الباحث القرآني
ولَمّا ذَكَرَ المُفاوَتَةَ في الأعْمارِ؛ المُنادِيَةِ بِإبْطالِ الطَّبائِعِ؛ المُوجِبَةِ لِلْمُسابَقَةِ إلى الِاعْتِبارِ لِأُولِي الأبْصارِ؛ لِلْخَوْفِ كُلَّ لَحْظَةٍ مِن مُصِيبَةِ المَوْتِ؛ ثَنّى بِالمُفاوَتَةِ في الأرْزاقِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿واللَّهُ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ؛ (p-٢٠٧)﴿فَضَّلَ بَعْضَكُمْ﴾؛ أيُّها النّاسُ؛ ﴿عَلى بَعْضٍ﴾؛ ولَمّا كانَتْ وُجُوهُ التَّفْضِيلِ كَثِيرَةً؛ وكانَ التَّفْضِيلُ في المَعاشِ؛ الَّذِي يَظُنُّ الإنْسانُ أنَّ لَهُ قُدْرَةً عَلى تَحْصِيلِهِ؛ وكانَتِ المُفاوَتَةُ فِيهِ أدَلَّ عَلى تَمامِ القُدْرَةِ؛ والفِعْلِ بِالِاخْتِيارِ؛ الَّذِي السِّياقُ لَهُ؛ قالَ (تَعالى): ﴿فِي الرِّزْقِ﴾؛ أيْ: ولَرُبَّما جَعَلَ الضَّعِيفَ العاجِزَ الجاهِلَ أغْنى مِنَ القَوِيِّ المُحْتالِ العالِمِ؛ فاتَّقُوا اللَّهَ؛ وأجْمِلُوا في الطَّلَبِ؛ وأقْبِلُوا بِجَمِيعِ قُلُوبِكم عَلى ما يَنْفَعُكم مِنَ الِاسْتِبْصارِ؛ قالَ الإمامُ أبُو نُعَيْمٍ؛ في الحِلْيَةِ: حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ أحْمَدَ ثَنا أحْمَدُ ثَنا أحْمَدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو الخَلّالُ قالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أبِي عُمَرَ يَقُولُ: كُنّا عِنْدَ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَذَكَرُوا الفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ ودَهاءَهُ؛ فَأنْشَأ سُفْيانُ يَقُولُ:
؎كَمْ مِن قَوِيٍّ قَوِيٌّ في تَقَلُّبِهِ ∗∗∗ مُهَذَّبُ الرَّأْيِ عَنْهُ الرِّزْقُ مُنْحَرِفُ
؎ومِن ضَعِيفٍ ضَعِيفُ العَقْلِ مُخْتَلِطٌ ∗∗∗ ∗∗∗ كَأنَّهُ مِن خَلِيجِ البَحْرِ يَغْتَرِفُ
وعَنْ نَوادِرِ أبِي عَلِيٍّ القالِيِّ أنَّهُ قالَ: قالَ أبُو بَكْرِ بْنُ الأنْبارِيِّ: وحَدَّثَنِي (p-٢٠٨)أبِي قالَ: بَعَثَ سُلَيْمانُ المُهَلَّبِيُّ إلى الخَلِيلِ بْنِ أحْمَدَ بِمِائَةِ ألْفِ دِرْهَمٍ؛ وطالَبَهُ بِصُحْبَتِهِ؛ فَرَدَّ عَلَيْهِ المِائَةَ ألْفٍ؛ وكَتَبَ إلَيْهِ هَذِهِ الأبْياتَ:
؎أبْلِغْ سُلَيْمانَ أنِّي عَنْهُ في سَعَةٍ ∗∗∗ وفي غِنًى غَيْرَ أنِّي لَسْتُ ذا مالِ
؎سَخّى بِنَفْسِيَ أنِّي لا أرى أحَدًا ∗∗∗ يَمُوتُ هُزْلًا ولا يَبْقى عَلى حالِ
؎فالرِّزْقُ عَنْ قَدَرٍ لا العَجْزُ يَنْقُصُهُ ∗∗∗ ولا يَزِيدُكَ فِيهِ حَوْلُ مُحْتالِ
؎والفَقْرُ في النَّفْسِ لا في المالِ تَعْرِفُهُ ∗∗∗ ومِثْلُ ذاكَ الغِنى في النَّفْسِ لا المالِ
ولَمّا كانَ جَعْلُ المَمْلُوكِ في رُتْبَةِ المالِكِ مِمّا يَتَعاظَمُهم في حُقُوقِهِمْ؛ مَعَ أنَّهُ في الحَقِيقَةِ لا مِلْكَ؛ ولا مُلْكَ؛ فَلا يَدِينُونَ لِذَلِكَ؛ ولا يُدانُونَهُ؛ وإنْ جَلَّ الخَطْبُ؛ وأدّى إلى ذَهابِ الأرْواحِ؛ بَلْ مَن كانَتْ أُمُّهُ مَمْلُوكَةً حَطُّوا رُتْبَتَهُ؛ وإنْ كانَ أبُوهُ مَن كانَ؛ وإنْ كانَتِ العِبْرَةُ عِنْدَهم في (p-٢٠٩)النِّسَبِ بِالأبِ؛ وهَذا هو الَّذِي أحْوَجَ عَنْتَرَةَ إلى قَوْلِهِ:
؎إنِّي امْرُؤٌ مِن خَيْرِ عَبْسٍ مَنصِبًا ∗∗∗ شَطْرِي وأحْمِي سائِرِي بِالمِنصَلِ
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا كانَ يَعْتَذِرُ بِهِ عَنْ جِهَةِ أُمِّهِ؛ نَبَّهَهم - سُبْحانَهُ - عَلى ما وقَعُوا فِيهِ في حَقِّهِ مِن ذَلِكَ؛ بِسَبَبِ الإشْراكِ؛ مَعَ أنَّهُ مالِكُ المُلْكِ؛ ومَلِكُ المُلُوكِ؛ بَعْدَما اجْتَرَؤُوا عَلَيْهِ في تَفْضِيلِ أنْفُسِهِمْ في نِسْبَةِ البَناتِ إلَيْهِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿فَما الَّذِينَ فُضِّلُوا﴾؛ أيْ: في الرِّزْقِ؛ ﴿بِرادِّي رِزْقِهِمْ﴾؛ أيْ: الَّذِي اخْتُصُّوا بِهِ؛ ﴿عَلى ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ﴾؛ وإنْ جَلَّ نَفْعُهُمْ؛ وتَعاظَمَ عِنْدَهم وقْعُهُمْ؛ ﴿فَهم فِيهِ سَواءٌ﴾؛ أيْ: فَيَكُونُ بِذَلِكَ الرَّدِّ المالِكُ والمَمْلُوكُ سَواءً؛ فَهو جَوابٌ لِلنَّفْيِ - نَقَلَهُ الرَّمّالُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ؛ وقَتادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم.
ولَمّا وضَحَ ذَلِكَ وُضُوحَ الشَّمْسِ؛ وظَهَرَ حَتّى ما بِهِ أصْلًا نَوْعُ لَبْسٍ؛ تَسَبَّبَ عَنْهُ الإنْكارُ في قَوْلِهِ - عَلى وجْهِ الإعْراضِ عَنْ خِطابِهِمُ (p-٢١٠)المُؤْذِنِ بِالمَقْتِ -: ﴿أفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لا رَبَّ غَيْرُهُ؛ ﴿يَجْحَدُونَ﴾؛ في جَعْلِهِمْ لَهُ شُرَكاءَ يُضِيفُونَ إلَيْهِمْ بَعْضَ ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ؛ فَيُسَوُّونَ بَيْنَهم وبَيْنَهُ في ذَلِكَ؛ وبِنِعْمَتِهِمْ يَعْتَرِفُونَ؛ ولَها يَحْفَظُونَ؛ في إنْزالِ ما مَلَكَتْ أيْمانُهم عَنْهم في المَراتِبِ؛ والأمْوالِ.
{"ayah":"وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ فِی ٱلرِّزۡقِۚ فَمَا ٱلَّذِینَ فُضِّلُوا۟ بِرَاۤدِّی رِزۡقِهِمۡ عَلَىٰ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ فَهُمۡ فِیهِ سَوَاۤءٌۚ أَفَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ یَجۡحَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق