الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ﴾ بَاسِطَاتٍ أَجْنِحَتَهُنَّ بِالْهَوَاءِ. قِيلَ خَصَّ الطَّيْرَ بِالذِّكْرِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَتَكُونُ خَارِجَةً عَنْ حُكْمِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: الصَّلَاةُ لِبَنِي آدَمَ، وَالتَّسْبِيحُ لِسَائِرِ الْخَلْقِ. وَقِيلَ: إِنَّ ضَرْبَ الْأَجْنِحَةِ صَلَاةُ الطَّيْرِ وَصَوْتَهُ تَسْبِيحُهُ. قَوْلُهُ: ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ﴾ أَيْ: كُلُّ مُصَلٍّ وَمُسَبِّحٍ عَلِمَ اللَّهُ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كُلُّ مُصَلٍّ وَمُسَبِّحٍ مِنْهُمْ قَدْ عَلِمَ صَلَاةَ نَفْسِهِ وَتَسْبِيحَهُ، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ . ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ . ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي﴾ يَعْنِي: يَسُوقُ بِأَمْرِهِ، ﴿سَحَابًا﴾ إِلَى حَيْثُ يُرِيدُ، ﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ أي: بجمع بَيْنَ قِطَعِ السَّحَابِ الْمُتَفَرِّقَةِ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا﴾ مُتَرَاكِمًا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ﴾ يَعْنِي الْمَطَرَ، ﴿يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾ وَسَطِهِ وَهُوَ جَمْعُ الْخَلَلِ، كَالْجِبَالِ جَمْعِ الْجَبَلِ. ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ يَعْنِي: يُنَزِّلُ الْبَرَدَ، وَ"مِنْ" صِلَةٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ، أَيْ: مِقْدَارَ جِبَالٍ فِي الْكَثْرَةِ مِنَ الْبَرَدِ، وَ"مِنْ" فِي قَوْلِهِ "مِنْ جِبَالٍ" صِلَةٌ، أَيْ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ جِبَالًا مِنْ بَرَدٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَيُنَزِّلُ مِنْ جِبَالٍ فِي السَّمَاءِ تِلْكَ الْجِبَالُ مِنْ بَرَدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ فِي السَّمَاءِ جِبَالًا مِنْ بَرَدٍ، وَمَفْعُولُ الْإِنْزَالِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا بَرَدٌ، فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ. قَالَ أَهْلُ النَّحْوِ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿مِنْ﴾ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَوْلُهُ "مِنَ السَّمَاءِ" لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِنْزَالِ مِنَ السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿مِنْ جِبَالٍ﴾ لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ مَا يُنْزِلُهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضُ تِلْكَ الْجِبَالِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مِنْ بَرَدٍ﴾ لِلتَّجْنِيسِ لِأَنَّ تِلْكَ الْجِبَالَ مَنْ جِنْسِ الْبَرَدِ. ﴿فَيُصِيبُ بِهِ﴾ يَعْنِي بِالْبَرَدِ ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ فَيُهْلِكُ زُرُوعَهُ وَأَمْوَالَهُ، ﴿وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ﴾ فَلَا يَضُرُّهُ، ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ﴾ يَعْنِي ضَوْءَ بَرْقِ السَّحَابِ، ﴿يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ﴾ شِدَّةُ ضَوْئِهِ وَبَرِيقِهِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: "يُذْهِبُ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب