الباحث القرآني
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ الله} هل هذا القولُ وقعَ وانقضَى أو سيقع يومَ القيامة؟ قولان للناس، فقال بعضُم: لَمَّا رفعه إليه قال له ذلك، وعلى هذا ف «إذ» و «قال» على موضوعهما من المُضِيِّ وهو الظاهر. وقال بعضُهم: سيقولُه له يوم القيامة وعلى هذا ف «إذا» بمعنى «إذا» ، «وقال» بمعنى «يقول» وكونُها بمعنى «إذا» أهونُ من قول أبي عُبيد إنها زائدة؛ لأنَّ زيادةَ الأسماء ليست بالسهلة.
قوله: {أَأَنتَ قُلتَ} دَخَلَتِ الهمزةُ على المبتدأ فائدةٍ ذكرها أهل البيان وهو: أن الفعلَ إذا عُلِم وجودُه وشُكَّ / في نسبته إلى شخص أُولِي الاسمُ المشكوكُ في نسبة الفعل إليه للهمزة فيقال: «أأنت ضرب زيداً» فَضَرْبُ زيدٍ قد صدر في الوجود وإنما شُكَّ في نسبته إلى المخاطب، وإنْ شُكَّ في اصل وقوع الفعل أُولِي الفعلُ للهمزة فيقال: «أضربْتَ زيداً» لم تَقْطَعْ بوقوعِ الضرب بل شَكَكْتَ فيه، والحاصل: أنَّ الهمزةَ يليها المشكوك فيه، جئنا إلى الآية الكريمة فالاستفهامُ فيها يُراد به التقريعُ والتوبيخُ بغيرِ عيسى عليه السلام وهم المتَّخذون له ولأمة الهين، دَخَل على المبتدأ لهذا المعنى الذي قد ذكرته، لأن الاتخاذَ قد وقع لا بد. واللام في «للناس» للتبليغ فقط، و «اتخذوني» يجوز أن تكون بمعنى «صَيَّر» فتتعدَّى لاثنين ثانيهما «إلهين» وأن تكونَ المتعدية لواحد ف «إلهين» حالٌ. و «من دون الله» فيه وجهان، أظهرهما: أنه متعلقٌ بالاتخاذ وأجاز أبو البقاء - وبه بدأ - أن يكون متعلقاً بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل «آلهين» .
قوله: {سُبْحَانَكَ} أي: تنزيهاً، وتقدَّم الكلامُ عليه في البقرة مشبعاً، ومتعلَّقُه هنا محذوفٌ فقدَّره الزمخشري: سبحانك من أن يكونَ لك شريكٌ «وقَدَّره ابن عطية:» عن أَنْ يُقال هذا وينطق به «ورجَّحه الشيخ لقوله بعد: {مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ} قوله: {أَنْ أَقُول} في محلِّ رفع لأنه اسمُ» يكون «، والخبرُ في الجار قبله، أي: ما ينبغي لي قولُ كذا. و» ما «يجوزُ أن تكونَ موصولةً أن نكرةً موصوفة. والجملةُ بعدها صلةٌ فلا محلَّ لها، أو صفةٌ فمحلُّها النصبُ، فإنّ» ما «منصوبةٌ ب» اقول «نصبَ المفعول به لأنها متضمنةٌ لجملة فهو نظيرُ» قلت كلاماً «، وعلى هذا فلا يُحتاج أن يُؤَوَّل» أقول «بمعنى أَدَّعِي أو أذكر، كما فعله أبو البقاء. وفي» ليس «ضميرٌ يعودُ على ما هو اسمُها، وفي خبرِها وجهان، أحدهما: أنه» لي «أي: ما ليس مستقراً لي وثابتاً، وأمَّا» بحق «على هذا ففيه ثلاثةُ أوجه، ذكر أبو البقاء منها وجهين، احدُهما أنه حالٌ من الضمير في» لي «قال: والثاني: أن يكونَ مفعولاً به تقديره: ما ليسَ يَثْبُتُ ليس بسببِ حق، فالباءُ متعلقةٌ بالفعلِ المحذوف لا بنفسِ الجارِّ، لأنَّ المعاني لا تعمل في المفعول به» .
قلت: وهذا ليس بجيدٍ لأنه قَدَّر متعلَّق الخبرِ كوناً مقيداً ثم حَذَفه وأبقى معموله. الوجه الثالث: أنَّ قوله «بحق» متعلقٌ بقوله: «عَلِمْتَه» ويكون الوقف على هذا على قوله «لي» والمعنى: فقد عَلِمْتَه بحق. وقد رُدَّ هذا بأن الأصل عدم التقديم والتأخير، وهذا لاينبغي أن يُكتفى به في ردِّ هذا، بل الذي منع من ذلك أنَّ معمولَ الشرطِ أو جوابِه لا يتقدَّم على أداة الشرط لا سيما المرويُّ عن الأئمة القُرَّاء الوقفُ على «بحق» ، ويَبْتدئون ب «إنْ كنت قلتُه» وهذا مَرِويٌّ عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فوجَبَ اتِّباعه] والوجهُ الثاني في خبرِ «ليس» أنه «بحق» ، وعلى هذا ففي «لي» ثلاثةُ أوجه، أحدُها: أنه «يتبين» كما في قولهم: «سُقْياً له» أي: فيتعلَّقُ بمحذوف، والثاني: أنه حال من «بحق» لأنه لو تأخَّر لكانَ صفةً له، قال أبو البقاء: «وهذا يُخَرَّج على قولِ مَنْ يجوِّزُ تقديمَ حالِ المجرور عليه» قلت: قد تقدم لك خلافُ الناسِ فيه وما أوردوه من الشواهِد، وفيه أيضاً تقديمُ الحال على عامِلها المعنوي: فإنَّ «بحق» هو العاملُ إذ «ليس» لا يجوز أن تعملَ في شيء، وإنْ قلنا: إنَّ «كان» أختها قد تعمل لأن «ليس» لا حدَثَ لها بالإِجماع. والثالث: أنه متعلِّقٌ بنفسِ «حق» لأنَّ الباءَ زائدةٌ، وحَقّ بمعنى مُسْتحق أي: ما ليس مستحِقَّاً لي.
قوله: {إِن كُنتُ} : «كنت» وإن كانت ماضية اللفظ فهي مستقبلة في المعنى، والتقدير: إن تَصِحَّ دعواي لِما ذُكر، وقَدَّره الفارسي بقوله: «إن أكن الآن قلتُه فيما مضى» لأنَّ الشرطَ والجزاء لايقعان إلا في المستقبل «وقولُه: {فَقَدْ عَلِمْتَهُ} أي: فقد تبيَّن وظهرَ عِلمُك به كقوله: {فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26] و {فَكَذَبَتْ} [يوسف: 27] و {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار} [النمل: 90] .
قوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} هذه لا يجوزُ أن تكونَ عرفانيةً، لأنَّ العرفان كما قَدَّمْتُه يستدعي سَبْقَ جهل، او يُقْتَصَرُ به على معرفةِ الذات دونَ أحوالها حَسْبَ ما قاله الناس، فالمفعولُ الثاني محذوفٌ، أي: تعلمُ ما في نفسي كائناً وموجَداً على حقيقتِه لا يَخْفَى عليك منه شيءٌ، وأمَّا:» ولا أعلم «فيه وإنْ كان يجوزُ أن تكونَ عرفانيةً، إلا أنها لَمَّا صارَتْ مقابلةً لما قبلها ينبغي أن يكونَ مثلَها، والمرادُ بالنفسِ هنا على ما قاله الزجاج» انها تُطْلَقُ ويُراد بها حيققةُ الشي، والمعنى في قوله {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} إلى آخره واضحٌ، وقال: «المعنى: تعلمُ ما أُخْفيه من سِرِّي وغيبي، أي: ما غابَ ولم أُظْهِرْه، ولا أعلمُ ما تُخفِيه أنت ولا تُطْلِعُنا عليه، فذكرالنفس مقابلةً وازداجاً، وهذا منتزع من قول ابن عباس، وعليه حام الزمخشري فإنه قال:» تعلمُ معلومي ولا أعلمُ معلومَك «، وأتى بقوله: {مَا فِي نَفْسِكَ} على جهةِ المقابلةِ والتشاكلِ لقوله: {مَا فِي نَفْسِي} فهو كقوله:
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله} [آل عمران: 54] ، وكقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} [البقرة: 1415] .
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِی وَأُمِّیَ إِلَـٰهَیۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ مَا یَكُونُ لِیۤ أَنۡ أَقُولَ مَا لَیۡسَ لِی بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِی وَلَاۤ أَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُیُوبِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق