الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ﴾ أيْ واذْكُرْ يا مُحَمَّدُ مَقالَةَ لُقْمانَ لِابْنِهِ، وفي اسْمِ ابْنِهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: مُشْكِمُ، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
الثّانِي: أنْعَمُ، حَكاهُ النَّقّاشُ.
الثّالِثُ: بابانُ.
﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ أيْ يُذَكِّرُهُ ويُؤَدِّبُهُ.
﴿يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ يَعْنِي عِنْدَ اللَّهِ، وسَمّاهُ ظُلْمًا لِأنَّهُ قَدْ ظَلَمَ بِهِ نَفْسَهُ، وقِيلَ إنَّهُ قالَ ذَلِكَ لِابْنِهِ وكانَ مُشْرِكًا، وقَوْلُهُ ﴿يا بُنَيَّ﴾ لَيْسَ هو حَقِيقَةَ (p-٣٣٤)التَّصْغِيرِ وإنْ كانَ عَلى لَفْظِهِ وإنَّما هو عَلى وجْهِ التَّرْقِيقِ كَما يُقالُ لِلرَّجُلِ يا أُخَيَّ.
وَلِلصَّبِيِّ هو كُوَيِّسٌ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَوَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ﴾ يَعْنِي بِرًّا وتَحَنُّنًا عَلَيْهِما.
وَفِيهِما قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها عامَّةٌ وإنْ جاءَتْ بِلَفْظٍ خاصٍّ والمُرادُ بِهِ جَمِيعُ النّاسِ، قالَهُ ابْنُ كامِلٍ.
الثّانِي: خاصٌّ في سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ وُصِّيَ بِأبَوَيْهِ; واسْمُ أبِيهِ مالِكٌ واسْمُ أُمِّهِ حَمْنَةُ بِنْتُ أبِي سُفْيانَ بْنِ أُمَيَّةَ، حَكاهُ النَّقّاشُ.
﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْنًا عَلى وهْنٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مَعْناهُ شِدَّةً عَلى شِدَّةٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: جَهْدًا عَلى جَهْدٍ.
قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: ضَعْفًا عَلى ضِعْفٍ، قالَهُ الحَسَنُ وعَطاءٌ.
وَمِن قَوْلِ قَعْنَبٍ ابْنِ أُمِّ صاحِبٍ:
؎ هَلْ لِلْعَواذِلِ مِن ناهٍ فَيَزْجُرُها إنَّ العَواذِلَ فِيها الأيْنُ والوَهَنُ
يَعْنِي الضَّعْفَ.
ثُمَّ فِيهِ عَلى هَذا التَّأْوِيلِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: ضَعْفُ الوَلَدِ عَلى ضَعْفِ الوالِدَةِ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّانِي: ضَعْفُ نُطْفَةِ الأبِ عَلى نُطْفَةِ الأُمِّ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
الثّالِثُ: ضَعْفُ الوَلَدِ حالًا بَعْدَ حالٍ فَضَعْفُهُ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْمًا سَوِيًّا ثُمَّ مَوْلُودًا ثُمَّ رَضِيعًا ثُمَّ فَطِيمًا، قالَهُ أبُو كامِلٍ.
وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: ضَعْفُ الجِسْمِ عَلى ضَعْفِ العَزْمِ.
﴿وَفِصالُهُ في عامَيْنِ﴾ يَعْنِي بِالفِصالِ الفِطامَ مِن رِضاعِ اللَّبَنِ.
واخْتُلِفَ في حُكْمِ الرِّضاعِ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ هَلْ يَكُونُ في التَّحْرِيمِ كَحُكْمِهِ في الحَوْلَيْنِ عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ:
(p-٣٣٥)أحَدُهُما: أنَّهُ لا يُحَرِّمُ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ ولَوْ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ لِتَقْدِيرِ اللَّهِ لَهُ بِالحَوْلَيْنِ ولِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: « (لا رَضاعَةَ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ)» وهَذا قَوْلُ الشّافِعِيِّ.
الثّانِي: أنَّهُ يُحَرِّمُ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ بِأيّامٍ، وهَذا قَوْلُ مالِكٍ.
الثّالِثُ: يُحَرِّمُ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ بِسِتَّةِ أشْهُرٍ اسْتِكْمالًا لِثَلاثِينَ شَهْرًا لِقَوْلِهِ: ﴿وَحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحْقافِ: ١٥] قالَهُ أبُو حَنِيفَةَ.
الرّابِعُ: أنَّ تَحْرِيمَهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وأنَّهُ يُحَرِّمُ في الكَبِيرِ كَتَحْرِيمِهِ في الصَّغِيرِ، وهَذا قَوْلُ بَعْضِ أهْلِ المَدِينَةِ.
﴿أنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ﴾ أيِ اشْكُرْ لِي النِّعْمَةَ ولِوالِدَيْكَ التَّرْبِيَةَ.
وَشُكْرُ اللَّهِ بِالحَمْدِ والطّاعَةِ وشُكْرُ الوالِدَيْنِ بِالبِرِّ والصِّلَةِ، قالَ قَتادَةُ: إنَّ اللَّهَ فَرَّقَ بَيْنَ حَقِّهِ وحَقِّ الوالِدَيْنِ وقالَ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ.
﴿إلَيَّ المَصِيرُ﴾ يَعْنِي إلى اللَّهِ المَرْجِعُ فَيُجازِي المُحْسِنَ بِالجَنَّةِ والمُسِيءَ بِالنّارِ.
وَقَدْ (p-٣٣٦)رَوى عَطاءٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (رِضا الرَّبِّ مِن رِضا الوالِدِ وسَخَطُ الرَّبِّ مِن سَخَطِ الوالِدِ)» .
(p-٣٣٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ جاهَداكَ﴾ يَعْنِي أراداكَ.
﴿عَلى أنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ مَعْناهُ أنَّكَ لا تَعْلَمُ أنَّ لِي شَرِيكًا.
﴿فَلا تُطِعْهُما﴾ يَعْنِي في الشِّرْكِ.
﴿وَصاحِبْهُما في الدُّنْيا مَعْرُوفًا﴾ أيِ احْتِسابًا.
قالَ قَتادَةُ: تَعُودُهُما إذا مَرِضا وتُشَيِّعُهُما إذا ماتا، وتُواسِيهِما مِمّا أعْطاكَ اللَّهُ تَعالى.
﴿واتَّبِعْ سَبِيلَ مَن أنابَ إلَيَّ﴾ قالَ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ: مَن أقْبَلَ بِقَلْبِهِ مُخْلِصًا وهو النَّبِيُّ ﷺ والمُؤْمِنُونَ.
رَوى مُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ ألّا تَأْكُلَ ولا تَشْرَبَ حَتّى يَتَحَوَّلَ سَعْدٌ عَنْ دِينِهِ، فَأبى عَلَيْها فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتّى غُشِيَ عَلَيْها ثُمَّ دَعَتِ اللَّهَ عَلَيْهِ فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ هَذِهِ الآيَةَ.
{"ayahs_start":13,"ayahs":["وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَـٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ یَعِظُهُۥ یَـٰبُنَیَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ","وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیۡكَ إِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ","وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق