الباحث القرآني
* بابُ الِاسْتِئْذانِ
قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وابْنِ مَسْعُودٍ وإبْراهِيمَ وقَتادَةَ قالُوا: ( الِاسْتِئْناسُ الِاسْتِئْذانُ ) فَيَكُونُ مَعْناهُ: حَتّى تَسْتَأْنِسُوا بِالإذْنِ.
ورَوى شُعْبَةُ عَنْ أبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ هَذا الحَرْفَ: حَتّى تَسْتَأْذِنُوا وقالَ " غَلِطَ الكاتِبُ " .
ورَوى القاسِمُ بْنُ نافِعٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ قالَ: ( هو التَّنَحْنُحُ والتَّنَخُّعُ ) . وفي نَسَقِ التِّلاوَةِ ما دَلَّ (p-١٦٥)عَلى أنَّهُ أرادَ الِاسْتِئْذانَ، وهو قَوْلُهُ: ﴿وإذا بَلَغَ الأطْفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [النور: ٥٩]
والِاسْتِئْناسُ قَدْ يَكُونُ لِلْحَدِيثِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ [الأحزاب: ٥٣] وكَما رُوِيَ عَنْ عُمَرَ في حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ انْفَرَدَ في مَشْرَبَةٍ لَهُ حِينَ هَجَرَ نِساءَهُ، فاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَقالَ الآذِنُ: قَدْ سَمِعَ كَلامَكَ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ؛ فَذَكَرَ أشْياءَ وفِيهِ قالَ: فَقُلْتَ: أسْتَأْنِسُ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قالَ: ( نَعَمْ ) . وإنَّما أرادَ بِهِ الِاسْتِئْناسَ لِلْحَدِيثِ، وذَلِكَ كانَ بَعْدَ الدُّخُولِ.
والِاسْتِئْناسُ المَذْكُورُ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِهِ الحَدِيثَ؛ لِأنَّهُ لا يَصِلُ إلى الحَدِيثِ إلّا بَعْدَ الإذْنِ، وإنَّما المُرادُ الِاسْتِئْذانُ لِلدُّخُولِ، وإنَّما سُمِّيَ الِاسْتِئْذانُ اسْتِئْناسًا لِأنَّهم إذا اسْتَأْذَنُوا أوْ سَلَّمُوا أنِسَ أهْلُ البُيُوتِ بِذَلِكَ، ولَوْ دَخَلُوا عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إذْنٍ لاسْتَوْحَشُوا وشَقَّ عَلَيْهِمْ. وأمَرَ مَعَ الِاسْتِئْذانِ بِالسَّلامِ؛ إذْ هو مِن سُنَّةِ المُسْلِمِينَ الَّتِي أُمِرُوا بِها، ولِأنَّ السَّلامَ أمانٌ مِنهُ لَهم وهو تَحِيَّةُ أهْلِ الجَنَّةِ ومَجْلَبَةٌ لِلْمَوَدَّةِ ونافٍ لِلْحِقْدِ والضَّغِينَةِ؛ حَدَّثَنا عَبْدُ الباقِي بْنُ قانِعٍ قالَ: حَدَّثَنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا صَفْوانُ بْنُ عِيسى قالَ: حَدَّثَنا الحارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي رِئابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «لَمّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقالَ الحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإذْنِ اللَّهِ، فَقالَ لَهُ رَبُّهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ يا آدَمَ اذْهَبْ إلى هَؤُلاءِ المَلائِكَةِ ومَلَأٌ مِنهم جُلُوسٌ فَقُلِ السَّلامُ عَلَيْكم فَقالَ سَلامٌ عَلَيْكم ورَحْمَةُ اللَّهِ؛ ثُمَّ رَجَعَ إلى رَبِّهِ فَقالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهم» .
وحَدَّثَنا عَبْدُ الباقِي بْنُ قانِعٍ قالَ: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ إسْحاقَ بْنِ رائِطَةَ قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قالَ: حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ نَصْرِ بْنِ حاجِبٍ قالَ: حَدَّثَنا هِلالُ بْنُ حَمّادٍ عَنْ زاذانَ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «حَقُّ المُسْلِمِ عَلى المُسْلِمِ سِتٌّ: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذا لَقِيَهُ ويُجِيبُهُ إذا دَعاهُ ويَنْصَحُ لَهُ بِالغَيْبِ ويُشَمِّتُهُ إذا عَطَسَ ويَعُودُهُ إذا مَرِضَ ويَشْهَدُ جِنازَتَهُ إذا ماتَ» . وحَدَّثَنا عَبْدُ الباقِي قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ إسْحاقَ الحَرْبِيِّ قالَ: حَدَّثَنا أبُو غَسّانَ النَّهْدِيُّ قالَ: حَدَّثَنا زُهَيْرٌ قالَ: حَدَّثَنا الأعْمَشُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُونَ حَتّى تَحابُّوا، أفَلا أدُلُّكم عَلى أمْرٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ ؟ أفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكم» .
وحَدَّثَنا عَبْدُ الباقِي قالَ: حَدَّثَنا إسْماعِيلُ بْنُ الفَضْلِ قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَلّى قالَ: حَدَّثَنا زِيادُ بْنُ خَيْثَمَةَ عَنْ أبِي يَحْيى القَتّاتِ عَنْ مُجاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: (p-١٦٦)«إنْ سَرَّكم أنْ يَخْرُجَ الغِلُّ مِن صُدُورِكم فَأفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكم» .
* * *
فِي عَدَدِ الِاسْتِئْذانِ وكَيْفِيَّتِهِ رَوى دُهَيْمُ بْنُ قِرانٍ عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمانَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الِاسْتِئْذانُ ثَلاثٌ: فالأُولى يَسْتَنْصِتُونَ، والثّانِيَةُ يَسْتَصْلِحُونَ، والثّالِثَةُ يَأْذَنُونَ أوْ يَرُدُّونَ» .
ورَوى يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ جُنْدُبٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إذا اسْتَأْذَنَ أحَدُكم ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ» . وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قالَ أخْبَرَنا سُفْيانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «كُنْتُ جالِسًا في مَجْلِسٍ مِن مَجالِسِ الأنْصارِ، فَجاءَ أبُو مُوسى فَزِعًا، فَقُلْنا لَهُ: ما أفْزَعَكَ ؟ قالَ: أمَرَنِي عُمَرُ أنْ آتِيَهُ فَأتَيْتُهُ فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ، فَقالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَأْتِيَنِي ؟ قُلْتُ: قَدْ جِئْتُ فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي وقَدْ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: إذا اسْتَأْذَنَ أحَدُكم ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ قالَ: لَتَأْتِيَنَّ عَلى هَذا بِالبَيِّنَةِ قالَ: فَقالَ أبُو سَعِيدٍ: لا يَقُومُ مَعَكَ إلّا أصْغَرُ القَوْمِ، قالَ: فَقامَ أبُو سَعِيدٍ مَعَهُ فَشَهِدَ لَهُ» .
وفِي بَعْضِ الأخْبارِ أنَّ عُمَرَ قالَ لِأبِي مُوسى: ( إنِّي لَمْ أتَّهِمْكَ ولَكِنَّ الحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَدِيدٌ )، وفي بَعْضِها: " ولَكِنِّي خَشِيتُ أنْ يَتَقَوَّلَ النّاسُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ " .
قالَ أبُو بَكْرٍ: إنَّما لَمْ يَقْبَلْ عُمَرُ خَبَرَهُ حَتّى اسْتَفاضَ عِنْدَهُ لِأنَّ أمْرَ الِاسْتِئْذانِ مِمّا بِالنّاسِ إلَيْهِ حاجَةٌ عامَّةٌ، فاسْتَنْكَرَ أنْ تَكُونَ سُنَّةُ الِاسْتِئْذانِ ثَلاثًا مَعَ عُمُومِ الحاجَةِ إلَيْها ثُمَّ لا يَنْقُلُها إلّا الأفْرادُ؛ وهَذا أصْلٌ في أنَّ ما بِالنّاسِ إلَيْهِ حاجَةٌ عامَّةٌ لا يُقْبَلُ فِيهِ إلّا خَبَرُ الِاسْتِفاضَةِ وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا هارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ الحَفْرِيِّ عَنْ سُفْيانَ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعْدٍ قالَ «وقَفَ رَجُلٌ عَلى بابِ النَّبِيِّ ﷺ يَسْتَأْذِنُ فَقامَ مُسْتَقْبِلَ البابِ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: هَكَذا عَنْكَ أوْ هَكَذا فَإنَّما جُعِلَ الِاسْتِئْذانُ مِنَ النَّظَرِ» .
وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا ابْنُ بَشّارٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو عاصِمٍ قالَ: أخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ قالَ: أخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أبِي سُفْيانَ أنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوانَ أخْبَرَهُ عَنْ كَلْدَةَ: «أنَّ صَفْوانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِلَبَنٍ وجَدايَةٍ وضَغابِيسَ والنَّبِيُّ ﷺ بِأعْلى مَكَّةَ، فَدَخَلْتُ ولَمْ أُسَلِّمْ، فَقالَ: ارْجِعْ فَقُلِ السَّلامُ عَلَيْكم» وذاكَ بَعْدَما أسْلَمَ صَفْوانُ. وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا أبُو بَكْرٍ (p-١٦٧)بْنُ أبِي شَيْبَةَ قالَ: حَدَّثَنا أبُو الأحْوَصِ عَنْ مَنصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ قالَ: حَدَّثَنا رَجُلٌ مِن بَنِي عامِرٍ اسْتَأْذَنَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ وهو في بَيْتٍ فَقالَ: ألِجُ ؟ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ لِخادِمِهِ: «اُخْرُجْ إلى هَذا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذانَ فَقُلْ لَهُ: قُلِ السَّلامُ عَلَيْكم أأدْخُلُ فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكم أأدْخُلُ ؟ فَأذِنَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَدَخَلَ» .
وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا مُؤَمَّلُ بْنُ فَضْلٍ الحَرّانِيِّ في آخَرَيْنِ قالُوا: حَدَّثَنا بَقِيَّةُ قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا أتى بابَ قَوْمٍ لا يَسْتَقْبِلُ البابَ مِن تِلْقاءِ وجْهِهِ ولَكِنْ مِن رُكْنِهِ الأيْمَنِ أوِ الأيْسَرِ فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكم وذَلِكَ أنَّ الدُّورَ لَمْ تَكُنْ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها سُتُورٌ» .
قالَ أبُو بَكْرٍ: ظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ يَقْتَضِي جَوازَ الدُّخُولِ بَعْدَ الِاسْتِئْذانِ وإنْ لَمْ يَكُنْ مِن صاحِبِ البَيْتِ إذْنٌ، ولِذَلِكَ قالَ مُجاهِدٌ: ( الِاسْتِئْناسُ التَّنَحْنُحُ والتَّنَخُّعُ ) فَكَأنَّهُ إنَّما أرادَ أنْ يُعْلِمَهم بِدُخُولِهِ؛ وهَذا الحُكْمُ ثابِتٌ فِيمَن جَرَتْ عادَتُهُ بِالدُّخُولِ بِغَيْرِ إذْنٍ، إلّا أنَّهُ مَعْلُومٌ أنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الإذْنُ في الدُّخُولِ فَحَذَفَهُ لِعِلْمِ المُخاطَبِينَ بِالمُرادِ.
وقَدْ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا مُوسى بْنُ إسْماعِيلَ قالَ: حَدَّثَنا حَمّادٌ عَنْ حَبِيبٍ وهِشامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «رَسُولُ الرَّجُلِ إلى الرَّجُلِ إذْنُهُ» . وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا حُسَيْنُ بْنُ مُعاذٍ قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الأعْلى قالَ: حَدَّثَنا سَعِيدٌ عَنْ قَتادَةَ عَنْ أبِي رافِعٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «إذا دُعِيَ أحَدُكم إلى طَعامٍ فَجاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَإنَّ ذَلِكَ لَهُ إذْنٌ» .
فَدَلَّ هَذا الخَبَرُ عَلى مَعْنَيَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّ الإذْنَ مَحْذُوفٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ وهو مُرادٌ بِهِ، والثّانِي: أنَّ الدُّعاءَ إذْنٌ إذا جاءَ مَعَ الرَّسُولِ وأنَّهُ لا يَحْتاجُ إلى اسْتِئْذانٍ ثانٍ. وهو يَدُلُّ أيْضًا عَلى أنَّ مَن قَدْ جَرَتِ العادَةُ لَهُ بِإباحَةِ الدُّخُولِ أنَّهُ غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى الِاسْتِئْذانِ.
فَإنْ قِيلَ: قَدْ رَوى أبُو نُعَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ زِرٍّ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّ أبا هُرَيْرَةَ كانَ يَقُولُ: واللَّهِ إنِّي كُنْتُ لِأعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلى الأرْضِ مِنَ الجُوعِ، إنِّي كُنْتُ لَأشُدُّ الحَجَرَ عَلى بَطْنِي مِنَ الجُوعِ ولَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنهُ فَمَرَّ أبُو بَكْرٍ فَسَألْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِن كِتابِ اللَّهِ ما سَألْتُهُ إلّا لِيُشْبِعَنِي فَمَرَّ ولَمْ يَفْعَلْ، فَمَرَّ بِي عُمَرُ فَفَعَلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَمَرَّ ولَمْ يَفْعَلْ، فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ ﷺ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وعَرَفَ ما في نَفْسِي ثُمَّ قالَ: ( يا أبا هِرٍّ ) قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قالَ: ( الحَقْ ) " ومَضى واتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ واسْتَأْذَنْتُ فَأذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ فَوَجَدْتُ لَبَنًا في قَدَحٍ فَقالَ: ( مِن أيْنَ هَذا ؟ ) قالُوا: أهْدى (p-١٦٨)لَكَ فُلانٌ أوْ فُلانَةُ، قالَ: ( يا أبا هِرٍّ ) قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قالَ: ( الحَقْ أهْلَ الصُّفَّةِ فادْعُهم لِي ) قالَ: وأهْلُ الصُّفَّةِ أضْيافُ أهْلِ الإسْلامِ لا يَلْوُونَ عَلى أهْلٍ ولا مالٍ، إذا أتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِها إلَيْهِمْ لَمْ يَتَناوَلْ مِنها شَيْئًا وإذا أتَتْهُ هَدِيَّةٌ أرْسَلَ إلَيْهِمْ فَأصابَ مِنها وأشْرَكَهم فِيها؛ فَساءَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ: وما هَذا اللَّبَنُ في أهْلِ الصُّفَّةِ ؟ كُنْتَ أرْجُو أنْ أُصِيبَ مِن هَذا شَرْبَةً أتَقَوّى بِها فَأبى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَإذا جاءُوا فَأمَرَنِي فَكُنْتُ أنا أُعْطِيهِمْ، فَما عَسى أنْ يَبْلُغَ مِن هَذا اللَّبَنِ ؟ فَأتَيْتُهم فَدَعَوْتُهم فَأقْبَلُوا حَتّى اسْتَأْذَنُوا، فَأذِنَ لَهم، فَأخَذُوا مَجالِسَهم مِنَ البَيْتِ فَقالَ: ( يا أبا هِرٍّ ) قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قالَ: ( خُذْ فَأعْطِهِمْ ) فَأخَذْتُ القَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِي الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتّى يَرْوى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ فَأُعْطِيهِ آخَرَ فَيَشْرَبُ حَتّى يَرْوى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ حَتّى انْتَهَيْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقَدْ رَوِيَ القَوْمُ كُلُّهم، فَأخَذَ القَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلى يَدِهِ ونَظَرَ إلَيَّ فَتَبَسَّمَ وقالَ: ( يا أبا هِرٍّ ) قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قالَ: ( بِقِيتُ أنا وأنْتَ ) قُلْتُ: صَدَقْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: ( فاقْعُدْ واشْرَبْ ) فَشَرِبْتُ، فَما زالَ يَقُولُ اشْرَبْ فَأشْرَبُ حَتّى قُلْتُ: واَلَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما أجِدُ لَهُ مَسْلَكًا قالَ: ( فَأرِنِي ) فَأعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وشَرِبَ الفَضْلَ.
فَقالَ فَقَدِ اسْتَأْذَنَ أهْلُ الصُّفَّةِ وقَدْ جاءُوا مَعَ الرَّسُولِ ولَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
وهَذا مُخالِفٌ لِحَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّ «رَسُولَ الرَّجُلِ إلى الرَّجُلِ إذْنُهُ» . قِيلَ لَهُ: لَيْسا مُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ إباحَةٌ لِلدُّخُولِ مَعَ الرَّسُولِ ولَيْسَ فِيهِ كَراهِيَةُ الِاسْتِئْذانِ بَلْ هو مُخَيَّرٌ حِينَئِذٍ، وإذا لَمْ يَكُنْ مَعَ الرَّسُولِ وجَبَ حِينَئِذٍ الِاسْتِئْذانُ؛ واَلَّذِي يَدُلُّ عَلى أنَّ الإذْنَ مَشْرُوطٌ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ قَوْلُهُ في نَسَقِ التِّلاوَةِ: ﴿فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أحَدًا فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ [النور: ٢٨] فَحَظَرَ الدُّخُولَ إلّا بِالإذْنِ، فَدَلَّ عَلى أنَّ الإذْنَ مَشْرُوطٌ في إباحَةِ الدُّخُولِ في الآيَةِ الأُولى. وأيْضًا فَقَدْ قالَ النَّبِيُّ ﷺ في الأخْبارِ الَّتِي قَدَّمْناها:
«إنَّما جُعِلَ الِاسْتِئْذانُ مِن أجْلِ النَّظَرِ»، فَدَلَّ عَلى أنَّهُ لا يَجُوزُ النَّظَرُ في دارِ أحَدٍ إلّا بِإذْنِهِ. وقَدْ رُوِيَ في ذَلِكَ ضُرُوبٌ مِنَ التَّغْلِيظِ، وهو ما حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قالَ: حَدَّثَنا حَمّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ: «أنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِن بَعْضِ حُجَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقامَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمِشْقَصٍ أوْ بِمَشاقِصَ، قالَ: فَكَأنِّي أنْظُرُ إلى رَسُولِ اللَّهِ يَخْتِلُهُ لِيَطْعَنَهُ» . وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمانَ المُؤَذِّنُ قالَ: حَدَّثَنا ابْنُ وهْبٍ عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ كَثِيرٍ عَنِ الوَلِيدِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إذا دَخَلَ البَصَرُ (p-١٦٩)فَلا إذْنَ» .
وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا مُوسى بْنُ إسْماعِيلَ قالَ: حَدَّثَنا حَمّادٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أبِيهِ قالَ: حَدَّثَنا أبُو هُرَيْرَةَ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنِ اطَّلَعَ في دارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَقَدْ هُدِرَتْ عَيْنُهُ» .
قالَ أبُو بَكْرٍ: والفُقَهاءُ عَلى خِلافِ ظاهِرِهِ؛ لِأنَّهم يَقُولُونَ إنَّهُ ضامِنٌ إذا فَعَلَ ذَلِكَ، وهَذا مِن أحادِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ الَّتِي تُرَدُّ لِمُخالَفَتِها الأُصُولَ، مِثْلُ ما رُوِيَ أنَّ ولَدَ الزِّنا شَرُّ الثَّلاثَةِ، وأنَّ ولَدَ الزِّنا لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ، ولا وُضُوءَ لِمَن لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، ومَن غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ ومَن حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ؛ هَذِهِ كُلُّها أخْبارٌ شاذَّةٌ قَدِ اتَّفَقَ الفُقَهاءُ عَلى خِلافِ ظَواهِرِها.
وزَعَمَ الشّافِعِيُّ أنَّ مَنِ اطَّلَعَ في دارِ غَيْرِهِ فَفَقَأ عَيْنَهُ كانَ ضامِنًا وكانَ عَلَيْهِ القِصاصُ إنْ كانَ عامِدًا والأرْشُ إنْ كانَ مُخْطِئًا، ومَعْلُومٌ أنَّ الدّاخِلَ قَدِ اطَّلَعَ وزادَ عَلى الِاطِّلاعِ الدُّخُولَ؛ وظاهِرُ الحَدِيثِ مُخالِفٌ لِما حَصَلَ عَلَيْهِ الِاتِّفاقُ، فَإنْ صَحَّ الحَدِيثُ فَمَعْناهُ عِنْدَنا فَيَمَنِ اطَّلَعَ في دارِ قَوْمٍ ناظِرًا إلى حُرَمِهِمْ ونِسائِهِمْ فَمُونِعَ فَلَمْ يَمْتَنِعْ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ في حالِ المُمانَعَةِ، فَهَذا هَدَرٌ؛ وكَذَلِكَ مَن دَخَلَ دارَ قَوْمٍ أوْ أرادَ دُخُولَها فَمانَعُوهُ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ أوْ شَيْءٌ مِن أعْضائِهِ فَهو هَدَرٌ، ولا يَخْتَلِفُ فِيهِ حُكْمُ الدّاخِلِ والمُطَّلِعِ فِيها مِن غَيْرِ دُخُولٍ. فَأمّا إذا لَمْ يَكُنْ إلّا النَّظَرُ ولَمْ تَقَعْ فِيهِ مُمانَعَةٌ ولا نَهْيٌ ثُمَّ جاءَ إنْسانٌ فَفَقَأ عَيْنَهُ فَهَذا جانٍ يَلْزَمُهُ حُكْمُ جِنايَتِهِ بِظاهِرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿والعَيْنَ بِالعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] إلى قَوْلِهِ: ﴿والجُرُوحَ قِصاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ بُیُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَهۡلِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق