الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى: فَإِذَا بَلَغَتِ الْمُعْتَدَّاتُ أَجَلَّهُنَّ، أَيْ: شَارَفْنَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَارَبْنَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَمْ تَفْرُغِ الْعِدَّةُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَحِينَئِذٍ إِمَّا أَنْ يَعْزِمَ الزَّوْجُ عَلَى إِمْسَاكِهَا، وَهُوَ رَجْعَتُهَا إِلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ وَالِاسْتِمْرَارُ بِهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَهُ. ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ أَيْ: مُحْسِنًا إِلَيْهَا فِي صُحْبَتِهَا، وَإِمَّا أَنْ يَعْزِمَ عَلَى مُفَارَقَتِهَا ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ أَيْ: مِنْ غَيْرِ مُقَابَحَةٍ وَلَا مُشَاتَمَةٍ وَلَا تَعْنِيفٍ، بَلْ يُطَلِّقُهَا عَلَى وَجْهٍ جَمِيلٍ وَسَبِيلٍ حَسَنٍ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ أَيْ: عَلَى الرَّجْعَةِ إِذَا عَزَمتم عَلَيْهَا، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عِمْرَانَ [[في م: "عن عمرو"]] بْنِ حُصَين: أَنَّهُ سُئِل عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَقَعُ بِهَا وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَلَا عَلَى رَجْعَتِهَا فَقَالَ: طَلَّقتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، وَرَجَعْتَ لغير سنة، وأشهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَعَلَى رَجْعَتِهَا، وَلَا تَعُدْ [[في أ: "ولا تعتد".]] [[سنن أبي داود برقم (٢١٨٦) وسنن ابن ماجة برقم (٢٠٢٥) .]]
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ قَالَ: لَا يَجُوزُ فِي نِكَاحٍ وَلَا طَلَاقٍ وَلَا رِجَاعٍ إِلَّا شَاهِدَا عَدْلٍ، كَمَا قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ أَيْ: هَذَا الَّذِي أَمَرْنَاكُمْ بِهِ مِنَ الْإِشْهَادِ وَإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، إِنَّمَا يَأْتَمِرُ بِهِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَأَنَّهُ شَرَّعَ هَذَا، وَمَنْ يَخَافُ عِقَابَ [[في م: "ويخاف عذاب".]] اللَّهِ في الدار الآخرة.
وَمِنْ هَا هُنَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ -فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ-إِلَى وُجُوبِ الْإِشْهَادِ فِي الرَّجْعَةِ، كَمَا يَجِبُ عِنْدَهُ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ. وَقَدْ قَالَ بِهَذَا طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا يَقُولُ: إِنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْقَوْلِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ أَيْ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ، وتَرَك مَا نَهَاهُ عَنْهُ، يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، أَيْ: مِنْ جِهَةٍ لَا تَخْطُرُ بِبَالِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا كَهمس بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو السَّلِيلِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتْلُو عَلَيَّ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِهَا كَفَتْهُمْ". وَقَالَ: فَجَعَلَ يَتْلُوهَا ويُرددها عَلَيَّ حَتَّى نَعَست، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ [[في م: "إذا".]] أُخْرِجْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ؟. "قُلْتُ: إِلَى السَّعَةِ وَالدَّعَةِ [[في م: "إلى الدعة والسعة".]] أَنْطَلِقُ، فَأَكُونُ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ. قَالَ: "كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ أُخْرِجْتَ مِنْ مَكَّةَ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: إِلَى السَّعَةِ وَالدَّعَةِ، وَإِلَى الشَّامِ وَالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. قَالَ: "وَكَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ أخرجتَ مِنَ الشَّامِ؟ ". قُلْتُ: إِذًا -وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ [[في أ: "بالحق نبيا".]] -أَضَعُ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي. قَالَ: "أَوَخَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ ". قُلْتُ: أَوَخَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا" [[المسند (٥/١٧٨) .]]
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ شُتَير [[في أ: "عن بسر".]] بْنِ شكَل قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ﴾ [النَّحْلِ: ٩٠] وَإِنَّ أَكْثَرَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَرَجًا: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾
وَفِي الْمُسْنَدِ: حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ أَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مَنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمَنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [[المسند (١/٢٤٨) .]]
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ يَقُولُ: يُنْجِيهِ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: ﴿يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ أَيْ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ضَاقَ عَلَى النَّاسِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عباس، والضحاك.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَمَسْرُوقٌ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ إِنْ شَاءَ مَنَعَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى ﴿مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ أَيْ [[في م: "أو".]] مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ أَيْ: مِنْ شُبُهَاتِ الْأُمُورِ وَالْكَرْبِ [[في أ: "والكروب".]] عِنْدَ الْمَوْتِ، ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ وَمِنْ حَيْثُ لَا يَرْجُو أَوْ لَا يَأْمُلُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ﴾ يُطَلِّقْ لِلسُّنَّةِ، وَيُرَاجِعْ لِلسُّنَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُقَالُ لَهُ: "عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ" كَانَ لَهُ ابْنٌ، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسَرُوهُ، فَكَانَ فِيهِمْ، وَكَانَ أَبُوهُ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَيَشْكُو إِلَيْهِ مَكَانَ ابْنِهِ وَحَالِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا وَحَاجَتَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُهُ بِالصَّبْرِ، وَيَقُولُ لَهُ: "إِنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُ لَكَ فَرَجًا" [[في م، أ: "مخرجًا".]] فَلَمْ يَلْبَثْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا يَسِيرًا أَنِ انْفَلَتَ ابْنُهُ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ فَمَرَّ بِغَنَمٍ مِنْ أَغْنَامِ الْعَدُوِّ، فَاسْتَاقَهَا فَجَاءَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ، وَجَاءَ مَعَهُ بِغِنًى [[في م: "يغنم".]] قَدْ أَصَابَهُ مِنَ الْغَنَمِ، فَنَزَلَتْ فِيهِ هذه الآية: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، [[تفسير الطبري (٢٨/٨٩) .]] وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ مُرْسَلًا نَحْوُهُ [[تفسير الطبري (٢٨/٩٠) وقد جاء موصلاً، أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/٤٩٢) من طريق عبيد بن كثير العامري، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن عمار بن أبي معاوية، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ... فذكر نحو رواية السدي، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "بل منكر، فيه عباد بن يعقوب رافضي جبل، وعبيد بن كثير العامري متروك، قاله الأزدي".]]
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا وكَيع، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصيبُه، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ".
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ -وَهُوَ الثَّوْرِيُّ-بِهِ [[المسند (٥/٢٧٧) وسنن ابن ماجة برقم (٤٠٢٢) .]]
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: جَاءَ مَالِكٌ الْأَشْجَعِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: لَهُ أُسِرَ ابْنِي عَوْفٌ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَرْسِلْ إِلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَأْمُرُكَ أَنْ تُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ". وَكَانُوا قَدْ شَدُّوهُ بِالْقِدِّ فَسَقَطَ القِد عَنْهُ، فَخَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِنَاقَةٍ لَهُمْ فَرَكِبَهَا، وَأَقْبَلَ فَإِذَا بسَرْح الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ شَدُّوهُ فَصَاحَ بِهِمْ، فَاتَّبَعَ أَوَّلُهَا آخِرَهَا، فَلَمْ يَفْجَأْ أَبَوَيْهِ إِلَّا وَهُوَ يُنَادِي بِالْبَابِ، فَقَالَ أَبُوهُ: عَوْفٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. فَقَالَتْ أُمُّهُ: وَاسَوْأَتَاهْ. وَعَوْفٌ كَيْفَ يَقْدَمُ لِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْقِدِّ -فَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَالْخَادِمَ، فَإِذَا عَوْفٌ قَدْ مَلَأَ الْفِنَاءَ إِبِلًا فَقَصَّ عَلَى أَبِيهِ أَمْرَهُ وَأَمْرَ الْإِبِلِ، فَقَالَ أَبُوهُ: قِفَا حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِ عَوْفٍ وَخَبَرِ الْإِبِلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اصْنَعْ بِهَا مَا أَحْبَبْتَ، وَمَا كُنْتَ صَانِعًا بِمَالِكَ". وَنَزَلَ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ [[في م، أ، هـ: "الحسن" مستفادًا من هامش ط. الشعب.]] عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَين قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ كُلَّ مَئُونة، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنِ انْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وكَلَه إِلَيْهَا" [[ورواه الطبراني في المعجم الصغير (١/١١٦) ومن طريقه الخطيب في تاريخه (٧/١٩٧) من طريق جعفر بن محمد البغدادي، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ به، وقال الطبراني: "لم يروه عن هشام إلا الفضيل، تفرد به إبراهيم بن الأشعث" وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٣٠٤) : "وفيهإبراهيم بن الأشعث صاحب الفضيل وهو ضعيف، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: يغرب ويخطئ ويخالف، وبقية رجاله ثقات".]]
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنَا قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ حَنَش الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَكِبَ خَلْفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا غُلَامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ".
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ لَهِيعة، بِهِ [[المسند (١/٢٩٣) وسنن الترمذي برقم (٢٣٢٦) .]] وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ نَزَلَ بِهِ حَاجَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ كَانَ قَمِنًا أَنْ لَا تُسَهَّل حَاجَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ أَتَاهُ اللَّهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ، أَوْ بِمَوْتٍ آجِلٍ".
ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ بَشِيرٍ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي حَمْزَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَسَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْ طَارِقٍ [[المسند (١/٤٤٢) .]]
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ أَيْ: مُنْفِذٌ قَضَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يُرِيدُهُ وَيَشَاؤُهُ ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨]
{"ayahs_start":2,"ayahs":["فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفࣲ وَأَشۡهِدُوا۟ ذَوَیۡ عَدۡلࣲ مِّنكُمۡ وَأَقِیمُوا۟ ٱلشَّهَـٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَ ٰلِكُمۡ یُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۚ وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجࣰا","وَیَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَیۡثُ لَا یَحۡتَسِبُۚ وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَیۡءࣲ قَدۡرࣰا"],"ayah":"وَیَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَیۡثُ لَا یَحۡتَسِبُۚ وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَیۡءࣲ قَدۡرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق