الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال الزجاج: (أي: ومثل ما وصفنا من قصة إبراهيم من قوله لأبيه ما قال نريه ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [["معانى الزجاج" 2/ 265.]] يعني: كما أريناه استقباح ما كان عليه أبوه وقومه من عبادة الأصنام نريه الملكوت للاعتبار. والملكوت: بمنزلة الملك، إلا أن [[في (أ): (لأن التاء).]] التاء زيدت للمبالغة، كالرَّغَبُوت [[الرغبوت، بفتح الراء والغين وضم الباء: من رغب بمعنى أراد. انظر: "القاموس" ص 90 (رغب).]] والرهبوت [[الرَّهَبُوت، بفتح الراء والهاء، وضم الباء: من رهب بمعنى خاف. انظر: "القاموس" ص 92 (رهب).]]، ووزنه من الفعل فعلوت [[هذا قول الزجاج في "معانيه" 2/ 265، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 197 - 198، و"تفسير الطبري" 7/ 244، و"معاني النحاس" 2/ 449.]]. كذلك قال أهل اللغة [[انظر: ملك في "تهذيب اللغة" 4/ 3449، و"الصحاح" 5/ 1610، و"اللسان" 7/ 4267.]]. واختلفوا في: ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ما هو؟ فقال ابن عباس في رواية [[أخرج الطبري 7/ 246، وابن أبي حاتم 5/ 1326 بسند ضعيف عنه نحوه، وأخرج الطبري 7/ 247 بسند ضعيف عن عطاء نحوه، وأخرج الطبري 7/ 246، وابن أبي حاتم 4/ 1326 بسند جيد عن ابن عباس قال: (يعني به: الشمس والقمر والنجوم) اهـ. وفي رواية عند الطبري بسند جيد قال: (خلق السموات والأرض)، وانظر: "الدر المنثور" 3/ 45.]] عطاء: (يريد: أن الله أراه ما يكون في السموات من عجائب خلق ربه من عبادة الملائكة ومن طاعتهم ومن خشوعهم وخوفهم من الله عز وجل، وما في جميع الأرض من عصيان بني آدم وجرأتهم على الله، فكان يدعو على كل من يراه في معصية فيهلكه الله، فأوحى الله إليه: [يا إبراهيم] [[لفظ: (يا إبراهيم) ساقط من أصل (أ) وملحق بالهامش.]] أمسك عن عبادي، أما علمت أنه من أسمائي أنا الصبور) [[الصبور صفة لله سبحانه وتعالى ومعناه: الذي يملي ويمهل ولا يعجل بالعقوبة، وأكثرهم عده == اسمًا من أسماء الله تعالى، ولم يثبته محمَّد العثيمين في "القواعد المثلى" ص 21 - 22. وانظر: "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج ص 65، و"الأسماء والصفات" للبيهقي ص 481، و"المقصد الأسنى" للغزالي ص 133، و"شرح أسماء الله الحسنى" للرازي ص 352، و"الحق الواضح" للسعدي ص 57؛ وكلهم عده من الأسماء.]]. وقد روى علي -رضي الله عنه-، عن النبي ﷺ [[ذكره البغوي 3/ 158، والقرطبي 7/ 23، والسيوطي في "الدر" 3/ 45، وقال ابن كثير 2/ 168: (روى ابن مردويه في ذلك حديثين مرفوعين عن معاذ وعلي، ولكن يصح إسنادهما) اهـ. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 201 (روى الطبراني في "الأوسط" عن جابر عن النبي ﷺ نحوه وفيه علي بن أبي علي اللهبي متروك) ا. هـ. بتصرف.]] في تفسير: ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ مثل هذا الذي ذكره ابن عباس. وهو قول مجاهد [[أخرجه الطبري 7/ 246، وابن أبي حاتم 5/ 1327 من طرق جيدة، وفي "تفسير مجاهد" 1/ 218 قال: (الملكوت: الآيات)، وأخرجه الطبري من طرق جيدة، وأخرج أبو الشيخ في "العظمة" ص 297 بسند جيد عنه قال: (الشمس والقمر)، وقال ابن أبي حاتم: (وروي عن مجاهد أنه قال: يعني الشمس والقمر والنجوم) اهـ. وانظر: "الدر المنثور" 3/ 44.]] وسعيد [[أخرجه الطبري 7/ 247 من طرق جيدة عن سعيد بن جبير وقتادة.]] بن جبير قالا: (إنه كشف له عن السموات والأرض حتى العرش وأسفل الأرضين). وقال قتادة [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 212 - 213، وابن أبي حاتم 5/ 1327 من طرق جيدة.]] والضحاك [[أخرجه الطبري 7/ 247 بسند ضعيف بلفظ: (الشمس والقمر والنجوم) اهـ، وهذه الأخبار لا حجة فيها وتحتاج إلى مستند، والأولى حمل الآية على ظاهرها، فالملكوت بمعنى الملك أراه الله سبحانه عظيم سلطانه، وجلى له بواطن الأمور وظاهرها، ويحتمل أن يكون كشف له عن بصره حتى رأى ذلك عيانًا، == ويحتمل أن يكون عن بصيرته حتى شاهده بفؤاده وتحققه وعلم ما في ذلك من الحكم الباهرة والدلالات القاطعة، وهذا اختيار الطبري 7/ 247، وابن كثير 2/ 168، وانظر: السمرقندي 1/ 495، وابن عطية 5/ 255.]]: (﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ﴾: الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار، وذلك أن الله تعالى أراه هذه الأشياء حتى نظر إليها معتبرًا مستدلًا بها على خالقها). وقوله تعالى: ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ قال أهل المعاني: (هو معطوف على المعنى؛ لأن معنى الآية: نريه ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ليستدل به ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [[هذا ظاهر قول الزجاج في "معانيه" 2/ 265، قال: (أي نريه ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ لما فعل وليثبت على اليقين).]]، وقيل: (هو عطف جملة على جملة بتقدير: وليكون من الموقنين أريناه) [[هذا قول النحاس في "إعراب القرآن" 1/ 558، ومكي في "المشكل" 1/ 258، وانظر: "البيان" 1/ 328، و"التبيان" 342، و"الفريد" 2/ 177، و"الدر المصون" 5/ 7.]]. قال أبو علي الفارسي: (اليقين [[اليقين في اللغة: العلم وتحقق الأمر وزوال الشك. وقال العسكري في "الفروق" ص 63: (هو سكون النفس وثلج الصدر بما علم) ا. هـ. وقال الراغب في "المفردات" ص 892: (هو من صفة العلم فوق المعرفة والدراية وأخواتها، وهو سكون الفهم مع ثبات الحكم) اهـ، وانظر "العين" 5/ 220، و"تهذيب اللغة" 4/ 398، و"الصحاح" 6/ 2219، و"مقاييس اللغة" 6/ 157، و"اللسان" 8/ 4964 (يقن).]] والتيقن: ضرب من العلم مخصوص، فكل علم ليس تيقنًا وإن كان كل تيقن علمًا؛ لأن التيقّن هو العلم الذي قد كان عرض لعالمه إشكال فيه، يبين [[في (أ): (تبين) بالتاء، وهو تصحيف.]] ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾) [["الحجة" لأبي علي 1/ 256، وزاد: (اليقين كأنه علم يحصل بعد استدلال ونظر لغموض المعلوم أو لإشكال ذلك على الناظر، فليس كل علم يقينًا؛ لأن من المعلومات ما يعلم ببداءة العقول والحواس) ا. هـ. ملخصًا.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب