الباحث القرآني
آزَرَ اسم أبى إبراهيم عليه السلام. وفي كتب التواريخ أنّ اسمه بالسريانية تارح. والأقرب أن يكون وزن آزَرَ فاعل مثل تارح وعابر وعازر وشالخ وفالغ وما أشبهها من أسمائهم، وهو عطف بيان لأبيه. وقرئ «آزر» بالضم على النداء. وقيل «آزر» اسم صنم، فيجوز أن ينبز به للزومه عبادته، كما نبز ابن قيس بالرقيات اللاتي كان يشبب بهنّ، فقيل ابن قيس الرقيات. وفي شعر بعض المحدثين:
أدعى بأسماء نبزا في قبائلها ... كأن أسماء أضحت بعد أسمائى [[يقول: ينادوننى بلفظ «أسماء» شتما لي بين قبائلها: أى قبائل المحبوبة. ففيه استخدام. كأن أسماء، أى هذا اللفظ، أضحت: أى صارت بعض أسمائى. وأصل أسماء عند سيبويه: وسماء، من الوسامة وهي الحسن والجمال. قلبت واوه همزة على غير قياس. كما في أحد. وعند المبرد جمع اسم. وبين أسماء وأسمائى الجناس التام.
وعلى اعتبار ياء المتكلم فهو من الناقص.]]
أو أريد عابد آزر، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقرئ ءأزر تتخذ أصناما آلهة بفتح الهمزة وكسرها بعد همزة الاستفهام وزاى ساكنة وراء منصوبة منونة، وهو اسم صنم. ومعناه: أتعبد آزراً على الإنكار؟ ثم قال: تتخذ أصناما آلهة تثبيتا لذلك وتقريرا، وهو داخل في حكم الإنكار، لأنه كالبيان له فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ عطف على قال إبراهيم لأبيه [[قال محمود: «قوله فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ عطف على قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ ... الخ» قال أحمد: وفي الاعتراض بهذه الجملة تنويه بما سيأتى من استدلال إبراهيم عليه السلام وأنه تبصير له من الله تعالى وتسديد.]] وقوله وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ جملة معترض بها بين المعطوف والمعطوف عليه. والمعنى: ومثل ذلك التعريف والتبصير نعرف إبراهيم ونبصره. ملكوت السموات والأرض: يعنى الربوبية والإلهية ونوفقه لمعرفتها ونرشده بما شرحا صدره وسدّدنا نظره وهديناه لطريق الاستدلال.
وليكون من الموقنين: فعلنا ذلك. ونرى: حكاية حال ماضية، وكان أبوه وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب [[عاد كلامه قال: «وكان أبوه آزر وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب ... الخ» قال أحمد: والتعريض بضلالهم ثانياً أصرح وأقوى من قوله أولا لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ إنما ترقى إلى ذلك لأن الخصوم قد أقامت عليه الاستدلال الأول حجة، فأنسوا بالقدح في معتقدهم. ولو قيل هذا في الأول، فلعلهم كانوا ينفرون ولا يصغون إلى الاستدلال، فما عرض صلوات الله عليهم بأنهم في ضلالة، إلا بعد أن وثق باصغائهم إلى تمام المقصود واستماعهم إلى آخره. والدليل على ذلك أنه ترقى في النوبة الثالثة إلى التصريح بالبراءة منهم والتقريع بأنهم على شرك، حين قيام الحجة عليهم وتبلج الحق وبلغ من الظهور غاية المقصود، والله أعلم.]] ، فأراد أن ينبههم على الخطإ في دينهم، وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال، ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤدّ إلى أن شيأ منها لا يصح أن يكون إلها، لقيام دليل الحدوث فيها، وأن وراءها محدثا أحدثها، وصانعا صنعها، ومدبراً دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها هذا رَبِّي قول من ينصف خصمه مع علمه بأنه مبطل، فيحكى قوله كما هو غير متعصب لمذهبه. لأنّ ذلك أدعى إلى الحق وأنجى من الشغب، ثم يكرّ عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ لا أحب عبادة الأرباب المتغيرين عن حال إلى حال، المتنقلين من مكان إلى مكان، المحتجبين بستر، فإنّ ذلك من صفات الأجرام بازِغاً مبتدئا في الطلوع لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي تنبيه لقومه على أنّ من اتخذ القمر إلها وهو نظير الكوكب في الأفول، فهو ضال، وأنّ الهداية إلى الحق بتوفيق الله ولطفه هذا أَكْبَرُ من باب استعمال النصفة [[عاد كلامه. قال: و «قوله هذا أَكْبَرُ من باب استعمال النصفة أيضاً مع الخصوم ... الخ» قال أحمد:
وصدق الزمخشري، بل ذلك متعين. وقد ورد الحديث الوارد في الشفاعة أنهم يأتون إبراهيم عليه السلام فيلتمسون منه الشفاعة، فيقول: نفسي نفسي لا أسأل أحداً غيرى، ويذكر كذباته الثلاث ويقول: لست لها، يريد قوله لسارة «هي أختى» وإنما عنى في الإسلام. وقوله «إنه سقيم» وإنما عنى همه بقومه وبشركهم، والمؤمن يبقمه ذلك. وقوله «بل فعله كبيرهم» وقد ذكرت فيه وجوه من التعريض، فإذا عد صلوات الله عليه وسلامه على نفسه هذه الكلمات مع العلم بأنه غير مؤاخذ بها، دل ذلك على أنها أعظم ما صدر منه، فلو كان الأمر على ما يقال من أن هذا الكلام محكي عنه على أنه نظر لنفسه، لكان أولى أن يعده أعظم مما ذكرناه لأنه حينئذ يكون شكا بل جزما، على أن الصحيح أن الأنبياء قبل النبوة معصومون من ذلك.]] أيضاً مع خصومه إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ من الأجرام التي تجعلونها شركاء لخالقها إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أى للذي دلت هذه المحدثات عليه وعلى أنه مبتدؤها ومبتدعها. وقيل: هذا كان نظره واستدلاله في نفسه، فحكاه الله.
والأوّل أظهر، لقوله لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي وقوله يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. فإن قلت: لم احتج عليهم بالأفول دون البزوغ [[عاد كلامه. قال: فان قلت: لم احتج عليهم بالأفول دون البزوغ وكلاهما انتقال ... الخ» قال أحمد:
وهذه أيضاً من عيون نكتة ووجوه حسناته.]] ، وكلاهما انتقال من حال إلى حال؟ قلت: الاحتجاج بالأفول أظهر، لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب. فإن قلت: ما وجه التذكير في قوله هذا رَبِّي والإشارة للشمس؟ قلت: جعل المبتدأ مثل الخبر لكونهما عبارة عن شيء واحد، كقولهم:
ما جاءت حاجتك، ومن كانت أمك، لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وكان اختيار هذه الطريقة واجبا لصيانة الرب عن شبهة التأنيث. ألا تراهم قالوا في صفة الله «علام» ولم يقولوا «علامة» وإن كان العلامة أبلغ، احترازا من علامة التأنيث. وقرئ: ترى إبراهيم ملكوت السموات والأرض، بالتاء ورفع الملكوت. ومعناه: تبصره دلائل الربوبية.
{"ayahs_start":74,"ayahs":["۞ وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِیمُ لِأَبِیهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّیۤ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ","وَكَذَ ٰلِكَ نُرِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِیَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِینَ","فَلَمَّا جَنَّ عَلَیۡهِ ٱلَّیۡلُ رَءَا كَوۡكَبࣰاۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَاۤ أُحِبُّ ٱلۡـَٔافِلِینَ","فَلَمَّا رَءَا ٱلۡقَمَرَ بَازِغࣰا قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَىِٕن لَّمۡ یَهۡدِنِی رَبِّی لَأَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلضَّاۤلِّینَ","فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمۡسَ بَازِغَةࣰ قَالَ هَـٰذَا رَبِّی هَـٰذَاۤ أَكۡبَرُۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَتۡ قَالَ یَـٰقَوۡمِ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ","إِنِّی وَجَّهۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِیفࣰاۖ وَمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"],"ayah":"وَكَذَ ٰلِكَ نُرِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِیَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق