الباحث القرآني
.
لِما فَرَغَ سُبْحانَهُ مِن ذِكْرِ الزَّجْرِ عَنِ الزِّنا والقَذْفِ شَرَعَ في ذِكْرِ الزَّجْرِ عَنْ دُخُولِ البُيُوتِ بِغَيْرِ اسْتِئْذانٍ لِما في ذَلِكَ مِن مُخالَطَةِ الرِّجالِ بِالنِّساءِ، فَرُبَّما يُؤَدِّي إلى أحَدِ الأمْرَيْنِ المَذْكُورَيْنِ، وأيْضًا إنَّ الإنْسانَ يَكُونُ في بَيْتِهِ ومَكانِ خَلْوَتِهِ (p-١٠٠٦)عَلى حالَةٍ قَدْ لا يُحِبُّ أنْ يَراهُ عَلَيْها غَيْرُهُ، فَنَهى اللَّهُ سُبْحانَهُ عَنْ دُخُولِ بُيُوتِ الغَيْرِ إلى غايَةٍ، هي قَوْلُهُ: ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ والِاسْتِئْناسُ الِاسْتِعْلامُ والِاسْتِخْبارُ أيْ: حَتّى تَسْتَعْلِمُوا مَن في البَيْتِ، والمَعْنى: حَتّى تَعْلَمُوا أنَّ صاحِبَ البَيْتِ قَدْ عَلِمَ بِكم وتَعْلَمُوا أنَّهُ قَدْ أذِنَ بِدُخُولِكم، فَإذا عَلِمْتُمْ ذَلِكَ دَخَلْتُمْ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿فَإنْ آنَسْتُمْ مِنهم رُشْدًا﴾ [النساء: ٦] أيْ عَلِمْتُمْ.
قالَ الخَلِيلُ: الِاسْتِئْناسُ الِاسْتِكْشافُ، مِن أنِسَ الشَّيْءَ إذا أبْصَرَهُ كَقَوْلِهِ: ﴿إنِّي آنَسْتُ نارًا﴾ [ طه: ١٠، النَّمْلِ: ٧ ] أيْ أبْصَرْتُ. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إنَّهُ بِمَعْنى وتُؤْنِسُوا أنْفُسَكم.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وتَصْرِيفُ الفِعْلِ يَأْبى أنْ يَكُونَ مِن أنِسَ.
ومَعْنى كَلامِ ابْنِ جَرِيرٍ هَذا أنَّهُ مِنَ الِاسْتِئْناسِ الَّذِي هو خِلافُ الِاسْتِيحاشِ؛ لِأنَّ الَّذِي يَطْرُقُ بابَ غَيْرِهِ لا يَدْرِي أيُؤْذَنُ لَهُ أمْ لا ؟ فَهو كالمُسْتَوْحِشِ حَتّى يُؤْذَنَ لَهُ، فَإذا أُذِنَ لَهُ اسْتَأْنَسَ، فَنَهى سُبْحانَهُ عَنْ دُخُولِ تِلْكَ البُيُوتِ حَتّى يُؤْذَنَ لِلدّاخِلِ.
وقِيلَ: هو مِنَ الإنْسِ، وهو أنْ يَتَعَرَّفَ هَلْ ثَمَّ إنْسانٌ أمْ لا ؟ وقِيلَ: مَعْنى الِاسْتِئْناسِ الِاسْتِئْذانُ أيْ: لا تَدْخُلُوها حَتّى تَسْتَأْذِنُوا.
قالَ الواحِدِيُّ قالَ جَماعَةُ المُفَسِّرِينَ: حَتّى تَسْتَأْذِنُوا، ويُؤَيِّدُهُ ما حَكاهُ القُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وأُبَيٍّ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّهم قَرَءُوا ( حَتّى تَسْتَأْذِنُوا ) قالَ مالِكٌ فِيما حَكاهُ عَنْهُ ابْنُ وهْبٍ: الِاسْتِئْناسُ فِيما يَرى واللَّهُ أعْلَمُ الِاسْتِئْذانُ، وقَوْلُهُ: ﴿وتُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها﴾ قَدْ بَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كَما سَيَأْتِي بِأنْ يَقُولَ: السَّلامُ عَلَيْكم أدْخَلُ ؟ مَرَّةً أوْ ثَلاثًا كَما سَيَأْتِي.
واخْتَلَفُوا هَلْ يُقَدِّمُ الِاسْتِئْذانَ عَلى السَّلامِ أوِ العَكْسَ، فَقِيلَ يُقَدِّمُ الِاسْتِئْذانَ، فَيَقُولُ: أدْخَلُ سَلامٌ عَلَيْكم، لِتَقْدِيمِ الِاسْتِئْناسِ في الآيَةِ عَلى السَّلامِ.
وقالَ الأكْثَرُونَ: إنَّهُ يُقَدِّمُ السَّلامَ عَلى الِاسْتِئْذانِ فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكم أدْخُلُ، وهو الحَقُّ؛ لِأنَّ البَيانَ مِنهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لِلْآيَةِ كانَ هَكَذا.
وقِيلَ: إنْ وقَعَ بَصَرُهُ عَلى إنْسانٍ قَدَّمَ السَّلامَ، وإلّا قَدَّمَ الِاسْتِئْذانَ ﴿ذَلِكم خَيْرٌ لَكُمْ﴾ الإشارَةُ إلى الِاسْتِئْناسِ والتَّسْلِيمِ أيْ: دُخُولُكم مَعَ الِاسْتِئْذانِ والسَّلامُ خَيْرٌ لَكم مِنَ الدُّخُولِ بَغْتَةً ﴿لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ أنَّ الِاسْتِئْذانَ خَيْرٌ لَكم، وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُقَدَّرٍ أيْ: أُمِرْتُمْ بِالِاسْتِئْذانِ، والمُرادُ بِالتَّذَكُّرِ الِاتِّعاظُ، والعَمَلُ بِما أُمِرُوا بِهِ.
﴿فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أحَدًا فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكم﴾ أيْ فَإنْ لَمْ تَجِدُوا في البُيُوتِ الَّتِي لِغَيْرِكم أحَدًا مِمَّنْ يُسْتَأْذَنُ عَلَيْهِ فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكم بِدُخُولِها مِن جِهَةِ مَن يَمْلِكُ الإذْنَ.
وحَكى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ قالَ: مَعْنى الآيَةِ فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أحَدًا أيْ: لَمْ يَكُنْ لَكم فِيها مَتاعٌ، وضَعَّفَهُ وهو حَقِيقٌ بِالضَّعْفِ، فَإنَّ المُرادَ بِالأحَدِ المَذْكُورِ أهْلُ البُيُوتِ الَّذِينَ يَأْذَنُونَ لِلْغَيْرِ بِدُخُولِها، لا مَتاعَ الدّاخِلِينَ إلَيْها ﴿وإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا﴾ أيْ إنْ قالَ لَكم أهْلَ البَيْتِ ارْجِعُوا فارْجِعُوا، ولا تُعاوِدُوهم بِالِاسْتِئْذانِ مَرَّةً أُخْرى، ولا تَنْتَظِرُوا بَعْدَ ذَلِكَ أنْ يَأْذَنُوا لَكم بَعْدَ أمْرِهِمْ لَكم بِالرُّجُوعِ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ الرُّجُوعَ أفْضَلُ مِنَ الإلْحاحِ وتَكْرارِ الِاسْتِئْذانِ والقُعُودِ عَلى البابِ فَقالَ: ﴿هُوَ أزْكى لَكُمْ﴾ أيْ أفْضَلُ وأطْهَرُ مِنَ التَّدَنُّسِ بِالمُشاحَّةِ عَلى الدُّخُولِ لِما في ذَلِكَ مِن سَلامَةِ الصَّدْرِ، والبُعْدِ مِنَ الرِّيبَةِ، والفِرارِ مِنَ الدَّناءَةِ ﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ لا تَخْفى عَلَيْهِ مِن أعْمالِكم خافِيَةٌ.
﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكم﴾ أيْ لا جُناحَ عَلَيْكم في الدُّخُولِ بِغَيْرِ اسْتِئْذانٍ إلى البُيُوتِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَسْكُونَةٍ.
وقَدِ اخْتَلَفَ النّاسُ في المُرادِ بِهَذِهِ البُيُوتِ، فَقالَ مُحَمَّدُ بْنُ الحَنَفِيَّةِ وقَتادَةُ ومُجاهِدٌ: هي الفَنادِقُ الَّتِي في الطُّرُقِ السّابِلَةِ المَوْضُوعَةِ لِابْنِ السَّبِيلِ يَأْوِي إلَيْها.
وقالَ ابْنُ زَيْدٍ والشَّعْبِيُّ: هي حَوانِيتُ القَيْسارِيّاتِ، قالَ الشَّعْبِيُّ: لِأنَّهم جاءُوا بِبِيُوعِهِمْ فَجَعَلُوها فِيها، وقالُوا لِلنّاسِ هَلُمَّ.
وقالَ عَطاءٌ: المُرادُ بِها الخَرِبُ الَّتِي يَدْخُلُها النّاسُ لِلْبَوْلِ والغائِطِ، فَفي هَذا أيْضًا مَتاعٌ.
وقِيلَ: هي بُيُوتُ مَكَّةَ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ أيْضًا، وهو مُوافِقٌ لِقَوْلِ مَن قالَ: إنَّ النّاسَ شُرَكاءُ فِيها، ولَكِنْ قَدْ قَيَّدَ سُبْحانَهُ هَذِهِ البُيُوتَ المَذْكُورَةَ هُنا بِأنَّها غَيْرُ مَسْكُونَةٍ.
والمَتاعُ: المَنفَعَةُ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ، فَيَكُونُ مَعْنى الآيَةِ: فِيها مَنفَعَةٌ لَكم، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿ومَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وقَوْلُهم: أمْتَعَ اللَّهُ بِكَ، وقَدْ فَسَّرَ الشَّعْبِيُّ المَتاعَ في كَلامِهِ المُتَقَدِّمِ بِالأعْيانِ الَّتِي تُباعُ.
قالَ جابِرُ بْنُ زَيْدٍ: ولَيْسَ المُرادُ بِالمَتاعِ الجِهازَ، ولَكِنْ ما سِواهُ مِنَ الحاجَةِ.
قالَ النَّحّاسُ: وهو حَسَنٌ مُوافِقٌ لِلُّغَةِ ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما تَكْتُمُونَ﴾ أيْ ما تُظْهِرُونَ وما تُخْفُونَ، وفِيهِ وعِيدٌ لِمَن لَمْ يَتَأدَّبْ بِآدابِ اللَّهِ في دُخُولِ بُيُوتِ الغَيْرِ.
وقَدْ أخْرَجَ الفِرْيابِيٌّ وابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ عَدِيِّ بْنِ ثابِتٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأنْصارِ قالَ: «قالَتِ امْرَأةٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أكُونُ في بَيْتِي عَلى الحالَةِ الَّتِي لا أُحِبُّ أنْ يَرانِي عَلَيْها أحَدٌ ولَدٌ ولا والِدٌ، فَيَأْتِينِي الأبُ فَيَدْخُلُ عَلَيَّ فَكَيْفَ أصْنَعُ ؟» ولَفْظُ ابْنِ جَرِيرٍ: «وإنَّهُ لا يَزالُ يَدْخُلُ عَلَيَّ رَجُلٌ مِن أهْلِي وأنا عَلى تِلْكَ الحالَةِ، فَنَزَلَتْ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ الفِرْيابِيٌّ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ الأنْبارِيِّ في المَصاحِفِ وابْنُ مَندَهْ في غَرائِبِ شُعْبَةَ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ والضِّياءُ في المُخْتارَةِ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ قالَ: أخْطَأ الكاتِبُ حَتّى تَسْتَأْذِنُوا ﴿وتُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها﴾ .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيُّ قالَ في مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ ( حَتّى تُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها وتَسْتَأْذِنُوا ) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الِاسْتِئْناسُ: الِاسْتِئْذانُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ والحَكِيمُ والتِّرْمِذِيُّ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ «عَنْ أبِي أيُّوبَ قالَ: قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ: أرَأيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعالى ﴿حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها﴾ (p-١٠٠٧)هَذا التَّسْلِيمُ قَدْ عَرَفْناهُ فَما الِاسْتِئْناسُ ؟ قالَ: يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بِتَسْبِيحَةٍ وتَكْبِيرَةٍ وتَحْمِيدَةٍ ويَتَنَحْنَحُ فَيُؤْذِنُ أهْلَ البَيْتِ» .
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ أبِي أيُّوبَ أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «الِاسْتِئْناسُ أنْ يَدْعُوَ الخادِمَ حَتّى يَسْتَأْنِسَ أهْلُ البَيْتِ الَّذِينَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ وأحْمَدُ والبُخارِيُّ في الأدَبِ وأبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ مِن طَرِيقِ كَلَدَةَ «أنَّ صَفْوانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ في الفَتْحِ بِلِبَأِ وضَغابِيسَ والنَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِأعْلى الوادِي، قالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ولَمْ أُسَلِّمْ ولَمْ أسْتَأْذِنْ، فَقالَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: ارْجِعْ فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْكم أأدْخُلُ ؟» قالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إلّا مِن حَدِيثِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ والبُخارِيُّ في الأدَبِ وأبُو داوُدَ والبَيْهَقِيُّ في السُّنَنِ مِن طَرِيقِ رِبْعِيٍّ، قالَ: «حَدَّثَنا رَجُلٌ مِن بَنِي عامِرٍ اسْتَأْذَنَ عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وهو في بَيْتٍ، فَقالَ: أألِجُ ؟ فَقالَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لِخادِمِهِ: اخْرُجْ إلى هَذا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ السَّلامُ عَلَيْكم أأدْخُلُ ؟» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا، ولَكِنَّهُ قالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ لِأمَةٍ لَهُ يُقالُ لَها رَوْضَةُ: قَوْمِي إلى هَذا فَعَلِّمِيهِ» .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «كُنْتُ جالِسًا في مَجْلِسٍ مِن مَجالِسِ الأنْصارِ فَجاءَ أبُو مُوسى فَزِعًا، فَقُلْنا لَهُ: ما أفْزَعَكَ قالَ: أمَرَنِي عُمَرُ أنْ آتِيَهُ فَأتَيْتُهُ، فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَقالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَأْتِيَنِي ؟ فَقُلْتُ: قَدْ جِئْتُ فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وقَدْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: إذا اسْتَأْذَنَ أحَدُكم ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ.
قالَ: لَتَأْتِيَنِي عَلى هَذا بِالبَيِّنَةِ، فَقالُوا: لا يَقُومُ إلّا أصْغَرُ القَوْمِ، فَقامَ أبُو سَعِيدٍ مَعَهُ لِيَشْهَدَ لَهُ، فَقالَ عُمَرُ لِأبِي مُوسى: إنِّي لَمْ أتَّهِمْكَ، ولَكِنَّ الحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - شَدِيدٌ» .
وفِي الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما مِن حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: «اطَّلَعَ رَجُلٌ مِن جُحْرٍ في حُجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ومَعَهُ مِدْرًى يَحُكُّ بِها رَأْسَهُ، قالَ: لَوْ أعْلَمُ أنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِها في عَيْنِكَ، إنَّما جُعِلَ الِاسْتِئْذانُ مِن أجْلِ البَصَرِ» .
وفِي لَفْظِ: «إنَّما جُعِلَ الإذْنُ مِن أجْلِ البَصَرِ» .
وأخْرَجَ أبُو يَعْلى وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَجُلٌ مِنَ المُهاجِرِينَ: لَقَدْ طَلَبْتُ عُمْرِي كُلَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ، فَما أدْرَكْتُها أنْ أسْتَأْذِنَ عَلى بَعْضِ إخْوانِي، فَيَقُولُ لِي ارْجِعْ، فَأرْجِعُ وأنا مُغْتَبِطٌ لِقَوْلِهِ: ﴿وإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا هو أزْكى لَكم﴾ .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ في الأدَبِ وأبُو داوُدَ في النّاسِخِ والمَنسُوخِ وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها﴾ فَنُسِخَ، مِن ذَلِكَ فَقالَ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكم﴾ .
{"ayahs_start":27,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ بُیُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَهۡلِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ","فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فِیهَاۤ أَحَدࣰا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ یُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِیلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُوا۟ فَٱرۡجِعُوا۟ۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِیمࣱ","لَّیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ مَسۡكُونَةࣲ فِیهَا مَتَـٰعࣱ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ بُیُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَهۡلِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق