الباحث القرآني
﴿يَعْتَذِرُونَ إلَيْكُمْ﴾ اسْتِئْنافٌ لِبَيانِ ما يَتَصَدَّرُونَ لَهُ عِنْدَ القُفُولِ إلَيْهِمْ.
رُوِيَ أنَّهم كانُوا بِضْعَةً وثَمانِينَ رَجُلًا، فَلَمّا رَجَعَ ﷺ إلَيْهِمْ جاءُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ بِالباطِلِ، والخِطابُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأصْحابِهِ، فَإنَّهم كانُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِمْ أيْضًا لا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَطْ، أيْ: يَعْتَذِرُونَ إلَيْكم في التَّخَلُّفِ ﴿إذا رَجَعْتُمْ﴾ مِنَ الغَزْوِ مُنْتَهِينَ ﴿إلَيْهِمْ﴾ وإنَّما لَمْ يَقُلْ إلى المَدِينَةِ؛ إيذانًا بِأنَّ مَدارَ الِاعْتِذارِ هو الرُّجُوعُ إلَيْهِمْ لا الرُّجُوعُ إلى المَدِينَةِ، فَلَعَلَّ مِنهم مَن بادَرَ إلى الِاعْتِذارِ قَبْلَ الرُّجُوعِ إلَيْها ﴿قُلْ﴾ تَخْصِيصُ هَذا الخِطابِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ تَعْمِيمِهِ فِيما سَبَقَ لِأصْحابِهِ أيْضًا؛ لِما أنَّ الجَوابَ وظِيفَتُهُ ﷺ وأمّا اعْتِذارُهم فَكانَ شامِلًا لِلْمُسْلِمِينَ شُمُولَ الرُّجُوعِ لَهم ﴿لا تَعْتَذِرُوا﴾ أيْ: لا تَفْعَلُوا الِاعْتِذارَ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اخْسَئُوا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ﴾ أوْ لا تَعْتَذِرُوا بِما عِنْدَكم مِنَ المَعاذِيرِ، وأمّا التَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ كَذِبِها فَلا يُساعِدُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ﴾ أيْ: لَنْ نُصَدِّقَكم في ذَلِكَ أبَدًا، فَإنَّهُ اسْتِئْنافٌ تَعْلِيلِيٌّ لِلنَّهْيِ، مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالٍ نَشَأ مِن قِبَلِهِمْ، مُتَفَرِّعٌ عَلى ادِّعاءِ الصِّدْقِ في الِاعْتِذارِ، كَأنَّهم قالُوا: لِمَ لا نَعْتَذِرُ؟ فَقِيلَ: لِأنّا لا نُصَدِّقُكم أبَدًا، فَيَكُونُ عَبَثًا إذْ لا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غَرَضُ المُعْتَذِرِ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قَدْ نَبَّأنا اللَّهُ مِن أخْبارِكُمْ﴾ تَعْلِيلٌ لِانْتِفاءِ التَّصْدِيقِ، أيْ: أُعْلِمْنا بِالوَحْيِ بَعْضَ أخْبارِكُمُ المُنافِيَةِ لِلتَّصْدِيقِ مِمّا باشَرْتُمُوهُ مِنَ الشَّرِّ والفَسادِ، وأضْمَرْتُمُوهُ في ضَمائِرِكُمْ، وهَيَّأْتُمُوهُ لِلْإبْرازِ في مَعْرِضِ الِاعْتِذارِ مِنَ الأكاذِيبِ، وجَمْعُ ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ في المَوْضِعَيْنِ لِلْمُبالَغَةِ في حَسْمِ أطْماعِهِمْ مِنَ التَّصْدِيقِ رَأْسًا بِبَيانِ عَدَمِ رَواجِ اعْتِذارِهِمْ عِنْدَ أحَدٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ أصْلًا، فَإنَّ تَصْدِيقَ البَعْضِ لَهم رُبَّما يُطْمِعُهم في تَصْدِيقِ الرَّسُولِ أيْضًا ﷺ بِواسِطَةِ المُصَدِّقِينَ، ولِلْإيذانِ بِأنَّ افْتِضاحَهم بَيْنَ المُؤْمِنِينَ كافَّةً.
﴿وَسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾ فِيما سَيَأْتِي، أتُنِيبُونَ إلَيْهِ تَعالى مِمّا أنْتُمْ فِيهِ مِنَ النِّفاقِ أمْ تَثْبُتُونَ، وكَأنَّهُ اسْتِتابَةٌ وإمْهالٌ لِلتَّوْبَةِ، وتَقْدِيمُ مَفْعُولُ الرُّؤْيَةِ عَلى ما عُطِفَ عَلى فاعِلِهِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَرَسُولُهُ﴾ لِلْإيذانِ بِاخْتِلافِ حالِ الرُّؤْيَتَيْنِ وتَفاوُتِهِما، ولِلْإشْعارِ بِأنَّ مَدارَ الوَعِيدِ هو عِلْمُهُ - عَزَّ وجَلَّ – بِأعْمالِهِمْ ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ﴾ يَوْمَ القِيامَةِ ﴿إلى عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ﴾ (p-94)لِلْجَزاءِ بِما ظَهَرَ مِنكم مِنَ الأعْمالِ، ووَضْعُ المُظْهَرِ مَوْضِعَ المُضْمَرِ لِتَشْدِيدِ الوَعِيدِ، فَإنَّ عِلْمَهُ سُبْحانَهُ وتَعالى بِجَمِيعِ أعْمالِهِمُ الظّاهِرَةِ والباطِنَةِ وإحاطَتَهُ بِأحْوالِهِمُ البارِزَةِ والكامِنَةِ مِمّا يُوجِبُ الزَّجْرَ العَظِيمَ.
﴿فَيُنَبِّئُكُمْ﴾ عِنْدَ رَدِّكم إلَيْهِ ووُقُوفِكم بَيْنَ يَدَيْهِ ﴿بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أيْ: بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَهُ في الدُّنْيا عَلى الِاسْتِمْرارِ مِنَ الأعْمالِ السَّيِّئَةِ السّابِقَةِ واللّاحِقَةِ، عَلى أنَّ (ما) مَوْصُولَةٌ والعائِدُ إلَيْها مَحْذُوفٌ، أوْ بِعَمَلِكُمُ المُسْتَمِرِّ، عَلى أنَّها مَصْدَرِيَّةٌ، والمُرادُ بِالتَّنْبِئَةِ بِذَلِكَ: المُجازاةُ بِهِ، وإيثارُها عَلَيْها لِمُراعاةِ ما سَبَقَ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ نَبَّأنا اللَّهُ﴾ ... إلَخْ، فَإنَّ المُنَبَّأ بِهِ الأخْبارُ المُتَعَلِّقَةُ بِأعْمالِهِمْ، ولِلْإيذانِ بِأنَّهم ما كانُوا عالِمِينَ في الدُّنْيا بِحَقِيقَةِ أعْمالِهِمْ، وإنَّما يَعْلَمُونَها يَوْمَئِذٍ.
{"ayah":"یَعۡتَذِرُونَ إِلَیۡكُمۡ إِذَا رَجَعۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡۚ قُل لَّا تَعۡتَذِرُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ لَكُمۡ قَدۡ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنۡ أَخۡبَارِكُمۡۚ وَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق