الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما السَّبِيلُ عَلى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وهم أغْنِياءُ رَضُوا بِأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوالِفِ وطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهم لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿يَعْتَذِرُونَ إلَيْكم إذا رَجَعْتُمْ إلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكم قَدْ نَبَّأنا اللَّهُ مِن أخْبارِكم وسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكم ورَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إلى عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
وفِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ في الآيَةِ الأُولى: ﴿ما عَلى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ قالَ في هَذِهِ الآيَةِ إنَّما السَّبِيلُ عَلى مَن كانَ كَذا وكَذا، ثُمَّ الَّذِينَ قالُوا في الآيَةِ الأُولى المُرادُ﴿ما عَلى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ في أمْرِ الغَزْوِ والجِهادِ، وأنَّ نَفْيَ السَّبِيلِ في تِلْكَ الآيَةِ مَخْصُوصٌ بِهَذا الحُكْمِ. قالُوا: السَّبِيلُ الَّذِي نَفاهُ عَنِ المُحْسِنِينَ، هو الَّذِي أثْبَتَهُ في هَؤُلاءِ المُنافِقِينَ، وهو الَّذِي يَخْتَصُّ بِالجِهادِ، والمَعْنى: أنَّ هَؤُلاءِ الأغْنِياءَ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ في التَّخَلُّفِ سَبِيلُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لازِمٌ، وتَكْلِيفُهُ عَلَيْهِمْ بِالذِّهابِ إلى الغَزْوِ مُتَوَجِّهٌ، ولا عُذْرَ لَهُمُ البَتَّةَ في التَّخَلُّفِ.
فَإنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: ﴿رَضُوا﴾ ما مَوْقِعُهُ ؟
قُلْنا: كَأنَّهُ اسْتِئْنافٌ، كَأنَّهُ قِيلَ: ما بالُهُمُ اسْتَأْذَنُوا وهم أغْنِياءُ. فَقِيلَ: رَضُوا بِالدَّناءَةِ والضِّعَةِ والِانْتِظامِ (p-١٣٠)فِي جُمْلَةِ الخَوالِفِ﴿وطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ يَعْنِي أنَّ السَّبَبَ في نَفْرَتِهِمْ عَنِ الجِهادِ، هو أنَّ اللَّهَ طَبَعَ عَلى قُلُوبِهِمْ، فَلِأجْلِ ذَلِكَ الطَّبْعِ لا يَعْلَمُونَ ما في الجِهادِ مِن مَنافِعِ الدِّينِ والدُّنْيا.
ثُمَّ قالَ: ﴿يَعْتَذِرُونَ إلَيْكم إذا رَجَعْتُمْ إلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ﴾ عِلَّةً لِلْمَنعِ مِنَ الِاعْتِذارِ؛ لِأنَّ غَرَضَ المُعْتَذِرِ أنْ يَصِيرَ عُذْرُهُ مَقْبُولًا. فَإذا عَلِمَ بِأنَّ القَوْمَ يُكَذِّبُونَهُ فِيهِ، وجَبَ عَلَيْهِ تَرْكُهُ. وقَوْلُهُ: ﴿قَدْ نَبَّأنا اللَّهُ مِن أخْبارِكُمْ﴾ عِلَّةٌ لِانْتِفاءِ التَّصْدِيقِ؛ لِأنَّهُ تَعالى لَمّا أطْلَعَ رَسُولَهُ عَلى ما في ضَمائِرِهِمْ مِنَ الخُبْثِ والمَكْرِ والنِّفاقِ، امْتَنَعَ أنْ يُصَدِّقَهُمُ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - في تِلْكَ الأعْذارِ.
ثُمَّ قالَ: ﴿وسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكم ورَسُولُهُ﴾ والمَعْنى أنَّهم كانُوا يُظْهِرُونَ مِن أنْفُسِهِمْ عِنْدَ تَقْرِيرِ تِلْكَ المَعاذِيرِ حُبًّا لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - والمُؤْمِنِينَ وشَفَقَةً عَلَيْهِمْ ورَغْبَةً في نُصْرَتِهِمْ، فَقالَ تَعالى: ﴿وسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾ أنَّكم هَلْ تَبْقُونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلى هَذِهِ الحالَةِ الَّتِي تُظْهِرُونَها مِنَ الصِّدْقِ والصَّفاءِ، أوْ لا تَبْقُونَ عَلَيْها ؟
ثُمَّ قالَ: ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إلى عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ﴾ .
فَإنْ قِيلَ: لِما قالَ: ﴿وسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ، ثُمَّ تُرَدُّونَ إلَيْهِ، وما الفائِدَةُ مِن قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ﴾ ؟ قُلْنا: في وصْفِهِ تَعالى بِكَوْنِهِ: ﴿عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ﴾ ما يَدُلُّ عَلى كَوْنِهِ مُطَّلِعًا عَلى بَواطِنِهِمُ الخَبِيثَةِ وضَمائِرِهِمُ المَمْلُوءَةِ مِنَ الكَذِبِ والكَيْدِ، وفِيهِ تَخْوِيفٌ شَدِيدٌ، وزَجْرٌ عَظِيمٌ لَهم.
{"ayahs_start":93,"ayahs":["۞ إِنَّمَا ٱلسَّبِیلُ عَلَى ٱلَّذِینَ یَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ وَهُمۡ أَغۡنِیَاۤءُۚ رَضُوا۟ بِأَن یَكُونُوا۟ مَعَ ٱلۡخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","یَعۡتَذِرُونَ إِلَیۡكُمۡ إِذَا رَجَعۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡۚ قُل لَّا تَعۡتَذِرُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ لَكُمۡ قَدۡ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنۡ أَخۡبَارِكُمۡۚ وَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"یَعۡتَذِرُونَ إِلَیۡكُمۡ إِذَا رَجَعۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡۚ قُل لَّا تَعۡتَذِرُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ لَكُمۡ قَدۡ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنۡ أَخۡبَارِكُمۡۚ وَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق