يُبَيِّنُ تَعَالَى لِلْمُشْرِكِينَ جَهْلَهُمْ وَكُفْرَهُمْ فِيمَا زَعَمُوهُ [[في ت، ف: "يزعمون".]] لِلَّهِ مِنَ الشُّرَكَاءِ، وَهُمْ يَعْتَرِفُونَ [[في ت، ف، أ: "يعرفون".]] أَنَّهَا عَبِيدٌ لَهُ، كَمَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَاتِهِمْ فِي حَجِّهِمْ: "لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ". فَقَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ: إِنَّكُمْ [[في ت، ف، أ: "أنتم".]] لَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُسَاوُوا عَبِيدَكُمْ فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ، فَكَيْفَ يَرْضَى هُوَ تَعَالَى بِمُسَاوَاةِ عَبِيدِهِ لَهُ فِي الْإِلَهِيَّةِ وَالتَّعْظِيمِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [[في ت: "فيما".]] الآية [الروم: ٢٨] .
قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَقُولُ: لَمْ يَكُونُوا لِيُشْرِكُوا عَبِيدَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَكَيْفَ يُشْرِكُونَ عَبِيدِي مَعِي فِي سُلْطَانِي، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، عَنْهُ: فَكَيْفَ تَرْضَوْنَ لِي مالا تَرْضَوْنَ [[في ت: "ترضوه".]] لِأَنْفُسِكُمْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هذا مثل الآلهة الْبَاطِلَةِ [[في ت، ف، أ: "الباطل".]] .
وَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ، فَهَلْ مِنْكُمْ مَنْ أَحَدٍ شَارَكَ [[في ف: "يشارك".]] مَمْلُوكَهُ فِي زَوْجَتِهِ وَفِي فِرَاشِهِ، فَتَعْدِلُونَ بِاللَّهِ خَلْقَهُ وَعِبَادَهُ؟ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ لِنَفْسِكَ هَذَا، فَاللَّهُ [[في ف: "فإن الله".]] أَحَقُّ أَنْ يُنَزَّهَ مِنْكَ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ أَيْ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا، فَجَحَدُوا نَعَمْتَهُ [[في ف، أ: "بنعمة الله".]] وَأَشْرَكُوا مَعَهُ غَيْرَهُ.
وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَذِهِ الرِّسَالَةَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: وَاقْنَعْ بِرِزْقِكَ مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الرَّحْمَنَ فَضَّل بَعْضَ عِبَادِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ، بَلْ [[في ت، ف، أ: "بلاء".]] يَبْتَلِي بِهِ كُلًّا فَيَبْتَلِي مَنْ بَسَط لَهُ، كَيْفَ شُكره لِلَّهِ وَأَدَاؤُهُ الْحَقَّ الَّذِي افْتَرَضَ عَلَيْهِ فِيمَا رَزَقَهُ وَخَوَّلَهُ؟ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
{"ayah":"وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ فِی ٱلرِّزۡقِۚ فَمَا ٱلَّذِینَ فُضِّلُوا۟ بِرَاۤدِّی رِزۡقِهِمۡ عَلَىٰ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ فَهُمۡ فِیهِ سَوَاۤءٌۚ أَفَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ یَجۡحَدُونَ"}