الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾.
أكثر النحويِّينَ على أنَّ (ما) -ههنا- صِلَةٌ [[(صلة)؛ بمعنى زيادة.]]، لا تمنع الباءَ مِن عَمَلِها فيما عملت فيه، وهي مع كونها صلةً، تُحْدِثُ معنى التأكيد [[في (ب): (التوكيد).]] وحُسْن النَّظْم. وهي كثيرةٌ في القرآن؛ كقوله: ﴿عَمَّا قَلِيلٍ﴾ [المؤمنون: 40]، و ﴿جُندٌ مَّا﴾ [ص: 11]، ﴿فبَمَا نَقضِهِم﴾ [النساء: 155]، ﴿مِمَّا خَطَايَاهُمْ﴾ [[المؤلف -هنا- أوردها على قراءة أبي عمرو: ﴿خَطَايَاهُم﴾. وقرأ الباقون: ﴿خَطِيئَاتِهِمْ﴾. انظر: "الكشف" لمكي 2/ 337، و"إتحاف فضلاء البشر" (425). وممن ذهب إلى كون (ما) -هنا- (صِلَة):
الفراء في: "معاني القرآن" 114، والمبرد في "الكامل" 1/ 342، والطبري في "تفسيره" 4/ 150، وكراع النمل في "المنتخب" 2/ 687، والزجاج في "معاني القرآن" 1/ 482، وابن شقير في "المحلى ووجوه النصب" 290، وابن جني في "سر صناعة الإعراب" 1/ 261، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 136 أ، والسفاريني في "لباب الإعراب" 463.
قال الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 482: "ما" بإجماع النحويين -هنا- صِلَةٌ، لا تمنع الباء من عملها فيما عملت.]] [نوح: 25].
[وتكثر] [[ما بين المعقوفين مطموس في (أ). والمثبت من (ب)، (ج).]] -أيضًا- في الشعر؛ قال امرؤ القيس:
وقاهم جَدُّهُمْ بِبَني أبِيهم ... وبالأشْقَيْنَ ما كانَ العِقَابُ [[البيت في "ديوانه" 45. وورد منسوبًا له في "الأصمعيات" 131، و"الشعر والشعراء" 54، وكتاب "المعاني الكبير" 2/ 886، و"فصل المقال" للبكري 385. البيت من قصيدة قالها الشاعر حين غزا بني أسد فأخطأهم، وأصاب بني كنانة بدلًا منهم، وهو لا يدري. و (الجَدُّ) -هنا-: الحظ والبخت.
أي: أن بني أسد وقاهم حظهم من سطوته، بقتل بني عمهم -بني كنانة- لأن أسد وكنانة أخوان.
والشاهد في البيت زيادة (ما) في قوله: (وبالأشقين ما كان العقاب). ويجوز كون (ما) مع الفعل بتأويل المصدر؛ أي: وبالأشقَيْن كون العقاب.]]
أراد: (وبالأشْقَيْنَ [[في (ج): (بالأشقين). بدون واو.]] كان العِقَابُ) [[(العقاب): ساقطة من (ج).]].
وقال النابغة:
المرءُ يَهْوَى أنْ يَعِيـ ... ـشَ وطُولُ عَيْشٍ ما يَضُرُّهْ [[البيت نسب للنابغة الذبياني، وقد ورد في ديوانه 122. ونسبته له المصادر التالية: "الشعر والشعراء" 85، و"جمهرة أشعار العرب" (63)، و"الأضداد" لابن الأنباري 196. ونسب للنابغة الجعدي، وقد ورد منسوبًا له في "ديوانه" 191.
ونسبته إليه المصادر التالية: "الأمالي" للقالي 2/ 8، و"الأمالي" للمرتضى 1/ 266، و"الأشباه والنظائر في النحو" للسيوطي 5/ 163، و"خزانة الأدب" 3/ 172.
وقد ورد في الشعر المنسوب لِلَبِيد. انظر "ديوانه" 356.
وأورده ابن الشجري في "أماليه" 2/ 365، ونسبه لبعض المُعمِّرِين.
وورد في: "المدخل" للحدادي 146، و"زاد المسير" 1/ 485 ونسباه للنابغة ولم يحددا مَن مِنهما. == وورد غير منسوب في: "أمالي الزجاجي" 111، و"النكت والعيون" 2/ 911. وورد البيت بروايات عدة منها: (المرء يرغب في الحياة)، و (المرء يأمل أن يعيش). و (المرء يهوى ما يعيش). وورد: (وطول عيش ..)، و (وطول عمر ..). وورد: (قد يضره) بدلًا من: (ما يضره) وليس فيها موضع الشاهد.
ويجوز أن تكون (ما) في البيت بمعنى (الذي)، والتأويل: وطول عيش الذي يضره. انظر: "الأضداد"، لابن الأنباري 196.]] أراد: (وطول عيش يَضُرُّهْ). فأكد الكلام بـ (ما).
والعرب قد تزيد في الكلام ما يُسْتغنى عنه؛ للتأكيد؛ كقوله: (أنت فعلت كذا وكذا؛ يا هذا!) فأدخلوا (يا هذا)؛ للتأكيد؛ إذ كانت (أنت) دالاًّ على الخطاب. وكذلك قولهم: (لَمَّا أنْ زارني عبد الله، زُرْتُه). معناه: لَمَّا زارني [[انظر: "مغني اللبيب" 50.]].
قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ [يوسف: 96]، أراد: فلَمَّا جاء. فأكّد بـ (أنْ) [[في (ج): (أن). بدلًا من: بأن.]]. وكذلك قولهم:
يا تَيْمَ تَيْمَ عَدِيٍّ [[في (أ)، (ب): (يتم يتم)، والمثبت من (ج)، ومصادر الشاهد. وهذا جزء من بيت شعر لجرير، وهو في "ديوانه" 219، وتمامه:
يا تيمَ تيمَ عَدِيٍّ لا أبا لكُمُ ... لا يُوقِعَنَّكمُ في سَوْأةٍ عُمَرُ
وقد ورد منسوبًا له في: "كتاب سيبويه" 1/ 53، 2/ 205، و"الكامل" 3/ 217، و"المقتضب" 4/ 229، و"اللامات" 101، و"الخصائص" 1/ 345، و"العمدة" 2/ 841، و"شرح المفصل" 2/ 10، 105، و"اللسان" 1/ 18 (أبي)، و"المقاصد النحوية" 4/ 240، و"شرح شواهد المغني" 2/ 855، و"خزانة الأدب" 2/ 298، 301، 4/ 99، 107، 8/ 317، 10/ 191.= وورد غير منسوب في: "الأصول في النحو" 1/ 343، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 307، و"شرح ابن عقيل" 3/ 17، و"ارتشاف الضرب" 3/ 315، و"منهج السالك". 3/ 153، و"همع الهوامع" 5/ 196، 2/ 122، و"الدرر اللوامع" 2/ 154.
وورد في أكثر المصادر: (لا يُلْقِيَنَّكُمُ في سوأة ..).
والبيت من قصيدة قالها الشاعر في هجاء عمر بن لَجَأ التَيْمِي. ويعني بـ (تيم): تيم بن عبد مناة بن أدّ. و (عدي) أخو (تيم). وأضاف (تيم) إلى (عدي) تخصيصًا، وتمييزًا لهم عن بطون عدة كلها تُدْعَى تَيْمًا. وقوله: (لا أبا لكم)، أصلها: أن يُنسب المخاطبُ إلى غير أب معلوم؛ شتمًا له، ثم كثرت في الاستعمال حتى جُعلت في كل خطاب يغلظ فيه على المخاطب. و (السوأة): الفعلة القبيحة.
يريد الشاعر تحذير بني تيم، وهي قبيلة عمر بن لجأ، بأن يمنعوا عمر من التعرض للشاعر بهجاء؛ وإلّا فإن الشاعر سيتعرض لِتَيْم في شعره، ويلقيهم في بلِيَّة، هم في غنى عنها.
ويجوز في (تيم) الأولى الضمُّ، على أنه منادى مفرد عَلَم، ويحوز النصبُ على تقدير إضافته إلى ما بعد (تيم) الثانية، أو بتقدير إضافته إلى محذوف وهو: (عدي). (وتيم) الثاني لا يجوز فيه إلا النصب على أنه منادى مضاف، أو مفعول بإضمار (أعني)، أو عطف بيان، أو توكيد، أو بدل. انظر: "ارتشاف الضرب" 3/ 135. والشاهد فيه: تكرير (تيم) للتأكيد.]] أكد الكلام بـ (تَيْم) [[في (أ)، (ب): يتم. والمثبت من (ج).]] الثاني. هذا قول أكثر أهل التأويل.
وقال بعضهم [[لم أقف على القائل. وممن أورد هذا القول ممن سبق المؤلف: الثعلبيُّ في "تفسيره" 3/ 136 أ، قائلاً: (وقال بعضهم: ..) ولم يعين.]]: يجوز أن تكون (ما) استفهامًا للتعجب [[ورد في: (ج) في هذا الموضع كلمة زائدة، لا وجه لها، وهي: (قوله).]]، تقديره: (فَبِأَيِّ رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لهم؟!)؛ أي: سَهُلَتْ لهم أخلاقُكَ، وكثر احتمالك [[وقد جوز هذا الرأي الفخر الرازي في "تفسيره" 9/ 64 قائلًا: (وقال المحققون: دخول اللفظ المهمل الضائع في كلام أحكم الحاكمين، غير جائز)، ثم ذكر هذا الرأي واستصوبه.
والذي دفع لهذا الرأي هو تنزيه كتاب الله من أن يكون فيه حرف زائد مهمل، لا معنى له. وهذا فيه نظر؛ لأن القائلين بزيادة (ما) ويغرها من الحروف، لا يقصدون جواز سقوطها، وأنها مهملة لا معنى لها، بل يقولون: إنها مَزيدة لمعنًى مقصود، وهو -هنا- في (ما): التوكيد؛ أسوة بسائر ألفاظ التوكيد الواردة في القرآن. وكون (ما) للاستفهام التعجبي، قد رَدَّه علماءُ النحو، من ناحية الصناعة النحوية، ومنهم: ابن هشام في "المغني" 394، وأبو حيان في "البحر المحيط" 3/ 98، والسمين الحلبي في "الدر المصون" 3/ 362.]].
وقوله تعالى: ﴿لِنْتَ لَهُمْ﴾ (لانَ، يَلِينُ، لِينًا) [[ضُبطت: (لَيْنًا) بفتح اللام، في "تهذيب اللغة" 4/ 3314 (لين)، و"تفسير الثعلبي" 3/ 136 أ، وضبطت في بقية المصادر اللغوية التالية: (لينا) بكسر اللام.]]، و (لَيَانًا) -بالفتح: إذا رَقَّ، وحَسُنَ [خُلُقُهُ] [[ما بين المعقوفين زيادة من (ج).]]، وانْقادَ [[ورد في مصادر اللغة: اللِّين: ضد الخشونة، قال الراغب: (ويستعمل ذلك في الأجسام، ثم يستعار للخُلُق وغيره من المعاني). "مفردات ألفاظ القرآن" 752 (لين). أما (اللِّيان) بكسر اللام فمصدر الملاينة، يقال: (لايَنْته مُلايَنْة)، و (لِيَانا). انظر (لين) في: "جمهرة اللغة" 2/ 989، و"الصحاح" 6/ 2198، و"المقاييس" 5/ 225، و"اللسان" 7/ 4117، و"القاموس" (1232).]].
قال الشاعر:
وإنْ هي أعطتك اللَّيانَ كأنها ... لِغَيرك مِن خُلّانِها سَتَلِينُ [[البيت، لكُثَيِّر عَزَّة وقد ورد منسوبًا له في: "زهر الآداب" 1/ 17. وليس في ديوانه، وأورده محقق ديوانه وجعله مما نُسِب له، وأحال على المصدر السابقة == انظر "ديوانه" 176.
ورواية البيت في المصدر السابق:
وإن هي أعطتك الليان فإنها ... لآخر من خلانها ستلين]] وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا﴾ الفظُّ [[من قوله: (الفظ ..) إلى (.. وأصله صبب): نقله -بتصرف- عن "معاني القرآن"، للزجاج: 1/ 483.]]: الغليظ الجانب، السَّيّءُ الخُلُق [[انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2806 (فظظ)، و"الفرق بين الحروف الخمسة" 155، و"زينة الفضلاء" للأنباري 98.]]. يقال: (فَظِظْتَ، تَفَظُّ، فَظَاظَةً، وَفِظَاظًا)، فأنت فَظٌّ [[انظر: "اللسان" 6/ 3437 (فظظ). قال الراغب: (الفظُّ: الكريه الخُلُق؛ مستعار من: (الفظِّ)؛ أي: ماء الكرش، وذلك مكروه شربه، لا يتناول إلا في أشدّ ضرورة). "مفردات ألفاظ القرآن" 640 (فظظ).]]، وأصله. (فَظِظٌ)؛ كقولك: (حَذِرٌ) [[في (أ): (حَذِرَ) بفتح الراء، وفي (ب)، (ج): مهملة من الشكل، والصواب ما أثبت.]]؛ من: (حَذِرْتَ) [[في (أ): (حَذَرت) بفتح الذال، وفي (ب)، (ج): مهملة من الشكل، والصواب ما أثبت، وهي بكسر الذال. انظر: (حذر) في: "التهذيب" 1/ 767، و"القاموس" 373.]]، و (فَرِقٌ) [[في (أ): (فَرِق) بفتح القاف. وفي (ب)، (ج): مهملة من الشكل. والصواب ما أثبت. يقال: (رجلٌ فَرقٌ): شديد الفزع. انظر: "القاموس" 917 (فرق).]]؛ مِن: (فَرِقْتَ). إلّا أنَّ ما كان مِن المضاعف على هذا الوزن، يُدْغَم؛ نحو: (رَجُلٌ صَبٌّ) [[في (أ): (صبِّ)، وفي (ب)، (ج): مهملة من الشكل. والصواب ما أثبت. يقال: (رجلٌ صبُّ): بيِّنُ الصَّبَابَة. والصبابة: رِقّة الشَّوْق. انظر: "جمهرة اللغة" 1/ 71 (صب)، و"المخصص" 4/ 61.]]. وأصله: صَبِبٌ) [[في (أ): (صبَبٌ) بفتح الباء الأولى، وفي (ب)، (ج): مهملة من الشكل، == والصواب ما أثبت.
قال سيبويه عن (صَبِّ): (زعم الخليل أنها (فَعِلٌ)؛ لأنك تقول: (صَبِبْتُ صبابة)، كما تقول: (قَنِعْتُ قَناعةً)، و"قَنِعٌ". "كتاب سيبويه" 4/ 419. وانظر: "المخصص" 4/ 61.]].
قال الكلبي [[قوله في: "تفسير الثعلبي" 3/ 136 ب.]]: ولو كنت فظًّا في القول، غليظ القَلْبِ في الفعل [[قال السمين الحلبي: (وعن الغِلْظَةِ تنشأ الفظاظة، فلم قُدِّمت؟ فقيل: قدِّم ما هو ظاهر للحسِّ، على ما هو خافٍ في القلب؛ لأنه كما تقدم أن الفظاظة: الجفوة في العشرة قولًا وفعلًا. والغِلْظُ: قساوة القلب، وهذا أحسن من قَوْلِ من جعلهما بمعنًى، وجمع بينهما). "الدر المصون" 3/ 463.]]. ﴿لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ أي: لَتَفَرَّقوا وَنَفَرُوا منك؛ كما تتطاير شظايا الشيء المتكَسِّر.
والفَضُّ: الكسر والتفريق [[انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2799 (فض)، و"الفرق بين الحروف الخمسة" 156، و"زينة الفضلاء" 98.]]. يقال: (فَضضْتَ القومَ، فانْفَضُّوا). ومنه يقال: (لا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ) [[معناه لا يكسر الله أسنانك، ويفرِّقها. والفم يقوم مقام الأسنان. وقد يقال: (لا يُفْضِ الله فاك)، ومعناه حينها: لا يجعل الله فاك فضاءً، لا أسنان فيه.
انظر: "الزاهر" 1/ 274 - 277، و"تهذيب اللغة" (فض) 3/ 2799، و"الفائق" 3/ 123، و"النهاية في غريب الحديث" 3/ 453.]].
قال الزّجاج [[في "معاني القرآن" له 1/ 482. نقله عنه بنصه.]]: المعنى: إنَّ لِينَكَ لهم، يُوجِبُ [[في "المعاني" مما يوجب.]] دخولهم في الإسلام [[في "المعاني" في الدين.]]؛ لأنك تأتيهم بالحُجَجِ والبراهين، مع لِينٍ وخُلُقٍ عظيم.
وقوله تعالى: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ﴾. أي: ما فعلوا يومَ أُحُد حتى أشفعك فيهم. وقال الكلبي: فاعف عنهم أي الشيء يكون منهم و ﴿وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾. مِنْ ذلك الذَنْب.
وقوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ يقال: (شَاوَرَ مُشَاوَرَةً)، و (شِوارا) [[في (ج): (سوارا).]]، و (مَشُورَةً) [[قال في (لسان العرب): (والمَشُورَة بضم السين (مَفْعَلة) ولا تكون (مفعولة)؛ لأنها مصدر، والمصادر لا تجيء على مثال (مفعولة)، وإن جاءت على مثال (مفعول)، وكذلك المَشْوَرَة) 4/ 2358 (شور).]]، و (مَشْوَرَةً) [[(ومَشْوَرة): ساقطة من (ج). انظر (شور) في: "تهذيب اللغة" 2/ 1803، و"اللسان" 4/ 2358.]]. و (القوم شُورى). وهي مصدرٌ، سُمِّي القومُ بها، كقوله: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ [[في (ج): (فإذا).]] [الإسراء: 47].
وقد ذَكَرْنا أمْرَ هذه الكلمة وما فيها، عند قوله: ﴿عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: 233].
قال أصحاب المعاني [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 483. ومن قوله: (قال أصحاب المعاني ..) إلى نهاية تفسير هذا المقطع: موجود في "تفسير الثعلبي" 3/ 137أ. نقله عنه بالمعنى.]]: هذه عامَّةٌ في اللفظ، خاصَّةٌ في المعنى؛ لأن المعنى: وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله [[في (ب): (من الله فيه) بدلًا من (فيه من الله).]] أَمْرٌ وَوَحْيٌ [[في (ج): (ورحى).]] وعَهْد. يدل عليه: قراءةُ ابن عباس: (وشاورهم في بعض الأمر) [[أخرج هذه القراءة عنه البخاري في "الأدب المفرد" رقم (257)؛ وابن أبي == حاتم في "تفسيره" 3/ 802، وذكرها ابن جني في "المحتسب" 1/ 175، وأبو الليث في "بحر العلوم" 1/ 311، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 137أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 489، ونسبها -كذلك- إلى ابن مسعود، وذكرها السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 160 وقال: (بسند حسن)، وزاد نسبة إخراجها إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر.]].
وقال الكلبي [[قوله في: "تفسير الثعلبي" / 137 أ.]]: إنما أُمِرَ بالمُشَاوَرَةِ معهم في لِقَاءِ العدُوِّ، والحربِ ومكايِدِها [[من قوله: (ومكايدها ..) إلى (.. خاص في العرب): ساقط من (ج).]]. فالأمر -عنده- بالمشاورة، خاصٌّ في الحرب.
وروى عَمرو بن دينار، عن ابن عباس، أنه قال [[أخرج قوله: الحاكم في "المستدرك" 3/ 70 كتاب معرفة الصحابة. وقال: (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 109 كتاب أدب القاضي. باب: (مشاورة الوالي ..)، والنحاس في "معاني القرآن" 1/ 502.]]: الذي أُمِرَ النبيُّ ﷺ، بمشاورته في هذه الآية: أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما-.
وقال قتادة [[قوله في: "تفسير الطبري" 4/ 152، و"ابن أبي حاتم" 3/ 802، و"الثعلبي" 3/ 137أ، وأورده السيوطى في "الدر" 2/ 159وزاد نسبة إخراجه إلى ابن المنذر.]]، والربيع [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 152، والمصادر السابقة.]]، ومقاتل [[قوله في: "تفسيره" 1/ 310، و"تفسير الثعلبي" 3/ 137 أ.]]: إنما أُمِرَ بالمشاورة مع استغنائه بوحي الله وجَزَالَةِ رأيه؛ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِ القوم، ورَفْعًا [[في (ب): (ورخصا).]] مِن أقدارهم؛ إذْ كانت العربُ إذا لم يُشَاوروا في الأمر، شَقَّ عليهم.
قال الشافعي ([[قوله معناه في كتاب "الأم" 5/ 19.]]: وهذا كقوله ﷺ: "والبِكْرُ تُسْتَأمَر" [[الحديث: أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (1421) كتاب النكاح. باب: (استئذان الثيب في النكاح). ونصه عنده:
(الثَّيِّبُ أحق بنفسها من وليها، والبكر تُستَأمَر، وإذنها سكوتها). وورد عنده بلفظ: "الأيِّم أحق .. والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صُمَاتُها).
وأخرجه الشافعي بلفظ (تستأمر) في "الأم" 7/ 165، وبلفظ (تستأذن) في "الأم" 2/ 19، وأخرجه أحمد في "المسند" 1/ 219، وانظر: "الدراية" لابن حجر 2/ 59، 61، 62.]]، ولو أكرهها [[في (ب): أكرمها.]] الأبُ على النِّكاح، جَازَ، لكنَّها تُسْتَأمر؛ تطييبا لِنَفْسِها.
وقال الحَسَنُ [[قوله في: كتاب "الأم" للشافعي 7/ 100، و"أحكام القرآن" له 2/ 119، و"تفسير ابن أبي حاتم" 632، و"معاني القرآن" للنحاس 502، و"سنن البيهقي" 10/ 109، كتاب "آداب القاضي"، و"زاد المسير" 1/ 488. وأورده السيوطي في: "الدر" 2/ 159 وزاد نسبة إخراجه إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر.]]، وسُفْيانُ بن عُيَيْنَة [[قوله، في: "تفسير الطبري" 4/ 153، و"زاد المسير" 1/ 488.]]: إنما ذلك؛ لِيَقْتَدِيَ به غيرُهُ في المُشَاوَرَةِ، ويَصِير سُنَّة.
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ﴾؛ أي: على ما تريد إمضاءَهُ [[في (أ)، (ب)، (ج): إمضاؤه. وما أثبت هو الصواب.]].
﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾، لا على المشاورة. ومعنى التَّوَكُّلِ: تفويضُ الأَمْرِ إلى الله؛ لِلثِّقَةِ بِحُسْنِ تدبيره.
{"ayah":"فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق