الباحث القرآني
(p-٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا ولَمّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنكم ولَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ ولا رَسُولِهِ ولا المُؤْمِنِينَ ولِيجَةً واللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ اعْلَمْ أنَّ الآياتِ المُتَقَدِّمَةَ كانَتْ مُرَغِّبَةً في الجِهادِ، والمَقْصُودُ مِن هَذِهِ الآيَةِ مَزِيدُ بَيانٍ في التَّرْغِيبِ، وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قالَ الفَرّاءُ: قَوْلُهُ: ﴿أمْ﴾ مِنَ الِاسْتِفْهامِ الَّذِي يَتَوَسَّطُ الكَلامَ، ولَوْ أُرِيدَ بِهِ الِابْتِداءُ لَكانَ بِالألِفِ أوْ بِها.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ شَيْءٍ أدْخَلْتَهُ في شَيْءٍ لَيْسَ مِنهُ فَهو ولِيجَةٌ، وأصْلُهُ مِنَ الوُلُوجِ، فالدّاخِلُ الَّذِي يَكُونُ في القَوْمِ ولَيْسَ مِنهم ولِيجَةٌ، فالوَلِيجَةُ فَعِيلَةٌ مِن ”ولَجَ“ كالدَّخِيلَةِ مِن دَخَلَ، قالَ الواحِدِيُّ: يُقالُ: هو ولِيجَتِي وهم ولِيجَتِي لِلْواحِدِ والجَمْعِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: المَقْصُودُ مِنَ الآيَةِ بَيانُ أنَّ المُكَلَّفَ في هَذِهِ الواقِعَةِ لا يَتَخَلَّصُ عَنِ العِقابِ إلّا عِنْدَ حُصُولِ أمْرَيْنِ:
الأوَّلُ: أنْ يَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنكم، وذُكِرَ العِلْمُ، والمُرادُ مِنهُ المَعْلُومُ، والمُرادُ أنْ يَصْدُرَ الجِهادُ عَنْهم، إلّا أنَّهُ إنَّما كانَ وُجُودُ الشَّيْءِ يَلْزَمُهُ مَعْلُومُ الوُجُودِ عِنْدَ اللَّهِ، لا جَرَمَ جَعَلَ عِلْمَ اللَّهِ بِوُجُودِهِ كِنايَةً عَنْ وُجُودِهِ، واحْتَجَّ هِشامُ بْنُ الحَكَمِ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّهُ تَعالى لا يَعْلَمُ الشَّيْءَ إلّا حالَ وُجُودِهِ.
واعْلَمْ أنَّ ظاهِرَ الآيَةِ وإنْ كانَ يُوهِمُ ما ذَكَرَهُ إلّا أنَّ المَقْصُودَ ما بَيَّنّاهُ.
والثّانِي: قَوْلُهُ: ﴿ولَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ ولا رَسُولِهِ ولا المُؤْمِنِينَ ولِيجَةً﴾ والمَقْصُودُ مِن ذِكْرِ هَذا الشَّرْطِ أنَّ المُجاهِدَ قَدْ يُجاهِدُ، ولا يَكُونُ مُخْلِصًا بَلْ يَكُونُ مُنافِقًا، باطِنُهُ خِلافُ ظاهِرِهِ، وهو الَّذِي يَتَّخِذُ الوَلِيجَةَ مِن دُونِ اللَّهِ ورَسُولِهِ والمُؤْمِنِينَ، فَبَيَّنَ تَعالى أنَّهُ لا يَتْرُكُهم إلّا إذا أتَوْا بِالجِهادِ مَعَ الإخْلاصِ خالِيًا عَنِ النِّفاقِ والرِّياءِ، والتَّوَدُّدِ إلى الكُفّارِ، وإبْطالِ ما يُخالِفُ طَرِيقَةَ الدِّينِ، والمَقْصُودُ بَيانُ أنَّهُ لَيْسَ الغَرَضُ مِن إيجابِ القِتالِ نَفْسَ القِتالِ فَقَطْ، بَلِ الغَرَضُ أنْ يُؤْتى بِهِ انْقِيادًا لِأمْرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ولِحُكْمِهِ وتَكْلِيفِهِ، لِيَظْهَرَ بِهِ بَذْلُ النَّفْسِ والمالِ في طَلَبِ رِضْوانِ اللَّهِ تَعالى، فَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ بِهِ الِانْتِفاعُ، وأمّا الإقْدامُ عَلى القِتالِ لِسائِرِ الأغْراضِ فَذاكَ مِمّا لا يُفِيدُ أصْلًا.
ثُمَّ قالَ: ﴿واللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ أيْ: عالِمٌ بِنِيّاتِهِمْ وأغْراضِهِمْ، مُطَّلِعٌ عَلَيْها، لا يَخْفى عَلَيْهِ مِنها شَيْءٌ، فَيَجِبُ عَلى الإنْسانِ أنْ يُبالِغَ في أمْرِ النِّيَّةِ ورِعايَةِ القَلْبِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: إنَّ اللَّهَ لا يَرْضى أنْ يَكُونَ الباطِنُ خِلافَ الظّاهِرِ، وإنَّما يُرِيدُ اللَّهُ مِن خَلْقِهِ الِاسْتِقامَةَ كَما قالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا﴾ [فُصِّلَتْ: ٣٠] قالَ: ولَمّا فُرِضَ القِتالُ تَبَيَّنَ المُنافِقُ مِن غَيْرِهِ، وتَمَيَّزَ مَن يُوالِي المُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يُعادِيهِمْ.
{"ayah":"أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُوا۟ وَلَمَّا یَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ مِنكُمۡ وَلَمۡ یَتَّخِذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَلِیجَةࣰۚ وَٱللَّهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











