الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا﴾ الآية، قال الفراء: "هذا من الاستفهام الذي يتوسط الكلام فيجعل بـ"أم" ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ الذي لم يتصل بكلام، ولو أريد به الابتداء لكان بالألف أو بـ"هل" [[اهـ. "معاني القرآن" 1/ 426.]] " وهذا مما قد [[ساقط من (ى).]] أحكمناه [[في (ى): (حكيناه).]] في سورة البقرة [[انظر: "البسيط" البقرة: 214.]]. قال ابن عباس: "الخطاب في هذه الآية للمنافقين كانوا يتوسلون إلى رسول الله -ﷺ- بالخروج معه إلى الجهاد تعذيرا، والنفاق في قلوبهم" [[ذكر الأثر عنه ابن الجوزي في: "زاد المسير" 3/ 406 بمعناه.]]. ومعنى: ﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ﴾ أي: العلم الذي يجازي عليه؛ لأنه إنما يجازي على ما عملوا [[قال ابن الجوزي في المصدر السابق، الصفحة التالية: "ولما يعلم الله" أي: ولم تجاهدوا فيعلم الله وجود ذلك منكم، وقد كان يعلم ذلك غيبًا، فأراد إظهار ما علم ليجازي عليه.]]، قاله الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 437.]]، وهذا مما ذكرناه في سورة البقرة عند قوله: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ [[من الآية: 143 من سورة البقرة، وقال في هذا الموضع: "إلا لنعلم" والله تعالى عالم لم يزل، ولا يجوز أن يحدث له علم، واختلف أهل المعاني في وجه تأويله، فذهب جماعة إلى أن العلم له منزلتان: علم بالشيء قبل وجوده، وعلم به بعد وجوده، والحكم للحلم بعد الوجود؛ لأنه يوجب الثواب والعقاب ... الخ).]] وفي سورة آل عمران [142]. ﴿الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾، قال ابن عباس: "يريد: بنية صادقة" [[لم أقف على مصدره.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾، قال الكفراء: "الوليجة: البطانة من المشركين يتخذونهم فيفشون إليهم أسرارهم" [["معاني القرآن" 1/ 426.]]. وقال أبو عبيدة: "كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم: وليجة" [[اهـ. كلام أبي عبيدة، انظر: "مجاز القرآن" 1/ 254.]]. وأصله من الولوج، فوليجة الرجل: من يختصه بدخلة أمره دون الناس، يقال هو وليجتي وهم وليجتى للواحد والجمع. قال ابن عباس في قوله: ﴿وَلِيجَةً﴾ "يريد: أولياء من المشركين" [[ذكره المصنف في "الوسيط" 2/ 482، وروى ابن أبي حاتم 6/ 1764، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 390 عنه قال: الوليجة: البطانة من غير دينهم.]]. وقال قتادة: "خيانة" [[رواه الثعلبي 6/ 84 أ، وعبد بن حميد وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 3/ 390، و"فتح القدير" 2/ 343، وقد تصحف في "الدر" إلى: حنانة.]]، وقال الضحاك: "خديعة" [[رواه الثعلبي 6/ 84 أ.]]. وهذان القولان ليسا تفسيرًا للوليجة، بل هما تفسير لعلة اتخاذ الوليجة، كأنهما قالا: ولم يتخذوا وليجة للخيانة والخديعة؛ لأن اتخاذ الوليجة من الكفار خيانة وخديعة، قال ابن عباس: "إن الله لا يرضى أن يكون الباطن خلافًا للظاهر ولا الظاهر خلافًا للباطن، إنما يريد الله من خلقه الاستقامة كما قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت: 30]، الأحقاف: 13] [[لم أقف عليه في مظانه.]] ". وقال أبو [[في (ى): (ابن)، وهو خطأ.]] إسحاق: "لما فرض القتال تبين المنافق من غيره، ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أعداءهم فأنزل الله هذه الآية" [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 437.]]. وتقدير لفظ الآية مع المعنى: ولما يعلم الله المجاهدين والممتنعين من اتخاذ الوليجة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب