الباحث القرآني

﴿فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ﴾ يَعْنِي قارَبْنَ انْقِضاءَ عِدَّتِهِنَّ. ﴿فَأمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ يَعْنِي بِالإمْساكِ الرَّجْعَةَ. وَفي قَوْلِهِ ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: بِطاعَةِ اللَّهِ في الشَّهادَةِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. الثّانِي: أنْ لا يَقْصِدَ الإضْرارَ بِها في المُراجَعَةِ تَطْوِيلًا لِعِدَّتِها. ﴿أوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ وهَذا بِأنْ لا يُراجِعَها في العِدَّةِ حَتّى تَنْقَضِيَ في مَنزِلِها. ﴿وَأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنكُمْ﴾ يَعْنِي عَلى الرَّجْعَةِ في العِدَّةِ، فَإنْ راجَعَ مِن غَيْرِ شَهادَةٍ فَفي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ قَوْلانِ لِلْفُقَهاءِ.(p-٣١) ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ فِيهِ سَبْعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أيْ يُنْجِيهِ مِن كُلِّ كَرْبٍ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّ المَخْرَجَ عِلْمُهُ بِأنَّهُ مِن قِبَلِ اللَّهِ، فَإنَّ اللَّهَ هو الَّذِي يُعْطِي ويَمْنَعُ، قالَهُ مَسْرُوقٌ. الثّالِثُ: أنَّ المَخْرَجَ هو أنْ يُقْنِعَهُ اللَّهُ بِما رَزَقَهُ، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ صالِحٍ. الرّابِعُ: مَخْرَجًا مِنَ الباطِلِ إلى الحَقِّ، ومِنَ الضِّيقِ إلى السِّعَةِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. الخامِسُ: ومَن يَتَّقِ اللَّهَ بِالطَّلاقِ يَكُنْ لَهُ مَخْرَجٌ في الرَّجْعَةِ في العِدَّةِ، وأنْ يَكُونَ كَأحَدِ الخُطّابِ بَعْدَ العِدَّةِ، قالَهُ الضَّحّاكُ. والسّادِسُ: ومَن يَتَّقِ اللَّهَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ المُصِيبَةِ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا مِنَ النّارِ إلى الجَنَّةِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ. السّابِعُ: «أنَّ عَوْفَ بْنَ مالِكٍ الأشْجَعِيَّ أُسِرَ ابْنُهُ عَوْفٌ، فَأتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَشَكا إلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ ضُرٍّ أصابَهُ، فَأمَرَهُ أنْ يُكْثِرَ مِن قَوْلِ لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاَللَّهِ، فَأفْلَتَ ابْنُهُ مِنَ الأسْرِ ورَكِبَ ناقَةً لِلْقَوْمِ ومَرَّ في طَرِيقِهِ بِسَرْحٍ لَهم فاسْتاقَهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَوْفٌ فَوَقَفَ عَلى أبِيهِ يُنادِيهِ وقَدْ مَلَأ الأقْبالَ إبِلًا، فَلَمّا رَآهُ أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأخْبَرَهُ وسَألَهُ عَنِ الإبِلِ فَقالَ: اصْنَعْ بِها ما أحْبَبْتَ وما كُنْتَ صانِعًا بِمالِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ الآيَةَ»، فَرَوى الحَسَنُ عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (مَنِ انْقَطَعَ إلى اللَّهِ كَفاهُ اللَّهُ كُلَّ مُؤُونَةٍ ورَزَقَهُ اللَّهُ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، ومَنِ انْقَطَعَ إلى الدُّنْيا وكَلَهُ اللَّهُ إلَيْها)» . ﴿إنَّ اللَّهَ بالِغُ أمْرِهِ﴾ قالَ مَسْرُوقٌ: إنَّ اللَّهَ قاضٍ أمْرَهُ فِيمَن تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وفِيمَن (p-٣٢) لَمْ يَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، إلّا أنَّ مَن تَوَكَّلَ يُكَفِّرُ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ ويُعْظِمُ لَهُ أجْرًا. ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُهُما: يَعْنِي وقْتًا وأجَلًا، قالَهُ مَسْرُوقٌ. الثّانِي: مُنْتَهى وغايَةً، قالَهُ قُطْرُبٌ والأخْفَشُ. الثّالِثُ: مِقْدارًا واحِدًا، فَإنْ كانَ مِن أفْعالِ العِبادِ كانَ مِقْدَرًا بِأوامِرِ اللَّهِ، وإنْ كانَ مِن أفْعالِ اللَّهِ فَفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: بِمَشِيئَتِهِ. الثّانِي: أنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَصْلَحَةِ عِبادِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب