الباحث القرآني
(فبما رحمة من الله لنت لهم) " ما " فاصلة غير كافية مزيدة للتأكيد قاله سيبويه وغيره، وقال ابن كيسان والأخفش: إنها نكرة في موضع الجر بالباء، ورحمة بدل منها، والأول أولى بقواعد العربية، ومثله قوله تعالى (فبما نقضهم ميثاقهم) والجار والمجرور متعلق بقوله (لنت) وقدم عليه لإفادة القصر، وتنوين رحمة للتعظيم.
والمعنى أن لينه لهم ما كان إلا بسبب الرحمة العظيمة منه، وقيل إن ما استفهامية والمعنى فبأي رحمة من الله لنت لهم، وفيه معنى التعجب وهو بعيد، ولو كان كذلك لقيل فيم رحمة بحذف الألف، والمعنى سهلت لهم أخلاقك وكثرت احتمالك، ولم تسرع إليهم بتعنيف: على ما كان يوم أحد منهم.
وفيه تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والفاء لترتيب مضمون الكلام على ما ينبىء عنه السياق من استحقاقهم للملامة والتعنيف بموجب الجبلة البشرية أو من سعة ساحة مغفرته تعالى ورحمته.
(ولو) لم تكن كذلك بل (كنت فظاً غليظ القلب) أي جافياً قاسي الفؤاد سيء الخلق قليل الاحتمال، والفظ الغليظ الجافي، وقال الراغب: الفظ هو الكريه الخلق، وذلك مستعار من الفظ وهو ماء الكرش وذلك مكروه شربه إلا في ضرورة، وغلظ القلب قساوته، وقلة إشفاقه وعدم إنفعاله للخير، وجمع بينهما تأكيداً.
(لانفضوا من حولك) أي لنفروا عنك وتفرقوا حتى لا يبقى منهم أحد عندك، والانفضاض التفرق في الأجزاء وانتشارها، ومنه فضّ ختم الكتاب، ثم استعير هنا لانفضاض الناس وغيرهم أي لتفرقوا عن حولك هيبة لك واحتشاماً منك بسبب ما كان من توليهم، وإذا كان الأمر كما ذكر (فاعف عنهم) فيما يتعلق بك من الحقوق (واستغفر لهم) الله سبحانه فيما هو إلى الله سبحانه.
(وشاورهم في الأمر) الذي يرد عليك أي أمر كان مما يشاور في مثله أو في أمر الحرب خاصة كما يفيده السياق لما في ذلك من تطييب خواطرهم، واستجلاب مودتهم، ولتعريف الأمة بمشروعية ذلك حتى لا يأنف منهم أحد بعدك.
قال السمين: جاء على أحسن النسق وذلك أنه أمر أولاً بالعفو عنهم فيما يتعلق بخاصة نفسه، فإذا انتهوا إلى هذا المقام أمر أن يستغفر لهم ما بينهم وبين الله لتنزاح عنهم التبعات، فلما صاروا إلى هنا أمر بأن يشاورهم في الأمر إذ صاروا خالصين من التبعتين متصفّين منهما انتهى.
والمراد هنا المشاورة في غير الأمور التي يرد الشرع بها، قال أهل اللغة الاستشارة مأخوذة من قول العرب شرت الدابة وشورتها إذا علمت خيرها، وقيل من قولهم شرت العسل إذا أخذته من موضعه.
قال ابن خواز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون وفيما أشكل عليهم من أمور الدنيا ومشاورة وجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح ووجوه الكتاب والعمال والوزراء فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها.
وحكى القرطبي عن ابن عطية أنه لا خلاف في وجوب عزل من لا يستشير أهل العلم والدين.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب قال السيوطي بسند حسن عن ابن عباس قال لما نزلت (وشاورهم في الأمر) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما إن الله ورسوله لغنيّان عنها ولكن الله جعلها رحمة لأمتي، فمن استشار من أمتي لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غيّاً.
وعنه في الآية قال هم أبو بكر وعمر، وقال الحسن قد علم الله أن ما به إلى مشاورتهم حاجة، ولكن أراد أن يستنّ به من بعده من أمته.
وقيل أمره بها ليعلم مقادير عقولهم وأفهامهم لا ليستفيد منهم رأياً، وروى البغوي بسنده عن عائشة أنها قالت ما رأيت رجلاً أكثر استشارة للرجال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وللاستشارة فوائد كثيرة ذكرها بعض المفسرين لا نطول بذكرها، ويغني عنها أمر الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بها، ولنعم ما قيل في ذلك.
وشاور إذا شاورت كل مهذب ... لبيب أخي حزم لترشد في الأمر
ولا تك ممن يستبد برأيه ... فتعجز أو لا تستريح من الفكر
ألم تر أن الله قال لعبده ... وشاورهمو في الأمر حتماً بلا نكر
(فإذا عزمت) على إمضاء ما تريد عقب المشاورة على شيء واطمأنت به نفسك (فتوكل على الله) في فعل ذلك أي اعتمد عليه وفوض إليه، وقيل إن المعنى فإذا عزمت على أمر أن تمضي فيه فتوكل على الله وثق به لا على المشاورة، والعزم في الأصل قصد الإمضاء أي فإذا قصدت إمضاء أمر فتوكل على الله.
وفيه إشارة إلى أن التوكل ليس هو إهمال التدبير بالكلية وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافياً للأمر بالتوكل بل هو مراعاة الأسباب الظاهرة، مع تفويض الأمر إلى الله، والاعتماد عليه بالقلب.
عن علي قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن العزم قال مشاورة أهل الرأي ثم اتّباعهم، أخرجه ابن مردويه (إن الله يحب المتوكلين) عليه في جميع أمورهم.
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)
{"ayah":"فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق