الباحث القرآني
وقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ هاتان الآيتان اعتراض أثناء وصية لقمان ووَهْناً عَلى وَهْنٍ معناه ضعفاً على ضعف، كأنه قال: حملته أمه، والضَّعْفُ يتزيد بعد الضَّعْفِ إلى أن ينقضي أمده.
وقال ص: وَهْناً عَلى وَهْنٍ حالٌ من أمه أي شدة بعد شدة، أَوْ جَهْداً على جَهْدِ، وقيل وَهْناً نطفةٌ، ثم علقةٌ، فيكونُ حالاً من الضمير المنصوب في جملته.
انتهى.
وقوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ. 68 أقال سفيان بن عُيَيْنَةَ: من صلى الصلواتِ الخمسَ فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في إدبار الصلوات فقد شكرهما.
وقوله سبحانه: وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ... الآية رُوِي أنَّ هاتين الآيتين نزلتا في شأن سَعْدِ بن أبي وقاص وأمه حَمْنَة بنْتِ أبي سفيانَ، على ما تقدم بيانُه، وجملةُ هذا البابِ أن طاعةَ الأبوين لا تُراعى في ركوب كبيرةٍ، ولا في ترك فريضةٍ على الأعيان، وتلزم طاعتُهما في المباحاتِ وتستحسن في ترك الطاعات الندب.
وقوله سبحانه: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ وصيةٌ لجميع العالم. وهذه سبيل الأنبياء والصالحين.
وقوله تعالى- حاكياً عن لقمان يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ ... الآية: ذكرَ كثيرٌ من المفسرين: إنه أراد مثقال حبة من أعمال المعاصي والطاعات، وبهذا المعنى يتحصل في الموعظة ترجيةٌ وتَخْويفٌ منضاف إلى تَبْيِينِ قدرة الله تعالى.
وقوله: وَاصْبِرْ عَلى مَآ أَصابَكَ يَقْتَضِي حضاً على تغيير المنكر وإن نال ضرراً، فهو إشعارٌ بأن المغيِّر يؤذي أحياناً.
وقوله: إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ يحتمل أن يُرِيْدَ مما عزمه اللهُ وأمَرَ بهِ، قاله ابن جريج [[أخرجه الطبريّ (10/ 214) رقم (28108) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 351) ، والسيوطي (5/ 320) بنحوه، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج.]] : ويحتمل أن يريدَ أنَّ ذلك من مكارم الأخلاق، وعزائم أهل الحزم السالكينَ طريقَ النجاةِ قاله جماعة. والصَّعَرُ: الميل، فمعنى الآية: ولا تُمِلْ خَدَّك للناس كِبْراً عليهم وإعجاباً واحتقاراً لهم قاله ابن عباس [[أخرجه الطبريّ (10/ 214- 215) رقم (28109) ، (28110) بنحوه، وذكره البغوي (3/ 492) ، وابن عطية (4/ 351) ، والسيوطي (5/ 320) بنحوه، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.]] وجماعة. وعبارة البخاري: ولا تصاعر، أي: لا تعرض، والتَّصَاعُر: الإعْرَاضُ بالوجه انتهى. والمَرَحُ: النَّشَاط، والمشي مَرَحَا:
هو في غير شُغْل، ولغير حاجة، وأهل هذه الخُلُقِ ملازمون للفخر والخُيَلاَءِ، فالمَرِحُ مختالُ في مَشيه، وقد ورد من صحيح الأحاديث في جميع ذلك وعيدٌ شديدٌ يطول بنا سرده.
قال عيَاضٌ: كان أبو إسحاقَ الجبنياني قَلَّ ما يتركُ ثَلاَثَ كَلِماتٍ وفيهن الخيرُ كلُّه:
اتَّبِعْ وَلاَ تَبْتَدِعْ، اتضع وَلاَ تَرْتَفِعْ، مَنْ وَرِعَ لا يَتَّسِعْ، انتهى. وغضُّ الصوتِ أوقرُ للمتكلم وأبسطُ لنفس السامع وفهمِه، ثم عَارَضَ ممثلاً بصوت الحَمِير على جهة التشبيه، أي: تلك هي التي بَعُدت عن الغَض فهِي أنكَرُ الأصوات، فكذلك ما بعُد عن الغَضِّ من أصوات البشر فهو في طريقِ تلك، وفي الحديث: «إذَا سِمِعْتُمْ نَهِيقَ الحَمِيرِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإنَّهَا رَأَتْ شَيْطاناً» .
وقال سفيانُ الثوري: صياح كل شيءٍ تسبيحٌ إلا صياحُ الحمير.
ت: ولفظ الحديث عن أبي هريرة قال: رسول الله ﷺ: «إذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فاسألوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإنَّهَا رَأَتْ مَلَكاً، وَإذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَأَنَّهُ رأى شَيْطَاناً» [[أخرجه البخاري (6/ 403) كتاب بدء الخلق: باب وبث فيها من كل دابة، حديث (3303) ، ومسلم (4/ 2092) كتاب الذكر والدعاء: باب استحباب الدعاء عند صياح الديك، حديث (82/ 2729) ، وأبو داود (2/ 748) كتاب الأدب: باب ما جاء في الديك والبهائم، حديث (5102) ، والترمذيّ (5/ 508) كتاب الدعوات: باب ما يقول إذا سمع نهيق الحمار، حديث (3459) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» رقم (943، 944) ، وأحمد (2/ 321) ، وابن أبي شيبة (10/ 420) ، وابن حبان (3/ 285- 286) رقم (1005) ، والبغوي في «شرح السنة» (3/ 126- بتحقيقنا) كلهم من طريق الأعرج عن أبي هريرة به.
وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح.]] ، رواه الجماعَة إلا ابن ماجَهْ. وفي لفظ النسائي: «إذَا سَمِعْتُمْ الدِّيَكَةَ تَصِيحُ بِاللَّيْلِ» ، وعن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «إذَا سَمِعْتُمْ نِبَاحَ الْكِلاَبِ وَنَهِيقَ الْحمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَإنَّهَا ترى مَا لاَ تَرَوْنَ، وَأَقِلُّوا الخُرُوجَ إذَا جَدَّتْ فَإنَّ اللهَ يَبُثُّ في لَيْلِهِ مِنْ خلقه ما يشاء» [[أخرجه أبو داود (2/ 748- 749) كتاب الأدب: باب نهيق الحمار ونباح الكلاب، حديث (5103) ، وأحمد (3/ 306) ، والحاكم (4/ 284) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (1234) ، وأبو يعلى (4/ 155) رقم (2221) ، وابن حبان (1996- موارد) ، وابن خزيمة (2559) من حديث جابر.]] . رواه أبو داود والنسائي والحاكم في «المستدرك» . واللفظ له، وقال: صحيحٌ على شرط مُسْلِمٍ انتهى من «السلاح» .
68 ب/ وقوله تعالى: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً.
قال المُحَاسبيُّ- رحمه الله- الظاهرة: نعم الدنيا، والباطنةُ: نعم العقبى. والظاهر عندي التعميمُ. ثم وقف تعالى الكفَرَة على اتِّبَاعهِم دين آبائِهم أيكون وهم بحال من يصير إلى عذاب السعير، فكأنّ القائل منهم يقول: هم يتبعون دين آبائهم ولو كان مصيرهم إلى السعير، فدخلت ألف التوقيف على حرف العطف كما كان اتّساقُ الكلام فيه فتأملْه.
{"ayahs_start":14,"ayahs":["وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیۡكَ إِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ","وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ","یَـٰبُنَیَّ إِنَّهَاۤ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِی صَخۡرَةٍ أَوۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ أَوۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرࣱ","یَـٰبُنَیَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَاۤ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَ ٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ","وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالࣲ فَخُورࣲ","وَٱقۡصِدۡ فِی مَشۡیِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَ ٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِیرِ","أَلَمۡ تَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَیۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَـٰهِرَةࣰ وَبَاطِنَةࣰۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُجَـٰدِلُ فِی ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَلَا هُدࣰى وَلَا كِتَـٰبࣲ مُّنِیرࣲ","وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَیۡهِ ءَابَاۤءَنَاۤۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ"],"ayah":"وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق