألا أُعَلِّمُكَ أفْضَلَ سُورَةٍ قَبْلَ أنْ أخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ، فَذَهَبَ النَّبِيُّ ﷺ لِيَخْرُجَ فَذَكَّرْتُهُ، فَقالَ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ١]، هي السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ أيْضًا مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمُّ القُرْآنِ هي السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ» فَوَجَبَ بِهَذا المَصِيرُ إلى القَوْلِ بِأنَّها فاتِحَةُ الكِتابِ، ولَكِنَّ تَسْمِيَتَها بِذَلِكَ لا تُنافِي تَسْمِيَةَ غَيْرِها بِهِ كَما قَدَّمْنا. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُمَرَ قالَ في الآيَةِ: هي السَّبْعُ الطِّوالُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ في الآيَةِ: هي السَّبْعُ الطِّوالُ. وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِثْلَهُ. ورُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ التّابِعِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: هي فاتِحَةُ الكِتابِ والسَّبْعُ الطِّوالُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: ما ثُنِّيَ مِنَ القُرْآنِ، ألَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ اللَّهِ ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ﴾ [الزمر: ٢٣] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: المَثانِي القُرْآنُ يَذْكُرُ اللَّهُ القِصَّةَ الواحِدَةَ مِرارًا. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ زِيادِ بْنِ أبِي مَرْيَمَ في الآيَةِ قالَ: أعْطَيْتُكَ سَبْعَةَ أجْزاءٍ: مُرْ، وانْهَ، وبَشِّرْ، وأنْذِرْ، واضْرِبِ (p-٧٧١)الأمْثالَ، واعَدُدِ النِّعَمَ، واتْلُ نَبَأ القُرْآنِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ قالَ: نَهى الرَّجُلَ أنْ يَتَمَنّى مالَ صاحِبِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿أزْواجًا مِنهُمْ﴾ قالَ: الأغْنِياءُ الأمْثالُ والأشْباهُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قالَ: مَن أُعْطِيَ القُرْآنَ فَمَدَّ عَيْنَهُ إلى شَيْءٍ مِمّا صَغَّرَ القُرْآنُ فَقَدْ خالَفَ القُرْآنَ، ألَمْ يَسْتَمِعْ إلى قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ المَثانِي﴾ وإلى قَوْلِهِ: ﴿ورِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأبْقى﴾ [طه: ١٣١]، وقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أيْضًا الحَدِيثَ الصَّحِيحَ «لَيْسَ مِنّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ» فَقالَ: إنَّ المَعْنى يَسْتَغْنِي بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿واخْفِضْ جَناحَكَ﴾ قالَ: اخْضَعْ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَما أنْزَلْنا عَلى المُقْتَسِمِينَ﴾ الآيَةَ، قالَ: هم أهْلُ الكِتابِ جَزَّءُوهُ أجْزاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ عَنْهُ قالَ: عِضِينَ فِرَقًا. وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها نَزَلَتْ في نَفَرٍ مِن قُرَيْشٍ كانُوا يَصُدُّونَ النّاسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنهُمُ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أنَسٍ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في قَوْلِهِ: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهم أجْمَعِينَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قالَ: عَنْ قَوْلِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ» . وأخْرَجَهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْ أنَسٍ مَوْقُوفًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿فاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ﴾ فامْضِهِ، وفي عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ مَقالٌ مَعْرُوفٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: ما زالَ النَّبِيُّ ﷺ مُسْتَخْفِيًا حَتّى نَزَلَ ﴿فاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ﴾ فَخَرَجَ هو وأصْحابُهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: هَذا أمْرٌ مِنَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ بِتَبْلِيغِ رِسالَتِهِ قَوْمَهُ وجَمِيعَ مَن أُرْسِلَ إلَيْهِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ ﴿فاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ﴾ قالَ: أعْلِنْ بِما تُؤْمَرُ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿وأعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ﴾ قالَ: نَسَخَهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ، والضِّياءُ في المُخْتارَةِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا كَفَيْناكَ المُسْتَهْزِئِينَ﴾ قالَ: المُسْتَهْزِئُونَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ، والأسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، والأسْوَدُ بْنُ المُطَّلِبِ، والحارِثُ بْنُ عَيْطَلٍ السَّهْمِيُّ، والعاصُ بْنُ وائِلٍ، وذَكَرَ قِصَّةَ هَلاكِهِمْ. وقَدْ رُوِيَ هَذا عَنْ جَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ مَعَ زِيادَةٍ في عَدَدِهِمْ ونَقْصٍ، عَلى طُولٍ في ذَلِكَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ في التّارِيخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والدَّيْلَمِيُّ عَنْ أبِي مُسْلِمٍ الخَوْلانِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ما أُوحِيَ إلَيَّ أنْ أجْمَعَ المالَ وأكُنْ مِنَ التّاجِرِينَ، ولَكِنْ أُوحِيَ إلَيَّ أنْ ﴿سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وكُنْ مِنَ السّاجِدِينَ﴾ ﴿واعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ﴾» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والدَّيْلَمِيُّ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وأخْرَجَ الخَطِيبُ في المُتَّفِقِ والمُفْتَرِقِ مِن طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبانِ بْنِ عُثْمانَ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ أوْسٍ الطّائِفِيِّ قالَ: حَدَّثَنِي أبانُ بْنُ عُثْمانَ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ يَرْفَعُهُ مِثْلَ حَدِيثِ أبِي مُسْلِمٍ الخَوْلانِيِّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﴿حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ﴾ قالَ المَوْتُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ عَنِ الحَسَنِ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ مِثْلَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب