الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا﴾ في المُخاطَبِ بِهَذا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُؤْمِنُونَ، خُوطِبُوا بِهَذا حِينَ شَقَّ عَلى بَعْضِهِمُ القِتالُ، قالَهُ الأكْثَرُونَ. والثّانِي: أنَّهم قَوْمٌ مِنَ المُنافِقِينَ كانُوا يَسْألُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الخُرُوجَ مَعَهُ إلى الجِهادِ تَعْذِيرًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. وإنَّما دَخَلَتِ المِيمُ في الِاسْتِفْهامِ، لِأنَّهُ اسْتِفْهامٌ (p-٤٠٧)مُعْتَرِضٌ في وسَطِ الكَلامِ، فَدَخَلَتْ لَتُفَرِّقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الِاسْتِفْهامِ المُبْتَدَإ. قالَ الفَرّاءُ: ولَوْ أُرِيدَ بِهِ الِابْتِداءُ، لَكانَ إمّا بِالألِفِ، أوْ بِـ "هَلْ"، ومَعْنى الكَلامِ: أنْ تُتْرَكُوا بِغَيْرِ امْتِحانٍ يَبِينُ بِهِ الصّادِقُ مِنَ الكاذِبِ ﴿وَلَمّا يَعْلَمِ اللَّهُ﴾ أيْ: ولَمْ تُجاهِدُوا فَيَعْلَمُ اللَّهُ وُجُودَ ذَلِكَ مِنكُمْ؛ وقَدْ كانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ غَيْبًا، فَأرادَ إظْهارَ ما عُلِمَ لَيُجازِيَ عَلى العَمَلِ. فَأمّا الوَلِيجَةُ، فَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هي البِطانَةُ مِن غَيْرِ المُسْلِمِينَ، وهو أنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ مِنَ المُسْلِمِينَ دَخِيلًا مِنَ المُشْرِكِينَ وخَلِيطًا ووادًّا؛ وأصْلُهُ مِنَ الوُلُوجِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: وكُلُّ شَيْءٍ أدْخَلْتَهُ في شَيْءٍ لَيْسَ مِنهُ فَهو ولِيجَةُ، والرَّجُلُ يَكُونُ في القَوْمِ ولَيْسَ مِنهم فَهو ولِيجَةٌ فِيهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب