الباحث القرآني
الحُكْمُ السّادِسُ - في الِاسْتِئْذانِ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها ذَلِكم خَيْرٌ لَكم لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ ﴿فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أحَدًا فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكم وإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا هو أزْكى لَكم واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكم واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما تَكْتُمُونَ﴾
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى عَدَلَ عَمّا يَتَّصِلُ بِالرَّمْيِ والقَذْفِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِما مِنَ الحُكْمِ إلى ما يَلِيقُ بِهِ لِأنَّ أهْلَ الإفْكِ إنَّما وجَدُوا السَّبِيلَ إلى بُهْتانِهِمْ مِن حَيْثُ اتَّفَقَتِ الخَلْوَةُ فَصارَتْ كَأنَّها طَرِيقُ التُّهْمَةِ، فَأوْجَبَ اللَّهُ تَعالى أنْ لا يَدْخُلَ المَرْءُ بَيْتَ غَيْرِهِ إلّا بَعْدَ الِاسْتِئْذانِ والسَّلامِ، لِأنَّ في الدُّخُولِ لا عَلى هَذا الوجه وُقُوعُ التُّهْمَةِ، وفي ذَلِكَ مِنَ المَضَرَّةِ ما لا خَفاءَ بِهِ فَقالَ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ إلَخْ وفي الآيَةِ سُؤالاتٌ:
(p-١٧١)السُّؤالُ الأوَّلُ: الِاسْتِئْناسُ عِبارَةٌ عَنِ الأُنْسِ الحاصِلِ مِن جِهَةِ المُجالَسَةِ، قالَ تَعالى ﴿ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾، وإنَّما يَحْصُلُ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ والسَّلامِ، فَكانَ الأوْلى تَقْدِيمَ السَّلامِ عَلى الِاسْتِئْناسِ، فَلِمَ جاءَ عَلى العَكْسِ مِن ذَلِكَ ؟ والجَوابُ عَنْ هَذا مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: ما يُرْوى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، إنَّما هو حَتّى تَسْتَأْذِنُوا فَأخْطَأ الكاتِبُ.
وفِي قِراءَةِ أُبَيٍّ: حَتّى تَسْتَأْذِنُوا لَكم والتَّسْلِيمُ خَيْرٌ لَكم مِن تَحِيَّةِ الجاهِلِيَّةِ والدُّمُورِ، وهو الدُّخُولُ بِغَيْرِ إذْنٍ واشْتِقاقُهُ مِنَ الدَّمارِ، وهو الهَلاكُ، كَأنَّ صاحِبَهُ دامِرٌ لِعِظَمِ ما ارْتَكَبَ، وفي الحَدِيثِ: «”مَن سَبَقَتْ عَيْنُهُ اسْتِئْذانَهُ فَقَدْ دَمَرَ“»، واعْلَمْ أنَّ هَذا القَوْلَ مِنِ ابْنِ عَبّاسٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأنَّهُ يَقْتَضِي الطَّعْنَ في القُرْآنِ الَّذِي نُقِلَ بِالتَّواتُرِ ويَقْتَضِي صِحَّةَ القُرْآنِ الَّذِي لَمْ يُنْقَلُ بِالتَّواتُرِ، وفَتْحُ هَذَيْنِ البابَيْنِ يُطْرِقُ الشَّكَّ إلى كُلِّ القُرْآنِ وأنَّهُ باطِلٌ.
وثانِيها: ما رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ أنَّهُ قالَ: إنَّ في الكَلامِ تَقْدِيمًا وتَأْخِيرًا، والمَعْنى: حَتّى تُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها وتَسْتَأْنِسُوا، وذَلِكَ لِأنَّ السَّلامَ مُقَدَّمٌ عَلى الِاسْتِئْناسِ، وفي قِراءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: حَتّى تُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها وتَسْتَأْذِنُوا، وهَذا أيْضًا ضَعِيفٌ لِأنَّهُ خِلافُ الظّاهِرِ.
وثالِثُها: أنْ تُجْرِيَ الكَلامَ عَلى ظاهِرِهِ. ثُمَّ في تَفْسِيرِ الِاسْتِئْناسِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: حَتّى تَسْتَأْنِسُوا بِالإذْنِ وذَلِكَ لِأنَّهم إذا اسْتَأْذَنُوا وسَلَّمُوا أنِسَ أهْلُ البَيْتِ، ولَوْ دَخَلُوا بِغَيْرِ إذْنٍ لاسْتَوْحَشُوا وشَقَّ عَلَيْهِمُ الثّانِي: تَفْسِيرُ الِاسْتِئْناسِ بِالِاسْتِعْلامِ والِاسْتِكْشافِ اسْتِفْعالٌ مِن آنَسَ الشَّيْءَ إذا أبْصَرَهُ ظاهِرًا مَكْشُوفًا، والمَعْنى حَتّى تَسْتَعْلِمُوا وتَسْتَكْشِفُوا الحالَ هَلْ يُرادُ دُخُولُكم. ومِنهُ قَوْلُهُمُ اسْتَأْنِسْ هَلْ تَرى أحَدًا، واسْتَأْنَسْتُ فَلَمْ أرَ أحَدًا أيْ تَعَرَّفْتُ واسْتَعْلَمْتُ، فَإنْ قِيلَ وإذا حُمِلَ عَلى الأُنْسِ يَنْبَغِي أنْ يَتَقَدَّمَهُ السَّلامُ كَما رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ يَقُولُ: ”«السَّلامُ عَلَيْكم أأدْخُلُ» “ قُلْنا المُسْتَأْذِنُ رُبَّما لا يَعْلَمُ أنَّ أحَدًا في المَنزِلِ فَلا مَعْنى لِسَلامِهِ والحالَةُ هَذِهِ
والأقْرَبُ أنْ يَسْتَعْلِمَ بِالِاسْتِئْذانِ هَلْ هُناكَ مَن يَأْذَنُ، فَإذا أُذِنَ ودَخَلَ صارَ مُواجِهًا لَهُ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ.
والثّالِثُ: أنْ يَكُونَ اشْتِقاقُ الِاسْتِئْناسِ مِنَ الإنْسِ وهو أنْ يَتَعَرَّفَ هَلْ ثَمَّ إنْسانٌ، ولا شَكَّ أنَّ هَذا مُقَدَّمٌ عَلى السَّلامِ.
والرّابِعُ: لَوْ سَلَّمْنا أنَّ الِاسْتِئْناسَ إنَّما يَقَعُ بَعْدَ السَّلامِ ولَكِنَّ الواوَ لا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ، فَتَقْدِيمُ الِاسْتِئْناسِ عَلى السَّلامِ في اللَّفْظِ لا يُوجِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ في العَمَلِ.
* * *
السُّؤالُ الثّانِي: ما الحُكْمُ في إيجابِ تَقْدِيمِ الِاسْتِئْذانِ ؟ والجَوابُ: تِلْكَ الحِكْمَةُ هي الَّتِي نَبَّهَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْها في قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ﴾ فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلى أنَّ الَّذِي لِأجْلِهِ حُرِّمَ الدُّخُولُ إلّا عَلى هَذا الشَّرْطِ هو كَوْنُ البُيُوتِ مَسْكُونَةً، إذْ لا يَأْمَنُ مَن يَهْجُمُ عَلَيْها بِغَيْرِ اسْتِئْذانٍ أنْ يَهْجُمَ عَلى ما لا يَحِلُّ لَهُ أنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِن عَوْرَةٍ، أوْ عَلى ما لا يُحِبُّ القَوْمُ أنْ يَعْرِفَهُ غَيْرُهم مِنَ الأحْوالِ، وهَذا مِن بابِ العِلَلِ المُنَبَّهِ عَلَيْها بِالنَّصِّ، ولِأنَّهُ تَصَرُّفٌ في مِلْكِ الغَيْرِ فَلا بُدَّ وأنْ يَكُونَ بِرِضاهُ وإلّا أشْبَهَ الغَصْبَ.
* * *
السُّؤالُ الثّالِثُ: كَيْفَ يَكُونُ الِاسْتِئْذانُ ؟ الجَوابُ: «اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: أألِجُ ؟ فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِامْرَأةٍ يُقالُ لَها رَوْضَةُ ”قُومِي إلى هَذا فَعَلِّمِيهِ فَإنَّهُ لا يُحْسِنُ أنْ يَسْتَأْذِنَ قَوْلِي لَهُ يَقُولُ السَّلامُ عَلَيْكم أأدْخُلُ فَسَمِعَها الرَّجُلُ فَقالَها، فَقالَ ادْخُلْ فَدَخَلَ وسَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ أشْياءَ وكانَ يُجِيبُ، فَقالَ هَلْ في العِلْمِ ما لا تَعْلَمُهُ، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: لَقَدْ آتانِي خَيْرًا كَثِيرًا وإنَّ مِنَ العِلْمِ ما لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ، وتَلا ﴿إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ إلى آخِرِهِ“»
وكانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَقُولُ الرَّجُلُ مِنهم إذا دَخَلَ بَيْتًا غَيْرَ بَيْتِهِ حَيِيتُمْ صَباحًا وحَيِيتُمْ مَساءً، ثُمَّ يَدْخُلُ فَرُبَّما أصابَ الرَّجُلَ مَعَ امْرَأتِهِ في لِحافٍ واحِدٍ، فَصَدَفَ اللَّهُ تَعالى عَنْ (p-١٧٢)ذَلِكَ وعَلَّمَ الأحْسَنَ والأجْمَلَ، وعَنْ مُجاهِدٍ ”حَتّى تَسْتَأْنِسُوا“ هو التَّنَحْنُحُ، وقالَ عِكْرِمَةُ هو التَّسْبِيحُ والتَّكْبِيرُ ونَحْوُهُ.
* * *
السُّؤالُ الرّابِعُ: كَمْ عَدَدُ الِاسْتِئْذانِ ؟ الجَوابُ: رَوى أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”الِاسْتِئْذانُ“ ثَلاثٌ بِالأُولى يَسْتَنْصِتُونَ، وبِالثّانِيَةِ يَسْتَصْلِحُونَ، وبِالثّالِثَةِ يَأْذَنُونَ أوْ يَرُدُّونَ ”» وعَنْ جُنْدُبٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“ إذا اسْتَأْذَنَ أحَدُكم ثَلاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ ”» وعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «“ كُنْتُ جالِسًا في مَجْلِسٍ مِن مَجالِسِ الأنْصارِ، فَجاءَ أبُو مُوسى فَزِعًا، فَقُلْنا لَهُ ما أفْزَعَكَ ؟ فَقالَ أمَرَنِي عُمَرُ أنْ آتِيَهُ فَأتَيْتُهُ، فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ، فَقالَ ما مَنَعَكَ أنْ تَأْتِيَنِي ؟ فَقُلْتُ قَدْ جِئْتُ فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وقَدْ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: إذا اسْتَأْذَنَ أحَدُكم ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ، فَقالَ: لَتَأْتِيَنِّي عَلى هَذا بِالبَيِّنَةِ، أوْ لَأُعاقِبَنَّكَ. فَقالَ أُبَيٌّ لا يَقُومُ مَعَكَ إلّا أصْغَرُ القَوْمِ، قالَ فَقامَ أبُو سَعِيدٍ فَشَهِدَ لَهُ ”وفي بَعْضِ الأخْبارِ أنَّ عُمَرَ قالَ لِأبِي مُوسى إنِّي لَمْ أتَّهِمْكَ، ولَكِنِّي خَشِيتُ أنْ يَتَقَوَّلَ النّاسُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ» ﷺ .
وعَنْ قَتادَةَ الِاسْتِئْذانُ ثَلاثَةٌ: الأُولى يُسْمِعُ الحَيَّ. والثّانِي لِيَتَأهَّبُوا. والثّالِثُ إنْ شاءُوا أذِنُوا، وإنْ شاءُوا رَدُّوا، واعْلَمْ أنَّ هَذا مِن مَحاسِنِ الآدابِ، لِأنَّ في أوَّلِ مَرَّةٍ رُبَّما مَنَعَهم بَعْضُ الأشْغالِ مِنَ الإذْنِ، وفي المَرَّةِ الثّانِيَةِ رُبَّما كانَ هُناكَ ما يَمْنَعُ أوْ يَقْتَضِي المَنعَ أوْ يَقْتَضِي التَّساوِيَ، فَإذا لَمْ يُجَبْ في الثّالِثَةِ يَسْتَدِلُّ بِعَدَمِ الإذْنِ عَلى مانِعٍ ثابِتٍ، ورُبَّما أوْجَبَ ذَلِكَ كَراهَةَ قُرْبِهِ مِنَ البابِ فَلِذَلِكَ يُسَنُّ لَهُ الرُّجُوعُ
ولِذَلِكَ يَقُولُ يَجِبُ في الِاسْتِئْذانِ ثَلاثًا، أنْ لا يَكُونَ مُتَّصِلًا، بَلْ يَكُونُ بَيْنَ كُلِّ واحِدَةٍ والأُخْرى وقْتٌ، فَأمّا قَرْعُ البابِ بِعُنْفٍ والصِّياحُ بِصاحِبِ الدّارِ، فَذاكَ حَرامٌ لِأنَّهُ يَتَضَمَّنُ الإيذاءَ والإيحاشَ، وكَفى بِقِصَّةِ بَنِي أسَدٍ زاجِرَةٌ وما نَزَلَ فِيها مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهم لا يَعْقِلُونَ﴾ [الحجرات: ٤] .
* * *
السُّؤالُ الخامِسُ: كَيْفَ يَقِفُ عَلى البابِ ؟ الجَوابُ: رُوِيَ «أنَّ أبا سَعِيدٍ اسْتَأْذَنَ عَلى الرَّسُولِ ﷺ وهو مُسْتَقْبِلٌ البابَ، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: لا تَسْتَأْذِنْ وأنْتَ مُسْتَقْبِلُ البابِ» .
ورُوِيَ «أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ إذا أتى بابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ البابَ مِن تِلْقاءِ وجْهِهِ، ولَكِنْ مِن رُكْنِهِ الأيْمَنِ أوِ الأيْسَرِ فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكم»، وذَلِكَ لِأنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْها حِينَئِذٍ سُتُورٌ.
* * *
السُّؤالُ السّادِسُ: أنَّ كَلِمَةَ (حَتّى) لِلْغايَةِ والحُكْمُ بَعْدَ الغايَةِ يَكُونُ بِخِلافِ ما قَبْلَها فَقَوْلُهُ: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ يَقْتَضِي جَوازَ الدُّخُولِ بَعْدَ الِاسْتِئْذانِ وإنْ لَمْ يَكُنْ مِن صاحِبِ البَيْتِ إذْنٌ فَما قَوْلُكم فِيهِ ؟ الجَوابُ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: أنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ الغايَةَ الِاسْتِئْناسَ لا الِاسْتِئْذانَ، والِاسْتِئْناسُ لا يَحْصُلُ إلّا إذا حَصَلَ الإذْنُ بَعْدَ الِاسْتِئْذانِ.
وثانِيها: أنّا لَمّا عَلِمْنا بِالنَّصِّ أنَّ الحِكْمَةَ في الِاسْتِئْذانِ أنْ لا يَدْخُلَ الإنْسانُ عَلى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإنَّ ذَلِكَ مِمّا يَسُوءُهُ، وعَلِمْنا أنَّ هَذا المَقْصُودَ لا يَحْصُلُ إلّا بَعْدَ حُصُولِ الإذْنِ، عَلِمْنا أنَّ الِاسْتِئْذانَ ما لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الإذْنُ وجَبَ أنْ لا يَكُونَ كافِيًا
وثالِثُها: أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أحَدًا فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ فَحَظَرَ الدُّخُولَ إلّا بِإذْنٍ، فَدَلَّ عَلى أنَّ الإذْنَ مَشْرُوطٌ بِإباحَةِ الدُّخُولِ في الآيَةِ الأُولى، فَإنْ قِيلَ إذا ثَبَتَ أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الإذْنِ فَهَلْ يَقُومُ مَقامَهُ غَيْرُهُ أمْ لا ؟ قُلْنا رَوى أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «“ رَسُولُ الرَّجُلِ إلى الرَّجُلِ إذْنُهُ ”» وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ: «“ إذا دُعِيَ أحَدُكم فَجاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَإنَّ ذَلِكَ لَهُ إذْنٌ ”» وهَذا الخَبَرُ يَدُلُّ عَلى مَعْنَيَيْنِ.
(p-١٧٣)أحَدُهُما: أنَّ الإذْنَ مَحْذُوفٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ وهو المُرادُ مِنهُ.
والثّانِي: أنَّ الدُّعاءَ إذْنٌ إذا جاءَ مَعَ الرَّسُولِ وأنَّهُ لا يَحْتاجُ إلى اسْتِئْذانٍ ثانٍ، وقالَ بَعْضُهم إنَّ مَن قَدْ جَرَتِ العادَةُ لَهُ بِإباحَةِ الدُّخُولِ فَهو غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى الِاسْتِئْذانِ.
* * *
السُّؤالُ السّابِعُ: ما حُكْمُ مَنِ اطَّلَعَ عَلى دارِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ الجَوابُ: قالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهي هَدَرٌ، وتَمَسَّكَ بِما رَوى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ قالَ: «“ اطَّلَعَ رَجُلٌ في حُجْرَةٍ مِن حُجَرِ النَّبِيِّ ﷺ ومَعَهُ مِدْرًى يَحُكُّ بِها رَأْسَهُ فَقالَ: لَوْ عَلِمْتُ أنَّكَ تَنْظُرُ إلَيَّ لَطَعَنْتُ بِها في عَيْنِكَ إنَّما الِاسْتِئْذانُ قَبْلَ النَّظَرِ ”» ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ: «“ مَنِ اطَّلَعَ في دارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَقَدْ هُدِرَتْ عَيْنُهُ ”» .
قالَ أبُو بَكْرٍ الرّازِيُّ: هَذا الخَبَرُ يُرَدُّ لِوُرُودِهِ عَلى خِلافِ قِياسِ الأُصُولِ، فَإنَّهُ لا خِلافَ أنَّهُ لَوْ دَخَلَ دارَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفَقَأ عَيْنَهُ كانَ ضامِنًا وكانَ عَلَيْهِ القِصاصُ إنْ كانَ عامِدًا والأرْشُ إنْ كانَ مُخْطِئًا، ومَعْلُومٌ أنَّ الدّاخِلَ قَدِ اطَّلَعَ وزادَ عَلى الِاطِّلاعِ، فَظاهِرُ الحَدِيثِ مُخالِفٌ لِما حَصَلَ عَلَيْهِ الِاتِّفاقُ، فَإنْ صَحَّ فَمَعْناهُ: مَنِ اطَّلَعَ في دارِ قَوْمٍ ونَظَرَ إلى حَرَمِهِمْ ونِسائِهِمْ فَمُونِعَ فَلَمْ يَمْتَنِعْ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ في حالِ المُمانَعَةِ فَهي هَدَرٌ.
فَأمّا إذا لَمْ يَكُنْ إلّا النَّظَرُ ولَمْ يَقَعْ فِيهِ مُمانَعَةٌ ولا نَهْيٌ، ثُمَّ جاءَ إنْسانٌ فَفَقَأ عَيْنَهُ، فَهَذا جانٍ يَلْزَمُهُ حُكْمُ جِنايَتِهِ لِظاهِرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿والعَيْنَ بِالعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] إلى قَوْلِهِ: ﴿والجُرُوحَ قِصاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥] واعْلَمْ أنَّ التَّمَسُّكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والعَيْنَ بِالعَيْنِ﴾ في هَذِهِ المسألة ضَعِيفٌ، لِأنّا أجْمَعْنا عَلى أنَّ هَذا النَّصَّ مَشْرُوطٌ بِما إذا لَمْ تَكُنِ العَيْنُ مُسْتَحَقَّةً، فَإنَّها لَوْ كانَتْ مُسْتَحَقَّةً لَمْ يَلْزَمِ القِصاصُ، فَلِمَ قُلْتَ: إنَّ مَنِ اطَّلَعَ في دارِ إنْسانٍ لَمْ تَكُنْ عَيْنُهُ مُسْتَحَقَّةً ؟ وهَذا أوَّلُ المسألة.
أمّا قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ دَخَلَ لَمْ يَجُزْ فَقْءُ عَيْنِهِ، فَكَذا إذا نَظَرَ قُلْنا: الفَرْقُ بَيْنَ الأمْرَيْنِ ظاهِرٌ، لِأنَّهُ إذا دَخَلَ عَلِمَ القَوْمُ دُخُولَهُ عَلَيْهِمْ فاحْتَرَزُوا عَنْهُ وتَسَتَّرُوا، فَأمّا إذا نَظَرَ فَقَدْ لا يَكُونُونَ عالِمِينَ بِذَلِكَ فَيَطَّلِعُ مِنهم عَلى ما لا يَجُوزُ الِاطِّلاعُ عَلَيْهِ، فَلا يَبْعُدُ في حُكْمِ الشَّرْعِ أنْ يُبالِغَ هاهُنا في الزَّجْرِ حَسْمًا لِبابِ هَذِهِ المَفْسَدَةِ، وبِالجُمْلَةِ فَرَدُّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِهَذا القَدْرِ مِنَ الكَلامِ غَيْرُ جائِزٍ.
* * *
السُّؤالُ الثّامِنُ: لَمّا بَيَّنْتُمْ أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الإذْنِ فَهَلْ يَكْفِي الإذْنُ كَيْفَ كانَ أوْ لا بُدَّ مِن إذْنٍ مَخْصُوصٍ ؟ الجَوابُ: ظاهِرُ الآيَةِ يَقْتَضِي قَبُولَ الإذْنِ مُطْلَقًا سَواءٌ كانَ الآذِنُ صَبِيًّا أوِ امْرَأةً أوْ عَبْدًا أوْ ذِمِّيًّا فَإنَّهُ لا يُعْتَبَرُ في هَذا الإذْنِ صِفاتُ الشَّهادَةِ وكَذَلِكَ قَبُولُ أخْبارِ هَؤُلاءِ في الهَدايا ونَحْوِها.
* * *
السُّؤالُ التّاسِعُ: هَلْ يُعْتَبَرُ الِاسْتِئْذانُ عَلى المَحارِمِ ؟ والجَوابُ: نَعَمْ، عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ: «“ أنَّ رَجُلًا سَألَ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: أسْتَأْذِنُ عَلى أُخْتِي ؟ فَقالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ نَعَمْ أتُحِبُّ أنْ تَراها عُرْيانَةً ”» وسَألَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ أسْتَأْذِنُ عَلى أُخْتِي، فَقالَ إنْ لَمْ تَسْتَأْذِنْ عَلَيْها رَأيْتَ ما يَسُوءُكَ، وقالَ عَطاءٌ سَألْتُ ابْنَ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أسْتَأْذِنُ عَلى أُخْتِي ومَن أُنْفِقُ عَلَيْها ؟ قالَ: نَعَمْ إنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿وإذا بَلَغَ الأطْفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [النور: ٥٩] ولَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَن كانَ أجْنَبِيًّا أوْ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
واعْلَمْ أنَّ تَرْكَ الِاسْتِئْذانِ عَلى المَحارِمِ وإنْ كانَ غَيْرَ جائِزٍ إلّا أنَّهُ أيْسَرُ لِجَوازِ النَّظَرِ إلى شَعْرِها وصَدْرِها وساقِها ونَحْوِها مِنَ الأعْضاءِ. والتَّحْقِيقُ فِيهِ أنَّ المَنعَ مِنَ الهُجُومِ عَلى الغَيْرِ إنْ كانَ لِأجْلِ أنَّ ذَلِكَ الغَيْرَ رُبَّما كانَ مُنْكَشِفَ الأعْضاءِ فَهَذا دَخَلَ فِيهِ الكُلُّ إلّا الزَّوْجاتِ ومِلْكَ اليَمِينِ، وإنْ كانَ لِأجْلِ أنَّهُ رُبَّما كانَ مُشْتَغِلًا (p-١٧٤)بِأمْرٍ يَكْرَهُ إطْلاعَ الغَيْرِ عَلَيْهِ وجَبَ أنْ يَعُمَّ في الكُلِّ، حَتّى لا يَكُونَ لَهُ أنْ يَدْخُلَ عَلى الزَّوْجَةِ والأمَةِ إلّا بِإذْنٍ.
* * *
السُّؤالُ العاشِرُ: إذا عَرَضَ أمْرُ في دارٍ مِن حَرِيقٍ أوْ هُجُومِ سارِقٍ أوْ ظُهُورِ مُنْكَرٍ فَهَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْذانُ ؟ الجَوابُ: كُلُّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى بِالدَّلِيلِ فَهَذا جُمْلَةُ الكَلامِ في الِاسْتِئْذانِ، وأمّا السَّلامُ فَهو مِن سُنَّةِ المُسْلِمِينَ الَّتِي أُمِرُوا بِها، وأمانٌ لِلْقَوْمِ وهو تَحِيَّةُ أهْلِ الجَنَّةِ ومَجْلَبَةٌ لِلْمَوَدَّةِ ونافٍ لِلْحِقْدِ والضَّغِينَةِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «“ لَمّا خَلَقَ اللَّهُ تَعالى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ونَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقالَ الحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإذْنِ اللَّهِ، فَقالَ لَهُ رَبُّهُ يَرْحَمُكَ رَبُّكَ يا آدَمُ اذْهَبْ إلى هَؤُلاءِ المَلائِكَةِ - وهم مَلَأٌ مِنهم جُلُوسٌ - فَقُلِ السَّلامُ عَلَيْكم، فَلَمّا فَعَلَ ذَلِكَ رَجَعَ إلى رَبِّهِ فَقالَ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ”» .
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ حَقُّ المُسْلِمِ عَلى المُسْلِمِ سِتٌّ؛ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذا لَقِيَهُ، ويُجِيبُهُ إذا دَعاهُ، ويَنْصَحُ لَهُ بِالغَيْبِ، ويُشَمِّتُهُ إذا عَطَسَ، ويَعُودُهُ إذا مَرِضَ، ويَشْهَدُ جِنازَتَهُ إذا ماتَ ”» وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «“ إنْ سَرَّكم أنْ يُسَلَّ الغِلُّ مِن صُدُورِكم فَأفْشَوُا السَّلامَ بَيْنَكم "» .
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكم خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فالمَعْنى فِيهِ ظاهِرٌ، إذِ المُرادُ أنَّ فِعْلَ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكم وأوْلى لَكم مِنَ الهُجُومِ بِغَيْرِ إذْنٍ ﴿لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ أيْ لِكَيْ تَتَذَكَّرُوا هَذا التَّأْدِيبَ فَتَتَمَسَّكُوا بِهِ، ثم قال: ﴿فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها﴾ أيْ في البُيُوتِ أحَدًا ﴿فَلا تَدْخُلُوها﴾ لِأنَّ العِلَّةَ في الصُّورَتَيْنِ واحِدَةٌ وهي جَوازُ أنْ يَكُونَ هُناكَ أحْوالٌ مَكْتُومَةٌ يُكْرَهُ إطْلاعُ الدّاخِلِ عَلَيْها، ثم قال: ﴿وإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا﴾ وذَلِكَ لِأنَّهُ كَما يَكُونُ الدُّخُولُ قَدْ يَكْرَهُهُ صاحِبُ الدّارِ فَكَذا الوُقُوفُ عَلى البابِ قَدْ يَكْرَهُهُ، فَلا جَرَمَ كانَ الأوْلى والأزْكى لَهُ أنْ يَرْجِعَ إزالَةً لِلْإيحاشِ والإيذاءِ، ولَمّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى حُكْمَ الدُّورِ المَسْكُونَةِ ذَكَرَ بَعْدَهُ حُكْمَ الدُّورِ الَّتِي هي غَيْرُ مَسْكُونَةٍ، فَقالَ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ﴾ وذَلِكَ لِأنَّ المانِعَ مِنَ الدُّخُولِ إلّا بِإذْنٍ زائِلٌ عَنْها واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في المُرادِ مِن قَوْلِهِ: ﴿بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ﴾ عَلى أقْوالٍ:
أحَدُها: وهو قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ أنَّها الحاناتُ والرِّباطاتُ وحَوانِيتُ البَيّاعِينَ والمَتاعُ المُنْفَعِةُ، كالِاسْتِكْنانِ مِنَ الحَرِّ والبَرْدِ، وإيواءِ الرِّحالِ والسِّلَعِ والشِّراءِ والبَيْعِ، يُرْوى «أنَّ أبا بَكْرٍ قالَ يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ قَدْ أنْزَلَ عَلَيْكَ آيَةً في الِاسْتِئْذانِ وإنّا نَخْتَلِفُ في تِجارَتِنا فَنَنْزِلُ هَذِهِ الخاناتِ، أفَلا نَدْخُلُها إلّا بِإذْنٍ ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» .
وثانِيها: أنَّها الخَرِباتُ يُتَبَرَّزُ فِيها، والمَتاعُ التَّبَرُّزُ.
وثالِثُها: الأسْواقُ.
ورابِعُها: أنَّها الحَمّاماتُ.
والأوْلى أنْ يُقالَ إنَّهُ لا يَمْتَنِعُ دُخُولُ الجَمِيعِ تَحْتَ الآيَةِ فَيُحْمَلُ عَلى الكُلِّ، والعِلَّةُ في ذَلِكَ أنَّها إذا كانَتْ كَذَلِكَ فَهي مَأْذُونٌ بِدُخُولِها مِن جِهَةِ العُرْفِ، فَكَذَلِكَ نَقُولُ إنَّها لَوْ كانَتْ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ولَكِنَّها كانَتْ مَغْصُوبَةً، فَإنَّهُ لا يَجُوزُ لِلدّاخِلِ أنْ يَدْخُلَ فِيها لَكِنَّ الظّاهِرَ مِن حالِ الخاناتِ أنَّها مَوْضُوعَةٌ لِدُخُولِ الدّاخِلِ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما تَكْتُمُونَ﴾ فَهو وعِيدٌ لِلَّذِينِ يَدْخُلُونَ الخَرِباتِ والدُّورَ الخالِيَةَ مِن أهْلِ الرِّيبَةِ.
{"ayahs_start":27,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ بُیُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَهۡلِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ","فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فِیهَاۤ أَحَدࣰا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ یُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِیلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُوا۟ فَٱرۡجِعُوا۟ۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِیمࣱ","لَّیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ مَسۡكُونَةࣲ فِیهَا مَتَـٰعࣱ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ بُیُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَهۡلِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق