قوله تعالى: {قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ} : فيها وجهان، أحدهما: أنها المتعديةُ إلى مفعولين أولهما «ن» والثاني: قوله «مِنْ أخباركم» . وعلى هذا ففي «مِنْ» وجهان، أحدهما: أنها غيرُ زائدةٍ، والتقدير: قد نَبَّأنا اللَّهُ أخباراً مِنْ أخباركم، أو جملةً من أخباركم، فهو في الحقيقة صفةٌ للمفعول المحذوف. والثاني: أن «مِنْ» مزيدةٌ عند الأخفش لأنه لا يَشْترط فيها شيئاً. والتقدير: قد نبَّأنا الله أخباركم.
الوجه الثاني من الوجهين الأوَّلَيْن: أنها متعديةٌ لثلاثة ك أعلم، فالأولُ والثاني ما تقدَّم، والثالث محذوف اختصاراً للعلم به والتقدير: نَبَّأنا الله مِنْ أخباركم كَذِباً ونحوه. قال أبو البقاء: «قد تتعدَّى إلى ثلاثةٍ، والاثنان الآخران محذوفان، تقديره: أخباراً مِنْ أخباركم مُثْبَتَة، و» مِنْ أخباركم «تنبيه على المحذوف وليست» مِنْ «زائدة، إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولاً ثانياً، والمفعول الثالث محذوفٌ، وهو خطأ لأن المفعول الثاني متى ذُكِر في هذا البابِ لَزِم ذِكْرُ الثالث. وقيل:» مِنْ «بمعنى عن» . قلت: قوله: «إنَّ حذف الثالث خطأ» إنْ عنى حَذْفَ الاقتصارِ فمسَلَّم، وإن عنى حَذْفَ الاختصار فممنوعٌ، وقد مَرَّ بك في هذه المسألة مذاهبُ الناس.
{"ayah":"یَعۡتَذِرُونَ إِلَیۡكُمۡ إِذَا رَجَعۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡۚ قُل لَّا تَعۡتَذِرُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ لَكُمۡ قَدۡ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنۡ أَخۡبَارِكُمۡۚ وَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}