الباحث القرآني
(p-٣١٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَوَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ﴾ قالَ مُقاتِلٌ: نَزَلَتْ في سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، وقَدْ شَرَحْنا ذَلِكَ في (العَنْكَبُوتِ: ٨)
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْنًا عَلى وهْنٍ﴾ وقَرَأ الضَّحّاكُ، وعاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ: " وهَنًا عَلى وهَنٍ " بِفَتْحِ الهاءِ فِيهِما. قالَ الزَّجّاجُ: أيْ: ضَعْفًا عَلى ضَعْفٍ. والمَعْنى: لَزِمَها بِحَمْلِها إيّاهُ أنْ تَضْعُفَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. ومَوْضِعُ " أنْ " نَصْبٌّ بِـ " وصَّيْنا "؛ المَعْنى: ووَصَّيْنا الإنْسانَ أنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ، أيْ: وصَّيْناهُ بِشُكْرِنا وشُكْرِ والِدَيْهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَفِصالُهُ في عامَيْنِ﴾ أيْ: فِطامُهُ يَقَعُ في انْقِضاءِ عامَيْنِ. وقَرَأ إبْراهِيمُ النَّخَعِيُّ، وأبُو عِمْرانَ، والأعْمَشُ: " وفَصالُهُ " بِفَتْحِ الفاءِ. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، والحَسَنُ، وأبُو رَجاءٍ، وطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وعاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ، وقَتادَةُ؛ " وفَصْلُهُ " بِفَتْحِ الفاءِ وسُكُونِ الصّادِ مِن غَيْرِ ألِفٍ. والمُرادُ: التَّنْبِيهُ عَلى مَشَقَّةِ الوالِدَةِ بِالرَّضاعِ بَعْدَ الحَمْلِ.
(p-٣٢٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ جاهَداكَ﴾ قَدْ فَسَّرْنا ذَلِكَ في سُورَةِ (العَنْكَبُوتِ: ٨) إلى قَوْلِهِ: ﴿وَصاحِبْهُما في الدُّنْيا مَعْرُوفًا﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أيْ: مُصاحَبًا مَعْرُوفًا، تَقُولُ صاحَبَهُ مُصاحَبًا ومُصاحَبَةً؛ والمَعْرُوفَ: ما يُسْتَحْسَنُ مِنَ الأفْعالِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واتَّبِعْ سَبِيلَ مَن أنابَ إلَيَّ﴾ أيْ: مَن رَجَعَ إلَيَّ؛ وأهْلُ التَّفْسِيرِ يَقُولُونَ: هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ في سَعْدٍ، وهو المُخاطَبُ بِها.
وَفِي المُرادِ بِمَن أنابَ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، قِيلَ لِسَعْدٍ: اتَّبِعْ سَبِيلَهُ في الإيمانِ، هَذا مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ في رِوايَةِ عَطاءٍ. وقالَ ابْنُ إسْحاقَ: أسْلَمَ عَلى يَدَيْ أبِي بَكْرٍ [الصِّدِّيقِ]: عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ، وطَلْحَةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
والثّانِي: أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ.
والثّالِثُ: مَن سَلَكَ طَرِيقَ مُحَمَّدٍ وأصْحابِهِ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ.
ثُمَّ رَجَعَ إلى الخَبَرِ عَنْ لُقْمانَ فَقالَ: ﴿يا بُنَيَّ﴾ . وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وجْهُ اعْتِراضِ هَذِهِ الآياتِ بَيْنَ الخَبَرَيْنِ عَنْ وصِيَّةِ لُقْمانَ أنَّ هَذا مِمّا أوْصى بِهِ لُقْمانُ ابْنَهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّها إنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ﴾ وقَرَأ نافِعٌ وحْدَهُ: " مِثْقالُ حَبَّةٍ " بِرَفْعِ اللّامِ.
(p-٣٢١)وَفِي سَبَبِ قَوْلِ لُقْمانَ لِابْنِهِ هَذا قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّ ابْنَ لُقْمانَ قالَ لِأبِيهِ: أرَأيْتَ لَوْ كانَتْ حَبَّةٌ في قَعْرِ البَحْرِ أكانَ اللَّهُ يَعْلَمُها؟ فَأجابَهُ بِهَذِهِ الآيَةِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
والثّانِي: أنَّهُ قالَ: يا أبَتِ إنْ عَمِلْتُ الخَطِيئَةَ حَيْثُ لا يَرانِي أحَدٌ، كَيْفَ يَعْلَمُها اللَّهُ؟ فَأجابَهُ بِهَذا، قالَهُ مُقاتِلٌ.
قالَ الزَّجّاجُ: مَن قَرَأ بِرَفْعِ المِثْقالِ مَعَ تَأْنِيثِ " تَكُ " فَلِأنَّ ﴿مِثْقالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ﴾ راجِعٌ إلى مَعْنى: خَرْدَلَةٍ، فَهي بِمَنزِلَةِ: إنْ تَكُ حَبَّةٌ مِن خَرْدَلٍ؛ ومَن قَرَأ: " مِثْقالَ حَبَّةٍ " فَعَلى مَعْنى: إنَّ الَّتِي سَألَتْنِي عَنْها إنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ، وعَلى مَعْنى: إنَّ فَعْلَةَ الإنْسانِ وإنْ صَغُرَتْ يَأْتِ بِها اللَّهُ. وقَدْ بَيَّنّا مَعْنى ﴿مِثْقالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ﴾ في (الأنْبِياءِ: ٤٧) .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ﴾ قالَ قَتادَةُ: في جَبَلٍ. وقالَ السُّدِّيُّ: هي الصَّخْرَةُ الَّتِي تَحْتَ الأرْضِ السّابِعَةِ، لَيْسَتْ في السَّمَواتِ ولا في الأرْضِ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يَأْتِ بِها اللَّهُ﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: يَعْلَمُها اللَّهُ، قالَهُ أبُو مالِكٍ. والثّانِي: يُظْهِرُها، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. والثّالِثُ: يَأْتِ بِها اللَّهُ في الآخِرَةِ لِلْجَزاءِ عَلَيْها.
(p-٣٢٢)﴿إنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: لَطِيفٌ بِاسْتِخْراجِها ﴿خَبِيرٌ﴾ بِمَكانِها. وهَذا مَثَلٌ لِأعْمالِ العِبادِ، والمُرادُ أنَّ اللَّهَ تَعالى يَأْتِي بِأعْمالِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ، مَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واصْبِرْ عَلى ما أصابَكَ﴾ أيْ: في الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ مِنَ الأذى. وباقِي الآيَةِ مُفَسَّرٌ في (آلِ عِمْرانَ: ١٨٦) .
{"ayahs_start":14,"ayahs":["وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیۡكَ إِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ","وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ","یَـٰبُنَیَّ إِنَّهَاۤ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِی صَخۡرَةٍ أَوۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ أَوۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرࣱ","یَـٰبُنَیَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَاۤ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَ ٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ"],"ayah":"وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق