الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾ الآية. قال النحويون: هذا عطف جملة على جملة، والجملة الأولى قوله: (إذ قال الله يا عيسى بن مريم اذكر) [["تفسير الطبري" 7/ 136 - 138.]].
وعامة المفسرين على أن هذا القول لعيسى إنما يكون في القيامة؛ إلا السدي [["تفسير الطبري" 7/ 137، "زاد المسير" 2/ 463.]] وقطرب، فإنهما ذهبا إلى أن الله تعالى قال ذلك لعيسى حين رفعه إليه، وتعلقا بظاهر قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ﴾ وإذ تستعمل لما مضى.
والصحيح ما عليه العامة؛ لأن الله تعالى عقب هذه القصة بقوله تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ﴾ وأراد به يوم القيامة، وإنما خرج هذا مخرج المضي وهو للمستقبل؛ تحقيقًا لوقوعه كقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ [الأعراف: 44] ولم ينادوا بعد، ولكنه بمنزلة ما قد مضى وفعلوا ذلك، من حيث أنه لا يعترض الشك في وقوعه [[ما رجحه المؤلف اختيار أكثر المفسرين، انظر: "بحر العلوم" 1/ 469، "النكت والعيون" 2/ 90، البغوي 3/ 121، "زاد المسير" 2/ 463.]].
وقوله تعالى: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ﴾ هذا الاستفهام معناه: التوبيخ لمن ادعى ذلك على المسيح عليه السلام، قال الزجاج: وذلك أن النصارى مجمعون على أن صادق الخبر، وإذا كذبهم الصادق كان ذلك أوكد للحجة عليهم، وأبلغ في توبيخهم [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 222]].
وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي: من غير الله، كقوله تعالى: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 23] و (من) زائدة مؤكدة للمعنى.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد جل جلالك وتعظمت وتعاليت [[لم أقف عليه.]]. وقال الزجاج: أي: برأتك من السوء [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 222.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾ قال أبو علي: المعنى إن أكن الآن قلته فيما مضى. وليس كان فيه على المضي؛ لأن الشرط والجزاء لا يقعان إلا فيما يستقبل، والحروف في الجزاء تحيل معنى المضي إلى الاستقبال لا محالة، قال: وهذا الذي ذكرناه من هذا التأويل كان أبو بكر [[لعله أبو بكر الأنباري.]] يذهب إليه ويحكيه عن أبي عثمان.
وقوله تعالى: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ قال ابن عباس: تعلم ما في غيبي، ولا أعلم ما في غيبك [["تفسير الوسيط" 2/ 247، والبغوي 3/ 122.]].
وقال عبد العزيز بن يحيى [[لعله الكناني، تقدمت ترجمته.]]: تعلم سري ولا أعلم سرك؛ لأن السر من صفة الأنفس [[انظر: البغوي 3/ 122.]].
وقال أهل المعاني: تعلم ما أخفي ولا أعلم ما تخفي، إلا أنه ذكرت النفس على مزواجة الكلام، لأن ما تخفيه كأنه إخفاء في النفس، وهذا شرح قول ابن عباس وعبد العزيز، لأن ما يخفيه الإنسان يكون في نفسه كالسر الذي يكتمه فقال عيسى: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾ أي: ما أخفيه من سري وغيبي أي: ما غاب ولم أظهره ﴿وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ أي: ما تخفيه أنت ولم تطلعنا عليه، فلما كان سر عيسى يخفيه في نفسه، جعل أيضًا سر الله مما يخفيه الله تعالى في نفسه؛ ليزدوج الكلام ويحسن النظم. هذا طريق في شرح هذا اللفظ.
وقال الزجاج: النفس في اللغة: تقع عبارة عن حقيقة الشيء، فمعنى ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾ أي: تعلم ما أضمر ﴿وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ أي: لا أعلم ما في حقيقتك وما عندك علمه، والتأويل أنك تعلم ما أعلم، ولا أعلم ما تعلم، ويدل على هذا قوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾، قال: وهذا راجع إلى توكيد أن الغيب لا يعلمه إلا الله [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 222، 223.]].
وروى ثعلب عن أبي الأعرابي في معاني النفس في اللغة: أن النفس تكون بمعنى (عند) فقوله: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾ أي: ما عندي ﴿وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ أي: ما عندك [[انظر "تهذيب اللغة" 4/ 3629 (نفس).]].
والنفس عند المتكلمين في صفة الله تعالى عبارة عن ذاته وحقيقة وجوده، والموجود يقال له: عين وذات ونفس، وهذا لا يوجب تشبيهًا [[اختلف أهل السنة في إثبات النفس لله هل هي صفة للذات؟ أم أنها الذات؟ قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: ويراد بنفس الشيء ذاته وعينه .. وقد قال تعالى: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة:116] .. فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النفس عند جمهور العلماء الله نفسه، التي هي ذاته المتصفة بصفاته، ليس المراد ذاتًا منفكة عن الصفات ولا المراد بها صفة للذات. وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات، كما يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات، وكلا القولين خطأ. "مجموع الفتاوى" 9/ 292، 293، وانظر: "المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات" للمغراوي 1/ 393 - 396.]].
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِی وَأُمِّیَ إِلَـٰهَیۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ مَا یَكُونُ لِیۤ أَنۡ أَقُولَ مَا لَیۡسَ لِی بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِی وَلَاۤ أَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُیُوبِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق