الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ إِخبار يُرَادُ به العِبْرة وإِنما هي قاعدةٌ بني المثل عليها، والمَثَل هو أن المفضَّلين لا يصحُّ منهم أن يساهموا مماليكهم فيما أُعْطُوا حتى تستوي أحوالُهم، فإِذا كان هذا في البَشَر، فكيف تنسبون أيها الكَفَرةُ إلى اللَّه أنَّه يسمح بأنْ يشرك في الألوهيَّة الأوثانَ والأصْنَامَ وغيرها ممَّا عُبدَ مِنْ دونه، وهم خَلْقُه ومِلْكُه، هذا تأويلُ الطبريِّ، وحكاه عن ابن عباس [[أخرجه الطبري (7/ 615- 616) برقم: (21757) ، وذكره ابن كثير (2/ 576) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 232- 233) ، وعزاه لابن أبي حاتم.]] قال المفسِّرون: هذه الآية كقوله تعالى: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي مَا رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ ... الآية [الروم: 28] ثم وقفهم سبحانه على جَحْدهم بنعمته في تنبيهه لهم على مِثْلِ هذا مِنْ مواضِع النظرِ المؤدِّية إلى الإِيمان. وقوله سبحانهُ: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً هذه أيضاً آيةُ تعديدِ نِعَم، «والأزواجُ» هنا: الزوجاتُ، وقوله: مِنْ أَنْفُسِكُمْ: يحتملُ أن يريد خِلْقَةَ حوَّاء من نَفْس آدم، وهذا قول قتادة [[أخرجه الطبري (7/ 616) برقم: (21762) ، وذكره ابن عطية (3/ 408) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 233) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] والأَظهَرُ عندي أنْ يريد بقوله مِنْ أَنْفُسِكُمْ، أي: مِنْ نوعكم كقوله: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة: 128] ، وال حَفَدَةً: قال ابن عباس: هم أولاد البنين [[أخرجه الطبري (7/ 619) برقم: (21797- 21798) ، وذكره البغوي (3/ 77) ، وذكره ابن عطية (3/ 408) ، وابن كثير (2/ 577) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 233) ، وعزاه لابن أبي حاتم.]] وقال الحسن: هم بَنُوكَ وبَنُوَ بَنِيكَ [[أخرجه الطبري (7/ 618) برقم: (21783) ، وذكره ابن عطية (3/ 408) ، وابن كثير (2/ 577) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 234) ، وعزاه لابن جرير.]] ، / وقال مجاهد: ال حَفَدَةً الأنصار والأَعْوان [[أخرجه الطبري (7/ 618) برقم: (21787) ، وذكره البغوي (3/ 77) ، وابن عطية (3/ 408) ، وابن كثير (2/ 577) .]] وقيل غير هذا، ولا خلاف أنَّ معنى «الحفْدَ» الخِدْمَةِ والبِرُّ والمشْيُ مسرعاً في الطاعة ومنه في القنوت: «وإِلَيْكَ نَسْعَى ونحْفِدُ» ، والحَفَدَانُ أيضاً: خَبَبٌ فوق المَشْي. وقوله سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ... الآية: أي: لا تمثّلوا للَّه الأمثَال، وهو مأخوذٌ من قولك: هذا ضَرِيبُ هَذَا، أي: مثيله، والضّرب: النّوع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب